صلاحيات الاقاليم والمركز صراع المرحلة القادمة

مخالفات الأقاليم بإسم الدستور دقَّت ناقوس خطر تفتيت الدولة

 

شبكة النبأ: بين فترة واخرى تطل احدى مساوئ الدستور العراقي الذي كُتِب في اجواء كانت غاية في الحذر والتخوّف من الآخر بالنسبة للفرقاء العراقيين، الامر الذي كبّلَ ولايزال صلاحيات حكومة المركز باتجاه اقامة صلاحيات حديدية لحكومات الاقاليم والحكومات المحلية، كما هو الامر الان في اقليم كردستان وما يرشَح من حكومته من مواقف غاية في الغرابة والتناقض مع مبادئ الوحدة الوطنية.

لذلك فإن اعادة النظر في الدستور يبدو انها ستكون استحقاق المرحلة القادمة، بعد ان ابتعد شبح انهيار الدولة بسبب فوضى العنف والارهاب والادارة. فقد دعا نوري المالكي رئيس الحكومة العراقية الى اعادة كتابة الدستور بطريقة "موضوعية" تمنح الحكومة المركزية الصلاحيات وليست الحكومات المحلية. وقال المالكي في مؤتمر الكفاءات والنخب في بغداد إن الدستور العراقي "ربما كتب في اجواء كانت فيها مخاوف... لكننا ذهبنا بعيدا في تكريس المخاوف وتكريس التطلعات."

واضاف المالكي "استطيع ان اقول انها (المخاوف) لم تكن موضوعية وقد وضعنا قيودا ثقيلة كي لا يعود الماضي ولكنها كتَّفت الحاضر وكتَّفت المستقبل."

وركز المالكي حديثه في المؤتمر على عملية اعادة النظر بالدستور العراقي حيث تقوم حاليا لجنة برلمانية باعادة النظر بالدستور الذي شرع نهاية العام 2005.

ورافق عملية كتابة الدستور انذاك تراشق بالاتهامات بعد ان قاطعت الكتل والجماعات السنية العملية بسبب الاختلافات في وجهات النظر متهمة الاحزاب الشيعية بالتفرد بعملية كتابة الدستور.

ومدد البرلمان العراقي عمل اللجنة المكلفة باعادة النظر بالدستور أكثر من مرة بسبب صعوبة التوصل الى توافقات سياسية في عدد من القضايا الخلافية من بينها تحديد شكل وملامح النظام الفيدرالي وصلاحيات حكومات الاقاليم وحكومة المركز.

وقال المالكي "اصبحنا بحاجة الى مراجعة وبعد ان تمكنا من تأسيس الدولة وحمايتها من الانهيار... اصبح علينا ان نتجه اليوم الى بنائها وفق اسس وطنية دستورية واضحة تحدد فيها الملامح والصلاحيات."واضاف "علينا ان نضع ما يضمن لنا الا تكون اللامركزية هي الدكتاتورية مرة اخرى وفيما يخشى ان تكون الفيدرالية هي التي تصادر الدولة."

وبحسب الدستور العراقي الحالي فانه يحق للمحافظات العراقية تكوين حكومات محلية بشكل منفرد او الاتحاد فيما بينها لتكوين اقليم ذي حكومة مشتركة.

وتعتبر عملية تحديد الصلاحيات بين الحكومة المركزية وحكومات الاقاليم التي يتوقع تشكيلها جراء الانتخابات المحلية التي يؤمل اجراؤها في يناير كانون الثاني القادم احدى نقاط الخلاف الكبيرة بين العديد من الكتل السياسية حيث تطالب الكتل السياسية بمنح الحكومات المحلية الكثير من الصلاحيات على حساب الحكومة المركزية وهو ما حذر منه المالكي.

وطالب المالكي بضرورة وجود "صورة واضحة للنظام السياسي" يعطي الصلاحيات للحكومة المركزية وبالشكل الذي يحول دون وجود "حكومات حقيقية متناحرة" فيما بينها.

وقال "يجب بناء دولة اتحادية قوية حكومتها لها مسؤولية كاملة في الامن والسياسة الخارجية...وان تكون الصلاحيات افضل للحكومة الاتحادية وماعداها ينص عليه الدستور من صلاحيات الاقاليم والمحافظات .. وما لا ينص عليه فيعود الى الاصل."بحسب رويترز.

وطالب المالكي بتوزيع الصلاحيات الاخرى بطريقة تضمن عدم ولادة "مركزية حديدية سواء للمركز او للاقاليم اوالمحافظات."

وقال ان وجود "فيدراليات وحكومات محلية دون وجود حكومة قوية قادرة على حماية السيادة والامن (امر) غير ممكن... واتجاه غير صحيح."

العسكري: مخالفة الأقاليم للدستور دقَّت ناقوس الخطر

وفي نفس السياق قال النائب عن الائتلاف العراقي الموحد سامي العسكري إن الأطراف التي تتهم رئيس الوزراء العراقي بمخالفة الدستور في تصريحاته الأخيرة حول إعادة النظر بصياغة الدستور "هي التي تخرق الدستور وتتصرف وكأنها دول مستقلة".

وكان المتحدث باسم كتلة التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي فرياد راوندوزي قال في حديث لـ نيوزماتيك، إن "رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يحاول القفز على الدستور من خلال تصريحاته التي تدعو إلى إعادة كتابة الدستور العراقي، وخاصة تعديل الفقرات التي تنظم العلاقة بين الحكومة المركزية وحكومة الإقليم".

وأضاف العسكري، إن "تصريحات رئيس الوزراء نوري المالكي جاءت نتيجة للتطبيق الخاطئ للدستور العراقي خلال السنوات الماضية، والذي أدى إلى تفتيت الدولة العراقية تحت عنوان احترام الدستور" حسب تعبيره.

وأوضح العسكري الذي ينتمي إلى حزب الدعوة الإسلامية بقيادة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أن من "أهم أهداف الدستور هو إبقاء العراق موحدا، إلا أن الممارسات العملية للأقاليم والمحافظات تدل على عكس ذلك، فهي تتصرف وكأنها دول مستقلة من خلال إقامة الممثليات الدبلوماسية الخاصة بها في الدول الخارجية، فضلا عن أنها ترسل قواتها إلى مناطق خارج صلاحياتها، كما حدث في خانقين وغيرها من مناطق العراق".

وكانت الفترة الماضية شهدت أزمة سياسية وسجالات بين الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان العراق حول تواجد قوات البيشمركة في مناطق خانقين وقرتبة وجلولاء في محافظة ديالى، حيث أمرت الحكومة العراقية في وقت سابق من شهر آب الماضي بإحلال قوات من وزارة الدفاع العراقية مكان قوات البيشمركة، التي تنتشر في المنطقة منذ نحو سنة ونصف بطلب من الحكومة العراقية والقوات متعددة الجنسيات إلا أن قوات البيشمركة رفضت الانصياع لأوامر الحكومة.

ولفت العسكري إلى أن "المالكي لم يقصد إعادة العراق إلى مفهوم الدولة المركزية كما كانت إبان حكم النظام العراقي السابق لكنه أراد تعديل الدستور، بما يضمن بقاء العراق موحدا ويبقي ثرواته موزعة بشكل صحيح بين جميع مكونات الشعب العراقي".

وبين النائب عن الائتلاف العراقي الموحد أن الذي "يمارس على ارض الواقع في العراق هو تطبيق لنظام الكونفدرالية، وهذا الأمر غير مقبول، وإذا ظل الحال كما هو عليه فأن العراق متجه لا محالة نحو التقسيم." حسب تعبيره.

وأشار سامي العسكري إلى أن "حل هذه المسالة أمر شائك ومعقد لوجود قوى سياسية مهمة على الساحة العراقية مثل المجلس الأعلى الإسلامي والتحالف الكردستاني التي تدعو إلى إعطاء صلاحيات واسعة للأقاليم والمحافظات، فيما يرى حزب الدعوة الإسلامية والكثير من الكتل العربية والأطراف السياسية عكس ذلك".

إلا أن العسكري لفت إلى أن "الأمر قابل للحوار والنقاش، والمالكي أثاره في هذا الوقت، لأن ناقوس الخطر بدأ يدق في العراق ولا يمكن السكوت عن ذلك" على حد وصفه.

محافظ البصرة: دعوة المالكي الى مراجعة علاقة المركز بالأقاليم متأخرة

واعتبر محمد مصبح الوائلي محافظ البصرة،  دعوة رئيس الوزراء نوري المالكي الى مراجعة علاقة المركز بالاقاليم والمحافظات باتجاه تعزيز سلطة المركز انها جاءت متأخرة مشيرا إلى النهج المركزي “لايبني دولة”

وقال الوائلي لـ اصوات العراق ان “قوى المعارضة العراقية ايام حكم صدام حسين اتفقت على أن الخيار هو الحكم الفدرالي وكل القوى السياسية وقعت على ذاك والدولة إذا أرادت أن تنجح عليها أن تتخلى عن النفس المركزي  وتبني دولة المؤسسات الدستورية التي تساهم وتساعد في حل الكثير من المشاكل التي تتعلق بالمركز لان عمل المؤسسات عمل جماعي وعندما يكون العمل جماعيا يقوم بحل أي مشكل”.

وكان محمد الوائلي يرد على دعوة اطلقها نوري المالكي رئيس الوزراء في كلمة امام مؤتمر النخب والكفاءات العراقية ببغداد السبت انتقد فيها تعاظم صلاحيات الاقاليم على حساب المركز مشيرا الى ان ذلك كان بسبب الدستور الذي كتب في ظروف غير طبيعية مطالبا “بوضع النقاط على الحروف” لئلا  “تصادر الدولة” نائيا بنفسه عما ورد في  الدستور من تقسيم “خاطيء” للصلاحيات.

واعتبر ان “النفس المركزي لايبني دولة وينتج الكثير من المشاكل وعلى الدولة إذا أرادت أن تسلك أسلوب الحكم المركزي  أن تعلن ذلك باكرا وقبل كتابة الدستور”.

التحالف الكردستاني: المالكي يحاول القفز على الدستور الذي أتى به إلى الحكم

وشن المتحدث باسم كتلة التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي فرياد راوندوزي هجوما لاذعا على رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي على خلفية تصريحاته الأخيرة المتعلقة بوجوب إعادة كتابة الدستور وتنظيم العلاقة بين الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان.

وقال راوندوزي في حديث لـ نيوزماتيك "أنه من الغريب أن يشكك المالكي بالدستور العراقي الذي أوصله إلى منصب رئاسة الوزراء"، مؤكدا أن "هذا تصريح المالكي خاطئ وفيه قفز على الدستور، وعلى المسلمات الوطنية التي اتفقت عليها الكتل السياسية في السابق" حسب تعبيره.

وشبه راوندوزي تصريحات رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بتصريحات بعض الجهات التي قال إنها "تنعت حكومة المالكي بأنها حكومة غير وطنية ولا شرعية، وأن العملية السياسية في العراق فاشلة وأن الدستور بني على باطل".

وشدد راوندوزي على أن "المالكي لا يمكنه أن يقرر وحده ما يجب أن يحصل في العراق، لأن هناك مؤسسات تنفيذية أخرى تشارك في حكم البلاد، وهناك مؤسسات تشريعية وقضائية وهي التي تقرر مصير البلاد" على حد وصفه.

وأوضح المتحدث باسم كتلة التحالف الكردستاني أن "هناك آليات قانونية لتعديل الدستور العراقي وقد وردت في المادة 142 من الدستور"، لافتا إلى أنه "في حال تم فرض آليات غيرها فإنها ستجابه بالرفض القاطع من قبل التحالف الكردستاني".

برهم صالح: الدستور حدد صلاحيات الحكومة المركزية والأقاليم

وقال نائب رئيس الوزراء برهم صالح إن الدستور العراقي واضح في مجال الصلاحيات الحصرية للدولة وصلاحيات الأقاليم، داعيا إلى الاحتكام إلى الدستور في  حسم موضوع  صلاحيات المركز والإقليم.

وأوضح صالح في تصريحات للصحفيين حضرته نيوزماتيك أن "الدستور واضح في مجال الصلاحيات الحصرية للدولة وصلاحيات الأقاليم، وهو المرجعية والأساس لحسم أي مشاكل وخلافات تبرز بين الأقاليم والمحافظات من جهة وبينها وبين المركز من جهة أخرى".  .

وأشار صالح إلى "وجود رؤى متباينة بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية، وخلاف آخر بين المحافظات والحكومة حول عدد من المواضيع" مشيرا إلى أن "بعض المحافظات تطالب بحصتها من الموازنة العراقية والخدمات ومن التعيينات وتريد أن تشارك بسياسة التنمية" واصفا هذه المطالب بـ"المشروعة".

ولفت نائب رئيس الوزراء إلى انه "لم يتم التوصل لحد الآن إلى كيفية تنظيم العلاقة بين الحكومات المحلية والاتحادية" غير انه وصف ما "تحقق بين الحكومة المحلية والمركز بالمهم".

صحف كردية تنتقد دعوة المالكي

وفي نفس السياق انتقدت صحف كردية دعوة رئيس الوزراء نوري المالكي الى مراجعة علاقة المركز بالاقاليم والمحافظات باتجاه تعزيز سلطة المركز، وابرزت اثنان من كبرى الصحف الكردية تصريحات المالكي بين مقال ربط بين نبرة المالكي وانسحاب محتمل للامريكيين متساءلة عما سيؤول اليه العراق وأخرى تأملت في مستقبل المشروع السياسي في ضوء ما ذهب اليه رئيس الحكومة.

ونشرت صحيفة اسو التي تصدر عن  مؤسسة خندان للطبع والنشر مقالا بقلم رئيس تحريرها عارف قرباني بعنوان “لم تنسحب امريكا بعد!” ربط فيه بين دعوة المالكي الى تحجيم الاقاليم وتعاظم فرص جدولة انسحاب القوات الامريكية من العراق بعد انتخاب اوباما رئيسا..

وقال قرباني في مقاله ان ما حدث الامس في ندوة النخب والكفاءات العراقية هو “الخوف و القلق الذي يساور العراقيين.”بحسب تقرير اصوات العراق.

واعتبر دعوة المالكي “منافية للأسس الدستورية” ورأى ان هناك “لاتزال نخب في السلطة العراقية تضمر عقلية محبة للفردية و تبحث عن فرصة لتوجيه دفة احداث العراق باتجاه الوضع الذي يفسح المجال امام هيمنة جماعة او كتلة معينة و فرضها على شعوب العراق”.

وكان المالكي انتقد في كلمة امام مؤتمر النخب والكفاءات العراقية ببغداد السبت تعاظم صلاحيات الاقاليم على حساب المركز مشيرا الى ان ذلك كان بسبب الدستور الذي كتب في ظروف غير طبيعية مطالبا “بوضع النقاط على الحروف” لئلا ئلا “تصادر الدولة” نائيا بنفسه عنما ورد في  الدستور من تقسيم “خاطيء” للصلاحيات.

و يعتقد قرباني ان دعوة المالكي تضع الشعب الكردي امام سؤال و هو ان امريكا لم تنسحب بعد فيما بدأت تلوح بوادر الحكم الفردي فماذا سيحدث لو انسحب الجيش الامريكي من العراق و فسح المجال امام العراقيين”.

ويمضي الكاتب في تساؤلاته “من الذي يضمن ان الكبار لن يبلعوا الصغار والاقوياء الضعفاء انئذ؟”.

و في النهاية يوصي بأن “تتخذ جميع المحافظات الموقف امام التصريح الخطير للمالكي و لا تنظر الى الامر كتصريح سياسي مجرد بل ان هذه مؤشرات لمشروع المالكي لما بعد انسحاب الامريكان”.

وأختتم بالقول “يجب ان لا تقبل شعوب العراق ان تعود من جديد الى عهد الاستبداد والاضطهاد و الحكم الفردي …يجب ان يشعروا بقيمة ما يملكه العراق الان ولا يستغنوا عن الحرية التي حصلوا عليها ..بهذه السهولة”.

وكتبت صحيفة كردستاني نوي الصادرة عن الاتحاد الوطني الكردستاني تقول ان “وضع العراق الجديد و المشروع السياسي العراقي بات محط تساؤل” اثر تصريحات المالكي.

ونشرت الصحيفة التابعة لحزب رئيس الجمهورية جلال الطالباني مقالا افتتاحيا  قالت فيه “ليست اول مرة.. بل تكونت منذ فترة ملاحظات جدية على سياسة المالكي و توجهاته… ليس فقط بالنسبة لاقليم كردستان بل بالنسبة للعراق ككل في اتجاه الحكم الفردي بدون مراعاة اسس المشاركة و التعددية والتوافق “.

ودعت الصحيفة الجهات السياسية الكردستانية و العراقية الى التصدي وعدم فسح المجال لأي جهة او شخص بالتجرؤ والاتجاه نحو الفردية و فرض الذات التي كانت من القاموس المحروق لنظام الدكتاتور صدام حسين لا يجوز فرضها على القاموس الديمقراطي و الفدرالي للعراق الجديد”.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 15/تشرين الثاني/2008 - 15/ذي القعدة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م