كلهم وجوه لعملة واحدة

عقيل بن عبد الخالق اللواتي

اثارت وسائل ألإعلام ألعربية ضجة إعلامية كبيرة حول أوباما..  ورأينا هذا الاهتمام "العربي" المتزايد بالانتخابات الأمريكية، وكأننا على عتبة فتح جديد في السياسة الخارجية لهذه الدولة (رقم واحد)  في العالم.

فهل ذلك لاننا تحت تأثير التخدير الامريكي أم ان الخلل البنيوي في امتنا العربية، لعدم توفر الديمقراطية الحقيقية، جعلنا نتابع ونهتم كمعجبين لا اكثر في انتخاب الشعب الامريكي لرئيسهم؟ ام ان هذا الاهتمام من المواطن العربي للإنتخابات الأمريكية هو خليط من الأمل برئيس عادل ينصف القضايا العربية، و يأس من أنظمته الباسة الضعيفة؟

وأيا تكون الاسباب، فأساساً هل ترى ثمة فرقاً بين رئيس اميركي ديموقراطي وآخر جمهوري؟ فعهدنا بأي مسئول في الإدارة الأمريكية من الرئيس إلى نائبه إلى أعضاء الحكومة إلى أعضاء الكونغرس نواباً وشيوخاً، إلى مسؤولي المؤسسات المفصلية من جيش وإعلام  وبنوك واستخبارات وغيرها أن يكون المبدأ الذي يرتهن إليه جميعم هو مبدأ الولاء المطلق لإسرائيل.

 لقد ظل هذا المبدأ المرجعية الأساسية لتوجهات السياسة الخارجية الأميركية لجميع الإدارات المتعاقبة، لا فرق بين جمهوري وديمقراطي، الا في استثناءات نادرة كندرة العدل والإنسانية في سياسات الإدارات الأمريكية المتعاقبة.

فهل ننتظر باراك أوباما ومن خلفه امريكا للعب دور الحكم والوسيط النزيه غير المتحيز في هذه المنطقة المتفجرة لكي ينصفنا ويعيد لنا حقوقنا؟! وهل سيحن هذا المرشح الديموقراطي إلى أصوله الأفريقية ومبادئ أهله القدامى الذين عانوا الظلم وكافحوا الاضطهاد والتمييز العرقي والعنصري لتحقيق المساواة ونيل جميع حقوقهم المدنية، فنعقد عليه الآمال كي ينصفنا ويعيد لنا بعض حقوقنا المغتصبة، في فلسطين ولبنان والعراق وافغانستان؟ وهل يجدى هذا الانتظار؟ فباراك أوباما سبق وان حسم موقفه في اول خطاب بعد فوزه في الانتخابات التمهيدية الديمقراطية.

وتعهد هذا الديمقراطي بأن القدس "ستبقى عاصمة اسرائيل ويجب ان تبقى غير قابلة للتقسيم". وأكد  ان «لا تهديد أكبر من إيران لإسرائيل وللسلام والاستقرار في المنطقة» وأن هدفه الحقيقي «سيكون إزالة هذا التهديد الإيراني الخطير»  وانه «الصديق الحقيقي لإسرائيل» في تنكر واضح لكل الحقوق العربية.

لماذا يصراعلامنا العربي، ومعه بعض النخب الفكرية والسياسية العربية، ليفسر لنا الأضرار التي أصابت العرب والمسلمين في سنوات حكم الرئيس جورج بوش بأنها ناتجة عن طباع بوش وصفاته الشخصية فقط، من دون النظر إلى مصالح الولايات المتحدة كدولة تقود العالم وبالتالي النظر إلى مصالح المرشحين لرئاستها وحساباتهم. فالبيت الأبيض لاتحركه العواطف ولا المشاعر الرقيقة المرهفة كما نتحرك نحن العرب.

 وجميع القادمين إلى البيت الأبيض، ديمقراطيا أم جمهوريا، لا يمكن ان يمس في ثوابت السياسة الخارجية لأمريكا والمتمثلة الان في تغيير كفة الموازنة لصالح إسرائيل، واستخدام إيران وسيلة  لتهديد دول الخليج بحجة الخطر الفارسي لتكون سوقا رائجة للسلاح الأمريكي والتواجد الدائم على أراضيها، والاحتفاظ باحتلال العراق وأفغانستان والتحكم بالوطن العربي وعموم الشرق الأوسط إضافة إلى سلب إرادتها الوطنية والسياسية ودفعها إلى إضعاف القرار العربي. فهذا هو عنوان السياسة الامريكية والصهيونية وجوهرها ازاء قضايا الامة العربية والاسلامية وهي إضعاف العرب والمسلمين والإمعان في جرح كرامتهم بأمل فرض الاستسلام النهائي عليهم، وفرض  هيبتهما في المنطقة للتمكن من اعادة رسم خريطة الشرق الاوسط كما يحلو لهما بحيث تكون الهيمنة واليد العليا للتحالف الامريكي ــ الاسرائيلي في تقرير شؤون المنطقة في المستقبل.

فديمقراطي اوجمهوري .. ابيض ام اسود ..  كلهم وجوه لعملة واحدة.

* كاتب عماني

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 13/تشرين الثاني/2008 - 13/ذي القعدة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م