التداوي بالأعشاب.. الطب القديم المتجدد

تحقيق وعدسة: عبد الأمير رويح

* اختلاف طب الأعشاب عن الطب الكيمياوي الحديث هو ان الأخير تنتج عنه مضاعفات جانبية وهذه المضاعفات لا تنتج من استخدام المواد العشبية المستخدمة لدينا

* للحبة السوداء أسرار ألهية خاصة  فهي يمكن أن تشفي اكثر من(250 حالة مرضية) اذا ما وُصفت من قبل متخصص عارف

* الاعشاب الطبية تفيد في شفاء  الكثير من الأمراض منها الأمراض المزمنة والمستعصية والأمراض الجلدية  وحتى الأمراض النفسية

 

شبكة النبأ: منذ القِدم والانسان مهتم بصحته وهاجس الحياة والبقاء هو الذي يشغل تفكيره. لذا تراه يبحث ويستكشف كل ما هو جديد لأجل الحفاظ على جنسه البشري. وقد أهتم هذا المخلوق بأمور الطب والتداوي ولجأ في ذلك إلى الأعشاب والنباتات التي وجد فيها مبتغاه في تخفيف الآمه  وتسكين أوجاعه وعلاج أمراضه في العهد القديم الذي لم تتوفر فيه علاجات كيمياوية مصنّعة.

المصادر التاريخية اختلفت في رصد ومعرفة أوائل المستخدِمين لهذه العلاجات فبعضها ذكر أن حكماء الصين أقدم من استخدم طب الأعشاب وبدأ به. وهم من ألّفوا أول كتاب عن التداوي بالأعشاب،  والذي أصبح فيما بعد أساساً لجميع المعلومات الطبية. وفي بابل كان القدماء يدونون فوائدها على ألواح الطين بعد التأكد من نجاحها في العلاج. وتضمن بعض هذه الألواح وصفاً لفوائد أكثر من (250) عشبة علاجية. وكذا الحال في مصر القديمة وفراعنتها وما وجد من مدونات ورسوم تشير لاهتمامهم بهذا الطب حيث يُعد (ايموحتب) بحسب بعض المصادر أول طبيب في العالم، وقد أستخدم هذا الطبيب الكثير من الأعشاب في علاج المرضى.

أما العرب والمسلمين فقد أبدعوا في هذا المجال وطوروه وتوسعوا في تجاربهم في مجال التداوي بالأعشاب واكتشفوا العلاجات والمراهم الطبية الخاصة. فكان منهم أساتذة الطب وعلماء النفس المتخصصين ودوّنوا تجاربهم وملاحظاتهم في مخطوطات وكتب مهمة مازالت تستخدم كمصادر ومراجع في الدراسة الجامعية لكثير من البلدان.

وفي بغداد أسست أول صيدلية ومذخر طبي أختص بتجميع الأدوية والمستحضرات العلاجية المنتجة من الأعشاب والنباتات. وما نلاحظه اليوم من تقدم في مجال الطب الحديث كان نتاجاً لأسس وضعها فطاحلة العلم والمعرفة من القدماء!. وبحسب رأي من تخصص في مجال الطب الشعبي وطب الأعشاب فأن التطور والتقدم العلمي في مجال الطب الحديث مازال عاجزاً عن علاج بعض الحالات المرضية والتي يمكن أن تشفى بوصفة طبية وخليط خاص لبعض الأعشاب القديمة بأيدي أناس تخصصوا بدراسة مستفيضة بهذا المجال! أو من خلال خبرة اكتسبوها في مجال عملهم.

رحلتنا اليوم ستكون مع مَن تخصَصوا في الطب الشعبي وطب التداوي بالأعشاب ولجأ اليهم من آمن بقدراتهم  فاستحسن علاجهم تاركاً العقاقير والمستحضرات الكيماوية الحديثة مستجيراً بخلطات خاصة من أعشاب نباتية.

عن هذا الموضوع إلتقت (شبكة النبأ المعلوماتية) متخصصين في هذا المجال فكان حديثنا الأول مع الدكتور صائب محسن جاسم، صاحب معشب الحكيم. والحاصل على بكالوريوس (فارما كولوجي) وهو الطب المتخصص بدراسة الخصائص الكيماوية للأعشاب الطبية، والذي وضح لنا في بادئ الأمر الفرق بين الطب الشعبي وطب التداوي بالأعشاب قائلاً: الطب الشعبي يختلف عن طب الأعشاب فالأول يتوارثه الشخص من أسلافه وهو مهنة قديمة ومعروفة  قد لا تقتصر على وصف العلاج وإنما قد يشمل العلاجات الروحانية وبعض المهن الطبية الأخرى. أما طب الأعشاب فهوا طب قائم بذاته. طب يعتمد على الدراسة والاكتشاف والمتابعة وتحليل النتائج والاستفادة منها.

واضاف دكتور صائب، ان وصف العلاج في هذا المجال لا يأتي اعتباطا لمجرد الشك والخبرة المكتسبة كما في الطب الشعبي بل يعتمد على تشخيص دقيق واعتماد خاص على بعض التحليلات المختبرية وتشخيصات السونار وغيرها. وقد يحتاج وصف علاج حالة ما اللجوء إلى خلط أكثر من (12 مادة عشبية)! وكما أسلفت تعد هذه الخلطة وفق دراسة ومعيار علمي سليم.

كما ان اختلاف طب الأعشاب عن الطب الكيمياوي الحديث هو ان الأخير تنتج عنه مضاعفات جانبية وهذه المضاعفات لا تنتج من استخدام المواد العشبية المستخدمة لدينا. وأحب أن أوضح ان الاعشاب يجب وصفها من قبل إنسان متخصص في مجال عمله لكون بعض هذه الأعشاب مؤذية وتسبب مضاعفات ان أُسيء استخدامها أو وُصِفَت من دون معرفة. فهناك مواد ان استمر عليها المريض اكثر من اسبوعين قد تولد له فشل كلوي. أو تسبب إجهاض بالنسبة للنساء الحوامل فهي تساعد على تنشيط الرحم.

وتابع دكتور صائب في حديثه لـ شبكة النبأ، هناك مواد تزيد من ارتفاع ضغط الدم لذا يجب التأكد والاستفسار قبل وصف العلاج والاعتماد على التحاليل المختبرية الخاصة. والمريض مسؤولية المعالج فنحن نقوم بتثبيت الحالة ومتابعتها باستمرار وقد يستمر العلاج لعدة  أشهر أو سنة كاملة.

واستدرك، لكن طب الأعشاب يُعاب بأنه بطيء النتائج، مع أنه ينهي جميع الحالات المرضية دون استثناء والأعشاب قد تزعج المريض من خلال طريقة الاستعمال والتناول، وقد تولّد له حالة ملل لذا يلجأ إلى تركها وهذه الحالة خاطئة فيجب المتابعة والاستمرار لحين الشفاء. فالمريض المصاب بالسكَّر مثلاً يجب أن يستمر بأخذ العلاج لمده ثمانية أشهر لأجل الوصول إلى النتيجة النهائية والشفاء التام.

أما مرضى القولون فتصل مدة علاجهم الى اربعة اشهر وخلال هذه الفترة قد يشعر المريض بتحسن لذا تراه  يترك العلاج من دون الرجوع الى الطبيب ظناً منه انه تعافى وشفي، وهذا خطأ كبير فالحالة المرضية  ستعود ان لم تكتمل مدة العلاج.

وتابع، قد تظهر بعض حالات الشفاء السريعة والتي تعتمد على قدرة واستجابة جسم المريض لعلاج خاص. لكنها محدودة، ومن بعض العجائب في عملنا ان بعض الأمراض المستعصية قد تشفى قبل الأمراض البسيطة فَداء الصدفية والمسمى برفيق العمر، والذي يعجز عن علاجه الطب الحديث فيلجأ لوصف بعض المسكنات الخاصة، نعالجه نحن بالأعشاب ويشفى مع المتابعة، وقد يشفى أسرع من بعض الامراض الاخرى البسيطة.

وعن الأمراض التي يمكن علاجها بواسطة طب الاعشاب قال دكتور صائب: الاعشاب الطبية تفيد في شفاء  الكثير من الأمراض ان لم أقل كلها فهي تستخدم في علاج الأمراض المزمنة والمستعصية والأمراض الجلدية  وحتى الأمراض النفسية. كل هذه الأمراض لها علاج بطب الأعشاب مع تفاوت فترة الشفاء! ومن الأمراض التي قمنا بمعالجتها والتي شفيت باستخدام الأعشاب هي أمراض( سرطان المثانة والثدي, تشمع الكبد, قرحة المعدة, القولون, جميع أمراض الكلى, حساسية القصبات والامراض الجلدية, امراض المفاصل, البروستات, تكسر كريات الدم, الامراض الجلدية والنفسية).

وعن أسعار العلاج قال لـ شبكة النبأ، الاسعار تعتمد على نوع المرض المراد معالجته وأنا ارى ان استغلال المريض في بعض الحالات خطأ فادح، فالبعض يلجأ لابتزاز المريض واستغلاله بحجة ان مرضه خطير وعلاجه مستعصي ويحتاج أنواع خاصة وغالية الثمن مع العلم ان بعض مركبات الاعشاب والتي تدخل في مثل هكذا امراض قد تكون بسيطة ورخيصة وأتمنى من المهتمين بهذا المجال مساعدة المريض وعدم استغلاله فمهنتنا انسانية قبل أن تكون مادية..

والتَقَت (شبكة النبأ) بمتخصص اخر هو الحاج ناظم محمد، الممارس للطب الشعبي وعلاج الأعشاب، معتمداً على الايمان الخاص والخبرة المكتسبة في وصف العلاج!!  

يقول الحاج ناظم، اكتسبتُ هذه المهنة بالوراثة ومارستُها منذ أكثر من خمسة وعشرون عاما. كانت بدايتي مع سيدة مصابة بمرض مشخَّص على انه سرطان. فوصفت لها العلاج الخاص وشُفيتْ من مرضها بإذن الله تعالى. واعتمدتُ بعلاجها على الاعشاب مستخدماً ضمنها الحبة السوداء. فلهذه الحبة أسرار ألهية خاصة  فهي يمكن أن تشفي اكثر من(250 حالة مرضية) اذا ما وُصفت من قبل متخصص عارف.

وعن كيفية تشخيصه للحالات المرضية أخبرنا بأنه يعتمد أولاً على تشخيص الطب الحديث من خلال كلام المريض نفسه بالإضافة لتشخيصه هو! ويقول: من خلال نظرة فاحصة للمريض أستطيع معرفة مايعاني منه!!، فخبرتي الطويلة بهذا المجال أكسبتني المعرفة والدراية ببعض الامراض التي استطيع تشخيصها من خلال وجه المريض وعينيه أو بلمس مركز الألم الذي يعاني منه. أما عن مدة العلاج والفترة الزمنيه التي يحتاجها المريض للشفاء فقال الحاج ناظم، ان مدة العلاج مختلفة فمنهم من يشفى من مراجعة واحدة ومنهم من يستمر علاجه عدة اشهر او سنة واكثر.

بقي لنا ان نتعرف على رأي الطب الحديث وأصحاب التخصص في مجال الطب الصيدلي والذين لم يسعفونا بحديث متكامل عن هذا الموضوع، كونهم وكما قالوا ممنوعين من التصريح لوسائل الأعلام من دون موافقة نقابية! لكن استطعنا أن نلخص بعض أحديث من التقيناهم.

فأحد الصيادلة اخبرنا ان هذه الاعشاب ان استُعملت من دون غش او تلاعب من قبل العَشّاب المختص فإنها إن لم تنفع المريض فهي لا تضره! لكن هنا من يغش ويضيف بعض المواد الكيماوية لهذه الاعشاب ومن دون معرفة لغرض تسريع فعالية المستحضر العلاجي، مما يؤثر على صحة المريض ويعرضه للخطر! صيدلاني آخر قال، قد تعالج الاعشاب بعض الامراض الجلدية البسيطة لكن لا أعتقد بل وأجزم انها لا تشفي الامراض المزمنة والخطيرة، واتمنى ان يخبرني احد المتمرسين بهذه المهنة عن انجاز متحقق بشفاء أمراض القلب او الأمراض السرطانية بتحليلات مختبرية ونتائج موثقة. فأغلب هذه الحالات تحتاج لتدخل جراحي لا يقوم به إلا كبار المتخصصين. فكيف اذاً يستطيع رجل بسيط من عامة الناس شفاء ذلك ان لم يكن صاحب معجزة خاصة ولا اعتقد ان ذلك موجود في وقتنا الحاضر!!!

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 12/تشرين الثاني/2008 - 12/ذي القعدة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م