بسبب الفوضى والتخبط في الفتاوي المثيرة التي تحرض على الفتنة
والتكفير والعنف تعرضت الشخصيات الدينية التي تتبنى تلك الفتاوي،
والمؤسسة الدينية التي ينتمون إليها للانتقاد الشديد من داخل الوطن
والعالم الإسلامي وخارجه، كما تعرضت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر "الشرطة الدينية" أو "الحسبة" خلال الفترة الماضية للرصد
والانتقاد من الإعلام والمواطنين بسبب تضخم حجم الأعمال السلبية
لأعضائها، حيث اهتزت صورتها، وأصبحت سمعتها سيئة بين العديد من
المواطنين والمقيمين، وباعتراف رئاسة الهيئة مؤخرا، وازدادت الأمور
سوءا بالنسبة لأفراد الهيئة بتحويل عدد منهم للقضاء... بعدما سقط
عدد من الضحايا نتيجة تلك الأعمال.
وتهمة الفوضى والتجسس وسوء الظن الموجهة لرجال الهيئة ليست من
عندي، وإنما هو ما يراه المجتمع السعودي، ولمعرفة الواقع أكثر جاء
في ندوة نظمتها جريدة المدينة تجمع بين مسؤولي هيئة الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر بمنطقة مكة المكرمة، مع عدد من الكتاب والشباب في
المنطقة، تم نشرها يوم الأحد 4/5/ 2008م. حيث ركز المشاركون التهم
الموجهة للهيئة بالتالي: فوضى المطاردات, والتجسس, وتجاوز
الصلاحيات، وعدم تحديد مفهوم الخلوة, وسوء الظن بالآخرين.
وذكرت الجريدة في دراسة إحصائية قامت بها حول أسباب عدم رضا
المجتمع عن دور الهيئة حيث جاءت النسبة كالتالي: 36,37 بالمائة
لاستخدام العنف اللفظي والجسدي، 33,32 بالمائة لضعف تأهيل رجال
الهيئة, 30,31 بالمائة لتجاوز الصلاحيات.
من أهم أسباب ظاهرة السلبيات في جهاز الهيئة تعود لحالة الغرور
وضعف التأهيل، وغياب المفهوم للأعمال التي يقوم بها الجهاز لدى
أعضائه، أعضائه الذين يتعاملون طوال الفترة الماضية بفوقية وغطرسة
وعنف وشدة، وتجاوز للصلاحيات، وأنهم فوق النقد لما تمتع به هذه
الهيئة من دعم وصلاحيات غيرة محدودة...، تتفوق صلاحيات "الشرطة
العسكرية الرسمية" ولهذا لقبت الهيئة بـ (الشرطة الدينية) في إشارة
إلى مدى قدرتها الفائقة بالأعمال البوليسية كالتجسس والمراقبة
والمداهمة والملاحقة والمطاردة والقبض والتحقيق، وتميزها بسوء الظن
والشك بالآخرين، وان كل إنسان مشبوه حتى يثبت العكس ، بالإضافة إلى
تعاون اغلب أصحاب التوجهات الدينية معها كمخبرين، وتدخلها في
الكثير من القضايا الأخلاقية والأدبية والدينية والثقافية والفنية
والفكرية والممنوعات والمخدرات في جميع أرجاء الوطن ( إلا المواقع
المخصصة والمحددة وان كانت رائحة التجاوزات فائحة)، وعلى الجميع
مواطنين ومقيمين التعاطي معها بالطاعة والخضوع والاستسلام، لأنها
تمثل شرع الله على وجه الأرض ومن يرفض .. فهو عاصي وأثم معتدي
وفاسق ومتطاول على الشرع، ومصيره التحقيق والسجن والإهانات مثل
السجن في دورات المياه !!.
متى سيتم محاسبة المتجاوزين مهما كانوا لا سيما رجال الحسبة ـ
والذين يصدرون فتاوي تكفيرية تحرض على العنف والإعمال الإرهابية
وقتل النفس البريئة، وتشويه سمعة الدين والوطن والمواطن ـ ويرفع
عنهم حق استخدام الفيتو؟ |