المجمع الانتخابي ودوره الحاسم في الفوز بسباق البيت الابيض

وفي مجلس الشيوخ.. انتخابات تاريخية ايضاً

 

شبكة النبأ: تتسم الانتخابات الرئاسية الأمريكية بالتعقيد والتشابك، فهي تُعد من أطول الانتخابات الرئاسية على مستوى العالم، ويتميز النظام الانتخابي الأمريكي للرئيس الأمريكي بالاختيار غير المباشر، حيث لا يختار الناخب الأمريكي رئيسه القادم بصورة مباشرة، ولكن عن طريق المجمع الانتخابي Electoral College، وهو النظام السياسي الذي تقوم بموجبه كل ولاية بتعيين الناخبين الذين يقومون حقيقة بانتخاب الرئيس بعد أن ينتهي الاقتراع الشعبي، وهذا النظام لا يوجد في النظم الديمقراطية العريقة. ولهذا النظام إيجابياته وسلبياته، وهو ما يفسر الانقسام الأمريكي حول هذا النظام الانتخابي الذي يغيب فيه الاختيار المباشر للناخب.

وفي التقريرين التاليين سنتناول الرؤى المؤيدة والمعارضة للهيئة الانتخابية استنادًا إلى تقريرين نشرهما موقع وزارة الخارجية الأمريكية. ونبدأ بالرؤى المؤيدة، ولكن في البداية نشير إلى ماهية المجمع الانتحابي:

ما المجمع الانتخابي؟

المجمع الانتخابي هو مجموعة المواطنين الذين تختارهم الولاية للإدلاء بأصواتهم لاختيار الرئيس ونائبه نيابة عن مواطني الولاية. وتختلف عملية اختيار أعضاء المجمع الانتخابي مابين ولاية وأخرى، ولكن الحزب السياسي يختار عادة ممثليه في المجمع الانتخابي في مؤتمرات الولاية الحزبية أو من خلال تصويت لجنة الحزب المركزية عليهم. ويختار الناخبون في كل ولاية، من خلال إدلائهم بأصواتهم لانتخاب الرئيس ونائبه، أعضاءَ المجمع الانتخابي في يوم الانتخابات العامة.

يمنح نظام المجمع الانتخابي كل ولاية عددًا من الأصوات الانتخابية يعادل عدد ممثليها في الكونجرس الأمريكي في مجلسي النواب والشيوخ. وقد منحت مقاطعة كولومبيا ثلاثة أصوات انتخابية. وهناك ما مجموعه 538 صوتًا في المجمع الانتخابي، يتعين حصول المرشح للرئاسة على 270 صوتًا ـ منها الأغلبية البسيطة ـ كي يفوز. وتطبق جميع الولايات ـ باستثناء اثنتين ـ نظامًا وهو أنَّ الفائز يحصل على جميع الأصوات، الذي يَعني أن المرشح الذي يحصل على أكبر عدد من أصوات الناخبين في الولاية يحصل على جميع أصواتها الانتحابية.

ويجتمع أعضاء المجمع الانتخابي عادة في عواصم ولاياتهم في شهر ديسمبر للإدلاء بأصواتهم. ويتم بعد ذلك إرسال الأصوات الانتخابية إلى واشنطن، حيث يُجْرَى فرزها بحضور جلسة مشتركة لمجلسي الكونجرس في شهر يناير. وينص التعديل الـ12 للدستور على أنه في حال عدم فوز أي مرشح بأغلبية الأصوات الانتحابية، يقرر مجلسُ النواب نتيجة الانتخابات. ويقوم المجلس ـ في مثل هذه الحالة ـ باختيار الرئيس بأغلبية الأصوات، بحيث يختار أحد المرشحين الثلاثة الذين حصلوا على أكبر عدد من الأصوات الانتحابية. وتمنح كل ولاية صوتًا واحدًا في هذه العملية. أما في حال عدم فوز أي مرشح للرئاسة بأغلبية الأصوات الانتخابية، فيقوم مجلس الشيوخ باختيار نائب الرئيس بأغلبية الأصوات، بحيث يختار كل سيناتور واحدًا من المرشحين اللَّذَيْنِ حصلا على أكبر عدد من الأصوات الانتحابي.

وهذا النظام يُثير تساؤلا مفاده هل حدث أن اُنْتُخِبَ رئيسٌ لم يحصل على أغلبية الأصوات الشعبية في الانتخابات العامة؟. يلاحظ المتابع للانتخابات الرئاسية الأمريكية أن هناك 17 انتخابًا رئاسيًّا لم يكن الفائز فيها هو الشخص الذي حصل على أغلبية الأصوات في الانتخابات العامة. وأول هؤلاء الرؤساء هو "جون كوينسي آدمز" في انتخابات عام 1824، أما آخرهم حتى الآن فهو "جورج دبليو بوش" في عام 2000.

وتجدر الإشارة إلى أن مؤسسي الولايات المتحدة ابتدعوا نظام المجمع الانتحابي كجزء من خطتهم الرامية لتحقيق تقاسم الولايات والحكومة القومية للسلطة. وليس للانتخابات الشعبية العامة أي أهمية قانونية وفقًا للنظام الفيدرالي الذي تم تبنيه في الدستور الأمريكي. ونتيجة لذلك، يمكن للأصوات الانتحابية التي يتم تحديدها على أساس انتخابات الولايات أن تسفر عن نتيجة تختلف عن النتيجة التي أسفرت عنها الانتخابات العامة الشعبية. ومع ذلك فإن صوت المواطن الفرد مهم في تحديد نتيجة كل عملية انتخابية.

نظام عاكس للوزن النسبي للولايات

دستور الولايات المتحدة مليءٌ بسمات قد يعتبر النقاد أنه قد عفا عليها الزمن، بما في ذلك نظام الفيدرالية ذاته، حيث تقوم الحكومة القومية بتقاسم السلطة مع خمسين ولاية. وربما سيكون من الأكثر كفاءة للولايات المتحدة أن تدار بصورة مركزية من العاصمة القومية واشنطن، لكن كاتبي الدستور الأمريكي لم تكن أذهانهم تتوخى الكفاءة كأولوية أولى. إذ إنهم كانوا يضعون الحرية في مقامٍ أرفع من ذلك، ولهذا اعتقدوا أنه من الأسلم أن يتم تجزئة فروع السلطة السياسية. وأحد سمات هذه التجزئة يتمثل في كون الحكومة القومية، أو الفيدرالية، إنما تتشاطر السلطة مع الولايات المختلفة.

أحد الأوجه الهامة للفيدرالية الأمريكية هو إشراك خمسين ولاية، بوصفها ولايات ذات استقلال ذاتي، في اختيار الرئيس. وهذا النظام ـ أي المجمع الانتحابي ـ يعطي كل ولاية عددًا من الأصوات مساويًا لمجموع عدد أعضائها الممثلين لها في كلًّ من مجلسي الشيوخ والنواب، حيث تحصل كل ولاية على عدد من المقاعد متناسب مع نسبة عدد سكانها.

والمرشح الرئاسي الذي يكون الأقدر على الفوز في الاقتراع الشعبي في عدد من الولايات حيث تُشكِّل أصوات ناخبيها أكثرية مجموع الأصوات في مجمل "المجمع الانتحابي" (في الوقت الحاضر هي 270 من أصل 538) يصبح هو الرئيس.

نظام يدفع بالتركيز على كل الولايات

يدفع منتقدو هذا النظام بالحجج لمصلحة سهولة الانتخابات المباشرة، وبساطتها. إذ ما عليك سوى القيام بإحصاء الأصوات في مجمل البلاد، متجاهلا مجاميع الأصوات التي نالها المرشح في كل ولاية بمفردها، ومن ثم يُعلن اسم المرشح الفائز. فلو تَبَنَّتِ الولايات المتحدة مثل هذا النظام، فإنه سوف يُوَلِّدُ دافعًا لدى المرشحين لتركيز حملتهم الانتحابية الرئاسية في الولايات الأكثر كثافة بالسكان فقط وذلك كسبٌ لأكبر عدد من الأصوات فيها، وسيتجاهلون بذلك بقية الولايات ذات العدد الأصغر من السكان.

أمّا المجمع الانتحابي فمن شأنه أن يُجبر المرشحين على تعدِّي المراكز السكانية الكبيرة والقيام بحملاتهم أيضًا في الأماكن الأخرى التي ربما يتم تجاهلها في نظام انتخابي مباشر. فقد يكون ممكنًا ـ من الناحية النظرية على الأقل ـ للمرشحين اختصار حملتهم الرئاسية فقط على الولايات الاثنتي عشرة الأكثر كثافة سكانية، والفوز بالرئاسة. وهذا يَعني أن المرشحين سيكون لديهم سبب هام لتجاهل الولايات الأخرى الثماني والثلاثين. لكن بموجب نظام المجمع الانتحابي، سوف يكون من المستبعد جدًّا أن يستطيع أيُّ مرشح الفوز بما يكفي من أصوات المجمع الانتحابي إذا ما اقتصر في حملته الانتحابي على اثنتي عشرة ولاية فقط من الولايات الأكثر سكانًا. فأي مرشح ديمقراطي للرئاسة يمكنه على الأرجح أن يعوِّل على كسب أكثرية الأصوات الشعبية في ولايتي نيويورك ومساتشوستس. كما أن أي مرشح جمهوري للرئاسة قد يعوِّل على أكثرية أصوات ولايات تكساس، ونورث كارولينا، وجورجيا. إلا أنه كي يفوز بمئتين وسبعين صوتًا في المجمع الانتحابي اللازمة له من أجل الوصول إلى البيت الأبيض، فإن أي مرشح سوف يحتاج للحصول ليس فقط على أصوات المجمع الانتحابي في الولايات الكبيرة التي توصف بأنها قد تميل في أي من الاتجاهين، أو الولايات المتأرجحة مثل أوهايو وفلوريدا حيث تكون قوة كل من الحزبين أكثر توازنًا، فحسب بل وأيضا على أصوات المجمع الانتحابي في الولايات الأقل سكانًا أيضاً. وحيث إن كل ولاية يمكن أن تكفل للمرشح ثلاثة أصوات في المجمع الانتحابي على الأقل، فإنه لا يمكن للمرشحين إهمال هذه الولايات الصغيرة.

منع وصول رئيس يتبنّى التطرف والعنصرية

ونظام المجمع الانتخابي يكفل أيضًا التقليل من احتمال انتخاب مرشح شديد الولاء لمنطقة واحدة، بسبب أنه ليس هناك منطقة واحدة بذاتها في البلاد تحتوي على عددٍ كافٍ من أصوات المجمع الانتخابي اللازمة لاختيار الرئيس. ويُركِّز منتقدو نظام المجمع الانتحابي فقط على أعداد الأصوات العامة، بينما يُشدِّدُ المدافعون عن هذا النظام على كيفية تقسيم هذه الأصوات.

كما أنه ـ على امتداد التاريخ الأمريكي ـ أسهم نظام المجمع الانتخابي في الحدِّ من إمكانية مرشح حزب ثانوي، أو مرشح حزب ثالث، في المنافسة على الرئاسة. وبعض الناقدين للنظام الحالي قد يُشيرون إلى هذه السمة باعتبارها صفة سلبية تشوب الحياة السياسية الأمريكية، لكن نظام الحزبين الكبريين قد أثبت أنه يخدم الولايات المتحدة بنجاح. فهو إذ كان يفرض درجة من الاعتدال في السياسة الأمريكية، أصبح هذا النظام عنصرًا أساسيًّا في استقرار البلاد. وهو نظام لا يشجع على نمو الحركات المتطرفة، ولكنه في الوقت ذاته، لو قام حزب أو حتى مرشح ثانوي باقتراح آراء أثبتت شعبيتها لدى الناخبين، فمن المرجح أن يُبادر أحد الحزبين الكبيرين إلى تبني هذه الآراء.

وقد ينجح مرشح متطرف في كسب الأصوات الشعبية، وكذلك أصوات المجمع الانتخابي، في ولايات قليلة فقط، مثلما حصل مع "ستروم تيرموند" وحزبه الداعي إلى العزل العنصري في انتخابات عام 1984، ولكنه مع ذلك يبقى من غير المحتمل له أن يفوز بالرئاسة. ورغم أن هناك مجالاً للمعارضة في السياسة الأمريكية في ظل نظام المجمع الانتحابي، إلا أن التطرف لا يلقى تشجيعًا في هذا النظام.

وأبعد من ذلك، لا يشجع نظام المجمع الانتخابي على التطرف السياسي إلا أن الجماعات الأقلية العرقية والإثنية يمكنها أن تقوى في ظله. فالإثنية اللاتينية ـ على سبيل المثال ـ تُشكِّل ما يوازي 12% فقط من عدد سكان الولايات المتحدة كما تُشكِّل نصيبًا أقل من ذلك في مجموع أصوات المقترعين. وفي نظام الانتخابات المباشرة، سينخفض تأثير هذه الجماعة بشدة، لكن أعدادها تبقى كبيرة بما يكفي في بعض الولايات لكي تحصل على نفوذ لا يُستهان به. ففي أريزونا، التي كانت دائمًا تميل إلى أن تكون ولاية متأرجحة سياسيًّا، تبلغ نسبة المنحدرين من أصل لاتيني فيها حوالي 25%، وهو ضعف نسبتهم العددية العامة في البلاد. وهذا ما يعطي هذه الجماعة الأقلية مزيدًا من النفوذ السياسي في ظل نظام المجمع الانتحابي، أكثر مما كانت ستحصل عليه في ظل أيّ نظام آخر. ويشبه ذلك ما يحصل في ولايات مثل فيرجينيا، حيث يُشكِّل عدد الأمريكيين السود حوالي 20% من عدد سكانها وبالتالي فإنهم يجعلون الحياة السياسية في هذه الولاية أكثر تنافسية بكثير.

وخلاصة القول، أنه يبقى هناك تساؤل يتعلق بجدية النظام السياسي الفيدرالي. فواضعو الدستور رأوا في تقسيم السلطة ما بين الحكومة الفيدرالية، وحكومات الولايات ضمانة هامة لحماية حريات الأفراد، ومع هذا، فإن ثمة ميلٍ قد ظهر في السنوات الأخيرة تجلَّى في قيام الحكومة الفيدرالية بالاستيلاء على مزيد من السلطة في نواحٍ كانت تقليديةً تقع تحت مسئولية حكومات الولايات. لذلك فإن القيام بإنقاص نفوذ حكومات الولايات حتى إلى درجة هي أبعد مما هي الآن، عن طريق إلغاء المجمع الانتحابي، إنما سيكون بمثابة كسر واحدٍ من الأعمدة السياسية الرئيسة للنظام السياسي الأمريكي الذي طالما صمد أمام جميع التحديات التي اعترضته خلال 220 سنةً من التاريخ الأمريكي.

حقائق عن المجمع الانتخابي

يختار المجمع الانتخابي الرئيس الأمريكي الذي لا ينتخب بالتصويت الشعبي. وفي ما يلي بعض الحقائق عن المجمع الانتخابي، بحسب رويترز.

- يضم المجمع الانتخابي 538 عضوا تقسم على الولايات وعلى العاصمة واشنطن دي. سي (ديستريكت اوف كولومبيا) طبقا لعدد السكان واستنادا الى تمثيل كل ولاية في الكونجرس. ويمثل الولايات الصغرى ثلاثة اعضاء بينما يمثل ولاية كاليفورنيا وهي اكبر ولاية 55 عضوا. اما العاصمة واشنطن وهي غير ممثلة في الكونجرس على اساس انتخابي فيمثلها ثلاثة اعضاء مثلها مثل الولايات الصغرى.

- يحتاج الفائز في انتخابات الرئاسة الامريكية الى الحصول على 270 صوتا في المجمع الانتخابي الذي يعلن أعضاؤه ولاءهم لمرشح أو اخر لكن لا يوجد قانون اتحادي يقيدهم بذلك.

- في 48 ولاية والعاصمة تذهب كل أصوات ممثليها في المجمع الانتخابي للفائز في الولاية ويطبق هذا النظام على كل الولايات الامريكية عدا ولايتين تقسم فيهما اصوات المجمع الانتخابي حسب نسبة الفوز في التصويت هما ولايتا مين ونبراسكا.

- ينتخب اعضاء المجمع الذين تختارهم أحزابهم الرئيس ونائب الرئيس. ولا يحق لهم انتخاب مرشحين من ولايتهم.

- لأن المرشح يمكنه ان يحصل على عدد كبير من الاصوات في بعض الولايات ثم يخسر بفارق بسيط في ولايات أخرى قد لا يحصل الفائز بأكبر عدد من الاصوات على المستوى الشعبي بأغلبية أصوات المجمع الانتخابي. وانتخب المجمع الانتخابي في ثلاث مرات المرشح الذي خسر التصويت الشعبي. وهم الجمهوريون راذرفورد هيز عام 1876 وبنجامين هاريسون عام 1888 وجورج بوش عام 2000 .

- يجتمع اعضاء المجمع الانتخابي في عواصم ولاياتهم للتصويت لاختيار الرئيس ونائبه في يوم اثنين في بداية شهر ديسمبر كانون الاول بعد الانتخاب الشعبي الذي يجري في نوفمبر تشرين الثاني وينقلون النتائج الى الحكومة الاتحادية. وتجدول الاصوات في جلسة مشتركة للكونجرس يوم السادس من يناير كانون الثاني من العام التالي.

- في حالة عدم حصول اي مرشح للرئاسة على اغلبية الاصوات في المجمع الانتخابي يختار مجلس النواب الرئيس من بين ثلاثة مرشحين حاصلين على اعلى عدد من الاصوات على ان يمثل كل ولاية صوت واحد. اما بالنسبة لنائب الرئيس في حالة عدم حصول اي مرشح على الاغلبية يختار مجلس الشيوخ من بين مرشحين اثنين حاصلين على اعلى عدد من الاصوات.

- بت مجلس النواب مرتين في اختيار الفائز بالرئاسة في انتخابات عام 1800 وعام 1824 . كما بت مجلس الشيوخ في اختيار النائب مرة واحدة في انتخابات عام 1836 .

- هذا النظام الفريد توصل اليه واضعو الدستور الامريكي في القرن الثامن عشر كحل وسط بين من يريدون انتخابات شعبية مباشرة وبين من يريدون اعطاء هذا الحق للمجالس التشريعية في الولايات. وأرجع ذلك الى الخوف في وقت ما قبل تشكل الاحزاب الى تشتت الاصوات بشكل غير عملي بين عدد كبير من المرشحين.

وفي مجلس الشيوخ.. انتخابات تاريخية ايضاً

وستُجرى انتخابات مجلس النواب الأمريكي على 35 مقعد من أصل 100 مقعد إجمالي عدد مقاعده، بالتزامن مع انتخابات مجلس النواب والانتخابات الرئاسية في الرابع من نوفمبر.

وتتفق كثيرٌ من التحليلات في أن الديمقراطيين سيعززون من مكانتهم في الانتخابات القادمة، ولكن ثمة اختلاف بين تلك التحليلات في تحقيق الديمقراطيين الأغلبية التي تسمح لهم بتمرير القوانين أو الاعتراض عليها في مجلس الشيوخ الذي تُتخذ فيه كثير من القرارات المهمة بأغلبية الثلثين لا بالأغلبية البسيطة. فأغلبية التحليلات ترى أن الأمر لا يعدو سوى مزيدًا من المقاعد يحصدها الديمقراطيين دون أن تمنحهم التفويض الكامل لإدارة مجلس الشيوخ. بحسب موقع تقرير واشنطن.

انقسام حول تحقيق الأغلبية الديمقراطية

يملك الحزب الديمقراطي حاليًا 49 مقعدًا من مقاعد مجلس الشيوخ شأنه شأن الجمهوريين، لكن اثنين من النواب المستقلين في المجلس هما بيرني ساندرز عن ولاية فيرمونت وجوزيف ليبرمان عن ولاية كونيكتيكت عادة ما يصوتون بجانب الديمقراطيين.

وتأثرًا بالقضايا التي تحكم اهتمامات الناخب الأمريكي الآن مع تفجر الأزمة المالية وتدني الوضع الاقتصادي الأمريكي ودخوله في حالة من الركود، بجانب الوضع المتدهور في العراق وأفغانستان وتدني شعبية الرئيس الأمريكي جورج بوش والحزب الجمهوري بشكل عام، فإن المحلل السياسي ستيوارت روثنبرج Stuart Rothenberg يذهب إلى توقع فوز الديمقراطيين بأغلبية 60 مقعد في مجلس الشيوخ. ويمثل هذا العدد من المقاعد الحد الأدنى لفرض الأجندة الديمقراطية ومعارضة أي قرار جمهوري بالمجلس فضلاً عن منع المعارضة (الجمهوريين) من الاعتراض المنهجي الذي يطلق عليه اسم "فيليبوستر Filibuster" وهو إجراء يعطي أعضاء الشيوخ الحق في عرقلة أو تأخير عمليات التصويت.

وعلى النقيض يرى عدد من المحللين أن الديمقراطيين لن يحصلوا على ذلك العدد الحاسم من المقاعد، مرجعين ذلك إلى أن الحزب الديمقراطي وبعد مرور عامين على تحقيقه الأغلبية في أول كونجرس ديمقراطي منذ عام 1994 بعد عقد من سيطرة الجمهوريين لم يفِ بتطلعات الناخبين التي وعد بها، كما أنه أخفق فيما أعلنه سابقًا بتصحيح المسار الأمريكي في العراق، حيث لم ينجح الكونجرس الديمقراطي في الضغط على الإدارة الأمريكية للانسحاب من العراق. وذهبت بعض الأصوات إلى القول بأن الإنجاز الحقيقي والواضح للحزب الديمقراطي هو السابقة التاريخية لتولي نانسي بيلوسي رئاسة مجلس النواب كأول سيدة في هذا المنصب.

ويتفق المحلل السياسي جون بيتي مع هذا الرأي حيث يرى أن الحزب الديمقراطي لن يصل لأغلبية الـ60 مقعد في الشيوخ، حيث سيبدى تخوفًا من تمركز الثقل التشريعي في الحزب الديمقراطي وحده. كما أن هذه الأغلبية الحاسمة حتى وإن تحققت ستجعل الحزب الديمقراطي في ورطة حيث إن الأمور الاقتصادية لو ساءت كما هو متوقع فلن يجد الحزب أحدًا يلقي عليه المسئولية.

وكانت آخر مرة حقق فيها واحد من الحزبيين الكبيرين الأغلبية بمجلس الشيوخ، أي الفوز بـ 60 مقعدًا، في عام 1976 عندما فاز الديمقراطيون بـ 62 مقعدًا كما فازوا وقتها بثلثي مقاعد مجلس النواب أيضًا البالغة 435 مقعدٍ.

ارتفاع حظوظ الديمقراطيين

ومن بين الـ35 مقعدًا بمجلس الشيوخ التي ستُجرى الانتخابات عليها في 4 نوفمبر المقبل يشغل الجمهوريون 23 مقعدًا مقابل 12 للديمقراطيين، وجرت العادة على أن النواب أو الشيوخ الذين سعوا لإعادة انتخابهم في مناصبهم غالبًا ما نجحوا في ذلك.

ويمتلك الديمقراطيون فرصة حقيقية للسيطرة على 5 مقاعد جمهورية، بانتزاع مقعدي تيد ستيفنس Ted Stevens عن ولاية ألاسكاAlaska ، وجون سانيوني John E.Sununu عن ولاية نيوهامشيرNew Hampshire ، والاستحواذ على المقاعد التي ستكون شاغرة بعد تقاعد نوابها وهم واني ألاردWayne Allard عن ولاية كولورادو Colorado، وبيتي دومنسي Pete Domenici عن ولاية نيومكسيكو New Mexico، وجون وارنر John Warner عن ولاية فيرجينيا Virginia. وهناك مقعدان جمهوريان آخران سيشغران بتقاعد النائبين لاري كاريج Larry Carig عن ولاية أيداهوIdaho ، وتشيك هاجلChuck Hagel عن ولاية نبراسكا Nebraska .

وتُشير استطلاعات الرأي إلى أن الديمقراطيين يقتربون أكثر في ولايات مينسوتا Minnesota، ونورث كارولينا North Carolina، أوريجون Oregon . وفي المقابل يبدو هناك تحديًا كبيرًا أمام النائبة الديمقراطية ماري لاندريو Mary L. Landrieu التي تواجه منافسة ضارية مع الجمهوري جون نيلي كينيدي John Neely Kennedy.

وفي ولاية أيوا لا يشكو الناخبون من عدم وضوح اختيارهم في السباق على المقعد الذي يشغله السيناتور توم هاركين Tom Harkin، حيث تميل كفة الأخير بقوة أمام منافسه المرشح الجمهوري كريستوفر ريد Christopher Reed ، فهما يختلفان في النواحي السياسية والشخصية، لكنهما يتفقان في شيء واحد فقط، هو التغيير.

ويقول هاركين " الشعب الأمريكي بكل طبقاته متعطش للتغيير"، فيما يقول منافسه " إن أمريكا تعرضت للكسر وليس هناك وسيلة لإصلاحها عن طريق إعادة انتخاب الشخص ذاته لفترة خامسة". ويعتبر هاركين أكثر سيناتور ديمقراطي ناجح في تاريخ الولاية. فقد تم انتخابه عام 1974 في هذه الولاية التي كانت معقل الجمهوريين. وتقول صحيفة شيكاغو تريبيون: إن الحزب الجمهوري غير قادر على إيجاد اسم كبير يتحدى الديمقراطيين في هذه الولاية.

أما في ولاية نورث كارولينا فإن السباق نسائي مائة بالمائة حيث تشتعل المنافسة بين المرشحة الجمهورية إليزابيث دويل Elizabeth Dole72 عامًا ومنافستها الديمقراطية كاي هاجان Kay Hagan 55 عاما، السيناتور طيلة 10 أعوام. ورغم تقارب السباق حيث تتمتع السيدتان بالذكاء ولديهما علاقات وطيدة في الولاية

إلا أن الصحف المحلية في الولاية تدعم هاجان، حيث يعتبرونها تعطي المواطن الأمريكي الأمل بتفاعلها وتأثيرها وقربها من الحياة اليومية للمواطنين في الولاية.

قضايا محور الانتخابات

وفيما يتعلق باهتمامات الناخبين والتي ستحسم انتخابات مجلس الشيوخ، فإنه رغم أن الأزمة المالية والأوضاع الاقتصادية المتدهورة انتزعت صدارة المشهد الانتخابي للمرشحين فإن الحرب على العراق وأفغانستان ما تزال محور حملة ثلاثة مرشحين للشيوخ في ولاية منيتسوتا Minnesota، فقد كانت محور المناظرة التي أجريت بين أل فرنكلين Al Franken الديمقراطي، والمرشح المستقل دين باركلي Dean Barkley، والنائب الجمهوري الحالي عن الولاية نورم كولمان Norm Coleman.

واتفق المرشحون الثلاثة على ضرورة سحب القوات الأمريكية من العراق، لكنهم اختلفوا في كيفية تطبيق ذلك. فقد اعتبر فرانكلين أن الحرب "خطأ مأساوي" ووضع اللوم على السيناتور كولمان. ووفقًا لفرانكن ، فإن الحرب لا يمكن كسبها وأن ما يجب على الأمريكيين القيام به هو أن يخرجوا الآن من العراق.

وطالب فرانكلين واشنطن بالحصول على ما اسماه "قفزة دبلوماسية" من الدول المحيطة بالعراق، معتبرًا أنها "الطريقة الوحيدة بجانب أن نخبرهم بأننا مغادرون".

أما المرشح المستقل باركلي فهو يرى ضرورة سحب القوات الأمريكية ولكنه يحذر من القيام بهذه الخطوة على نحو متسرع. ويرى ضرورة تقديم الولايات المتحدة المساعدة لإعادة بناء المجتمعات، قائلاً: "إن الحل طويل المدى في أفغانستان هو بناء المدارس، وليس إلقاء قنابل".

ويعتقد السيناتور نورم كولمان أن الحرب على الإرهاب يمكن الفوز بها، فيقول: "يجب أن نفوز بها وذلك عن طريق تدعيم المعتدلين ليس فقط بالقوة العسكرية ولكن من خلال المعونات، والدبلوماسية الهادئة التي يمكن من خلالها هزيمة التطرف".

وبجانب القضية العراقية، سيطرة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها الولايات المتحدة على سباق مجلس الشيوخ لاسيما بعد الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها واشنطن حاليًا، بجانب العديد من القضايا الاقتصادية الأخرى كالبطالة والضرائب والرعاية الصحية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 3/تشرين الثاني/2008 - 4/ذي القعدة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م