الاتفاقية الامنية: رسالة امريكية إذا فشل الاتفاق فلا أمن ولا اقتصاد ولا مؤسسات

دول الجوار تتطلع عليها وواشنطن تهدد بسحب مليارات الدولارات و200 ألف وظيفة

اعداد: صباح جاسم

  

شبكة النبأ: طلبت بغداد في التعديلات الاخيرة التي فرضتها على المعاهدة الامنية مع الولايات المتحدة منع القوات الامريكية من شن هجمات انطلاقا من الاراضي العراقية على الدول الاخرى، كما طالبت أيضا بمزيد من التضييق على الحماية التي يتمتع بها الجنود الامريكيون الذين يرتكبون جرائم في العراق مستقبلاً، واضافة الى ذلك اعلنت حكومة بغداد عن نيّتها إطلاع حكومات الدول المجاورة على الاتفاقية!!!

ولكن هذه الامور يبدو انها اصبحت حلقة ضمن سلسلة طويلة تريد الحكومة العراقية تضييق الخناق بها على رقبة الامريكيين وبالذات الجمهوريين منهم، الذين اصبحوا اقرب الى الهزيمة الداخلية من الفوز، وقد تبخّرت آمالهم في الانتهاء من المعاهدة قبل الانتخابات كي تّحسَب لهم كمنجز استراتيجي يضيف لهم بعض النقاط التي هم في أمسّ الحاجة اليها. فيما يُعتبر فرض الرؤى العراقية هذه ضمن الاتفاقية انجازاً تاريخيا ونصرا للسياسة العراقية وقت الحصاد..

فقد قال بيان صادر عن مجلس الوزراء العراقي ان رئيس الحكومة نوري المالكي قرر اطلاع دول الجوار على الاتفاقية الامنية بعد تسلم رد الولايات المتحدة على التعديلات الأخيرة التي قدمتها الحكومة.

وقال البيان ان المالكي تلقى اتصالا هاتفيا من الرئيس التركي عبد الله جول حيث أطلعه "على آخر ما وصلت اليه المفاوضات بين العراق والولايات المتحدة الامريكية حول الاتفاقية الامنية."

واضاف البيان ان المالكي اكد للرئيس التركي "انه سيبعث وفودا الى دول الجوار ومنها تركيا لعرض الاتفاقية الامنية بعد استلام رد الولايات المتحدة على التعديلات التي وضعتها الحكومة العراقية على الاتفاقية."

وتسعى الادارة الامريكية والحكومة العراقية حاليا الى التوصل الى اتفاقية امنية من شانها توفير الغطاء القانوني لبقاء القوات الامريكية في العراق بعد انتهاء تفويض الامم المتحدة لهذه القوات نهاية العام الحالي.

وكانت الحكومة العراقية اعلنت قبل يومين انها اجرت تعديلات أساسية على مسودة الاتفاقية وانها ارسلتها للفريق المفاوض الامريكي من اجل دراستها وبيان الموقف منها. ولم يعلن الطرف الامريكي موقفه من هذه التعديلات حتى الآن. بحسب رويترز.

وطلبت بغداد في التعديلات منع الولايات المتحدة من شن هجمات انطلاقا من الاراضي العراقية على الدول الاخرى كما طالبت بغداد أيضا مزيدا من التضييق على الحماية التي يتمتع بها الجنود الامريكيون الذين يرتكبون جرائم في العراق.

وكان الجيش الامريكي في العراق قد شن قبل أيام غارة جوية على قرية حدودية سورية أدت الى مقتل ثمانية أشخاص وهو ما أثار حفيظة الدول المجاورة للعراق وخاصة ايران التي تخشى احتمال ان يتخذ الجيش الامريكي من الاراضي العراقية نقطة انطلاق لشن عمليات مسلحة ضدها.

وكانت ايران وهي احدى دول الجوار العراقي قد عبرت عن قلقها ومعارضتها لأي اتفاقية أمنية بين الحكومة العراقية والادارة الامريكية من شأنها ان تفتح الطريق لتواجد القوات الامريكية في العراق.

وقال البيان ان الطرفين اكدا خلال الاتصال الهاتفي "ضرورة استمرار التعاون والتنسيق لمواجهة العمليات الارهابية التي يقوم بها حزب العمال الكردستاني."

واشنطن تهدد بسحب 23 بليون دولار وخسارة العراق مئتي ألف وظيفة

وعلمت صحيفة الحياة من مصادر موثوق بها أن واشنطن بعثت برسالة إلى الحكومة العراقية تحذرها من مغبة عدم توقيع مسودة الاتفاق الأمني. وفي تهديد صريح للعراق، رسمت الإدارة الأميركية صورة قاتمة للوضع في حال عدم التوقيع على الاتفاق، متوعدة بوقف تعاونها في كل المجالات مع بغداد.

وبحسب المصادر، توزعت هذه الرسالة على ثلاثة أبواب، أمني واقتصادي ومؤسساتي، وفقاً للعناوين الآتية: «لا اتفاق على وضع القوات (يعني): مخاطر على الأمن والاستقرار»، و «لا اتفاق على وضع القوات: مخاطر على الأعمال والاقتصاد»، و «لا اتفاق على وضع القوات: مخاطر على تطور المؤسسات العراقية».

واكدت المصادر أن الرسالة أوضحت في باب التهديدات الأمنية، أن عدم التوقيع على الاتفاق يعني انكفاء القوات الأميركية عن المساعدة «في دحر أعداء العراق»، ما يعني وقف «عمليات مكافحة الإرهاب والقاعدة والجماعات الخاصة وتهديدات أخرى، فضلاً عن عدم المساعدة في عمليات مكافحة التمرد ضد جماعات خارجة على القانون وعناصر النظام السابق وعمليات ضد الشبكات اللوجستية والمالية والمعلوماتية للإرهابيين».

وهددت الرسالة أيضاً، بوقف المساعدة الأميركية للقوات العراقية في حماية البلاد، عبر رفع الغطاء الجوي على مدار 24 ساعة يومياً، وتجميد حماية البحرية الأميركية للمياه العراقية، لا سيما في ميناء أم قصر ومرفأين لشحن النفط، بالإضافة الى اطلاق المعتقلين لدى القوات الأميركية وتجميد التعاون الاستخباراتي وعمليات مراقبة ورصد العبوات ومخازن الأسلحة.

وفي الباب الثاني المخصص للتهديدات الاقتصادية، لوحت الرسالة الأميركية بجملة اجراءات على رأسها وقف الحماية الأمنية الأميركية لفرق إعادة الإعمار، وإنهاء مشاريع إعمار بقيمة 4.9 بليون دولار، وإلغاء مشاريع لإعمار البنى التحتية للملاحة الجوية في العراق بقيمة مئتي مليون دولار، اضافة الى وقف استثمارات ومشاريع أميركية بقيمة 23 بليون دولار.

وتابعت المصادر أنه لوضع النقاط على الحروف، وتقديم صورة أوضح لما سيكون عليه الوضع الاقتصادي العراقي، أكدت الرسالة الأميركية، أن مئتي ألف عراقي سيخسرون وظائفهم بعد تنفيذ التهديدات الأميركية في حال عدم توقيع الاتفاق.

أما الآثار المترتبة على المؤسسات العراقية، فشملت وقف الحماية والدعم الأميركيين للمنظمات الدولية العاملة في العراق، ما يعني عملياً انسحاب بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، ونهاية مهمة بعثة الحلف الأطلسي لتدريب القوات العراقية، والتي تخرج سنوياً ستة آلاف شرطي. وعلى صعيد عمليات التنمية المحلية، أكدت المصادر ذاتها، أن الادارة الأميركية تتوقع انسحاب فرق إعادة الإعمار من المحافظات، بعد رفع الحماية الأمنية الضرورية، وسينعكس ذلك سلباً على التنمية الاقتصادية والخدماتية والموازنات المحلية وحكم القانون.

وسيعني توقف الحماية الأمنية أيضاً، وقف المنظمات غير الحكومية نشاطاتها، لا سيما منظمة الاغاثة الأميركية «يو أس إيد» التي توفر خدمات أساسية ودعماً للنازحين داخل العراق، علاوة على برامج توظيفية. وسترفع أيضاً الحماية الأمنية الأميركية عن المحاكم والقضاة في الرصافة والرمادي.

وشملت التهديدات الأميركية أيضاً عرقلة الدعم الدولي للعراق في اطار برنامج «كومباك»، وعرقلة التقدم الذي حققته بغداد أخيراً على صعيد علاقاتها الديبلوماسية، خصوصاً مع الدول المجاورة، لأن المخاطر المترتبة على أمن البلاد في حال عدم توقيع الاتفاق ستؤثر سلباً في مهمات البعثات الديبلوماسية ومشاريع بناء سفارات جديدة، على ما قالت المصادر.

المجلس التنفيذي يشدد على توافق الاطراف العراقية الرئيسية

من جهتهت أعرب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عن استعداد حكومته للبحث في حل وسط لتسوية الخلاف مع الولايات المتحدة حول الاتفاق الأمني الذي شملت التعديلات التي أدخلتها بغداد عليه تغيير سمه الى «اتفاق سحب القوات»، فيما أكد المجلس التنفيذي الذي يضم رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية ونائبيه ان مصير الاتفاق سيكون «توافقيا ولن يخضع لإرادة جهة واحدة».

ويعتقد في بغداد ان وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ستزور العراق، في نطاق جولة في المنطقة، ستكون زيارتها حاسمة لجهة توضيح الردود الأميركية النهائية على التعديلات، على رغم تشكيك رئيس اقليم كردستان في امكان إبرام الاتفاق مؤكدا تعرض العراقيين لـ «ارهاب فكري» لإجبارهم على رفضه.

واعلن المالكي بعد لقائه رئيس «المجلس الاعلى» عبدالعزيز الحكيم أن حكومته قررت تغيير اسم «الاتفاق الأمني» إلى «اتفاق سحب القوات الأميركية». بحسب تقرير لصحيفة الحياة.    

وكان اجتماع لـ «المجلس التنفيذي» الذي يضم بالاضافة الى المالكي، رئيس الجمهورية جلال طالباني ونائببيه، السني طارق الهاشمي والشيعي عادل عبدالمهدي، خلص الى أن «الأجواء إيجابية» في ما يتعلق بالمواقف الداخلية التي ظلت متباينة طوال أسابيع.

ونقل بيان الهاشمي قوله، ان الاجتماع «شدد على ان يستند أي قرار يتخذه العراق على التوافق الوطني وان لاينفرد اي طرف بالموافقة أوالرفض». أما عبدالمهدي فقال إن «المجلس التنفيذي اتفق على الطريقة التي يجب اعتمادها في التعامل مع الاتفاق، خصوصاً بعد ان وصلت التعديلات الى الجانب الاميركي»، واكد ضرورة «التفكير بالطرق كافة للتعامل مع هذا الموضوع».

المالكي قال بعد الاجتماع، ان المجلس «تداول الورقة المقدمة لتعديل الاتفاق و ناقش الخطوات اللازمة» من دون أن يوضح ماهيتها، مشيراً الى «أجواء ايجابية بالتفاهم الوطني وتقارب كبير في وجهات النظر». وزاد ان الجانب الاميركي لم يقدم جوابه النهائي حول تلك التعديلات.

وكان طالباني شدد، خلال لقاء مع السفير الأميركي في بغداد ريان كروكر الخميس على أهمية توقيع الاتفاق  وقال انه «سيحقق مكاسب للشعب العراقي».

وقالت مصادر سياسية لـ «الحياة» امس ان التعديلات التي ارسلها مجلس الوزراء تركزت حول موضوع سحب القوات والصلاحيات القضائية والبريد، اعقبها تأكيدات عراقية واميركية لإمكان تقديم تنازلات متبادلة او الاستعداد للبحث في حلول توافقية.

وزار وفد يرأسه رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني ونائب رئيس الوزراء برهم صالح واشنطن، ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن بارزاني قوله ان «الكثير من الاطراف العراقية لا يستطيع اعلان مواقفه الحقيقية المؤيدة للاتفاق بسبب الارهاب الفكري الذي يتعرض له وخشية اتهامه بالولاء للولايات المتحدة»، مشككا في امكان اقرار الاتفاق.

واكدت المصادر ان الاجواء السياسية في العراق تتجه الى تأجيل ابرام الاتفاق، الى ما بعد ظهور نتائج الانتخابات الاميركية، على رغم وجود بوادر لقبول حلول وسط حول المواد مثار الخلاف. واشارت الى ان الضغوط التي توجه الى حكومة المالكي لتأجيل المصادقة على الاتفاق او الغائه ليست ايرانية فحسب، وان الوسط السياسي المقرب من المرشح الديموقراطي باراك أوباما يمارس ضغوطا بهذا الاتجاه مقابل وعود بتقديم صورة لحل اميركي شامل للانسحاب بعد نهاية الانتخابات.

وتؤكد المصادر ان المالكي لا يعتقد بأن مرحلة ما بعد الادارة الاميركية الحالية ستكون افضل لجهة ضمان المصالح العراقية في أي اتفاق.

وكان المالكي قال في مقابلة نشرتها صحيفة «نيويورك صن» امس إن حكومته «مستعدة لحل وسط من أجل إبرام اتفاق أمني مع واشنطن وان العراق ما زال في حاجة الى القوات الاميركية على رغم تراجع العنف.

وجاءت تصريحات المالكي بعد يوم من إبداء الرئيس جورج بوش تفاؤلا في امكان توقيع الاتفاق على رغم قائمة المطالب العراقية الجديدة، مؤكدا انه ما زال واثقا من تمريره.

خبراء: عدم توقيع الاتفاقية مع أمريكا يضر باقتصاد العراق

واتفق خبيران بالشأن الاقتصادي العراقي، على إن عدم توقيع الاتفاقية الأمنية بين العراق والولايات المتحدة يسبب ضررا اقتصاديا كبيرا على العراق لأنه سيفقد الحماية على أمواله، فيما رأى باحث أن العراق لن يتضرر لان أمواله محمية بقرار أممي وليس أمريكي.

ويقول نائب رئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان العراقي يونادم كنا أن “التأثير الاقتصادي على العراق سيكون كبيرا جدا لأنه في حال عدم توقيع الاتفاقية وعدم وجود قرار دولي يحمي ثروة العراقي بعد 31 ديسمبر” معللا ذلك بان العراق “سيواجه صعوبات جمة ومطالبات بترليونات الدولارات من الديون والتعويضات المجحفة التي قضت بها محاكم اثر غزو العراق للكويت أوائل التسعينات من القرن الماضي”.

ويتفاوض الجانبان العراقي والأمريكي بشأن إبرام اتفاقية أمنية طويلة الأمد بينهما، تحدد الطبيعة القانونية لوجود الجيش الأمريكي على الأراضي العراقية بعد نهاية العام الجاري حيث سينتهي التفويض الدولي الممنوح للجيش الأمريكي في العراق من الأمم المتحدة بموجب قرار من مجلس الأمن.

وأضاف كنا لـ اصوات العراق ان عدم التوقيع على الاتفاقية “قد يقود إلى فوضى أمنية وهو الأمر المدمر للاقتصاد العراقي، فمن غير الممكن أن يكون هناك انتعاش اقتصادي في ظل الفوضى.

وأشار الى ان الفوائد الاقتصادية للتوقيع على الاتفاقية تتلخص في كون ” الولايات المتحدة دولة عظمى ولها دورها الواضح والكبير في مجلس الأمن وستسعى الى استصدار قرار جديد لحماية ثروة العراق ومن ثم حماية الاموال العراقية الموجودة في الولايات المتحدة.

ولفت الى ان “الكونغرس الأمريكي قضى بأن يتم صرفه الأموال العراقية الموجودة في الفيدرالي الامريكي لشركات امريكية إلا ان الرئيس الامريكي جورج بوش استخدم الفيتو ضد القرار” وفي حالة عدم التوقيع فان الولايات المتحدة غير ملزمة بحماية اموال العراق” ناهيك عن خسارة العراق لمبلغ 16 مليار دولار خصصته الولايات المتحدة لمساعدة العراق قسم منه للتسليح والقسم الآخر لمشاريع اخرى.

 وحول الوضع المتوقع بعد عدم التوقيع يقول كنا “لربما يستمر قرار الامم المتحدة السابقة باعتبار العراق تحت الفصل السابع ويبقى بحاجة الى قوات متعددة الجنسية، وسيستمر العراق اقرب الى الدولة المحتلة الى ان يكون قادر على القيام بكل مهامه دون الحاجة الى دعم اممي”.

وتتضمن المواد المتعلقة بالجانب الاقتصادي من الاتفاقية  مساعدة العراق للخروج من الفصل السابع واسترداده لمكانته القانونية قبل قرار مجلس الامن 661 لعام 91 ليصبح مستقلا بشكل كامل باتخاذ قراراته السياسية والاقتصادية وكل السياسات المتعلقة بمستقبل العراق.

كما تتضمن وعود أمريكية بالسعي من اجل الوصول الى قرار نهائي بشأن مطالبات التعويض التي ورثها العراق ولم يتم البت بها بعد، بما في ذلك المتطلبات المفروضة على العراق من قبل مجلس الامن الدولي.

ويتفق الباحث الاقتصادي عبد الجبار الحلفي مع كنا ويقول أن العراق “سيتكبد أعباء اقتصادية  جديدة في حالة عدم توقيعه الاتفاقية ” مشيرا إلى إن “قرار مجلس الأمن  المرقم 1790 بولاية الأمم المتحدة على ثروات  حفظت حقوق العراق المالية من مطالبات الدول الأخرى فيما يتعلق بالتعويضات”

واستطرد “لذلك اذا لم توقع الاتفاقية فستكون هناك اعباء جديدة على الميزانية العراقية والبنك المركزي لان الاحتياطي العراقي في البنك المركزي  سيكون في حالة انكشاف اقتصادي بالنسبة للدول  التي لها تعويضات على العراق”.

واشار الحلفي  الى ان “الكويت لوحدها تطالب بمبلغ 1،5 مليار دولار فقط للخطوط الجوية الكويتية ورفضت عرض العراق بتعويضها بمبلغ 500 مليون دولار” فإذا ما انكشف العراق اقتصاديا ورفعت عنه الوصاية فان الضرر سيكون بالغ جدا وسيلحق بالمواطن العراقي على وجه الخصوص  لان الميزانية ستتضرر بشكل كبير”.

يذكر أن الديون المترتبة على العراق لكل من الكويت والسعودية تصل إلى ما يقرب من 20 بليون دولار , فيما الغت دولة الامارت كامل ديونها على العراق البالغة نحو ثلاثة بلايين دولار.

وبعكس الرأيين السابقين يرى الدكتور هلال الطعان انه في حالة عدم توقيع الاتفاقية فان العراق  “لن يواجه أية مشاكل”  لان الأموال العراقية “مدعومة ومحفوظة بقرار من مجلس الامن الدولي وفيه خمس دول دائمة العضوية و15 دولة غير دائمة هي التي قررت حماية تلك الاموال والولايات المتحدة ليست العضو الوحيد”.

ويضيف الطعان لـ(اصوات العراق) انه يجد في الاتفاقية سلبيات اقتصادية وهي انها “لم تنص على ان صندوق تنمية العراق هو ملك للعراق” مطالبا بـ” تعديل على قرار مجلس الامن الدولي المرقم 1483 ليحدد بصراحة عائدية الصندوق” .

وبحسب الطعان فان الاتفاقية “لم تشر الى معالجة موضوع التعويضات لدول الخليج العربي”  ويرى ان “الشيء الايجابي الوحيد في الاتفاقية هي ان امريكا تلتزم بمساعدة العراق للخروج من مازق الديون بحسب ما جاء في المادة 27 الفقرة باء وهذا معناه تعديل قرار مجلس الأمن 687، الا ان الاتفاقية لم تنص على تعديل هذا القرار بشكل صريح”.

إمكانية استئناف المفاوضات حول الاتفاقية “ضعيفة للغاية”

من جهة ثانية ذكرت صحيفة سيراكيوز Syracuse الامريكية، ان آمال ادارة بوش بشأن عقد الاتفاقية الامنية مع العراق، تضاءلت مع طلب العراقيين اجراء تغييرات جديدة عليها، يرى مسؤولون امريكيون غير مقبولة، ما يجعل إمكانية استئناف المفاوضات “ضعيفة للغاية”.

ونقلت الصحيفة عن متحدث باسم الخارجية الامريكية، روبرت وود، قوله ان “نافذة أي نوع من المناقشات، او المفاوضات تنغلق سريعا”. مشيرا الى ان مسؤولين امريكيين “يواصلون مراجعة التغييرات العراقية المقترحة”، مكررا تأكيد الادارة ان المسودة الموجودة حاليا “نص جيد”.

الا ان المتحدث الامريكي أكد، بحسب الصحيفة، ان التوصل الى الاتفاقية التي تحكم وجود القوات الامريكية في العراق “ما زال ممكنا بنهاية العام الجاري”، وفي الوقت نفسه، كما تواصل الصحيفة، “تربك التعديلات العراقية المقترحة مسؤولي الادارة بعد ان انجز المفاوضون نص المسودة”. وتتضمن التعديلات ولاية قضائية عراقية واسعة على القوات الامريكية، والغاء بند يسمح للقوات الامريكية بالبقاء بعد العام 2011.

وحتى لو تم التوصل الى حل وسط بشان تلك القضايا، كما ترى الصحيفة، فـ”ليس مضمونا ان يصادق البرلمان العراقي على الاتفاقية”، التي تعرف اختصارا باسم صوفا. “وفي حال الفشل في سد الثغرات بين الجانبين، فهناك خياران فقط هما: تمديد وصاية الامم المتحدة الى ما بعد 31 من كانون الاول ديسمبر المقبل، او تعليق جميع العمليات الامريكية في العراق”.

ويتفاوض الجانبان العراقي والأمريكي بشأن إبرام اتفاقية أمنية طويلة الأمد بينهما، تحدد الطبيعة القانونية لوجود الجيش الأمريكي على الأراضي العراقية بعد نهاية العام الجاري حيث سينتهي التفويض الدولي الممنوح للجيش الأمريكي في العراق من الأمم المتحدة بموجب قرار من مجلس الأمن.

ونقلت الصحيفة عن السكرتير الاعلامي للبيت الابيض دانا بيرينو، قولها “انا اعتقد ان من الصعب تمريرها بالنسبة للعراق”، في اشارة الى ما ذكره رئيس اقليم كردستان الذي يزور الولايات المتحدة حاليا، عندما اعرب عن “شكوكه في تمكن الحكومة العراقية والبرلمان تمريرها بنهاية العام الحالي”.

وكان مسعود بارزاني ابدى شكوكه لصحيفة واشنطن بوست Washington Post في امكانية المصادقة على الاتفاقية الامنية بين بغداد وواشنطن، مبررا ذلك بأن الكثير من الاطراف العراقية ما زالت لا تستطيع اعلان مواقفها الحقيقة تجاه هذه الاتفاقية.

الا ان رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي شدد في لقاء معه امس الخميس، على ضرورة التوصل الى الاتفاقية واصفا التوصل الى ابرامها “مسعى وطنيا، ومهمة وطنية وتاريخية” مضيفا “انها اتفاقية مهمة لانها تنطوي على استقرار وامن البلاد ووجود القوات الاجنبية، وفيها بعد تاريخي”.

واوضحت بيرينو، حسب ما تذكر الصحيفة، “لو كان الامر سهلا لانتهى الامر من قبل”، واشارت الى انه “لو نظرنا الى الوضع لتأكد لدينا ان غدا سيخرج سياسي عراقي اخر او زعيم ليعرب عن مشاعر مختلفة عما سبق، وهذا امر يكثر علنا في الجانب العراقي”.

الا ان بيرينو قالت ان الادارة “ما زالت متفائلة وواثقة من قدرتها على التوصل الى اتفاقية مع العراقيين، لكنه لن يكون حلا وسطا يقوض مبادئ الاتفاقية”.

وفي معرض اجابتها عن سؤال، عن الوقت الذي ستقرر فيه الادارة التحرك باتجاه الحصول على تمديد لوصاية الامم المتحدة، اجابت بيرينو “انا لن ادلي بالبدائل المتوقعة، لان تركيزنا الوحيد الان هو العمل على ما بين ايدينا”.

ورفض كل من البيت الابيض ووزارة الخارجية والبنتاغون، امس الخميس مناقشة اية بدائل ممكنة لتأمين الاتفاقية، قائلين انهم ما زالوا يراجعون التعديلات العراقية المقترحة التي تلقوها أول امس الاربعاء.

الا ان مسؤولين امريكيين اشاروا، كما تذكر الصحيفة، الى ان المفاوضات التي ابتدأت من ايار مايو الماضي حتى مطلع الشهر الجاري، “من الممكن ان تستأنف”، مع انهم “شددوا على انهم لا ينظرون حاليا في موضوع تمديد وصاية الامم المتحدة”.

الأديب: السيستاني ثابت على موقفه والمؤشرات الامريكية تجاه التعديلات إيجابية

وفي سياق ذي صلة مباشرة كشف القيادي في الائتلاف العراقي  الموحد علي الاديب، ان المرجع الاعلى السيد علي السيستاني أكد له ثبات موقفه بشأن الاتفاقية الامنية، والذي يقضي بإحالة أمر اقرارها او رفضها للمؤسسات التشريعية والتنفيذية ورأي الشعب العراقي فيها، مبينا في الوقت نفسه أن هناك دلائل على رغبة الجانب الامريكي على قبول التعديلات العراقية على بنود الاتفاقية.

وقال الاديب الذي يعد ابرز حلفاء رئيس الوزراء نوري المالكي، لـ اصوات العراق إن “المرجع الاعلى آية الله العظمى السيد علي السيستاني، جدد موقفه الثابت من الاتفاقية الامنية مع الولايات المتحدة والذي يقضي بإحالة أمر اقرارها او رفضها من قبل المؤسسات التشريعية والتنفيذية، فضلا عن رأي الشعب العراقي”، مبينا ان المرجع السيستاني “لا يسعى الى التدخل في موضوع يحتاج الى توافق وطني واسع لاقراره، رغم تأكيده على ضرورة ان يكون القرار العراقي المتعلق بالاتفاقية نابعا من المصلحة الوطنية العليا وليس على اساس القناعات الحزبية والفئوية الضيقة”.

وكان الاديب قد زار مع النائب الاول لرئيس البرلمان خالد العطية، المرجع السيستاني في مقره بالنجف، وتباحث معه حول اخر التطورات السياسية في العراق، دون ان يدلي للاعلاميين بأية تفاصيل حول ما جرى في اللقاء الذي استمر قرابة الساعتين.

واضاف الاديب ان من بين التعديلات التي يريد العراق تثبيتها، هو ان “يكون للعراق الحق في تفتيش وسائط النقل الامريكية من طائرات ومركبات، وما تحويه من بضائع تدخل او تخرج من البلاد”.

واثارت الاتفاقية جدلا واسعا بين الأوساط الشعبية والسياسية المحلية، ففي حين يقول مسؤولون حكوميون ان الجانب الامريكي قدم تنازلات كبيرة للوصول الى مسودة نهائية للاتفاقية، يرى سياسيون انها تحتوي على بنود تمس بسيادة واستقلال العراق.

ممثل السيستاني ينفي ان يكون المرجع اجاز توقيع الاتفاقية الامنية

وفي نفس السياق نفى ممثل المرجع الشيعي الأعلى السيد علي السيستاني في كربلاء، ان يكون المرجع قد اجاز توقيع الاتفاقية الامنية بعد الانتخابات المحلية القادمة.

وقال السيد احمد الصافي في خطبة الجمعة بالصحن الحسيني ان “سماحة السيد السيستاني لم يجز توقيع الاتفاقية الامنية بعد الانتخابات المحلية القادمة… وانه ينبغي على الاعلام الايجابي ان يكون بمستوى مسؤولية ما يجري في العراق”.

واضاف “لم يتغير شيء مما ذكرناه سابقا من حتمية الحفاظ على ثوابتنا الوطنية فيما يتعلق بسيادة العراق” في رد على الانباء لتي ترددت عن ان المرجع السيستاني اجاز توقيع الاتفاقية مع واشنطن.

وتساءل الصافي “لا اعلم لماذا السباق حول التصريح بمسائل جوهرية وحساسة” متهما من يبث هذه المسائل بانها “تتصيد بالماء العكر”.

وقال ان “مثل هذه التصريحات تصنف اما في خانة الافتراض او في خانة الكذب المتعمد او في خانة الاشتباه او اثارة النزعات”

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 3/تشرين الثاني/2008 - 4/ذي القعدة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م