الخَمر.. أصل الرذيلة القديم الجديد

إدراك جديد لخطورة المشكلة التي شَخّصها الإسلام قبل 1400عام

 

شبكة النبأ: رغم ما تبديه وسائل الاعلام ومراكز البحوث الطبيّة ومحطات العلاج النفسي والتربوي من اهتمام ونصائح مستمرة وتحذيرات من آفة التاريخ وأصل الرذيلة (الخمر) إلا ان هذه المسألة تظل متلازمة مع المجتمعات التي ترى بأن الحريات الشخصية تشمل قيام المرء بإهلاك نفسه او جرّها الى مهاوي الإنحراف والفساد..

وفي حين نرى بأن الدين الاسلامي الحنيف قد حذّر من الخمر ومساؤءه قبل اكثر من 1400 عام إلا ان العالم لتوّه قد اخذ يدرك مساوئ الخمر ومضارّه المتعددة الجوانب.

(شبكة النبأ) تطرح لقراءها الكرام اخر المستجدات بشأن البحوث الطبية والنفسية التي تحذر من تناول الكحوليات وتحدد مخاطرها الجمّة المتشعبة..

شرب الكحوليات يزيد تقلص حجم المخ

قال علماء انه كلما شرب المرء مزيدا من الخمور تقلص حجم المخ. وكانت العديد من الدراسات أظهرت أن الاستهلاك المعتدل للخمور قد يؤدي الي صحة القلب. وسعى باحثون بقيادة كارول ان بول من جامعة ويلزلي Wellesley College بولاية مساتشوستس الامريكية لمعرفة ما اذا كان هذا يحمي كذلك من الخسارة الحتمية لحجم المخ التي يمر بها الناس مع التقدم في العمر. لكن اتضح أن هذا غير صحيح.

وكتب الباحثون في دورية أرشيف دراسات الجهاز العصبي Archives of Neurology أن الذين يمتنعون عن شرب الكحوليات طوال حياتهم يعانون في الواقع أقل خسارة في حجم المخ بينما يعاني المقلعون عن الشرب والمستمرون في الشرب باعتدال والمعاقرون للخمر بشراهة مزيدا من التقلص في حجم المخ.

وجاءت هذه النتيجة أكثر وضوحا في النساء من الرجال. وقال الباحثون ان هذا قد يرجع الى حساسية النساء الاكبر لتأثير الكحول وحجمهم الاصغر في المتوسط عن الرجال. بحسب رويترز.

وفي محادثة عبر الهاتف قال بول "ظل من المعروف أن الذين يشربون كثيرا (من الكحوليات) لديهم تقلص في حجم المخ. الذي كنت أبحث عنه هو تأثير وقائي لدى الاشخاص الذين يشربون من كأس الى سبعة في الاسبوع."

وأضاف بول الذي أجرى الدراسة عندما كان في كلية الصحة العامة بجامعة بوسطن "توقعاتي كانت انه سيكون كذلك (وقائيا). ولم ينته الامر بهذا الشكل."

وبنيت نتائج الدراسة على بيانات عن 1839 أمريكيا بالغا تتراوح أعمارهم بين 33 و88 عاما أبلغوا عن طبيعة استهلاكهم للكحوليات وأجريت لهم مسوح تصويرية بالرنين المغناطيسي لاظهار حجم المخ. ويعد هؤلاء جزءا من دراسة أكبر ومستمرة في مساتشوستس.

وتوصل الباحثون الى أنه بالمقارنة مع الممتنعين عن الشرب فان الاكثر شربا - والذين تم تعريفهم بأنهم يحتسون أكثر من 14 كاسا في الاسبوع - لديهم مخ يقل في المتوسط بنسبة واحد في المئة. وقال الباحثون ان حجم المخ يتقلص بشكل عام بمعدل يقدر بحوالي اثنين في المئة كل عقد.

منظمات الصحة في العالم تسعى لمواجهة الآثار السلبية للكحول

تَحدثُ في العالم مليوني حالة وفاة سنويا بسبب إدمان الكحول. وعلى الرغم من أن هذا الرقم مذهل إلا أنه من الممكن تجنب حدوث تلك الوفيات. وفي سبيل مواجهة هذه القضية، تجري منظمة الصحة العالمية جلسات استماع عامة على شبكة الإنترنت منذ 3 تشرين الأول/أكتوبر وحتى يوم 31 من الشهر نفسه.

وأي شخص مهتم بتخفيض عدد المدمنين على الكحول في العالم مدعو للمساهمة بوجهات نظره وآرائه في جلسات الاستماع. وسوف تستخدم منظمة الصحة العالمية تلك المعلومات في وضع استراتيجية عالمية لمكافحة الإدمان على الكحول. بحسب موقع يو اس انفو.

وقال الدكتور بينيديتو ساراتسينو مدير قسم الصحة العقلية والإدمان بمنظمة الصحة العالمية، في بيان صحفي إن المنظمة العالمية مهتمة بصفة خاصة "بوضع منهج متكامل يمكن أن يحمي المعرضين لخطر الإدمان، والشباب وصغار السن ممن يتضررون بسبب إدمان غيرهم على تعاطي الكحول."

ويعتبر الإدمان على تعاطي الكحول مرضا من الأمراض المزمنة. وهناك أربع ملامح أساسية يتصف بها المدمنون على الكحول طبقا لما تقوله المؤسسات (المعاهد) القومية للصحة بالولايات المتحدة وهي: الشعور برغبة جامحة أو بحاجة للتعاطي، وفقدان القدرة على السيطرة (أي عدم القدرة على التوقف بمجرد الشروع في التعاطي)، اعتماد الجسم على الكحول (بظهور أعراض عضوية تدل على احتياج الجسم للكحول)، وتزايد القدرة على مقاومة الكحول (بمعنى احتياج المدمن بدرجات متزايدة لشرب كميات أكبر من الكحول لكي يشعر بتأثيره).

وخطر الإدمان على الكحول مرتبط بعوامل جينية وأخرى بيئية. فالإدمان يعتبر مسألة معقدة من الناحية الجينية، إذ يشمل حدوث تفاعلات بين عدد كبير جدا من الجينات وليس جينة واحدة. وتوجد أساليب لعلاج الإدمان على الكحول تتضمن تناول عقاقير واتباع سبل مداواة أخرى، لكنها لا تحقق الشفاء التام منه.

وإلى جانب الآثار الصحية السلبية المترتبة على الإدمان على الكحول، فإن تكلفته المالية باهظة أيضا. وطبقا لما ورد في تقديرات منظمة الصحة العالمية فإن الخسائر المترتبة على إدمان الكحول تراوحت في العام 2002 بين 210 و665 بليون دولار.

ويقول بعض الباحثين إن تناول الكحول بكميات صغيرة يعتبر مفيدا للصحة؛ غير أن الإفراط في شرب الكحول يمكن أن يُسبب دمارا للجسم. فإدمان الكحول مسؤول عن 3.7% من حالات الوفيات في العالم، و4.4% من الإصابة بالأمراض في العالم، حسبما تقول منظمة الصحة العالمية، التي تضيف أن 140 مليون شخص في العالم يعانون من إدمان الكحول.

وعلاوة على ذلك فإن إدمان الكحول مسؤول عن الإصابة بـ60 نوعا من الأمراض والإصابات. فتقديرات منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن ما بين20% و 30% من الإصابات بسرطان المريء وسرطان الكبد وتليف الكبد، وحوادث القتل، والصرع، وحوادث السيارات له علاقة بإدمان الكحول. كما أن إدمان الكحول يعتبر أحد العوامل المؤدية إلى الإصابة بأمراض القلب التي تعد السبب الأول للوفيات في العالم.

كما إن المؤسسة (المعهد) القومية للإفراط في تعاطي الكحول وإدمانه، وهي فرع من أفرع المؤسسات (المعاهد) القومية للصحة بالولايات المتحدة، هي الوكالة الحكومية الأميركية المكلفة بتقليل المشاكل المتعلقة بالإدمان من خلال دعم الأبحاث ونشر ما تتوصل إليه من نتائج والتعاون مع المؤسسات الأخرى على المستوييْن القومي والدولي.

ومن بين المنح التي تقدمها المؤسسة هناك منحة مخصصة للتعاون في المجال البحثي على المستوى الدولي حول الكحول وإدمانه، وهذه المنحة تهدف إلى تشجيع التعاون بين العلماء الأميركيين ونظرائهم في جميع أنحاء العالم في هذا المجال. وتعتزم المؤسسة تخصيص مليون دولار خلال دورتها المالية القادمة كمنح لتمويل ما يتراوح بين ثلاثة إلى خمسة مشروعات تعاونية مشتركة.

ويعتبر قسم الأبحاث الداخلية الإكلينيكية والبيولوجية الفرع البحثي الداخلى للمؤسسة. وحسبما ورد في البيان الخاص بمهمته، فإنه يوظف عددا من الباحثين لإجراء "الأبحاث الأساسية والتطبيقية المتعلقة بالكحول، بما فيها الأبحاث الخاصة بالتغييرات الكيماوية في الخلايا الحية، وإجراء أبحاث حول الفترة السابقة لفحص المدمن وبعد فحصه، حول العوامل المتعددة والمحدِّدة لعملية الإدمان والمشاكل الأخرى المتعلقة بها في مجالات الوقاية والتشخيص والعلاج وإعادة التأهيل."

وإضافة إلى أبحاثها الداخلية تشجع المؤسسة على إجراء أبحاث خارجية عن الإدمان من خلال تطبيق برامج وإنشاء مراكز بحث عن الكحول تمدها بالتمويل اللازم. واعتبارا من شهر أيار/مايو 2007 كان هناك 18 مركز بحث حول الموضوع منتشرة في جميع أرجاء الولايات المتحدة في الجامعات والمعاهد الدراسية.

ومن بين الأمثلة على برامج البحث التي تدعمها المؤسسة برنامج الدراسات التعاونية عن الجينات والإدمان على الكحول. بدأ البرنامج في العام 1989 ويهدف إلى تحديد الجينات التي يُعتقد أنها مسؤولة عن الإدمان. وضم البرنامج 300 أسرة يوجد لديها ميل كبير للإدمان على الكحول. وخضع أفراد تلك الأسر لسلسلة من الاختبارات المتعلقة بالنًسب والجينيات والكيمياء الحيوية، على أمل أن يتمكن الباحثون من فهم العمليات الحيوية للإدمان على الكحول بطريقة أفضل. والمعلومات الناتجة عن تلك الأبحاث يتم توزيعها على من يطلبها من الباحثين.

وقد توصل الباحثون في ذلك البرنامج إلى اكتشاف ما يمكن وصفه بـ"النقاط أو المواقع المثيرة" التي تهدد بخطر الإصابة بالإدمان على الكحول في عدد من الكرموزومات. واكتُشف وجود واحد على الأقل من تلك المواقع في إحدى المناطق المحمية - المرتبطة بانخفاض خطر الإصابة بالإدمان – في الكروموزوم بالقرب من الجينة المسؤولة عن إفراز أنزيم هضم وتمثيل الكحول.

وتستخدم منظمة الصحة العالمية وسائل أخرى، مثل البيانات المتعلقة بالسكان والسياسة، من أجل تخفيض المشاكل الناجمة عن الكحول في العالم. وبادرت المنظمة بإنشاء شبكة تسمى شبكة المعلومات العالمية حول الصحة والكحول، وهي مورد غزير للمعلومات عن استهلاك الكحول في العالم والمشاكل والسياسات المتعلقة به. واستمدت الشبكة معلوماتها من الدراسات التي أجريت عن العوامل المؤثرة على الصحة في العالم، والمعلومات والبيانات المنشورة مقدمة من الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية.

وفي شهر آذار/مارس من العام الحالي، 2008، أعلنت منظمة الصحة العالمية عن استراتيجيتها الخاصة بتقليل الاستهلاك المؤذي للكحول. وتضمنت الاستراتيجية المقترحة، بناء على دراسات وبيانات عديدة، زيادة التوعية، والسعي للحصول على التزام سياسي، وتطبيق إجراءات للفحص، تحرك المجتمع وتوجيه السياسات العامة لاتخاذ إجراءات بشأن قيادة السيارات تحت تأثير تعاطي الكحول، ووضع قواعد تنظيمية لإمكانية الحصول على الكحول، وتسويقه وتسعيره وعمليات إنتاجه بأساليب غير قانونية. واستجابة لذلك التقرير وافقت الدول الأعضاء على صياغة استراتيجية عالمية تهدف إلى تقليل إدمان الكحول.

وبشروعها في عقد جلسات الاستماع المتاحة حاليا على شبكة الإنترنيت، وما ستجريه من مشاورات في المستقبل، تسير منظمة الصحة العالمية على الطريق الصحيح نحو تحقيق هدف وضع الصيغة المقترحة لاستراتيجيتها وتقديمها إلى جمعيتها العامة في العام 2010.

الكحول والقيادة.. يساويان الموت

كشفت إحصائية حكومية أمريكية أن معدلات الوفيات نتيجة حوادث السير المرتبطة بالكحول تراجعت في 32 ولاية عام 2007، إلا أن الحوادث المرورية القاتلة المرتبطة بالكحول ارتفعت بين سائقي الدراجات النارية في نصف الولايات الأمريكية.

ووفق الإحصائية فإن قرابة 13 ألف شخص لقوا حتفهم في حوادث سير كان فيها سائق السيارة مخموراً.

وبالإجمال فقد تراجعت أعداد الوفيات المرورية جراء الكحول بقرابة أربعة في المائة مقارنة مع إحصائية عام 2006 حيث قتل قرابة 13.500 شخص بحوادث سير على الطرق السريعة.

وقالت وزيرة النقل الأمريكية ماري بيترس إن الزيادة في أعداد الوفيات بين سائقي الدراجات جراء الكحول، هي مخيبة. بحسب سي ان ان.

وكشفت الإحصائية حصول 1621 وفاة بين سائقي الدراجات النارية عام 2007 وترجع أسبابها لمعدلات الكحول العالية في دمائهم وهو ارتفاع بنسبة 7.5 في المائة عن العام الذي سبق.

يُذكر أن سائقي الدراجات النارية كانوا ضمن حملة دعائية مصورة بلغت تكاليفها 13 مليون دولار، وأطلقتها الحكومة بمناسبة عيد العمال، في وقت تشدد فيه السلطات المرورية من إجراءاتها ضد السائقين المخمورين.

ومن بين الولايات الأمريكية، سجلت كاليفورنيا أدنى معدل حوادث سير مرتبطة بالكحول العام الفائت بلغت 117 حالة وهي أعلى نسبة تراجع في البلاد. فيما سجلت تكساس 108 وفيات وتراجعت في أريزونا بمعدل 63 حالة وفاة.

يذكر أن ولاية كاليفورنيا كانت قد نشرت أكثر من 1000 نقطة تفتيش للتدقيق بنسب الكحول في دم السائقين، حاثة السائقين الاتصال برقم ساخن للتبليغ عن سائق مخمور، وفق ما نقلته وكالة أسوشيتد برس عن كريستوفر مرفي مدير مكتب أمن الطرقات في كاليفورنيا.

الوفيات الناجمة عن الكحوليات شائعة بين الهنود الامريكيين

قال مسؤولون ان اسبابا مرتبطة بادمان الكحوليات مثل أمراض الكبد وحوادث سيارات مسؤولة عن 12 في المئة تقريبا من الوفيات بين الهنود الامريكيين وسكان الاسكا الاصليين وهو ما يزيد 3.5 مرة عن الرقم بين اجمالي عدد لسكان.

والافراط في الكحوليات مشكلة منذ فترة طويلة بين هؤلاء السكان الفقراء في الغالب وهو ما يعكسه تقرير تقول المراكز الامريكية لمكافحة الامراض والوقاية انه أول تقرير قومي يرصد مثل هذه الوفيات.

وقال الدكتور تيم نعيمي من المركز الامريكية لمكافحة الامراض الذي شارك في اعداد الدراسة وهو ايضا باحث بجهاز الصحة الهندية التابعة للحكومة " نأمل ان يمثل ذلك دعوة بناءة للاستيقاظ ليس فقط للمجتمعات القبلية بل ايضا للحكومة القومية وحكومات الولايات ايضا."بحسب رويترز.

وقامت المراكز الامريكية بتحليل بيانات شهادات وفيات من عام 2001 حتى 2005. وفي تلك الفترة توفى 1541 امريكيا من الهنود ومن أبناء الاسكا الاصليين في المتوسط كل عام لاسباب مرتبطة بتعاطي الكحوليات.

وكانت نسبة الوفيات الناجمة عن الافراط في الكحوليات 11.7 في المئة بين وفيات الامريكيين من الاصول الهندية ومن السكان الاصليين في الاسكا مقارنة بنسبة 3.3 في المئة بين سكان امريكا ككل. و68 في المئة من تلك الوفيات كانت بين الرجال.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 1/تشرين الثاني/2008 - 2/ذي القعدة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م