قضايا عراقية: مظاهر غربية شاذّة بين الشباب والتضخم يُفرغ زيادة الرواتب من محتواها

إعداد: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: ما بين زيادة الاسعار الحادة وتسارع وتيرة التضخم التي افرغت زيادة رواتب الموظفين من محتواها، وانتشار صَرعات ومظاهر غربية شاذّة تؤدي بالشباب الى متاهات الانحلال والفساد، تبقى بعض الممارسات الطبية كـ الحجامة، متجددة رغم التطور العلمي، لأنها تستند على أساس تراثي رصين وتوجيه تاريخي يرجع الى نصائح الدين الإسلامي الحنيف.

(شبكة النبأ) توضح هذه الامور لقراءها الكرام من خلال تقريرها التالي:

غلاء الأسعار في البصرة يثقل كاهن المواطنين

لم تفلح الزيادة التي أقرتها الحكومة العراقية في وضع حد من حالة التذمر التي تسود الشارع العراقي بفعل التضخم المطرد الذي تشهده الأسواق، خصوصا إن تلك الزيادات التي طرأت على رواتب الموظفين الحكومة واجهها ارتفاع متصاعد للأسعار.

حيث يشكو العديد من العراقيين عدم قدرة النظام الاقتصادي في وضع حد لحالة التضخم التي بدأت تلقي بظلالها على العراقيين بعد أن تحسن الوضع الاقتصادي نسبيا لشريحة واسعة من الأهالي عقب التغيير عام 2003 .

فحسب (اصوات العراق) يواجه اهالي مدينة البصرة غلاء أسعار البضائع الفاحش وخصوصا الملابس وتحديدا ملابس الأطفال، الى درجة أضعفت من مستوى التسوق لدى الكثير البصريين حيث الكثير منهم ينكصون الى بيوتهم وأيديهم فارغة.

حيث يقول أبو احمد (موظف )45 عاما وهو أب لأربعة أطفال " نحاول شراء ملابس جديدة  للأطفال وللأهل ونتسوق المستلزمات الخاصة التي نحتاجها بعد ان اعددت ميزانية خاصة لهذا الامر لكن حتى هذا التخطيط والتدبير لم يصمد أمام ارتفاع الأسعار الفاحش ".

واضاف "على الرغم من زيادة رواتب الموظفين لمست أن هذه الزيادات أثرت بشكل سلبي على الموظفين أنفسهم وعلى الفئات الأخرى". مستدركا أنا أب لأربعة أطفال لكني لم أوفق في إرضاء زوجتي وأطفالي وتطمين احتياجاتهم لأن ذلك يحتاج الى راتب كامل فماذا عن الآخرين من غير الموظفين..؟.

 فيما قال كريم محمد صاحب محل ألبسة في سوق العشار "تسوقنا كثيرا هذا العام لأننا على يقين بأن الموسم سيكون مزدهرا بسب الزيادات التي طرأت على رواتب الموظفين".

وأوضح أن "أسعار الجملة لملابس الأطفال هذا العام ارتفعت نحو الضعف على العام الماضي بسبب الطلب والمنافسة بين التجار".

  وأشار إلى أن التنزيلات التي يعلن عنها هي طريقة لتصفية البضاعة من اجل بضاعة موسم جديد ، ففي نهاية كل موسم لتصريف البضاعة القديمة نعرض البضاعة بهذه الطريقة من اجل شراء أخرى غيرها لموسم جديد. لافتا الى أن الارتفاع في الأسعار على جميع المواد هو وضع طبيعي خلال الموسم الدراسي. وتتركز المحال التجارية في البصرة بمنطقة العشار (مركز المدينة) ومناطق أخرى كالجزائر والجنينة.

أم علي (39عاما) أم لثلاثة أطفال  قالت "على الرغم من غلاء أسعار الملابس بشكل كبير هذه العيد ولكن الأسواق شهدت زحاما كبيرا ".

وأضافت أن " توزيع الرواتب ساهم في زيادة الإقبال على شراء بضائع مناسبة إلا أن الارتفاع الواضح في الأسعار خصوصا أسعار ملابس الأطفال بشكل خاص أصاب الكثير منا بالخيبة فأنا لم أحصل على الملابس المناسبة لأطفالي على الرغم من نزولي ثلاث مرات للسوق". مشيرة إلى أن ملابس الأطفال كانت غالية إذ يزيد سعر البدلة الواحدة أكثر من 50 ألف دينار.

كما شهدت الأسواق الشعبية في مناطق مختلفة من المدينة زحاما هي الأخرى كأسواق حي الحسين وخمسميل والبصرة القديمة وغيرها

أم حسين من منطقة حي الحسين( 8 كم غرب البصرة) قالت لـ أصوات العراق "أفضل شراء ملابس أطفالي من السوق القريب لبيتي بدلا من الذهاب الى وسط المدينة أو سوق العشار لأنني لا أتستطيع تحمل الزحام الكبير في الأسواق الكبيرة فضلا عن إن أسعار السوق القريب مناسبة وبالتقسيط ".

وأضافت أن "البضائع في السوق الشعبي أسعارها مناسبة مقارنة مع الأسواق التجارية الأخرى التي يتحدث الجميع عن ارتفاع أسعارها هذا العام". كذلك تشهد محال المواد الغذائية إقبالا واسعا وخصوصا محال اللحوم والأسماك والحلويات والعصير. 

أبو عباس صاحب مخزن لبيع المواد الغذائية في سوق الخضارة (وسط المدينة)   قال "من الطبيعي أن نشهد إقبالا كبيرا من المواطنين على شراء الحلوى والكرزات فضلا عن العصائر والشرابت والمطيبات الأخرى".

وأضاف "جهزت محلي بكميات كافية من تلك البضائع إذ يسر البصريون أن يقدموا للضيوف أنواع مختلفة من الحلوى والكرزات والعصائر فضلا عن الكليجه التي تصنع في البيوت ".

من جانبه أشار محمد عباس 36 عاما وهو صاحب محل للأزياء الى أن هذا العام شهد إقبالا واسعا من المواطنين استعدادا للعيد وسط الأمان النسبي الذي تحقق في المدينة.

وأوضح أن "الإقبال على الشراء كان اكبر من الأعوام السابقة لأسباب منها الأمان النسبي فضلا عن الانتعاش الاقتصادي لفئة كبيرة من الموظفين الذين حصلوا على زيادة في الرواتب منتصف هذا العام ".

وكشف انه "يفتح أبواب محله هذه الأيام حتى منتصف الليل لأول مرة منذ سنوات بعد استتباب الأمن في المدينة منذ العمليات العسكرية التي نفذتها القوات الأمنية ضد المليشيات والخارجين عن القانون".

الحجامة تلقى رواجاً

من جانب آخر انتشرت في الآونة الأخيرة “عيادات” خاصة للحجامة في البصرة وسط إقبال من المواطنين عليها، وفيما يشكل انتشارها قلقا لدى الأوساط الصحية في المحافظة، فان مواطنين ومختصين بالطب البديل يرون في هذه الطريقة إمكانية معالجة الأمراض إذا ما مورست بشكل صحيح، ووفق شروط معينة.

وقال المواطن أبو سامر(49 عاما) لـ اصوات العراق انه كان يشكو من الآم مزمنة في ظهره تعيقه من الحركة  والجلوس وان هذه الحالة استمرت معه لفترة طويلة الى درجة انه جرب العديد من الأدوية ولكن دون جدوى.”

وأضاف انه جرب الحجامة منذ عدة أشهر بعدما أشار عليه احد المعالجين بهذه الطريقة ، مشيرا الى انه لمس تحسنا واضحا في حالته ولم يعد يشتكي من أي الم في ظهره منذ ذلك الحين.

والحجامة ممارسة طبية قديمة، عرفها العديد من المجتمعات البشرية القديمة، وعني بحسب  احد الأطباء المهتمين بالطب البديل “سحب الدم الفاسد من الجسم الذي يسبب مرضا معينا أو قد يسبب مرضا في المستقبل بسبب تراكمه وامتلائه بالأخلاط الضارة “.

ويضيف الدكتور كمال يعقوب “والدم الفاسد هو عبارة عن كريات دم هرمة وضعيفة لا تقوم بعملها الطبيعي من امدام الجسم بالغذاء الكافي والدفاع عنه من الأمراض، وبالحجامة تُسحب هذه الأخلاط الضارة من كريات الدم الحمراء والبيضاء ليحل محلها كريات دم جديدة”.

وعن الأدوات التي تستخدم في الحجامة قال “هي عبارة عن كاسات زجاجية خاصة ذات فوهة قطرها 5 سم به ثقب جانبي، موصول بخرطوم، والخرطوم له صمام . ويُغطَّى فوهة الكأس ببالون مطاط، ويستعمل الحجّام قفاز طبي ومشرط معقّم “.

وتابع “ان الحجامة تتعامل مع مايقرب من ثمانين حالة ما بين مرض وعرض، وذلك طبقًا لنتائج الخبرة العملية التي سجلها الممارسون ، ومن تلك الحالات الروماتيزم، والروماتويد، والنقرس، والشلل النصفي، والكلى، وضعف المناعة، والبواسير وتضخم البروستاتا، والغدة الدرقية، والضعف الجنسي، وارتفاع ضغط الدم، وقرحة المعدة .. وغيرها .”

وحذر من ان “عمل الحجامة مع سوء تشخيص الحالة ربما يعطي نتائج عكسية ومضاعفات خطيرة، فبعض الحالات تحتاج الى تداخل طبي وجراحي مما يسبب مضاعفات خطيرة لبعض الحالات.” منوها الى ضرورة ان “يكون ممارس الحجامة حاصل على الأقل شهادة في الطب البديل ويخضع لفحص لجنة طبية متخصصة تمنحه إجازة ممارسة مهنة، لا ان تمارس بشكل اعتباطي.”

 ويقول المواطن أبو محمد (47 سنة) انه لجأ إلى الحجامة لمعالجة مرضه بعد يأسه من مراجعة الأطباء حيث انه  يشتكي من آلام مزمنة في الفقرات العنقية، مشيرا إلى انه جرب مختلف العلاجات دون جدوى وان يعاني كثيرا من حالته هذه وان اتجه لمعالجة مرضه في عيادة للحجامة. لكن أبو احمد لم يشر إلى تحسن واضح في حالته.

اما المواطن علي عبد الحسين (45 عاما ) فقال “في ظل غياب العناية الصحية الكافية وسط استشراء عدد كبير من الأمراض في وسط ملوث  فقد انتشرت ظواهر لطرق علاجية كثيرة في الفترة الأخيرة ، منها الحجامة وهناك إقبال من المواطنين عليها.”

ويرى عبد الحسين ان “ممارسة من وجهة نظر دينية مقبولة ولكن يجب ان تتوفر شرط معينة لممارستها فيجب ان تكون هذه العيادات مجازة صحيا وتحتوي على الشروط الصحية اللازمة، فضلا عن الذي يمارسها لابد ان يكون متخصص ولديه شهادات وخبرة ومعرفة فيها ،لا ان يمارسها من هب ودب وينطبق عليه المثل الشعبي الذي يقول (يتعلم الحجامة بروس اليتامى).”

ويشير الدكتور قصي عبد اللطيف في هذا السياق الى “خطورة استخدام هذه الطريقة في الوقت الراهن لاسيما وسط الأجواء الملوثة فهي من الممكن ان تسبب مضاعفات خطيرة جدا.”

وأضاف ان “موضوع الحجامة من شانه التعامل مع المشرط لاستخدامه في عمل جروح يخرج منها الدم وبفعل عملية الشفط التي تعملها الكؤوس المفرغة من الهواء وبالتالي فان الأدوات والجروح من الممكن ان تتلوث وتسبب تسمما للدم “.

الجهات الصحية من جانبها، أشارت الى ان “هناك ضوابط معروفة من اجل افتتاح أي عيادة منها موافقة نقابة الأطباء ودائرة صحة البصرة وان العيادة التي ليس فيها موافقة تعد مخالفة ويحال صاحبها الى القضاء بعد إغلاقها.”

وأوضح مدير شعبة المؤسسات الصحية غير الحكومية في دائرة صحة البصرة سمير عبد الأمير ل ان “هناك ضوابط معينة من اجل افتتاح أي عيادة وهي ان تحصل على موافقة من نقابة الأطباء ودائرة صحة البصرة وغير ذلك تعتبر عيادة وهمية ويجب إغلاقها “.  مشيرا الى ان “اللجان التفتيشية التابعة لدائرة صحة البصرة مستمرة بجولاتها التفتيشية لمتابعة تلك العيادات وتقوم بغلق أي عيادة غير مجازة “.

وبين عبد الأمير انه تم تفعيل الموضوع إعلاميا من اجل الحد من تلك الظواهر المخالفة، داعيا المواطنين الى التعاون مع الجهات الصحية من اجل الإبلاغ عن العيادات المخالفة حفاظا على صحتهم.

مظاهر غربيّة مستورَدة تخرج بالشباب الى متاهات الإنحلال

كما تشهد المحال التجارية وباعة الأرصفة المتخصصين فى تجارة الاكسسوارات الخاصة بالرجال اقبالاً كبيرا من قبل الشباب لشراء أساور وقلائد على شكل جماجم وعقارب وثعابين وأخرى من تلك التي يرتديها القراصنة، وخواتم غالبيتها مصنوع من الفضة ومعادن أخرى فيما يحرص آخرون على اقتناء أنواع من القلائد والخواتم المصنوعة من الذهب ونظارات وأحزمة باشكال غريبة وبأنواع مميزة.

ويصاحب التحلّي بالا كسسوارات ارتداء أزياء الجينز وأحذية مميزة وقبعات وتسريحات غريبة في حين يقوم آخرون بصبغ أجزاء من فروة الرأس بألوان تختلف عن اللون الأساسي واستخدام أنواع من الكريمات وعمل »مساجات« للوجه في صالونات تصفيف الشعر فيما يحرص آخرون على الدخول في دورات لبناء الأجسام من اجل الرشاقة أو بناء عضلات من خلال الاستعانة بمعدات رياضية يصاحبها استخدام هرمونات وعقاقير طبية منشطة. بحسب رويترز.

ويلجأ البعض منهم الى تتويج كل ذلك بعمل وشم في أجزاء من الجسم بعضها من خلال استخدام الوخز بالابر وعادة ما يكون الوشم دائما لا يمكن التخلص منه بسهولة فيما يحرص آخرون على الاستعانة بأنواع جاهزة من الوشم يمكن طبعها على الجسم باستخدام تقنية خاصة وعادة ما يكون الوشم على شكل تنين أو نسر أو ثعبان.

وأعطى غياب عناصر المليشيات والجماعات المسلحة عن شوارع بغداد الى عودة انتشار هذه الظاهرة بعد أن اختفت أو كادت تختفي بسبب قيام هذه الجماعات بالتصدي لهؤلاء الشباب في الشوارع والمقاهي وقتل بعضهم وتهديد آخرين للامتناع عن هذه المظاهر »الغربية المستوردة«.

وقال مصطفى وهو شاب ( 22 عاما) ان غياب تأثير المليشيات والجماعات المسلحة منذ أكثر من عام فتح الباب من جديد لاستئناف التواصل مع الموديلات العالمية الحديثة وارتداء أزياء واكسسوارات مكملة للظهور بشكل لائق«.

وأضاف، أتذكر في احد الأيام عام 2004 تم اعتراضي مع مجموعة من الأصدقاء من قبل عناصر مسلحة في منطقة شارع فلسطين وأمرونا بالتوقف تحت تهديد السلاح ثم قاموا بضربنا بشكل عنيف وتقطيع القلائد وتمزيق ملابسنا وهددونا بالقتل اذا شاهدونا بهذا المظهر مرة أخرى لان هذه مظاهر غربية يجب التخلص منها«.

وقال أبو خالد (24عاما) الذي يعرض بضاعته على الرصيف في منطقة الباب الشرقي وسط بغداد»منذ أكثر من أربعة اشهر تشهد عملية شراء القلائد والأساور والخواتم رواجا كبيرا وهي تباع بأسعار مناسبة«.

ولا تعارض السلطات العراقية هذه الظواهر والبعض منها يلاحظ بكثافة في المدن التي تضم مراقد مقدسة وخاصة حي الكاظمية ببغداد وأن عددا من عناصر الجيش والشرطة العراقية يضع على جسده أنواعا مميزة من الوشم.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 1/تشرين الثاني/2008 - 2/ذي القعدة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م