السودان: شبح القاعدة ومذكرة اعتقال البشير تلقي بظلالها على المفاوضات الداخلية

 

شبكة النبأ: في ماتتواصل مَظلَمة جنوب السودان واقليم دار فور بشأن الحقوق المدنية والمعيشية للسكان هناك، تستغل السلطة في الخرطوم مسألة المفاوضات الداخلية كورقة للضغط على الجهات الداعية لتفعيل مذكرة إلقاء القبض على الرئيس السوداني البشير لإتهامه بجرائم ضد الانسانية وجرائم إبادة جماعية.

وفي ظل ذلك يستمر الحال على ماهو عليه من مصادرة حقوق شعب الجنوب ودار فور وسط ضغوطات دولية متعددة الاطراف للمضي في طريق المفاوضات الداخلية. بينما تتزايد المخاوف من جهة اخرى من تغلغل جماعات تابعة للقاعدة في البلد الذي يعاني اصلا من الفوضى والفقر والتسلط.

وقال الرئيس السوداني عمر البشير ان الدول الغنية تمارس ضغوطا على أفقر بلدان العالم لقبول شروط تجارية سيئة.

واستغل الرئيس السوداني الذي قد توجه له المحكمة الجنائية الدولية اتهامات بارتكاب جرائم حرب في اقليم دارفور قمة مجموعة افريقيا والكاريبي والمحيط الهادي لانتقاد ما سماها سياسات القوة في العلاقات الدولية.

وقال البشير المنتهية فترة رئاسته للمجموعة خلال كلمة أمام القمة التي تستضيفها غانا ان الدول الصغيرة والفقرة التي تشكل غالبية أعضاء المجموعة معرضة لخطر الاعتداء والتدخل في شؤونها والتخريب والابتزاز ومختلف الضغوط من الأغنياء والأقوياء.

ودعا هو وخلفه في رئاسة المنظمة الرئيس الغاني جون كوفور دول المجموعة التسع والسبعين التي يتجاوز عدد سكانها 300 مليون نسمة وتضم بعض أفقر دول العالم الى وحدة الصف لمواجهة تحديات العولمة. بحسب رويترز.

ويتضمن هذا السعي الى موقف مشترك في مفاوضات التجارة مع الاتحاد الاوروبي الذي يشتري أكثر من ربع صادرات المجموعة ومحاولة تحسين شروط التجارة للدول النامية داخل منظمة التجارة العالمية.

بيد أن وحدة الصف المنشودة هذه يقوضها توقيع بعض دول المجموعة لاتفاقات شراكة اقتصادية منفردة تحت ضغط من بروكسل وخوفا من حرمانها من سوق الاتحاد الاوروبي في حين تحجم دول أخرى طلبا لشروط أفضل. ومن المقرر إبرام أولى هذه الاتفاقات في 15 أكتوبر تشرين الاول.

البشير يقول ان اتهامه بارتكاب جرائم حرب يضر بمحادثات دارفور

وقال الرئيس السوداني البشير ان إمكانية توجيه اتهامات اليه بارتكاب جرائم حرب من شأنها أن تخرج محادثات السلام في دارفور عن مسارها وسعى لحشد مساندة مجموعة دول افريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الهادي التي تضم 79 دولة ضد الادعاء.

وطلب لويس -مورينو أوكامبو كبير ممثلي الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية من قضاة المحكمة في يوليو تموز اتهام البشير بارتكاب جرائم ابادة في منطقة دارفور بغرب السودان وإصدار مُذكرة اعتقال بحقه. بحسب رويترز.

وقال البشير ان توجيه الاتهامات اليه يعوق محادثات السلام في دارفور لانه يبعث رسائل سلبية الى حركات التمرد في المنطقة للابتعاد عن طاولة المفاوضات.

وجاءت تصريحات البشير في العاصمة الغانية وفي مراسم افتتاح اجتماع زعماء مجموعة دول افريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الهادي التي يتولى البشير حاليا رئاستها الدورية.

ودعت مسودة لاعلان القمة اطلعت عليها رويترز الى "سحب إجراء المحكمة الجنائية الدولية من أجل إتاحة الفرصة للجهود السياسية والدولية للتعامل مع الوضع في دارفور."

وقال الاتحاد الافريقي والجامعة العربية ان خطوات توجيه اتهامات للبشير قد تعطل عملية السلام كما عبرت الصين الحليف المقرب للسودان المنتج للنفط عن قلقها أيضا من محاولة جعل البشير يمثل أمام المحكمة.

وقال البشير من خلال مترجم ان خطوة كبير ممثلي الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية لها دوافع سياسية.

وأضاف أنها تهدد أيضا التحول الديمقراطي في السودان الذي استعدت الاحزاب السياسية فيه للانتخابات العام المقبل وسيكون لها تأثير يصل الى حد الكارثة على الاستقرار في المنطقة كلها.

وقال انه على الرغم من كل هذا فهو يود تأكيد التزامه بتنفيذ اتفاقيات السلام وتسوية الصراع في دارفور عن طريق المفاوضات.

اعتقال نساء في جنوب السودان يرتدين سراويل ضيقة

وقالت الشرطة انها اعتقلت اكثر من 35 امرأة شابة يرتدين سراويل ضيقة بتهمة "تعكير الامن" في جنوب السودان.

وقال ضباط ان الاعتقالات التي وقعت في جوبا عاصمة المنطقة المتمتعة بحكم شبه ذاتي جزء من حملة ضد عصابات الشباب التي انتشرت مؤخرا واكتسبت سمعة سيئة بشرب الخمور والشجار والعري. بحسب رويترز.

واعتقلت النساء لكن تم اطلاق سراحهن دون توجيه اتهام في اليوم التالي بعد ان مثلن امام المحكمة.

وقال نائب مفوض الشرطة في منطقة جوبا ريمان ليج "كن يرتدين سراويل ضيقة جدا مما يعكر صفو الامن".

ويعتبر جنوب السودان بصفة عامة اكثر تحررا من الشمال ذي الاغلبية المسلمة الذي خاض ضده حربا استمرت عقدين وانتهت باتفاق للسلام في عام 2005 . واثارت الاعتقالات غضب الكثيرين من مواطني جوبا.

وقال الموظف نوك دواني لرويترز "رأينا حوالي 30 فتاة في شاحنتين مكدسات مثل الماشية. وتم الامساك بفتاة والقيت على الفور داخل الشاحنة."

وكانت وزيرة الشؤون الاجتماعية بجنوب السودان ماري كيدين غاضبة ايضا وابلغت رويترز ان ثماني فتيات اخريات افلتن من الاعتقال بالاختباء داخل مكتبها.

رئيس حكومة جنوب السودان يلغي الحملة ضد السراويل الضيقة

وأغلق رئيس حكومة جنوب السودان تحقيقا للشرطة وجد ان عشرات النساء الشابات اللاتي اعتقلن "كن يرتدين سراويل ضيقة جدا مما يعكر صفو الامن".

واعتقلت الشرطة النساء في مطلع الاسبوع وقالت انها تشتبه في انهن ينتمين الى عصابات الشباب التي انتشرت مؤخرا واكتسبت سمعة سيئة بشرب الخمور والشجار والعري.

لكن مسؤولين بالحكومة قالوا انهم غاضبون من الطريقة التي تم بها استهداف النساء والمعاملة التي تعرضن لها بعد الاعتقال.

وقال وزير بالحكومة ان سلفا كبير رئيس حكومة جنوب السودان أمر باجراء "تحقيق جاد" في حملة الشرطة. بحسب رويترز.

وقال لوكا بيونج وزير شؤون الرئاسة بحكومة الجنوب في بيان ان كير أمر أيضا بالافراج الفوري عن أي امرأة اعتقلت في اطار هذه العملية في جوبا عاصمة الجنوب وقال انه توجد تساؤلات بشأن قانونية هذه العملية.

واعتقلت الشرطة أكثر من 35 امرأة مساء الاحد فقط مما أغضب المارة من الطريقة التي وضعن بها في شاحنتين.

شحنة دبابات تلفت الأنظار إلى جهود للتسلح بالسودان

وسلطت عملية مصادرة حمولة سفينة من الدبابات - يعتقد كثيرون أنها كانت متجهة الى جنوب السودان - الضوء على اتخاذ الجانبين اللذين وقعا اتفاق سلام عام 2005 خطوات لتعزيز قدراتهما في مجال التسلح.

تقول مصادر دبلوماسية ونشطاء ان الحكومة التي تتخذ من شمال السودان مقرا لها ومتمردي جنوب السودان السابقين يعملان على تخزين كميات من الاسلحة خوفا من أن تؤدي أحداث عنف في الاعوام القادمة الى تجدد الصراع.

وقال روبرت موجا مدير الابحاث من مؤسسة سمول ارمد سيرفي ومقرها جنيف "من الواضح تماما أن الجانبين يجندان (عناصر) ويعيدان التسلح. لا شك في هذا."

وتحظر بنود اتفاق السلام بين شمال السودان وجنوبه قيام اي من الجانبين بتجديد أسلحته او ذخيرته دون موافقة مجلس الدفاع المشترك لكن خبراء يقولون ان هذا امر لا يراعيه احد.

وينفي كل من شمال السودان وجنوبه بصفة منتظمة أنهما يبنيان جيوشهما او يخرقان بنود اتفاق السلام. بحسب رويترز.

لكن دبلوماسيين والبحرية الامريكية ووكالة بحرية والقراصنة الذين استولوا على شحنة من الدبابات الاوكرانية قبالة ساحل الصومال الشهر الماضي يعتقدون أن الشحنة كانت متجهة الى جنوب السودان عن طريق كينيا على الرغم من نفي سلطات جنوب السودان وكينيا.

وسواء كانت الدبابات متجهة الى جنوب السودان ام لا يقول خبراء عسكريون ان هناك مؤشرات على وصول شحنتين أخريين من الدبابات على الاقل الى الجنوب خلال الاشهر الاخيرة.

وقال فؤاد حكمت مدير ادارة القرن الافريقي بالمجموعة الدولية لمعالجة الازمات "انهم يفعلون هذا لانهم يعلمون أن شمال السودان يعيد تسلحه. الوضع مرشح للاضطراب بشدة."

وذكر مصدر أمني أجنبي أن الجيش الشعبي لتحرير السودان الذي ينتمي الى الجنوب جلب عشر دبابات على الاقل من اثيوبيا الى منطقة كورموك بولاية النيل الازرق النائية بجنوب السودان في أوائل يوليو تموز.

وصرح مسؤول بمنظمة الامم المتحدة في الخرطوم بأن الجيش الجنوبي أعطى تأكيدات بأنها دبابات قديمة ارسلت للصيانة لكنه لم يذكر اي أرقام للتسجيل حتى يتسنى التأكد من صحة هذا.

وقال توكو كايمي من مؤسسة اكسكلوسيف اناليسيس ومقرها لندن ان عددا من الدبابات المفككة وصل الى ميناء مومباسا في كينيا في نوفمبر تشرين الثاني قبل نقلها الى السودان.

وقال مصدر قريب من الحركة الشعبية لتحرير السودان المهيمنة على الجنوب طلب عدم نشر اسمه "لا أحد يريد بدء حرب."

واشنطن تحذر من تهديد جماعة بالقاعدة في السودان

وقالت الولايات المتحدة ان جماعة تسمي "القاعدة في أرض النيلين" هددت مواطنيها وحلفاءها في السودان مما يضيف الى المخاوف من وجود متنامي للتطرف في البلاد.

وقال مسؤولو السفارة أيضا انهم حذروا الموظفين من استخدام مقهي في الخرطوم يتردد عليه الغربيون والسودانيون الأثرياء. بحسب رويترز.

ونفت الحكومة السودانية مرارا ان يكون للقاعدة وجود نشط بالسودان. وقالت رسالة على موقع السفارة الأمريكية على الانترنت ان الجماعة أصدرت بيانا أشار الى اغتيال مسؤول المعونة الأمريكي جون جرانفيل وسائقه في الأول من يناير كانون الثاني الماضي.

وقالت الجماعة ان جهادها وقتالها ضد الولايات المتحدة وحلفائها من "الصليبيين والكفار" سيتواصل وفقا لما ذكرته السفارة.

وقالت رسالة أُخرى للسفارة انها حذرت الموظفين من التردد على مقهي اوزون بأحد الاحياء الراقية بالخرطوم حيث انه "عرضة للخطر على نحو خاص".

واوزون هو مقهى مكشوف في وسط ميدان مزدحم محاط بالمنازل والشركات. وتسهل رؤية الموظفين والرواد بوضوح من الطريق والمباني.

رئيس تحرير سوداني يقول انه احتُجِز بعد مقال عن رواتب مسؤولين

وقال رئيس تحرير صحيفة سودانية انه القي القبض عليه بعد أن نشر مقالا ينتقد فيه الرواتب الكبيرة التي تدفع للمسؤولين في وزارة الشؤون القانونية في جنوب السودان.

وقال نهيال بول رئيس تحرير ومالك صحيفة سيتزين عبر الهاتف من مركز للشرطة في جوبا عاصمة الجنوب انه اتهم بالقذف ونشر معلومات كاذبة.

ويضمن اتفاق للسلام وقع عام 2005 حرية الصحافة. وانهى الاتفاق اكثر من 20 عاما من الحرب الاهلية بين شمال وجنوب السودان وانشأ حكومة متمتعة بحكم شبه ذاتي في جنوب السودان. بحسب رويترز.

لكن رؤساء تحرير صحف وصحفيين في كل من شمال السودان وجنوبه يشكون من استمرار الرقابة ومصادرة النسخ خلال الطبع والمضايقات. وطالما اعترفت حكومة جنوب السودان بمشاكل فساد لكن لم يوجه اتهام لأحد بعد.

وفي وقت سابق من العام الحالي جمد رئيس جنوب السودان سلفا كير الرواتب للعاملين في وزراة الشؤون القانونية بعد تلقي تقرير عن مستويات رواتبهم.

والقي القبض على بول لفترة قصيرة في اغسطس اب بعد نشر تقارير عن مزاعم فساد في قطاعات أخرى بحكومة جنوب السودان.

جنوب السودان يسعى لزيادة الميزانية

وطلب وزير مالية جنوب السودان من المشرعين الموافقة على ميزانية تكميلية تعادل نحو ثلثي الخطة الاصلية فيما يرجع الى حد كبير الى الانفاق الزائد من القوات المسلحة.

ورغم توقيع جنوب السودان الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي وشماله اتفاقية سلام في 2005 الا ان كلا منهما يعمل على تعزيز جيشه فيما يلوح في الافق عدد من الاحداث المتفجرة المحتملة.

وأبلغ وزير المالية كول اثيان برلمان جنوب السودان أن من الضروري أن يغطي نفقات أخرى تبلغ 2.08 مليار جنيه سوداني (980 مليون دولار) علاوة على 3.4 مليار جنيه تتضمنها بالفعل ميزانية عام 2008. بحسب رويترز.

وقال الوزير لرويترز في وقت لاحق أن أكبر الجهات التي تجاوزت النفقات المخصصة لها هي جيش جنوب السودان الذي أنفق ميزانية بلغت نحو مليار جنيه بحلول يونيو حزيران.

وتعرضت ميزانية جنوب السودان لضغوط شديدة بسبب تكاليف ادارة جيش عامل كبير يحتفظ به منذ توقيع اتفاقية السلام التي أنهت أكثر من عقدين من الحرب الاهلية بين الشمال والجنوب.

وابلغ اثيان رويترز أن الزيادة التي يريدها في الميزانية والبالغة 61 في المئة يمكن تغطيتها من خلال الزيادة في ايرادات النفط بالمنطقة في 2008. وتمثل ايرادات النفط 99 بالمئة من دخل الحكومة. واضاف أن تراجع أسعار النفط العالمية مؤخرا قد يكون له تأثير خطير على خطط الانفاق للعام القادم.

وقال "سيؤثر على ميزانيتنا في العام القادم." وتابع أنه سيتم اعداد ميزانية 2009 على اساس سعر للنفط قدره 75 دولارا للبرميل. وتراجع الخام الامريكي يوم الاربعاء الى أدنى مستوى له في 13 شهرا دون 75 دولارا للبرميل.

هيومن رايتس: الخرطوم تذر الرماد في العيون بشان التحقيق في دارفور

انتقدت منظمة الدفاع عن حقوق الانسان "هيومن رايتس ووتش" التحقيق السوداني حول الجرائم في دارفور واعتبرت انه "ذر للرماد في العيون" ومحاولة لنسف احتمال ملاحقة المحكمة الجنائية الدولية الرئيس السوداني عمر البشير.

وبذلك ترد المنظمة بعد اسبوع على اعلان الخرطوم محاكمة احد قادة ميليشيا الجنجويد المتهم بجرائم حرب في منطقة دارفور في السودان علي قشيب.

واعلنت جورجيت غانيون مسؤولة فرع افريقيا في "هيومن رايتس ووتش" في بيان ان "الحكومة السودانية تذر الرماد في العيون في اطار الجهود الحالية الرامية الى تعطيل تحقيق المحكمة الجنائية الدولية".واضافت "ينبغي ان لا ينخدع احد بتلك العمليات". بحسب فرانس برس.

واصدرت المحكمة الجنائية الدولية التي دعا مدعيها لويس مورينو اوكامبو الى اصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس عمر البشير في تموز/يوليو العام 2007 مذكرة توقيف بحق علي قشيب بتهمة ارتكاب "جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب".

وقالت المحكمة انه كان يجند ويزود عناصر الجنجويد بالسلاح ويشارك في هجمات على المدنيين. وتحرك السودان دبلوماسيا لاقناع مجلس الامن الدولي بتجميد الملاحقات الدولية المحتملة بحق البشير في حين اكدت الخرطوم ان محاكمها مخولة محاكمة المتهمين بجرائم في دارفور.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 30/تشرين الأول/2008 - 30/شوال/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م