كربلاء المقدسة ومكافحة المظاهر المنافية للإسلام

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: تتنوع اساليب العيش والثقافات المجتمعية بحسب البيئة التي يقطنها الناس، ولكن بالنسبة للأماكن المعروفة بأنها ذات دلالات خاصة من ناحية القدسية والاحترام فإن الامر يختلف تماما، خاصة في مجتمعاتنا الاسلامية المحافِظة، فمسألة الحريات الشخصية في الاماكن المقدسة يجب ان لاتصل حد الإبتذال والخروج عن الاخلاق واللياقة والأدب بحجة انها ممارسات تتبع الحريات الشخصية..

بل ان مسؤولية ترسيخ الاخلاق والتعاليم الاسلامية ومكافحة الإبتذال والظواهر المنافية للإسلام تقع على الجميع بحسب ما يستطيع المواطن والمواطنة ان يؤدوا واجب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وحتى مسؤولي الدولة ومنظمات المجتمع المدني واساتذة الجامعة والمدرِّسين فالكل مسؤول امام الله. ولكن يجب ان يكون ذلك في خارج اطار العنف والخشونة، بل عبر استخدام اساليب التوعية الثقافية وادراك المواطنين لاهمية انسجام سلوكياتهم مع قدسية المدينة التي يزروها عشرات الملايين سنويا من العراق ودول العالم.

ويدور جدل حاد في كربلاء، ابرز العتبات المقدسة لدى الشيعة حول "المظاهر المنافية للاسلام" مثل الاغاني والرقص وحفلات الافراح واصوات آلات التسجيل المرتفعة بالغناء، اثر تصريحات خطيب ضريح الامام الحسين الذي ندد بعرض الملابس النسائية "بطريقة مثيرة" معبراً عن اسفه "لأن احداً لا ينهي عنها او يردعها".

واضاف معتمد آية الله العظمى السيد علي السيستاني رجل الدين عبد المهدي الكربلائي في خطبة الجمعة الماضية الى ان هناك "ظاهرة فتح اجهزة المذياع على الأغاني بصوت مرتفع جدا  ولا اجد احداً ينهي ويردع عن هذه الظواهر المنافية لديننا الاسلامي". بحسب الـ فرانس برس.

وتابع الكربلائي ان "المسؤولية تقع على الجميع بحسب ما يستطيع المواطن والمواطنة ان يؤدوا واجب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وحتى مسؤولي الدولة ومنظمات المجتمع المدني واساتذة الجامعة والمدرسين الكل مسؤول امام الله".

يُذكر ان الحفلات والغناء والرقص في الاعراس وغيرها كانت موجودة ابان النظام السابق ومُنعَت بعد سقوطه مراعاة لقدسية مدينة كربلاء المكان الابرز في القداسة والتكريم بالنسبة للمسلمين الشيعة.

لكن هذه الممارسات عادت الى الظهور بقوة بعد المواجهات الدامية اثناء ذكرى مولد الامام المهدي في آب/اغسطس 2007 بين قوات امنية وجيش المهدي والتي حصدت عشرات القتلى واصدر في اعقابها مقتدى الصدر قرارا بتجميد انشطة الميليشيا الشيعية.

وعاد البعض الى الرقص والغناء وتنظيم حفلات علنية للاعراس كما اعادت صالونات الحلاقة النسائية فتح ابوابها وكذلك عرض الملابس النسائية في المحلات المخصصة لذلك.

وقد تعرض عدد كبير من هذه المحلات للتفجير عندما كانت مجموعات اطلقت على نفسها "الامر بالمعروف والنهي عن المنكر" تتجول في الشوارع لمنع ما تعتبره "منافيا لتعاليم الاسلام". بحسب الـ فرانس برس.

ويروي صاحب محل لبيع الملابس النسائية قائلا "كنا نخشى هؤلاء اثناء جولاتهم على المحلات وقد طلبوا مني وضع حجاب للموديلات المعروضة في واجهة المحل.

يذكر ان قيادة شرطة كربلاء اتهمت الصيف الماضي الميليشيات الشيعية بمئات عمليات الاغتيال تحت "ذريعة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر" خلال اربع سنوات ماضية.

واعتبرت ان "مجموعات جيش المهدي ارتكبت انتهاكات لحقوق الانسان عبر ارادتها ان تفرض على المواطنين نظاما يضاهي نظام طالبان تحت مسميات وبدع ما انزل الله بها من سلطان وعاثت في الارض فسادا تحت ذريعة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر".

ويقول احمد وهو طالب جامعي اكتفى بالكشف عن اسمه الاول "نظَّمنا العام الماضي حفل تخرج لكن جماعات الامر بالمعروف اقتحمت المكان واعتدت بالضرب على الموجودين وحطموا اجهزة الصوتيات والموسيقى. اما اليوم فان الاجواء المفرحة عادت الى الجامعة والمعاهد واخذ الطلاب ينظمون حفلات التخرج بحرية لكن خارج الجامعة".

من جهته يؤكد الموظف سالم جاهل "لا اعتقد ان هناك دينا سماويا يمنع البهجة والفرح ويدعو فقط للحزن والالم عادت المحلات تعرض بضاعتها بكل حرية فنحن بلد متعدد الثقافات والاتجاهات. لا يمكن فرض لون محدد فهناك المتدين والعلماني".

اما الطالب الجامعي قاسم رعد فيقول "لقد مللنا المآسي واعمال القتل والتفجيرات  فالعراقيون يبحثون عن امل في الحياة وحتى هذه الممارسة المفرحة يريدون منعها علينا فهل يريدوننا ان نبكي ونلطم بشكل دائم"؟

من جهة اخرى ندد الكربلائي بعرض مسرحية "تتنافى مع مبادئ ديننا الحنيف" في اشارة الى مسرحية "كون آني برلماني" التي قرر مجلس المحافظة منعها بذريعة انها تمس "قدسية كربلاء وتخدش الحياء". واضاف الكربلائي ان "مجلس المحافظة منع المسرحية بعد ايام من عرضها لكننا كنا نأمل ان يكون المنع منذ اول يوم".

في المقابل يقول زهير سعد "اؤيد الكربلائي شرط ان لا يكون التدخل لمنع هذه المظاهر بالقوة وانما بالنصح والارشاد لان هناك هجمة على الاسلام واذا استخدمنا القوة سيصفوننا بالارهابيين وطبيعي ان مظاهر الغناء لا تتناسب مع قدسية المدينة".

من جهته يوضح عادل عباس القارئ في احد المساجد "اتفق مع الكربلائي لأن هذه المظاهر الصاخبة والحفلات الغنائية لا تتناسب مع قدسية كربلاء التي تختلف عن المدن الاخرى فمن يريد ان يفرح يجب ان يكون ذلك داخل منزله ودون صخب او ضجيج".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 29/تشرين الأول/2008 - 29/شوال/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م