
شبكة النبأ: خلال مناظراتهما
التلفزيونية الثانية – ضمن ثلاث مناظرات مخطط لهم حتى موعد
الانتخابات الرئاسية فى الرابع من نوفمبر القادم – استمر المرشح
الجمهوري جون ماكين والمرشح الديمقراطى باراك أوباما فى التركيز
على الأزمة المالية التى تعصف باقتصاد الولايات المتحدة، وتنذر
بدخوله مرحلة ركود كبرى، وهى الأزمة التى اعتبرها أوباما وكذا
المواطنين الأمريكيين – حسبما أشارت استطلاعات الرأى مؤخرا – أنها
الأسوأ منذ الكساد الكبير، الذى ضرب الولايات المتحدة الأمريكية
خلال ثلاثينيات القرن العشرين. ومع عودة موضوعات الاقتصاد لتكون
محدد أساسيا فى السلوك التصويتى للناخب الأمريكى، حاول كل مرشح أن
يقدم رؤية واضحة للكيفية التى بها يمكن الخروج من الأزمة، وإنقاذ
الاقتصاد من عثرته، والتي من المتوقع أن تستمر على الأقل خلال
المستقبل القريب.
في هذا الإطار اهتمت وسائل الإعلام بالمناظرة الرئاسية الثانية
وما قدمه المرشحين من حلول للازمة المالية. بحسب موقع تقرير واشنطن.
جهود مكثفة لمواجهة الأزمة
وفى صحيفة USA Today اعد روبرت جاكسون وآخرون تقريرا عن الدور
الكبير الذى سوف يلعبه المستشارون الاقتصاديون فى الحملة
الانتخابية الرئاسية لكلا المرشحين، وهو دورا اعتبره البعض سيكون
فارقا فى تحديد هوية الحلول التى يمكن أن يقدمها كل مرشح لعلاج
الأزمة، وقد حاول كلا المرشحين بذل ما فى وسعهما – كلُ انطلاقا من
خلفيته الفكرية وما يؤمن به من أفكار – لتقديم حلول فعالة للازمة،
وذلك بالاعتماد على عدد كبير من المستشارين الاقتصاديين ذوى الخبرة،
فمن جانبه استعان فريق أوباما بعدد من المنظرين الاقتصاديين –
الذين ينتمون إلى مشارب أيديولوجية وفكرية مختلفة - والذين شغلوا
مناصب هامة فى إدارات ديمقراطية سابقة مثل إدارة الرئيس جيمى كارتر
والرئيس بيل كلينتون سواء فى وزارة الخزانة أو بنك الاحتياط
الأمريكى أو حتى فى البيت الأبيض مثل بول فولكر وروبرت روبين
ولاورينس سامرز. أما حملة ماكين فقد استعانت بنخبة من الخبراء من
قيادات كبرى الشركات الأمريكية، هذه المجموعة من الخبراء التى
تتبنى السياسات الريجانية – نسبة إلى الرئيس الأمريكى السابق
رونالد ريجان – والتى تقوم على تقليل دور الحكومة فى الاقتصاد إلى
الحد الأدنى، لتكون فقط مجرد منظم للنشاط الاقتصادى وعدم القيام
بأى ادوار تدخليه فيه.
ماكين يشتري ديون الرهن العقاري
وعلى إذاعة NPR قدم برنامج All Things Considered تقريرا أعده
كريس أرنولد تناول فيه الاقتراح الذى أعلن عنه المرشح الجمهورى جون
مكين بتقديم مبلغ 300 مليار دولار لشراء ديون الرهن العقارى التى
تعثر أصحابها فى سدادها وبالتالى هم مهددون بترك منازلهم، وأكد
ماكين انه بمجرد انتخابه رئيسا للبلاد فانه سيأمر وزير الخزانة
بشراء ديون الرهون العقارى السيئة، والبدء فى إعادة تقييم أصول
العقارات. واعتبر أرنولد أن هذا الاقتراح هو أهم النقاط التى طرحها
مكين خلال حملته الانتخابية حتى فى إطار مقاربته لعلاج الأزمة
المالية وقد طرح فريق الحملة الانتخابية لمكين بعض التفاصيل حول
الخطة، والتى تقضى بان تعتمد الإدارة على كبريات وسطاء التمويل
العقارى فى الولايات المتحدة مثل فاني ماي وفريدي ماك في دفع
الديون المستحقة على المتعثرين.
ماكين لم يأت بجديد
فى هذا الإطار أكد أرنولد أن هذه الفكرة التى طرحها مكين ليست
بالجديدة وان الكثير من الاقتصاديين سواء المحسوبين على التيار
الليبرالى أو التيار المحافظ كانوا قد اقترحوا أفكار قريبة من هذه
الخطة التى طرحها. وساق التقرير عدد من الأمثلة على ذلك، حيث أشار
إلى أن عضو مجلس النواب الديمقراطى راش هولت قد طالب خلال الأسبوع
الماضى الإدارة الأمريكية باتخاذ نفس الإجراء الذى دعا إليه مكين ،
أيضا تعتبر هذه الخطة -فى جزء كبير منها - مشابهة لاقترح قدمه احد
أساتذة الاقتصاد فى جامعة كولومبيا كريس ماير. ولفت التقرير إلى أن
هناك العديد من علامات الاستفهام حول هذه الخطة مثل من هم هؤلاء
المؤهلون للاستفادة من هذه الخطة؟ وما هى الشروط الذى سوف تفرضها؟
وكيف سيتم تمويلها أو بمعنى آخر من سيكون عليه تحمل عبء الموارد
المالية التى ستعتمد عليها هذه الخطة؟
ولفت التقرير الانتباه إلى أن ماكين كان قد اقترح اتخاذ عدد من
الإجراءات الرقابية التى يمكن من خلالها ضمان عدم حدوث مثل هذه
الأزمة المالية مرة أخرى فى مؤسسات وول ستريت ، مثل انشاء جهاز
رقابى له سلطات وصلاحيات كبيرة تمكنه من إنقاذ مؤسسات الإقراض فى
حالة الخطر. واتخاذ مجموعة من الإجراءات التى تسهم فى زيادة
الشفافية فى التعاملات المالية. علاوة على تسهيل عمل الوكالات
الفيدرالية المضطلعة بمهمة مراقبة عمل البنوك ومؤسسات الاستثمار
والرهن العقارى، وتشديد الإجراءات القانونية لمواجهة الإقراض
المتزايد.
وجهة نظر مؤيدة لسياسات جون ماكين
وقد لاقت هذه الاقتراحات قبولا لدى قطاع من الأمريكيين خصوصا
على مستوى النخبة المؤيدة لسياسات الجمهوريين، حيث أكد هؤلاء أن
فتح الطريق أمام الاستثمارات الأجنبية فى الشركات والمؤسسات
الأمريكية سوف يساهم كثيرا فى حل المشاكل المالية التى تعانى منها
هذه المؤسسات، كما أن إعادة بناء وهيكلية النظام المالى الداخلى
سوف يساهم كثيرا فى إعادة الثقة الائتمانية للاقتصاد والمؤسسات
المالية الأمريكية، فضلا عن أن فرض ضرائب على المدخرات وعلى أرباح
رؤوس الأموال هى من السياسات الاقتصادية المقبولة والملائمة للظروف
التى تعيشها الولايات فى الوقت الحالى، أما زيادة الضرائب على رؤوس
الأموال – كما يريد أوباما - هو فى اغلب الأحيان سياسة اقتصادية
غير مرغوبة.
فلنطرح الاقتصاد جانبا.؟!
أما برنامج واجه الصحافة Meet The Press الذى يقدمه توم بروكاو
على شبكة MSNBC فقد أشار إلى أن المعسكر الجمهورى بقيادة المرشح
جون ماكين يريد أن يطو صفحة الحديث عن الأزمة المالية – الذى يبدو
انه فشل فى معالجتها وتقديم حلول فعالة لها – وتحويل مسار الحملة
الانتخابية الرئاسية إلى طريق آخر، يستطيع من خلاله كسب بعض النقاط
على حساب منافسه الديمقراطى، ويبدو انه وجد ضالته فى تصعيد مستوى
الهجوم على شخصية أوباما، وعلاقاته بعدد من الشخصيات التى لها سجل
سيئة مع الشعب الأمريكى، أو العلاقة التى تربطه بعدد من المؤسسات
المالية الكبرى – التى يقال أنها قدمت تبرعات سخية لحملته
الانتخابية سواء الحملة الانتخابية للفوز بمقعد مجلس الشيوخ أو فى
الحملة الانتخابية الرئاسية. الأمر الذى دفع مقدم البرنامج إلى
التأكيد إلى أن العائلات الأمريكية التى تكافح من اجل الحفاظ على
مستواها المعيشى لا تستطيع أن تقبل رئيسا لا يشعر بمعاناتها.
وفى نفس السياق أشار التقرير الذى قدمه البرنامج إلى أنه إذا
استمر الأمر على هذا المنوال الذى يريده ماكين "المسائل الشخصية فى
مواجهة الاقتصاد"، فانه بذلك سيخسر الرهان، لان هذا الأمر فى
النهاية سيكون لصالح منافسه، وهو الشيء الذى على مكين أن يتجنبه فى
الفترة القادمة، وان يعمل على إيجاد نفسه فى قلب المعاناة التى
تعيشها الطبقة الوسطى فى المجتمع الأمريكى.
أما على الجانب الآخر فى أكد التقرير على أن السياسات التى
يطرحها أوباما فى برنامجه الانتخابى تتضمن رؤية لتغيير عميق فى
الولايات المتحدة على مستويات كثيرة خصوصا على المستوى الداخلى فى
جوانب كثيرة منه، مثل الرعاية الصحية والتعليم والاقتصاد، ولتنفيذ
هذه السياسات لا بد من توفير اعتمادات مالية كبيرة، ولكن جاءت
الأزمة المالية الحالية لتتبدد الأمل فى الإسراع بتنفيذ هذه
السياسات، حيث من المفترض أن تضخ الحكومة الفيدرالية مئات
المليارات من الدولارات لشراء ديون المؤسسات المالية وإنقاذها من
الانهيار، طبقا لما تطرح خطة الإنقاذ Bailout Plan والى وافق عليها
الكونجرس مؤخرا، وأعلن أوباما– وأيضا ماكين– موافقته عليها. كما
طالب باعتماد برنامج لمساعدة ملاك المنازل وأصحاب الأعمال والطلبة
المتعثرين فى تسديد القروض المستحقة عليهم؛ وضرورة تشديد مسئولية
الشركات والمؤسسات المالية عن أى فشل تتعرض؛ مع إمكانية تقديم
مساعدات مؤقتة للمؤسسات المتعثرة مع تشديد الرقابة الحكومية على
هذه المؤسسات
هوية الرئيس القادم فى أوهايو
وعلى شبكة CNN لفت التقرير الذى أعده برنامج THE SITUATION ROOM
– الذى يقدمه جون روبرت على الشبكة - الانتباه إلى أن الاقتصاد سوف
يكون حاسما فى اختيارات الناخبين فى العديد من الولايات المهمة،
خصوصا بالنسبة للجمهوريين، والتى يستلزم الفوز بها إذا أرادوا أن
يحتفظوا بمقعدهم فى البيت الأبيض، ومن بين هذه الولايات المهمة
ولاية أوهايو ، لأن خبرة الانتخابات الرئاسية على مدار تاريخ
الولايات المتحدة تشير إلى أن ليس هناك رئيس جمهورى استطاع الوصول
إلى البيت الأبيض دون الفوز بأصوات هذه الولاية فى المجمع
الانتخابى، وأشار البرنامج إلى هذه الولاية تعتبر من أهم الساحات
الانتخابية لكلا المرشحين، فالوضع الاقتصادى السيئ الذى تعيشه
الولاية فى الوقت الحالى سوف يلعب دورا هاما فى الانتخابات
الرئاسية القادمة، حيث تعبر أوهايو واحدة من اكبر ستة ولايات تعانى
من نسبة بطالة كبيرة على المستوى القومى فى الولايات المتحدة، حيث
تصل هذه النسبة هناك إلى 7.4%، كما خسرت الولاية خلال الأعوام
السبعة الماضية حوالى 33 ألف وظيفة. وفى سياق المنافسة الانتخابية
بين كلا المرشحين، وعد المرشح الديمقراطى باراك أوباما بخلق ما
يقرب من ستة ملايين وظيفة خلال عقد من الزمان عقب توليه الرئاسة
مباشرة. ومن جانبه أكد التقرير أن أوباما يكاد يجزم أن التركيز على
الاقتصاد سوف يجعله يصل للنهاية التى يقصدها بالإطاحة بمنافسه
الجمهوري والوصول إلى البيت الأبيض. |