
شبكة النبأ: تتعدد القضايا التي
تُسيطر على نقاشات ومناظرات مرشحي الانتخابات الرئاسية الأمريكية،
والتي تتنوع بين قضايا داخلية وأخرى خارجية، ولكن تلك الداخلية هي
المسيطرة على السباق الانتخابي، لاسيما في وقت تُواجه فيه الولايات
المتحدة عديدًا من التحديات الاقتصادية. وقد برزت قضية مواجهة
الفقر والرعاية الصحية كقضية انتخابية محورية تفرض ذاتها على
الإدارة القادمة، لاسيما بعد التقرير السنوي لمؤسسة الإحصاء
الأمريكية عن مستويات الدخل والفقر وخدمات التأمين الصحي في
الولايات المتحدة، فقد أظهر التقرير ارتفاع عدد الفقراء من 36.5
مليون فرد عام 2006 إلى 37.3 مليونًا في 2007 من إجمالي عدد سكان
أمريكا البالغ نحو 300 مليون نسمة.
وأوضح التقرير ارتفاع نسبة الفقر بين الأطفال التي بلغت ما يقدر
بـ 18%، وهو ما دفع كثيرًا من الخبراء لصياغة بدائل واستراتيجيات
للإدارة الجديدة التي ستتولى قيادة الولايات المتحدة في يناير
المقبل، لكيفية التعامل مع تلك المشكلة الخطيرة التي ستُؤثر على
الحراك الاقتصادي والاجتماعي الأمريكي.
ومن تلك الكتابات المهتمة بصياغة السياسات للإدارة الجديدة فيما
يخص قضية فقر الأطفال، وتراجع العناية والاهتمام الأمريكي بالجيل
القادم للولايات المتحدة، مقالة معنونة بـA Springboard to the
Ownership Society"، أعدتها كاتي ماك مين كامبل، التي تعمل محللة
سياسية في معهد السياسة التقدمية، وجايسون دي نيومان مدير السياسة
المحلية بمجلس القيادة الديمقراطي، وفي تلك المقالة اقترح الكاتبان
مجموعة من الاستراتيجيات من شأنها القضاء علي الفقر. بحسب موقع
تقرير واشنطن.
رعاية من المهد إلى الكلية
أثبتت دراسة حديثة أصدرتها جامعة ميتشجان بأنه على مدى العشرين
سنة الماضية تضاعف صافي الثروة لأغنى العائلات الأمريكية بنسبة 2%،
بينما انخفض صافي الثروة بالنسبة لأفقر العائلات الأمريكية بصورة
كبيرة، وتشير الدراسة إلى أن طفلاً من بين أربعة أطفال يكبر دون
أية مدخرات.
وفي عام 2005 انخفض معدل المدخرات الوطنية إلى تحت الخط الأحمر
لأول مرة، ولذا فعلى الإدارة القادمة العمل على تضييق هذه الفجوة
في الثروة من خلال سندات للأطفال Baby Bonds الرضع، أي لأربعة
مليون طفل وهو عدد المواليد كل عام كما هو الحال في المملكة
المتحدة.
وتقوم تلك الاستراتيجية على إيداع مبلغ 500 دولار لكل طفل عند
الولادة وبعد عشر سنوات يمكن للأسرة أن تضيف لهذه الحسابات بكمية
محدودة، كما أنها ستكون معفاة من الضرائب. ويمكن أن تزود الحكومة
الفيدرالية وحكومات الولايات من مشاركة الأسر من خلال برامج للأسر
ذات الدخول المنخفضة وإتاحة فوائد سنوية لهم معفاة من الضرائب.
ولكي يُسمح للطفل بالاستفادة من هذه السندات لابد أن يتجاوز
المرحلة الثانوية والعمل لمدة 1000 ساعة لخدمة المجتمع. وبمجرد
الوفاء بهذه المتطلبات يمكن للأفراد استخدامها لدفع تكاليف الجامعة
أو بدء بعض الأعمال التجارية الصغيرة. وهذه الفكرة ليست بجديدة حيث
قدمت مجموعة من الحزبين الكبيرين، الديمقراطي والجمهوري، بالكونجرس
قانون الادخار الشخصي للاستثمار والتعليم والتقاعد، والذي يمكن من
خلاله إعطاء كل طفل حوالي 500 دولار كإسهام عند ولادته.
وعلى مستوى الولاية اقترح جوناثان ميلر الديمقراطي خطة مماثلة
لمساعدة الأطفال لدفع مصاريف الكلية "من المهد إلى الكلية". ومن
خلاله يُعطَى كل طفل يولد في ولاية كنتاكي مدخرات تغطي تكاليف
الكلية. وفي الإطار ذاته قدم مبادرة تنص على أنه لابد أن يكون لكل
طفل مبلغ كافٍ من المال لتغطية تكاليف الدراسة بالجامعة ويمكن
للأسر أن تدفع مبالغ إضافية لتكملة هذه الأموال من أجل تحمل مصاريف
سنوات الدراسة الأربعة، لكن يحتاج المستفيدون من هذه المبادرة على
الأقل أداء سنة واحدة من الجيش أو الخدمة المدنية قبل الحصول على
الأموال.
الالتزام بمحو الأمية المالية
وتطرح المقالة بعدًا آخر للقضاء على فقر الأطفال وهو محو أميتهم
المالية، والذي يعني تزويدهم بالمعرفة المالية اللازمة لتحقيق
النجاح الاقتصادي في حياتهم. فالدول عليها أن تضع خطة شاملة لمحو
الأمية المالية من المناهج الدراسية نظراً لأن العالم في الوقت
الراهن يتزايد تعقيدًا من حيث الهياكل الاقتصادية، لذا أضحى من
الضروري أن يكون لدى الأفراد الأساسيات لفهم الشئون المالية،
تمكنهم من أن يقوموا باتخاذ بعض القرارات بشان اختيار بطاقة
الائتمان أو شراء منزل.
وفي استطلاع أجراه the Jumpstart Coalition حول الأمية المالية
لطلاب المدارس الثانوية أجاب حوالي 48,3% فقط على الأسئلة بشكل
صحيح، وفي الجامعة أجاب حوالي 62% على الأسئلة بشكل صحيح. وبالرغم
من هذا فمازالت النتائج غير مرضية فيما يتعلق بمعرفة الأمور
المالية.
وفي هذا الإطار لاحظ رئيس المجلس الاتحادي الاحتياطي بن برنانكي
Ben Bernanke بأن الوعي الاقتصادي للشباب أمر ضروري وذو أهمية
حيوية لمستقبل الولايات المتحدة الأمريكية. ووفقًا لمسح 2007 من
قبل المجلس الوطني للتعليم الاقتصادي national Council on Economic
Education فإن حوالي سبع ولايات فقط وضعت شرطًا لتخرج الطلاب من
المدرسة الثانوية وهو اجتياز دورة عن الأساسيات المالية . بالإضافة
إلى أن هناك تسع ولايات فقط تقوم باختبار الطلاب في مجال المعلومات
المالية.
ويعتقد بعضٌ أن عدم وجود دورات لمحو الأمية المالية لا يرجع إلى
نقص الدعم من الآباء الامريكين أو المعلمين، فقد دعم ما يقرب من
91% من الأمريكيين فكرة متطلبات التعليم المالي، وحوالي ثلاثة
أرباع المعلمين يؤيدون وجود معايير أكاديمية لمحو الأمية المالية،
فالسياسات التي تهدف إلى تعزيز الاستقرار الاقتصادي قد لا تنجح في
نهاية المطاف إذا لم يمتلك الأمريكيون معلومات وأدوات للاستثمار
وإنفاق المال بحكمة. وهو الأمر الذي يفرض على الولايات تنفيذ خطة
شاملة لمحو الأمية المالية بالمناهج الدراسية.
توسيع نطاق مكافآت العمل
وتؤكد المقالة على أهمية تنشئة جيل جديد مسئول من المواطنين
يبدأ من المنزل. فالأطفال بحاجة إلى مشاهدة والديهم عند الذهاب إلى
العمل وتحمل المسئولية. ولكن في العقد الماضي كان عديد من ذوي
الدخول المنخفضة ليسوا قدوة حسنة لأطفالهم. فبعض الدراسات أوضحت أن
42% من الأشخاص الفقراء يعملون طوال الوقت وعلى مدار السنة (أي )
ليس لديهم الوقت لكي يجلسوا مع أبنائهم. ولذا تنصح المقالة الرئيس
القادم بضرورة توفير فرص عمل للآباء تساعدهم على توفير مستوى معيشي
مناسب.
وترى المقالة أنه في الوقت الراهن تتلقى الأسر التي لديها طفلان
أو أكثر أقصى استفادة من ضريبة الدخل المكتسب the Earned Income
Tax Credit تبلغ حولي 4,536 دولار أما الأسر التي لديها طفل واحد
تحصل على 2,747 دولار ولكنَّ العاملين الذين ليس لديهم أطفال
يتلقون حوالي 412 دولار في السنة، وإذا استطاعت الضريبة على الدخل
أن تغطي قيمة المكافآت في العمل فسوف تسهم في رفع الفقر عن كثير من
الأسر وإعطاء الأطفال مثالاً واضحًا على ما يعنيه تحمل المسئولية.
فالأطفال ليسوا بحاجة إلى الرعاية المادية فقط ولكنهم بحاجة إلى
نماذج إيجابية تكون بمثابة قدوة لهم تعلمهم كيف يصبحون مواطنين
مسئولين.
الحصول على شهادة جامعية
يعتبر الحصول على درجة جامعية من الخطوات الأساسية للنجاح
الاقتصادي والحراك الاجتماعي، لكن هذا يتكلف كثيرًا من الأموال،
فقد أوضح تقرير عن أسعار التعليم في الفترة ما بين عامي 2007
و2008، أن الأسعار ارتفعت بنسبة 6,6% و4,2% على الترتيب. وسوف تتجه
هذه الأسعار إلى الارتفاع بمعدل أسرع، وتعتبر السبب الوحيد وراء
عدم استطاعة عديدٍ من الطلبة إتمام تعليمهم العالي، ولهذا حاول
الكونجرس مساعدة بعض الأسر فيما يتعلق بتكاليف التعليم من خلال
قانون الضرائب إلا أن بعضًا يرى بأنه بالإضافة إلى قانون الضرائب
يمكن أيضًا مساعداتهم من خلال ضريبة التعليم العالي وضريبة الجامعة
التي من شأنها أن تزود فرص المنح الدراسية.
وفي النهاية تشير تقديرات الكاتبين إلى أن تكلفة هذه المقترحات
قد تبلغ حوالي 48,75 بليون دولار في السنة الأولى عند تطبيقها
و492,5 بليون على مدى عشر سنوات. وعلى الرغم من ارتفاع تكلفة هذه
الاقتراحات إلا أنها على المدى الطويل مفيدة للأطفال والمجتمع. |