اللاجئون العراقيون في مصر بين الأزمة المعيشية والنظر صوب الوطن

تقرير: هند محمد/ القاهرة - النبأ

 

شبكة النبأ: حتى نتحدث عن العراقيين اللاجئين فى مصر لابد ان نبدأ القصة من بدايتها لنوضِّح بعض الحقائق التى خفيت عنّا من وجهة نظر مصرية عراقية، فمنذ ان بدأ الغزو الامريكي على العراق توافدت مئات العوائل العراقية على مصر،  وفي البداية كان دخول الوافدين دون قيود او شروط ولكن الحكومة المصرية بدأت فيما بعد بتقنين الدخول الى مصر، لعدة أسباب منها ما كان مبررا ومنها غير مبرر.

المبرر القوي كان هو سوء الاحوال الاقتصادية فى مصر عموماً، وعدم قدرتها على اكرام ضيوفها خاصة اذا ما علمنا ان البلاد تشهد ازمة في المواد الغذائية وأزمة بطالة مستفحلة، ومع ذلك كان الدافع الإنساني طاغياً وأقوى من القوانين والظروف، فتراجعت الحكومة المصرية عن الشروط التي وضعتها امام الوافدين العراقيين. واحتضن المصريين لما معروف عنهم من طابع اجتماعي وانساني أخوانهم العراقيين محاولين تقديم ما يمكن من المساعدة.

ولكن الواقع الذي لا يمكن تغييره او انكاره هو سوء الحالة المعيشية للعراقيين اللاجئين في مصر حيث عدم توفر فرص العمل ومقومات الحياة الطبيعية.. وبالنهاية تمركز وجودهم في المدن الجديدة خاصة مدينة السادس من اكتوبر، حيث يتواجد فيها الآن الاف من العراقيين، منهم مَن أسس مشاريع صغيرة مثل المقاهي والمطاعم واخرين من الميسورين او متوسطي الحال واصلوا درساتهم في المعاهد والجامعات الخاصة.

وبقدر ما أظهر العراقيين حبهم الشديد لإخوانهم المصريين والحياة بمصر فإنهم يوضحون استيائهم من الحكومة المصرية لتشديدها إجراءات الدخول والإقامة..

آراء العراقيين حول بلدهم

رغم تواجد قرابة 900 الف عراقي فى مصر، بحسب التقديرات، إلا انني وجدت صعوبة بالغة في الحديث معهم ومحاولة استحصال آرائهم حول الامور المعيشية ونظرتهم للمستقبل هنا او في بلدهم العراق، ويبدو ان إحجامِهم عن الحديث لم يرجع لرغبتهم بالإختفاء انما لأسباب الخوف الذي لازال كاتماً على انفاسهم لِما تعرضوا له من ظروف معقّدة وقاسية في العراق.

وعندما حصلت على موافقة المواطن العراقي محمد، في ان يتحدث عن رؤيته لِما آلت اليه الاوضاع في بلده وهل انه يرى التقدم الامني الذي حصل ثابتاً ام هشّاً قال، بالطبع شيىء مؤكد ان نتابع كل صغيرة وكبيرة في العراق إلا ان العديد منّا يرى انه لم يحين بعد وقت العودة لأسباب عديدة منها ان التقدم الامني يخلِّف وراءه مشاكل صغيرة لكنها معقدة وصعبة وقابلة للتمددز

واضاف محمد، نعلم انه اذا ما انسحبت القوات الاجنبية بالتزامن مع بناء قوات امن عراقية قادرة على حماية البلد والشعب فإننا سنكون اول العائدين لنشارك اخواننا في بناء بلدنا المدمَّر من جديد.

المواطن العراقي حميد، قال عند سؤاله عن الظروف الاقتصادية للعراقيين عموما في مصر، الظروف الاقتصادية فى مصر صعبة للغاية بحيث اننا بصعوبة بالغة نجد ما يسد الرمق وبدل ايجار السكن، فأنا اعمل فى شركة بمدينة العاشر من رمضان، ولكن مصر الآن تشهد الغلاء في كل شيئ، وذلك ليس ما اعاني منه كلاجئ عراقي انما هو حال عموم الاخوة المصريين.

البعض الاخر من العراقيين ممن يمتلك بعض المال فضّل ان يكوِّن مشروعاً صغيراً يعيش منه ويدير أموره، وكان هذا مسعى المواطن العراقي كريم، الذي قال، بعد الغزو الامريكي للعراق وما آلت اليه مصالحنا من دمار تحرَّكنا بأموالنا الى هنا وأسسنا بعض المشاريع التي كان منها (شركة الذيب للأثاث بشارع الهرم) و(شركة العراقي للموبايل بشارع فيصل) و(قهوة العراقيين) وغيرها من المطاعم والكافيهات..

وأضاف كريم، أستطعنا ايضا ان نُلحق أبناءنا بالكليات والمعاهد هنا في مصر، ومِنّا من تزوّجَ من المصريات، فإن فكَّرنا في العودة الى بلدنا فإن ذلك سيأخذ وقتاً.

سألنا عراقياً آخر فضّلَ عدم ذكر أسمه، عن الكيفية التي استقبل بها المصريين اخوانهم اللاجئين العراقيين وهل خفف الطابع الاجتماعي فى مصر من وطأة الغربة، فقال، إستقبَلَنا اخواننا المصريين احسن استقبال وأكرمونا بما يستطيعون وأحسنوا استقبالنا، ولم نشعر بالضيق والغربة ونحن بينهم، ولكن من أشعَرَنا بالغربة الحقيقية هي الحكومة المصرية، فقد واجهتنا متاعب حقيقية فى استحصال الفيزة والاقامة وغيرها من الامور، ويرجع مبررهم في ذلك الى الاحوال الاقتصادية السيئة لديهم.

وعندما سألناه عن نظرته لموضوع العودة الى العراق والمشاركة في بناء بلده من جديد قال، يتكون الشعب العراقي من العديد من الطوائف التي مرّت بمرحلة خلاف شديدة ودموية ولذلك يجب العمل المشترك على اعادة اللحمة فيما أطياف شعبنا حتى تكون قاعدة البناء سليمة معافاة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 25/تشرين الأول/2008 - 25/شوال/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م