خبرٌ في الصباح: انهارت البورصة!
أرتشفُ مطلعَ القصيدة، وأحتسي بيتين من الجَبْر، وأقطّعُ بالقلم
والممحاة شريحةً من النثر. هذه وجبتي اليومية مذ نما رأسي حول
أسناني. ولا أجدُ ما أغسل به وجهي سوى عسل المعنى، ولا أسكنُ إلا
في فضاءٍ من المجاز.
ها هو الضحى قد أضحا، واكتمل التكوير في قسمات الأبعاد ليتّضح
الوجود. مَن يُآخذُ الظلّ إن احتمى بالشجر؟ وهذا حائطٌ يسند صوَراً
لا تعني له شيئاً سوى أنه حائط، وهذه صور تحملق بي ولا أعني لها
شيئاً سوى أنها صور، وها أنا أتأملُ ما كتبتُ ولا أعني لما كتبت
شيئاً سوى انني أبله.
الشارع الطويل يمرّ سريعاً تحت عجلات المركبات.. هل سأصِل؟ لا
بدّ من الوصول.. على الطرقات أن تسرع في المسير كي نصل.. الى أين؟!
بالأمس احتفلنا بالعام الذي سيأتي بعد مئة عام.. والزمن كما
الطرقات يتراكم خلفنا لكي لا نصل.
لم أصل الى المقهى.. حائط يسند تلفازاً، وتلفاز يسند أفعى
تتلوّى، والأفعى تسند مُعجَبين، والمُعجبون يتجاوزهم الزمن: سبعة
بستوني.. لا لا اسباتي.. ولد ديناري.. ما الفرق؟! كأني غادرت
المقهى الذي لم أصل اليه.. الطريق تمضي الى الخلف، والزمن يرتمي
ورائي.. زجاجٌ يسند مرآةً، ومرآة تسند وجهي، ووجهي قد هَرِم.
أقرأ حثالة فنجان القهوة، وأفكّر بكيمياء الكحول، وأختبر
بالشوكة والسكين طراوة شريحة اللحم. هذه وجبتي مذ نمت أسناني من
رأسي.. ولا أجد ما أتحلّى به سوى رحيق قُبلةٍ ما زال طعمها تحت
لساني.
مال الغروبُ نحو الشمس.. أفقٌ يسند شمساً، وشمسٌ تتمعنّ بي وأنا
أتمعنّ في الصور.. ذاكرةٌ تسند صوراً لا تعني لها شيئاً سوى أنها
ثقبٌ في الحائط، وصورٌ تسند تاريخاً لا يعني لها شيئاً سوى أنها
أوهامٌ في الثقب، وأوهامٌ تسند انساناً لا يعني لها شيئاً سوى أنه
مُتَشائل.
وَضَعَتْ الشمسُ قمراً.. قمرٌ يسندُ ضوءاً، وضوءٌ يسند ليلاً،
وليلٌ يسترق السمع:
ماذا قُلنا؟.. لا شيء.. لنبدأ من جديد إذاً.. ولكنكَ لا تُحبني!..
مَن قالَ لكِ ذلك؟.. تصرفاتكَ.
زوجٌ يسند زوجة، وزوجةٌ تسندُ أطفالاً، وأطفالٌ يسندون عائلة.
طلّقني أرجوك.. العصمةُ في يدكِ.. والأطفال ما ذنبهم؟!
أرتشفُ حلاوةَ الوَسَن، وأحتسي مقطعين من الحُلم، وأقطّع
بالشخير مفاتن النوم. هذه وجبتي في الغياب مذ نما السرير من جسدي.
ولا أجد ما أتدثر به سوى أهداب الأرق، ولا أسكن إلا في صور المرايا.
مَن فازَ في الانتخابات؟
* مجلة الفينيق الثقافية-هيوستن |