
شبكة النبأ: أدى اختطاف الباخرة
الأوكرانية في المياه الدولية المقابلة لشواطئ الصومال علي يد
القراصنة إلى إطلاق ناقوس الخطر مدويا في أرجاء المجتمع الدولي
محذرا عن حراجة الموقف والمخاطر التي ستترتب على مثل هذا الأمر.
فرغم المناشدات السابقة التي كانت تطلقها بعض المنظمات والدول
من خطر القرصنة وما تترتب عليه تلك الأعمال غير المشروعة من نتائج
سلبية، إلا أن المجتمع الدولي لم يحرك ساكن لوضع الحلول أو
المعالجات المناسبة.
حيث باتت القرصنة التي تتعرض لها السفن التجارية في المنطقة
البحرية الدولية المحصورة بين خليج عدن والسواحل الصومالية من أكثر
الأمور المقلقة والملحة التي تقض مضاجع الحكومات والساسة في مختلف
دول العالم، بعد تصاعد وتيرة أعمال القرصنة وخطف السفن التجارية
المارة عبر تلك المنطقة في الأشهر الاثنى عشرة الماضية أمام ساحل
الصومال، لانحسار سلطة الحكومة الصومالية التي تعصف بها الاضطرابات
السياسية والأمنية المستمرة.
ويستقبل مضيق باب المندب أمام القرن الأفريقي أكثر من 20 ألف
سفينة كل عام تمثل حوالي ثلث تجارة الحاويات العالمية، لذا تعد
المياه الدولية التي تطل عليها الصومال إحدى أهم الممرات التي
تسلكها السفن التجارية حيث يربط الطريق الملاحي في بحر العرب بين
اليمن والصومال آسيا بأوروبا من خلال قناة السويس ويعد هاما للغاية
لشحنات النفط من الخليج.
لذا كان استيلاء القراصنة مؤخرا على الباخرة الأوكرانية المحملة
33 دبابة نوع تي 72 وسوقها صوب الشواطئ الصومالية، بمثابة تهديدا
جديا للنظام العالمي، ودافعا قويا في نفس الوقت للتصدي لعمليات
القرصنة، خصوصا بعد توارد الأنباء عن سعي بعض الجماعات الإرهابية
المسلحة الحصول على الأسلحة والذخائر في تلك الباخرة. بحسب رويترز.
وطبقا لتقرير لمؤسسة (تشاتام هاوس) البحثية البريطانية صدر
الأسبوع الماضي فقد خطف القراصنة أكثر من 30 سفينة قبالة سواحل
الدولة التي تسودها الفوضى حتى هذا الوقت من العام الحالي وإنهم
حصلوا على مبالغ تتراوح بين 18 و30 مليون دولار دفعت على شكل فدى،
مما حول المنطقة إلى اخطر ممر مائي في العالم.
فقد دعا مجلس الأمن الدولي في قراره رقم 1838 مختلف الدول إلى
استخدام "كل الوسائل الضرورية" لمكافحة القرصنة قبالة السواحل
الصومالية حيث تتزايد الهجمات على السفن.
كما طلب من البلدان التي تملك قوات عسكرية في المنطقة "استخدام
الوسائل الضرورية في عرض البحر وفي المجال الجوي قبالة الصومال بما
ينسجم مع القانون الدولي من اجل قمع أعمال القرصنة".
وكان المجلس اصدر في الثاني من حزيران/يونيو القرار رقم 1816
الذي يجيز لسفن حربية دخول المياه الإقليمية الصومالية التي تعتبر
الأخطر في العالم لمطاردة قراصنة.
حيث عمدت كلا من روسيا والهند التي تعرضت إحدى سفنها قبل شهر
للاختطاف من قبل قراصنة صوماليين، وعلى متنها 20 بحارا هنديا مقابل
سواحل اليمن، إلى إرسال سفن حربية لحماية السفن التجارية من
القرصنة، فيما أعلن الحلف الأطلسي في 9 تشرين الأول/أكتوبر عن
إرسال سبع سفن حربية إلى المحيط الهندي لنفس الغرض.
الاتحاد الاوربي يدشّن قوة خاصة لمكافحة
القرصنة
وصرح مسئول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي إن الاتحاد
يتجه إلى تدشين قوة جوية وبحرية مزمعة في ديسمبر كانون الأول
لمكافحة القرصنة التي تهدد الممرات الملاحية قبالة سواحل الصومال.
من جانبها أعلنت فرنسا في وقت سابق من الشهر الجاري إن 10 دول
على الأقل في الاتحاد الأوروبي مستعدة للمشاركة في عملية مكافحة
القرصنة وأنها تأمل أن يتم وضع اللمسات النهائية على الخطة في
الشهر المقبل.
وحسب تصريحات وزير الدفاع الفرنسي ايرفيه موران بعد محادثات مع
وزراء دفاع الاتحاد الأوروبي في دوفيل بفرنسا ان الدول تشمل فرنسا
واسبانيا وألمانيا وليتوانيا وهولندا وقبرص وبلجيكا والسويد وربما
بريطانيا.
وكشف خافيير سولانا في بيان إن مبعوثي الاتحاد الأوروبي قرروا
إن يقود الأميرال فيليب جونز بالبحرية البريطانية العملية وبدئوا
التخطيط بهدف تدشين العملية في ديسمبر.
واستجابة لطلب الأمم المتحدة كلف حلف الأطلسي في اجتماع في
الأسبوع الماضي سفنا من قوة مهام مكونة من مدمرتين وأربع فرقاطات
وسفينة دعم من ست دول أعضاء في الحلف بالمشاركة في العمليات.
حيث أفادت مصادر داخل هيئة قناة السويس إن سبع قطع حربية تابعة
لحلف شمال الأطلسي دخلت قناة السويس في طريقها للسواحل الصومالية
ضمت مدمرة أمريكية و فرقاطة انجليزية، بالإضافة إلى عبور قطعتان
حربيتان ألمانيتان.
وتابعت المصادر إن القطع الحربية المارة ضمت أيضا فرقاطتين
تركية وأخرى يونانية، فيما عبرت القناة أيضا ضمن نفس القافلة مدمرة
ايطالية أيضا.
وكان متحدث باسم حلف شمال الأطلسي قد قال إن سفنا حربية من قوة
مهام تابعة للحلف تعبر قناة السويس في طريقها للمساعدة في محاربة
القرصنة وحماية شحنات المساعدات الإنسانية التي ترسلها الأمم
المتحدة قبالة سواحل الصومال.
القرصنة مهنة رائجة في الصومال
من جانب آخر أصبحت القرصنة من احد الأنشطة القليلة التي تدر
أرباحا في الصومال، ومن الوسائل الدارجة لدى العديد من الصوماليين
في تأمين لقمة العيش بعد أن تقطعت بهم السبل وتسيد اليأس والجوع.
فـ (عبدي غاراد) الذي يقدم نفسه على انه زعيم واحدة من أولى
مجموعات القراصنة التي قامت بعمل قرصنة على هذا الطريق البحري
الأساسي للتجارة العالمية لا يشعر مطلقا بوخز الضمير أو الندم
عندما يصف فوائد القرصنة التي تنعكس على نمط حياته.
وقال من مكان سري في منطقة بونتلاند التي تتمتع بحكم شبه ذاتي
بشمال الصومال "إننا نستمتع بالحياة بفضل مال الفدى".
ويرى عدد من الخبراء إن القرصنة درت حتى ثلاثين مليون دولار من
العائدات منذ بداية العام 2008. بحسب رويترز.
فيما يعد غاراد مزاولة القرصنة مهنة كسائر المهن لا أكثر حيث
يقول "إنها مجرد عمل بالنسبة لنا، فنحن ننظر إليها كما ينظر أي شخص
إلى مهنته، أجوب المحيط منذ زمن طويل ليس لصيد الأسماك بل لمطاردة
السفن في مياهنا الإقليمية التي لا يراقبها احد سوانا".
وأضاف القرصان "إننا ندافع عن مياهنا من الأجانب الذين يرمون
فيها نفاياتهم السامة وينهبون ثرواتنا (...) ينبغي أن نتلقى مكافأة
يوما عن جهودنا".
وإذا كانت قلة من سكان القرى الساحلية في بونتلاند تعتبر
القراصنة بمثابة حرس سواحل متطوعين حريصين على المنفعة العامة
فإنهم يكنون أيضا احتراما أكيدا لهؤلاء الأسياد الجدد ومالهم.
وبرر محمد عبدي ديجي احد تجار مرفأ بوصاصو الكبير في بونتلاند
ذلك بقوله "لديهم الكثير من المال وبإمكانهم شراء كل شيء بدون حتى
ان يأبهوا للنفقات".
وأضاف هذا التاجر "إننا نقدم لهم لوازم وأدوية وطعام وخيول
وملابس عندما ينطلقون لمطاردة السفن ويدفعون لنا عندما يتسلمون
الفدية".
وقال بيلي محمود قابوساد احد مستشاري رئيس بونتلاند إن القراصنة
تمكنوا من نسج شبكة غير رسمية تضمن لهم دعما لوجستيا وسياسيا على
اليابسة.
"فكثيرون من الناس يحبون القراصنة لجيوبهم. فهم يملكون المال
ويوزعونه على أقاربهم وأصدقائهم. وهذا المال ينتقل بين أيدي عديدة
ما يوفر لهم في المقابل دعما داخل المجتمع".
ويعتبر سكان القرى الساحلية في بونتلاند القراصنة بمثابة حرس
سواحل متطوعين حريصين على المنفعة العامة فإنهم يكنون أيضا احتراما
أكيدا لهؤلاء الأسياد الجدد ومالهم.
وأكد جمعة احمد وهو قرصان آخر يقيم في هراديري إن القراصنة
يجبون "تعويضات" من المراكب الأجنبية ويرون من المنطقي توزيعها على
الناس في مجتمعهم. |