الموسيقى الصاخبة ودورها في فقدان السمع

شبكة النبأ: كثيرا ما نبّهت التوجيهات الدينية على أضرار الموسيقى المختلفة، حتى أثبتت الابحاث العلمية مؤخرا المنطق الذي أتت به تلك التنبيهات، فلم يحرّم الاسلام الموسيقى إعتباطاً انما جاء ذلك على خلفية الضرر المادي والمعنوي الذي ينطلق منها. فها نحن نجد ان استعمال الموسيقى اليوم يؤدي الى مضاعفات سمعية خطيرة، قد تؤدي الى فقدان السمع، او تلف دائما في الاذن، فمضخِّمات الصوت الحديثة التي تزخر بها السوق، وامتلأت بها رفوف الشباب في أوربا، جعلت من الاستماع الى الموسيقى الصاخبة مسألة موديل خطير جدا، غير آبهين بما يترتب بعد هذا الاستماع الخطير.

(شبكة النبأ) في سياق التقرير التالي تسلط الضوء على المخاطر المترتبة التي تخلفها الموسيقى على الإنسان وصحته :

علماء  يحذرون من ارتفاع صوت اجهزة الام.بي.3

حذر علماء من الاتحاد الاوروبي من ان ملايين الشبان في مختلف ارجاء أوروبا قد يعانون من فقد السمع بشكل دائم بعد خمس سنوات اذا استمعوا لاجهزة ام.بي.3 بصوت مرتفع جدا لاكثر من خمس ساعات اسبوعيا.

وانتقدت الدراسة التي طلبتها المفوضية الاوروبية مفهوم "الاستمتاع بالضجيج" قائلة انه يتعين حماية الاطفال والشبان من الاصوات المرتفعة بشكل مبالغ فيها وانتقدت كذلك ارتفاع اصوات أجهزة الهاتف المحمول. بحسب رويترز.

وقالت المفوضية في بيان: هناك مخاوف متزايدة من تعرض الجيل الجديد لاجهزة الموسيقى الشخصية التي تصدر اصواتا عالية جدا دون ان يفقد الصوت جودته.

وقالت: مخاطر الاضرار بالسمع تعتمد على مستويات الصوت وفترة التعرض له. وتابع ان أعدادا متزايدة من الشبان يتعرضون لتهديد محدد يشكله الاستمتاع بالضجيج على سمعهم.

ويقدر خبراء المفوضية ان ما بين 50 ومئة مليون يستمعون لاجهزة بث الموسيقى يوميا بمستويات صوت تزيد على 89 من وحدات قياس قوة الصوت.

وقالوا انهم اذا استمعوا لها لمدة خمس ساعات اسبوعيا فقط فانهم يتجاوزون مستوى الضوضاء التي يسمح بها الاتحاد الاوروبي في أماكن العمل. ولكن اذا استمعوا اليها لفترات أطول فانهم يواجهون خطر فقد السمع بشكل دائم بعد خمس سنوات.

وحسب العلماء اعداد المعرضين لهذا الخطر بما بين خمسة وعشرة بالمئة من المستمعين للموسيقى أي نحو عشرة ملايين شخص في الاتحاد الاوروبي.

فقدان السمع تسببه سماعات الأذن 

تنتشر في أنحاء مختلفة من الولايات المتحدة والعالم ظاهرة الاستماع إلى الموسيقى باستخدام أجهزة تشغيل الموسيقى، والتي تعتمد وبشكل كامل على وضع السماعات في الأذن ورفع الصوت وبشكل كبير للاستمتاع بالموسيقى.

غير أن العديدين لا يدركون أن هذا النوع من الموسيقى المرتفعة وسماعات الأذن تسبب ضررا للأذن. ويخشى العلماء والباحثون من أن تزايد الطلب على أجهزة تشغيل الموسيقى والهواتف المتحركة التي تستلزم استعمال سماعات للأذن سيزيد من الأمر سوءا.

يقول روبرت نوفاك، مدير العيادة الطبية في جامعة بوردو في إنديانا: نلاحظ ازديادا في أعداد مستخدمي أجهزة تشغيل الموسيقى في العالم، حيث أصبح هذا الأمر روتينا يوميا للجميع، حتى خلال ممارسة التمرينات الرياضية. بحسب (CNN).

ولإثبات ما يقوله، قام نوفاك وعدد من زملائه الباحثين باختبار عدد من الطلاب. ومن خلال هذا الفحص، أثبتت النتائج وجود فقدان متزايد لحاسة السمع، خصوصا بوجود أصوات مرتفعة في الجوار.

ويمكن لفقدان حاسة السمع أن يحدث نتيجة لأي سبب. ومن هذه الأسباب، على سبيل المثال، حضور حفلات موسيقية صاخبة، أو الوقوع بجانب مكبرات الصوت، أو استخدام آليات النقل التي تصدر أصواتا مرتفعة.

واليوم، يستخدم عدد كبير من الناس سماعات للأذن لتخفيف الأصوات الصاخبة الخارجية كالباصات والقطارات وغيرها. من جهة أخرى، أصدر أحد المختبرات الصوتية في أستراليا استطلاعا يشير إلى أن 25 بالمائة من الذين يستعملون سماعات للأذن في أجهزة تشغيل الموسيقى أكثر عرضة لفقدان السمع.

وللوقاية من فرص فقدان السمع، ينصح الأخصائيون بضرورة الوقوف بعيدا عن مكبرات الصوت، بالإضافة إلى استعمال المعدات الواقية حين استخدام الآلات في العمل أو في المنزل التي تصدر أصواتا مرتفعة.

ويذكر أن عددا من الخبراء الموسيقيين يقومون بحملات توعية وتثقيف لتخفيف ضرر الموسيقى الصاخبة، بالإضافة إلى ترويج الوسائل التي يمكن عن طريقها حماية الأذن.

فقدان السمع نهاية طبيعية للموسيقى الصاخبة

حذرت دراسة أمريكية حديثة من أن الاستماع الى موسيقى صاخبة عن طريق سماعات الاذن من مشغل موسيقى رقمي لاكثر من 90 دقيقة يوميا قد يؤدي الى الاضرار بحاسة السمع.

وشملت الدراسة 100 طالب يدرسون لنيل درجة الدكتوراة وخلصت الى أن الذين يستمعون الى موسيقى بصوت عال يصل الى 80 في المئة من طاقة المشغل يجب أن يستمعوا اليها لمدة تقل عن 90 دقيقة يوميا. بحسب رويترز.

وقال برايان فليجور الذي قاد فريق البحث لرويترز: اذا تجاوز الشخص في يوم ما المدة ولكن لم يستخدم سماعات الاذن بقية الاسبوع فانه لن يتعرض لخطر كبير. انني أتحدث عن أشخاص يتجاوزون 80 في المئة (من الطاقة الصوتية للاجهزة) لمدة 90 دقيقة يوميا وعلى مدى أشهر وسنين.

وخلصت الدراسة الى أن اولئك الذين يستمعون للموسيقى لفترات طويلة ولكن بقدرة صوتية تبلغ من 10 الى 50 في المئة من طاقة الاجهزة لا يتعرضون لمشاكل.

ولكنها اكتشفت أن تشغيل الموسيقى عند الطاقة الصوتية القصوى لمدة أكثر من خمس دقائق يعرض الشخص الى خطر فقدان السمع.

وتسري نتائج الدراسة التي شارك فيها كوري بورتنف الذي يحضر الدكتوراة على الاطفال والبالغين على السواء. ولا يعرف الباحثان ما اذا كان الاطفال أكثر عرضة للخطر عن الكبار.

واكتشف العالمان أيضا عدم وجود اختلافات في مستويات الصوت بين أنواع من مشغلات الموسيقى الرقمية أو بين أنواع الموسيقى المختلفة التي خضعت للاختبار مثل موسيقى الروك وموسيقى الريف الامريكي وموسيقى ار.اند.بي وهي خليط من موسيقى الجاز والبلوز.

وقال فليجور وهو متخصص في السمعيات بمستشفى الاطفال في بوسطن وكلية الطب في جامعة هارفارد ان الذين يستمعون الى الموسيقى بصوت عال وبشكل مستمر لا يدركون أن عملية فقدان حاسة السمع قد تحتاج ما يصل الى عشر سنوات حتى تظهر.

وقال فليجور: أشعر بقلق على الشبان الذين سيبلغون 23 أو 24 أو 25 عاما وهم مصابون بفقدان سمع واضح نتيجة لتأثير الضوضاء وسيتعين عليهم أن يعيشوا نحو 60 عاما أخرى بسمع يزداد تدهورا. 

عدد كبير من الألمان يعانون من ضعف السمع

بمناسبة يوم التوعية من أضرار الضوضاء نشرت الجمعية الألمانية للسمع تقريرا تحذر فيه من مخاطر الضوضاء الصحية المنبعثة من معظم نشاطات الحياة اليومية بتأكيدها أن ربع الألمان يعانون من مشكلة في السمع خاصة بسبب الموسيقى الصاخبة.

حيث أفاد تقرير للجمعية الألمانية للسمع في برلين بأن 60 مليون شخص يعانون من الضوضاء في ألمانيا، بينما أكد مكتب البيئة الألماني بأن 13 مليون مواطن ألماني معرضون لمستويات ضارة من الضوضاء. وهو ما يعني أن هؤلاء الأشخاص معرضون لمخاطر كثيرة مثل الأرق و ضعف التركيز و السمع.

ويبدو أن آثار الضوضاء قد بدأت في الظهور على بعض الشباب الألماني، إذ صرحت يوتا فيسترينج، المديرة التنفيذية لجمعية الموظفين الألمان، أن 3% من الشباب الألماني يستعين بأجهزة سمعية مساعدة. وأشارت فيسترينج إلى أن الشباب الألماني يعرض نفسه لضوضاء بقوة 120 ديسيبل.

في سياق متصل يسعى الكثير من المراقص والملاهي الليلية منذ عامين في ألمانيا إلى مواجهة المستوى المبالغ فيه من الضوضاء، وذلك عن طريق الاستعانة بمنسق الاسطوانات المعروف بالـ"دي جي". لكنّ عددا كبيرا من هؤلاء "المنسقين" في ألمانيا غير مؤهل، كما أفادت به رابطة المراقص الألمانية. فقد أوضحت هذه الرابطة أن نحو 1700 فقط من هؤلاء المنسقين البالغ عددهم 3000 في ألمانيا حصل على ترخيص مزاولة هذه المهنة بعد اجتياز الاختبارات الخاصة بذلك. بحسب رويترز.

والجدير بالذكر أن الديسيبل هو وحدة قياس شدة الصوت، ويعبر عن أدنى فرق بين صوت وآخر يمكن أن تحسه الأذن، ويعتبر مستوى 65 ديسيبل من الضوضاء ضاراً بالأذن، بينما تصل الضوضاء إلى مستوى الألم عند مستوى 140 ديسيبل. غير أن الشباب لا يدركون هذا الأمر، ولا يعرفون أن الضعف السمعي قابل للعلاج، كما أكدت فيسترينج.

التشجيع الجماهيري الرياضي والحفاظ على سلامة الأذن

كما أفادت الدراسات أيضاً أن التشجيع الجماعي لجماهير كرة القدم في الساحات العملاقة يضر بالأذن. ويعتبر استاد شالكه الألماني لكرة القدم أكثر الاستادات الألمانية صخباً، حيث بلغت شدة أصوات الجماهير في المباراة التي جمعت فريق شالكه مع فريق شتوتغارت منتصف آذار/مارس الماضي 129 ديسيبل.

من ناحية أخرى حذرت نقابة المربين والمعلمين في ألمانيا من الضوضاء داخل المدارس الألمانية، حيث أفادت بأن مستوى الصخب خلال الحصة الرياضية في المدارس يبلغ أحيانا 110 ديسيبل وهو مستوى مشابه لمستوى الضوضاء في أحد المطارات، كما أنه أعلى ب شكل كبير من المستوى المتوسط. بحسب فرانس برس.

ووسط كل هذه التحذيرات لا يمكن تجاهل حركة المرور التي تعتبر المصدر الأكبر للضوضاء في الحياة اليومية. وتصل درجة الضوضاء المرورية وأثرها عن إيقاع الطبيعة إلى درجة أن أصبح طائر أبو الحناء الأوروبي يفضل أن يشدو ليلا كيلا يضيع صوته وسط الضوضاء التي يحدثها الإنسان، حسبما أفاد به باحثون من جامعة شيفيلد البريطانية في العدد الأخير من مجلة رويال سوسايتي. فقد وجد هؤلاء أنه كلما ارتفع مستوى الضجيج البشري في محيط الطائر الرقيق، ازداد احتمال أن يصدح هذا الطائر الحساس ليلاً.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 21/تشرين الأول/2008 - 21/شوال/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م