جوائز نوبل تجارة إعلامية ام إستحقاق إنساني؟   

شبكة النبأ: جائزة نوبل للسلام، حصدها الكثيرون رغم قلتهم قياسا بالمجتمع الدولي ككل، فعلى مر السنين نجدهم يتوهجون بالمعاني السامية التي تنير درب الإنسان، فتبقى أعمالهم مناراً يهتدى به وملاذاً للإنسانية التي تحتفل بين الحين والحين بعظمائها الذين شكلوا ملامح التاريخ البشري الحقيقي، في محاولة منهم لتفكيك رموز العالم وإستبدال الحرب والنزاع والقتل والظلم والجور والاستبداد، بالسلم والسلام والأمن والحوار ومفاهيم الحرية والعدل والمساواة.

غير ان هذه الجائزة أصبحت اليوم تجارة إعلامية تقودها الدول المقتدرة، في سياق حملة دعائية لتحسين المظهر، من عوالق وترسبات الأفعال التي ترتكبها تلك الدول. فلذا يحصرون السلام ومفكري السلام في شخصنتهم الزائفة، وكل ما عداهم يرونه باطل، فأي سلام!

(شبكة النبأ) في سياق هذا التقرير تسلط الضوء على أهم الأسماء والأعمال المرشحة للفوز بجوائز نوبل للسلام العام الحالي: 

اهتيساري الفنلندي يفوز بجائزة نوبل للسلام

فاز الرئيس الفنلندي السابق مارتي اهتيساري بجائزة نوبل للسلام لدوره الطويل في جهود السلام والتي شملت اتفاق عام 2005 بين اندونيسيا والثوار في اتشيه.

واختارت لجنة نوبل النرويجية اهتيساري ليحصل على الجائزة وقيمتها 1.4 مليون دولار من بين 197 مرشحا. وقالت في بيانها انها اختارته: لجهوده الهامة في عدة قارات وعلى مدى اكثر من ثلاثة عقود لحل الصراعات الدولية. بحسب رويترز.

وعمل اهتيساري، الذي شغل رئاسة فنلندا منذ عام 1994 وحتى عام 2000، طويلا في السلك الدبلوماسي وامتد عمله من أفريقيا الى البلقان وكان مرشحا للفوز بالجائزة منذ سنوات.

وستسلم الجائزة في العاصمة النرويجية اوسلو في العاشر من ديسمبر كانون الاول في ذكرى وفاة المخترع السويدي الفريد نوبل عام 1896 الذي أسس الجوائز التي تحمل اسمه.

وحين سئل عن أهم انجازاته قال: بالطبع ناميبيا كانت بشكل مطلق الاهم لانها استغرقت وقتا طويلا لتحقق الاستقلال. كما اشار الى عمله في اقليم اتشيه الاندونيسي وفي منطقة البلقان.

لمحة من أسماء الفائزين بجائزة نوبل للسلام

وفيما يلي الفائزون بجائزة نوبل للسلام في العقد الماضي، بحسب رويترز: 2008 رئيس فنلندا السابق مارتي اهتيساري عن جهوده في تحقيق سلام من ناميبيا الى كوسوفو. 2007 نائب الرئيس الامريكي السابق ال جور واللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ. 2006 بنك جرامين في بنجلادش ومؤسسه محمد يونس لجهودهما في القضاء على الفقر. 2005 الوكالة الدولية للطاقة الذرية ورئيسها محمد البرادعي. 2004 ناشطة حماية البيئة الكينية وانجارى ماثاى.

2003 محامية حقوق الانسان الايرانية شيرين عبادي. 2002 الرئيس الامريكي الاسبق جيمي كارتر. 2001 الامم المتحدة وأمينها العام كوفي عنان. 2000 الرئيس الكوري الجنوبي كيم داي جونج. 1999 منظمة أطباء بلا حدود الفرنسية الخيرية. 1998 السياسان بأيرلندا الشمالية جون هيوم وديفيد تريمبل.

جائزة نوبل للآداب من نصيب الفرنسيين

وفاز الكاتب الفرنسي جان ماري جوستاف لوكليزيو الذي وصفه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بـانه ابن كل القارات الذي جسد عالما صاغته العولمة بجائزة نوبل للاداب لعام 2008.

وجاء تكريم ألاكاديمية التى تقرر من يفوز بجائزتها التى تقدر بعشرة ملايين كرونه سويدية (1.4 مليون دولار أمريكي) للمؤلف البالغ من العمر 68 عاما تقديرا لرواياته المليئة بالمغامرات ومقالاته وانتاجه من أدب الاطفال. بحسب رويترز.

وقال هوراس انداهل الامين الدائم للاكاديمية السويدية في مؤتمر صحفي لاعلان اسم الفائز بالجائزة: ان أعماله ذات صبغة عالمية. انه رجل فرنسي نعم لكنه كثير السفر ومواطن عالمي ورحَال.

وكانت أجواء من الجدل قد القت بظلالها على الاعداد لجائزة هذا العام بعدما قال انداهل ان الولايات المتحدة باتت معزولة أكثر مما ينبغي ولم تشارك فى "الحوار الكبير" للادب. وأثارات تعليقاته هذه ردود فعل غاضبة من جانب الكتاب والنقاد الامريكيين الذين اتهموا لجنة نوبل بالانحياز ضد المؤلفين الامريكيين. وكانت اخر مرة يفوز فيها أمريكي بالجائزة في عام 1993 عندما ذهبت الجائزة للروائي توني موريسون.

وانتقل لوكليزيو المولود في مدينة نيس بفرنسا للعيش فى نيجيريا مع أسرته عندما كان في الثامنة من عمره. وكتب اول أعماله ومنها (رحلة طويلة) أثناء الرحلة التى استغرقت شهرا. وطبقا لما جاء فى موقع الاكاديمية على شبكة الانترنت فقد درس لوكليزيو الانجليزية فى جامعة بريطانية وقام هو بالتدريس في معاهد في مدن بانكوك ومدينة مكسيكو وبوسطن وأوستين والبوكيرك وغيرها.

كما قضى لوكليزيو فترات طويلة في المكسيك وأمريكا الوسطى وتزوج من امراة مغربية عام 1975. وجاء في الموقع انه منذ التسعينات اقتسم لوكليزيو وزوجته وقتهما بين البوكيرك في نيوميكسيكو وجزيرة موريشيوس ونيس. وكتب روايته الاولى بعنوان (التحقيق) عندما كان فى الثالثة والعشرين من عمره ولاقت رواجا حتى أنها فازت بجائزة رينودو في فرنسا.

شغلت موضوعات من بينها البيئة والطفولة ذهن لوكليزيو الذى نظر اليه باعتباره كاتبا تجريبيا منذ ستينات القرن الماضي. وجاء انجازه الكبير في عام 1980 عندما صدرت له رواية (الصحراء) التى قالت عنها الاكاديمية انها تحوي صورا عظيمة لثقافة مفقودة فى صحراء شمال أفريقيا تقابلها رؤية لاوروبا من خلال عيون مهاجرين غير مرغوب فيهم.

بحث حول ولادة الكون يحصد جائزة نوبل للفيزياء 

واختارت اكاديمية نوبل الغوص في قلب المادة والانفجار الكوني العظيم بمنحها جائزة نوبل للفيزياء لاميركي ويابانيين تكشف اعمالهم بعض اسرار ولادة الكون قبل 14 مليار سنة.

وبحسب بيان لجنة نوبل فان الجائزة منحت الى يويشيرو نامبو (87 عاما) وهو اميركي ولد في اليابان عام 1921 وكان يعمل في معهد انريكو فيرمي في شيكاغو على: اكتشافه آلية انكسار التناظر التلقائي في الفيزياء دون الذرية. بحسب فرانس برس.

ويمكن تشبيه مبدأ هذه الآلية بسقوط قلم موضوع على رأسه يكون قبل سقوطه في حالة من التناظر غير انه يميل الى جهة معينة دون اخرى حتى اذا لم تمارس اي قوة عليه.

واستخدمت نتائج ابحاث نامبو الى حد بعيد لوضع نظرية "النموذج القياسي" وهي تستخدم لحساب تأثير التفاعل القوي الذي يربط بين البروتونات والنيوترونات في نواة الذرات.

اما الباحثان اليابانيان ماكوتو كوباياشي (34 عاما) وتوشيهيدي ماسكاوا (68 عاما) ففسرت اعمالهما ان انكسار التناظر في هذا النموذج القياسي يفترض وجود ما لا يقل عن ثلاث عائلات من الكواركات في الطبيعة.

والكواركات هي جسيمات اساسية من المادة تؤلف تحديدا البروتونات والنيوترونات وبالتالي نواة الذرات.

وعند تشكل الكون كانت المادة موجودة على شكل سائل كثيف وحار يطلق عليه اسم "بلازما الكواركات واللبتونات" وعندما بردت المادة تكتلت جسيمات الكوارك فشكلت البروتونات والنيوترونات وغيرها من الجزيئيات المركبة.

وموضوع التناظر هو من اسرار الفيزياء الكبرى. فعند تشكل الكون جراء ما يعرف بالانفجار الكوني العظيم تشكلت المادة والمادة المضادة بكميات متساوية وكان من المفترض ان تلغي بعضها البعض.

وتابعت الاكاديمية: حصل انحراف بسيط بقيمة جزيئية اضافية من المادة لكل عشرة مليارات جزيئيات من المادة المضادة وهذا الانكسار للتناظر هو الذي اتاح على ما يبدو بقاء كوننا.

وباثباتهما وجود ثلاث عائلات من الكواركات فتح كوباياشي وماسكاوا الطريق امام سلسلة طويلة جدا من الاختبارات في فيزياء الجسيمات ولا سيما لرصد الكواركين الاعلى والادنى.

وقال ايف ساكان العالم في فيزياء الجزيئيات في معهد الابحاث حول قوانين الكون الاساسية قرب باريس ان معظم الابحاث التجريبية في الفيزياء تهدف الى تحديد ثوابت موصوفة تحمل اسم الباحثين اليابانيين.

ولا يزال يتعين اعطاء تحديد اكثر دقة لبعض مواصفات الكوارك الاعلى المعروف بالكوارك "تروث" او الحقيقة بالانكليزية والذي رصد للمرة الاولى في مختبر فرميلاب في شيكاغو عام 1995 بواسطة مختبر تسريع تصادم الجسيمات الذي تم تشغيله في ايلول/سبتمبر قرب جنيف.

الايدز والسرطان وفوز علماء التخصص بجائزة نوبل للطب

وحصل عالمان فرنسيان اكتشفا فيروس الايدز وعالم ألماني اكتشف الفيروس المسبب لسرطان عنق الرحم على جائزة نوبل للطب لعام 2008.

وفاز العالم الفرنسي لوك مونتانييه مدير المؤسسة العالمية لأبحاث الايدز والوقاية منه والعالمة الفرنسية فرانسواز باري سينوسي من معهد باستور على نصف قيمة الجائزة البالغة عشرة ملايين كرونة سويدية (1.4 مليون دولار) لاكتشافهما الفيروس القاتل الذي قتل ملايين الناس منذ أن عرف في الثمانينات.

أما العالم الالماني هارالد تسور هاوزن من جامعة دوسلدورف والمدير السابق لمركز أبحاث السرطان الالماني فحصل على النصف الثاني من الجائزة لعمله الذي اختلف مع الاعتقاد السائد بشأن سبب الاصابة بسرطان عنق الرحم. بحسب رويترز.

وتعرف العالمان الفرنسيان على الفيروس في الخلايا اللمفاوية من مرضى في المراحل الاولى من الاصابة بمرض نقص المناعة المكتسب وفي دم من مرضى في المراحل المتأخرة من المرض. وأصبح الفيروس يعرف باسم فيروس نقص المناعة المكتسب (اتش.أي.في) المسبب للايدز.

وقال معهد كارولينسكا السويدي الذي يقدم جائزة نوبل في بيان: الاكتشاف كان ضروريا من أجل الفهم الحالي لطبيعة المرض والتوصل لعلاج مضاد للفيروسات الارتجاعية.

أما النصف الثاني من الجائزة فمنح للعالم الالماني لأبحاثه التي تحركت في اتجاه معاكس للاعتقاد السائد والذي أوضح أن الفيروس الحليمي المكون للأورام (اتش.بي.في) هو المسبب لسرطان عنق الرحم ثاني أكثر السرطانات شيوعا بين النساء.

وقال المعهد أن اكتشافه أدى الى معرفة خواص المرض وفهم آلية تولد السرطان وتطوير أمصال واقية من فيروس (اتش.بي.في).

مكتشفو فيروس الأيدز وسرطان عنق الرحم في مكافأة متأخرة

ثمة شبه بين العلم والسياسة والاقتصاد. فعلى غرار الإفلاس الذي يضرب النظام الاقتصادي عالمياً، بدت جائزة نوبل للطب لعام 2008 وكأنها لا تملك حيال وباء الإيدز (ظاهرة نقص المناعة المكتسبة) سوى أن تمد نظرها الى الوراء، لتشيد بإنجاز البروفسور الفرنسي لوك مونتانييه، باعتباره أول من تعرّف الى فيروس اتش أي في HIV عام 1983!.

والمفارقة أن المادة التي يحيل إليها موقع جائزة الأكاديمية السويدية في كارولينسكا، تشير الى أن ذلك الاكتشاف يفتح الباب أمام صنع أدوية تشفي من الوباء! وبعد مرور ربع قرن على تلك الكلمات المتفائلة، لم يتوصل العلم الى أدوية تشفي من الفيروس القاتل. والأدهى أن العلماء أخفقوا في صنع لقاح لمقاومته، بحيث استسلم مؤتمر متخصص عن ذلك اللقاح، استضافته مدينة سياتل الأميركية العام الماضي، أمام الفيروس مُعلناً أن الجهود لاكتشاف لقاح سارت في اتجاه خاطئ خلال عشرين سنة!. بحسب صحيفة الحياة.

وهذه السنة، أعلن مؤتمر عالمي عن الايدز، عُقد في المكسيك، أن طرقا كثيرة اعتمدت طويلاً للوقاية من انتقال الفيروس، مثل استعمال الواقي الذكري، ثبت أنها ليست بالفعالية المرجوة. 

إذاً، لا شيء لتمنحه لجنة نوبل في معهد كارولينسكا لجائزتها سوى تقدير ذلك البروفسور الفرنسي العجوز، الذي أصرّ الأميركيون طويلاً على حرمانه من فضل إحرازه قصب السبق في عزل فيروس الإيدز والتعرّف اليه. ولعل هذا التواضع الأميركي الإجباري، وما يحمله من تخل لآخرين عن الموقع الأول في العلم، يُشبه ما يرى البعض أنه يحصل في ميدان السياسة واستراتيجيتها راهناً.

علمياً، أدى التعرف إلى الفيروس الى حسم الخلاف، حينها، حول سبب مرض نقص المناعة المكتسبة. وحينها، انحاز كثيرون من العلماء لوجهة نظر تقول إن الوباء ينجم من انهاك جهاز المناعة بفعل توالي ممارسات غير صحية، خصوصاً أن معظم المصابين به كانوا من مثليي الجنس من الرجال. وفي إنجاز متصل، توصل مونتانييه الى التعرّف إلى تركيب الفيروس، مبيّناً أنه ينتمي الى فئة «ريترو» وأنه مكوّن من الحمض النووي الريبي «ر ن أ». وساعد ذلك في صنع الأدوية التي تساعد المرضى اليوم في التخفيف من شدّة المرض، وكذلك تقلّل من نسبة انتقاله من المصاب الى السليم.

حقّق مونتانييه انجازه عن الإيدز بمشاركة العالِمة الفرنسية فرانسوا بار سينوسي، التي شاركته أيضا في التعرّف الى خصائص الفيروس، خصوصاً طرق تكاثره داخل خلايا المناعة عند الإنسان. وإذ حاز الفرنسيان نصف الجائزة، فقد نال كل منهما ربع قيمتها التي تبلغ عشرة ملايين كرون (نحو 1.4 مليون دولار).

النصف الآخر من جائزة نوبل للطب والفيزيولوجيا ذهب الى العالِم الألماني هيرالد زور هوسن، المولود عام 1936، والحائز على دكتوراه في الطب من جامعة دسلدروف الألمانية. ويشغل حالياً منصب أستاذ كرسي في المختبر الألماني لبحوث السرطان في جامعة هايدلبرغ. وفي هذا المختبر، الذي أداره لفترة طويلة، تمكن من اكتشاف الفيروس المُسبب لسرطان عنق الرحم، الذي يُعرف بالأحرف أتش بي في HPV، اختصاراً لمصطلح هيومن بابيلوما فيروس» Human Papilloma Virus. وعلى عكس فيروس الإيدز، فإنه ينتمي الى الفئة التي يسود تركيبتها الحمض النووي الريبي ناقص الأوكسيجين «د ن أ».

وتوصّل هوسن الى عزل ذلك الفيروس في السبعينيات من القرن العشرين، مُخالفاً ما كان سائداً في الأوساط العلمية في النظرة الى سرطان عنق الرحم، الذي يعتبر ثاني أكثر الأورام الخبيثة انتشاراً عند النساء. وبعد بحوث استمرت أكثر من عشر سنوات، عزل هوسن فيروس اتش بي في، مُبرهناً أنه ينام لفترة طويلة في عنق الرحم، في حال من عدم التكاثر، قبل أن ينشط ليُسبب سرطاناً. ومثّل ذلك اكتشافاً لورم خبيث يُسببه فيروس، ما عنى تعرفه الى نوع وبائي من السرطانات للمرة الأولى أيضاً. وساعد ذلك في صنع لقاح للوقاية من هذا السرطان.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 15/تشرين الأول/2008 - 15/شوال/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م