الفيضانات الموسميّة والامراض تحيطان بجنوب آسيا

شبكة النبأ: بين الجوع والامراض، تكتمل المأساة حين تلوح في الافق الامطار الموسمية، لتخلف وراءها شبح الفيضانات الذي يجرُّ في أذياله الموت والدمار لشعب طالما عُرف بفقره وتدني مستوياته المعاشية، الجنوب الآسيوي، والخليط المتكون من الشعبين الهندي والنيبالي، يرزح اليوم تحت رحمة الفيضانات الموسمية، والامراض القاتلة التي تسببها.

(شبكة النبأ) في سياق هذا التقرير تسلط الضوء على الفيضانات الحاصلة في جنوب آسيا، وتعرض اعداد القتلى الذين لقوا حتفهم بسبب الفيضانات والامراض الذي تخلفها هذه الكارثة الطبيعية من جراء الاستعدادت السيئة والأداء الضعيف من قِبل الحكومات:

فيضانات الهند تهدد الآلاف من السكان وتحيط بتاج محل

كافح مسؤولون في شرق الهند لتقديم مساعدات لعشرات الالاف من ضحايا الفيضانات بعد اندلاع أعمال شغب في الوقت الذي أحاطت فيه المياه الفيضانات بضريح تاج محل دون أن تمثل تهديدا فوريا له.

وأدى هطول الامطار الموسمية وانهيار سدود وفيضان الانهار الى موجات من الفيضانات في جنوب اسيا العام الحالي والتي أسفرت عن سقوط نحو 1500 قتيل معظمهم في الهند وهناك قتلى في نيبال أيضا. بحسب فرانس برس.

وفي ولاية أوريسا الهندية تقطعت السبل بعشرات الالاف على الطرق السريعة والجسور بعد أن أغرقت المياه مناطق شاسعة بعد أن فتحت السلطات بوابات سد على نهر ماهانادي في أعقاب هطول أمطار غزيرة.

واندلعت أعمال شغب بسبب الغذاء في العديد من المناطق بعد أن شكا مزارعون من أنهم لا يحصلون على امدادات اغاثة. وضرب ضحايا الجوع بعض المسؤولين وأغلقوا الطرق ونهبوا مواد اغاثة.

وقال ضابط الشرطة جيتندرا كوما دالاي الذي أصيب لرويترز في حديث هاتفي من منطقة جاجاتسينجبور التي اجتاحتها مياه الفيضانات: أصيب ثمانية أشخاص على الاقل بجروح بعد أن اشتبكت مجموعتان من الناس أثناء توزيع امدادات الاغاثة.

وقالت السلطات ان المياه مازالت تحاصر ما يزيد على مئة ألف شخص فيما وردت معلومات عن مقتل 19 اخرين ليرتفع عدد الضحايا جراء الفيضانات في الولاية الواقعة في شرق البلاد الى 48 شخصا. كما وردت معلومات عن وقوع ما لا يقل عن 20 حالة وفاة مرتبطة بالفيضانات في ولاية اوتار براديش بشمال البلاد لترتفع محصلة الضحايا الاجمالية جراء الفيضانات في جميع انحاء الهند الى 239 على الاقل في غضون خمسة أيام.

وادى ارتفاع مناسيب مياه الانهار الى فيضانها على ضفافها واغراقها أراض زراعية شاسعة مما أرغم الالاف على الفرار من منازلهم في ولاية أوتار براديش بشمال البلاد وولاية بيهار في شرق البلاد التي تعاني ايضا من الفيضانات.

وقال مسؤولون هنود انهم نشروا رجال شرطة قرب ضريح تاج محل الشهير لمراقبة المياه في نهر يامونا الذي ارتفع منسوبه.

وأضافوا أن مياه الفيضانات وصلت الى الجدار الخارجي لمجمع تاج محل ولكنها لا تمثل خطرا على الضريح الذي يعود للقرن السابع عشر وبناه الامبراطور شاه جهان على أرض مرتفعة للغاية.

وقال ضابط الشرطة كيه. سي. ياداف: بما أن الاثر شهد العديد من العواصف على مدار القرون..لا اعتقد أن ارتفاع منسوب نهر يامونا أو تياره المتزايد قد يلحقان أي ضرر بالبناء.

ونجم فيضان نهر يامونا الذي يمر ايضا بالقرب من العاصمة نيودلهي عن اطلاق مياه من خزانين في اعقاب الامطار الغزيرة.

ويواجه ضريح تاج محل وهو أحد عجائب الدنيا السبع في العصر الحديث تهديدا بالفعل من التلوث الصناعي الذي حول رخامه الابيض الى اللون الاصفر الشاحب.

الفيضانات في جنوب آسيا تتسبب بالأوبئة

قال مسؤولون ان الاطباء والعاملين في مجال الصحة يجاهدون لعلاج الاف القرويين الذين يعانون من امراض تنتقل عن طريق المياه في منطقة شرق الهند مع ارتفاع عدد قتلى الفيضانات التي استمرت أسابيع في جنوب اسيا.

وتنحسر مستويات المياه في غالبية المناطق لكن شبح الامراض ظهر خاصة في ولايتي أوريسا وبيهار في شرق الهند حيث تضرر بشدة أكثر من خمسة ملايين من الفيضانات.

وقال مسؤولون في أوريسا انهم عالجوا قرابة 18 ألف شخص في الايام الاربعة غالبيتهم مصابون بالاسهال والحمى والطفح الجلدي وبينهم مئات من الاطفال اضطروا لشرب مياه ملوثة ليبقوا على قيد الحياة. بحسب رويترز.

وذكر مسؤولون ان عشرات الالاف لجأوا الى الجسور والطرق السريعة بعدما دمر فيضان نهر ماهانادي منازلهم.

وأعلنت أوريسا عن مقتل 50 شخصا ونشوب حوادث أعمال شغب من أجل الحصول على الغذاء. وثبت أن تقديم الاغاثة في ولاية بيهار مهمة شاقة للغاية حيث لا تزال الولاية تعاني من فيضانات عارمة سببها انهيار سد على نهر كوسي في نيبال قبل شهر.

ويعيش عشرات الالاف في مخيمات حكومية. ولا يزال مئات الالاف عالقين في قراهم وأعيقت جهود ارسال الاغاثة اليهم بعدما جرفت مياه الفيضانات الطرق في أغلب المناطق.

وصرح مسؤولون بأن 19 جثة على الاقل ظهرت على ضفاف الانهار خلال اليومين الماضيين ليرتفع بذلك عدد قتلى الفيضانات في بيهار الى نحو 250 شخصا. كما دمر أكثر من 300 ألف منزل وتضرر 840 ألف فدان على الاقل من الاراضي الزراعية.

وحثت دولة نيبال المجاورة المانحين الاجانب يوم الخميس تقديم الغذاء والدواء الى الاف الضحايا الذين أصبحوا مشردين بعدما جرفت مياه الفيضانات منازلهم وغمرت العديد من القرى.

ولجأ أكثر من 50 ألفا الى مخيمات الاغاثة المؤقتة التي تنقصها المرافق الاساسية مثل الصرف الصحي ومياه الشرب والرعاية الطبية.

وقال سومان جيمير المسؤول بوزارة الداخلية النيبالية: نحث المجتمعين المحلي والدولي على تقديم الدعم الانساني لاعادة تأهيل وتسكين الضحايا.

وأضاف أن نيبال بحاجة الى الغذاء ومياه الشرب والدواء والملابس ومواد البناء لايواء الضحايا على الفور.

وقتل في نيبال 34 شخصا على الاقل غالبيتهم في منطقتي كيلالي وكانتشينبور في جنوب غرب البلاد.

احتجاجات المتضررين من الفيضان على أداء الحكومة

جلبت فيضانات موسمية جديدة مزيدا من الموت والحزن في انحاء جنوب اسيا، بينما شكا كثيرون من مئات الوف ضحايا الفيضانات الذين نقلوا الى مخيمات اغاثة من سوء الخدمات.

وغرق سبعة اشخاص عندما سببت امطار مزيدا من الفيضانات في ولاية اسام بشمال شرق الهند مما رفع عدد القتلى الى 25 منذ فيضان نهر براهماباتورا وغرق قرى.

ونزل الاف القرويين الغاضبين في ولاية اسام الى الشوارع للاحتجاج على فشل الحكومة في تجنب الكارثة. واتهموا السلطات بعدم منع تآكل ضفتي نهر براهماباتورا وهو من أطول الانهار في اسيا. وكان من الواضح ان المسؤولين يشعرون بالقلق. بحسب رويترز.

وقال مسؤول بادارة الكوارث: موقف الفيضان يمكن ان يزداد سوءا اذا بدأ هطول الامطار مرة اخرى.

وغرق 1000 شخص على الأقل أو لقوا حتفهم في انهيار منازلهم او نتيجة لتعرضهم للدغ ثعابين في انحاء جنوب اسيا في موسم الفيضانات الموسمية هذا العام.

وسحبت السلطات في ولاية بيهار الهندية التي تعرضت لفيضانات ست طائرات هليكوبتر من بين 11 طائرة هليكوبتر عسكرية تشارك في عمليات الاغاثة قائلة ان عمليات الاجلاء انتهت تقريبا.

وقال وزير إدارة الكوارث في ولاية بيهار نيتيش ميشرا لرويترز: نعتقد انه لا توجد حاجة لطائرات هليكوبتر في الوقت الراهن.

وفاض نهر كوسي الذي يمتد من نيبال الشهر الماضي وتسبب في اسوأ فيضانات في 50 عاما. ونزح نحو ثلاثة ملايين نسمة من منازلهم في بيهار وتم اجلاء نحو 900 الف الى مخيمات إغاثة.

ومن بين الذين نقلوا الى مخيمات عاد بين 15 الفا و20 الفا الى منازلهم لحماية مقتنياتهم وشكوا من الأوضاع السيئة والمرض في المخيمات.

وانتقدت وسائل الاعلام الهندية وخبراء الفيضانات رد فعل الحكومة ازاء الازمة ووصفوه بأنه ضعيف وغير فعال.

وفي بنجلادش المجاورة استمرت الامطار الغزيرة في المناطق الشمالية والمناطق الريفية مما ترك الافا بدون طعام أو مياه شرب أو وقود طهو.

التحقيقات الجارية بين ضحايا الأمراض والفيضانات

وأمرت السلطات التي تكافح فيضانات مدمرة في شرق الهند باجراء تحقيق لتحديد ما اذا كان الاهمال أسهم في تفاقم الكارثة بعدما غرق مزيد من الاشخاص وانتشرت الامراض في انحاء جنوب آسيا.

وقال مسؤولون إن 14 شخصا آخرين غرقوا في ولاية بيهار التي تقع في شرق الهند والتي ضربتها الفيضانات مما رفع عدد الوفيات إلى 104. بحسب رويترز.

وحتى الآن لقي 1000 شخص على الاقل حتفهم في انحاء جنوب آسيا نتيجة للفيضانات الموسمية التي بدأت في يونيو حزيران.

ويتصاعد الغضب بين ضحايا الفيضانات في بيهار الذين نزلوا إلى الشوارع للاحتجاج على نقص الامدادات الغذائية ومياه الشرب الآمنة في العديد من المناطق.

وقالت وكالات اغاثة غير راضية عن سرعة جهود اغاثة وعدم وجود أي اعمال اغاثة على الاطلاق في بعض المناطق إن الاطفال والنساء قد يلقون حتفهم في وقت قريب نتيجة للاصابة بالامراض. بحسب رويترز.

وقال توماس تشاندي رئيس وكالة انقذوا الاطفال في الهند: الاحوال في هذه المخيمات مرعبة. الناس تستخدم نفس المياه الراكدة للاستحمام وغسل ملابسهم واوانيهم. وقال: الاطفال يلعبون في هذه المياه ويشربونها ويصابون بالامراض.

وقال رشيديو ساهارسا من بيهار: نجونا من الفيضانات لكننا الآن سنموت فيما يبدو من الجوع والامراض والقذارة.

وقال مسؤولون إن أكثر من ثلاثة ملايين شخص نزحوا من منازلهم في بيهار بعد فيضان نهر كوسي الذي اغرق مئات القرى ودمر 250 الف فدان من الاراضي الزراعية.

لكن خبراء ووكالات اغاثة القوا باللوم على فشل الحكومات ليس فقط في تحذير السكان وانما ايضا في اساءة التعامل مع اعمال الاغاثة.

وفي بنجلادش استمرت مياه الفيضان في الانحسار لكن السلطات تحدثت عن زيادة في اعداد الذين اضيروا نتيجة للامراض التي تحملها المياه والامراض الاخرى مثل الاسهال والالتهاب الرئوي والامراض الجلدية المعدية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 12/تشرين الأول/2008 - 12/شوال/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م