يروي المؤرخون أن الإمام الحسين بن علي عندما توجه نحو الكوفة
التقى في الطريق بالفرزدق الشاعر فسأله عن أحوال أهل العراق. فقال
له: قلوبهم معك وسيوفهم عليك.
الآن وبعد أن أصبحت سيوف البعض هي ألسنتهم الحامية (نحمد الله
على هذا) يمكننا أن نقول للشيخ القرضاوي وبعد أن عاد بسلامة الله
إلى أرض الوطن المفدى (قطر): أنصارك في مصر قلوبهم معك وسيوفهم
مغمدة في (أفواههم), خاصة وأن ليل رمضان الصيفي ليس بالليل الطويل
ويحتاج المرء إلى شيء من التفرغ ليتمكن من التهام المقرر!!.
فتشت عن بيان صادر من أولئك الذين كان يتعين عليهم أن يبايعوك
لو صرت مرشدا لهم (في السراء والضراء والمنشط والمكره وعلى أثرة
عليهم) أو من بعض أولئك الذين يشاطرونك نفس المزاج والرأي والذين
يستخدمون قاموس مصطلحات (التبديع والتفسيق) فلم أجد لهم حسا ولا
ركزا!!.
اكتفى أغلب هؤلاء وهؤلاء بنقل بعض المقالات التي تذب عن الشيخ
من دون إصدار موقف ينسب إليهم!!.
ولولا ذلك الموقع المشبوه صاحب الدور الأكثر شبهة في تزييف
الأخبار ونسبتها إلى مصادره المجهولة والذي يلعب على كل الحبال
ويعزف كل الألحان الذي اصطف وراء الشيخ دون مناسبة ولا سابق ود ولا
معرفة لكانت الفضيحة أكبر مما هي عليه الآن بكثير.
ورغم ان الشيخ كما قال في حواره كان قد قرر التخلي عن إرشاد
الجماعة الوحيدة ليرشد الأمة بأسرها إلا أن خسائر غزوة (رانيا
بدوي) الفادحة التي خلفها الشيخ لن تطال سوى جمهوره ومحبيه بعد أن
عجز القوم عن استخدام سيوفهم في غير المهام الليلية الرمضانية
التقليدية المنوطة بهم.
¬أول خطايا الشيخ هو تهجمه غير المبرر على إخوانه من شيوخ
الأزهر عندما وصفهم بأنهم شيوخ السلطة وعملاء الشرطة!!!
يقول الشيخ المبجل: (فلنأخذ الفقه ممن عرف عنهم العلم والخبرة،
ونبعد عمن يفرخون الفتوي لإرضاء السلطة، ونبتعد عن علماء السلطة
وعملاء الشرطة ونأخذ ممن عرف عنه الثقة).
ثم ينعي على الأزهر تقاعسه عن القيام بما يعتقد الشيخ أنه واجبه
فيقول: (الأزهر لا يملك التليفزيون ولا الإذاعة، إنها في يد الدولة،
والعلماء موظفون لدي الدولة لا حول لهم ولا قوة. وكانوا يأخذون
رواتبهم من الأوقاف أما الآن الأزهر وعلماؤه ليس في يدهم أي أوقاف
فهي في يد الدولة.. ومن يملك راتبي يتحكم في, فمن شيخ الأزهر مروراً
بالمفتي ورئيس جامعة الأزهر من أكبر عالم إلي أصغر عالم كلهم
موظفون لدي الدولة.. ليست لديهم قوة).
أما هو فقد نزهه الله عن كل هذه الأشياء وهو يرى نفسه مثل الحسن
البصري لأن لديه مال (فالحسن البصري كان من أكبر العلماء وكان
ناقداً للحكام والولاة في عصره وسأل بنو أمية: ما سر قوة هذا الرجل؟!
فأجابه أحد الأعراب: سر قوة هذا الرجل أن لديه مالاً لذا احتاج
الناس إلي علمه ودينه واستغني هو عن دنياهم.. والكارثة أن يكون
العالم في حاجة إلي مال الحاكم والحاكم في غنى عن علمه ودينه وهذا
سر ضعف علماء المسلمين السنة عامة وعلماء الأزهر خاصة).
والمعنى أن علماء الأزهر هم الأضعف والأسوأ حالا وعلى من أراد
القوة أن يسأل الشيخ المبجل عن سر القوة أو حتى عن سر شويبس!!.
فكان أن اضطرت (رانيا بدوي) للذهاب إلى الشيخ نصر فريد واصل (مفتي
مصر الأسبق) لتسأله: نسمع كثيرا عن فتاوي سياسية لصالح النظام فما
رأيك في هذا؟ ج: لم أسمع بذلك من قبل. س: ألم يطلب منك يوما وأنت
في منصب مفتي جمهورية مصر العربية أن تفتي في إطار معين؟ ج:- لم
يطلب مني هذا أبدا لا من قريب ولا حتي بالتلميح.. وأشهد الله أن كل
ما أفتيت به كان بما يرضي الله ورسوله وبناء علي بحث ودراسة.
ثم سألت الشيخ نصر: هل تظن أن للشيعة أطماعاً سياسية تهدف إلي
إزاحة السنة؟. ج: - هذا ما يحاول أن يصوره لنا الغرب من باب «فرق
تسد»، وثبت تاريخيا أن افتراق المسلمين وخلافهم الديني خاصة بين
السنة والشيعة أضعف شوكتهم وأعطي الفرصة للآخر. وكما قلت بيننا
وبين الشيعة وحدة إيمان وعقيدة ووحدة معاملات وفقه ووحدة الكتاب
حتي وإن اختلفوا عنا في بعض الفروع.
على من تتلو مزاميرك إذا يا دادود؟!.
الخطيئة الثانية التي وقع فيها الشيخ والتي سيدفع ثمنها من
رشحوه يوما لإرشادهم هو أنه تصور أن ما يقوله قانون عابر للدول
والقارات يتجاوز وثائق حقوق الإنسان التي أصدرتها الأمم المتحدة
والنصوص التي امتلأت بها دساتير العالم المتحضر ومن بينها مصر
والتي تنص على: حرية الفكر والوجدان والدين أو المعتقد. وحرية
الفرد في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره. كما تنص على الحق في
إظهار الدين أو المعتقد عن طريق التعبد وإقامة الشعائر والممارسة
والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حده. والحق في
عدم التعرض ﻹكراه من شأنه أن يخل بحرية الفرد في اعتناق دين أو
معتقد ما. وأخيرا على حق طلب وتلقى مساهمات طوعية مالية وغير مالية
من الأفراد والمؤسسات. (انظر: إعلان الأمم المتحدة العام 1981 بشأن
القضاء على جميع أشكال التعصب والتمييز القائمين على أساس الدين أو
المعتقد).
من الذي سيصدق الإخوان بعد ذلك عندما يقسمون بالله أنهم
سيحترمون الدستور والاتفاقات الدولية إذا كان قانونهم ما يقوله (القرضاوي)
وهو يقرر منفردا أن يحرم هذه الفئة من حق التعبير عن الرأي بدعوى
أن هذا تبشير أو يصادر ممتلكاتهم وما في أيديهم لأنها تمويل لا
يرضى عنه الشيخ؟!.
لماذا يفترض الشيخ وأتباعه أن هناك من يصدق أن هذه القرارات
الهمايونية الاستثنائية ستبقى قاصرة على الشيعة لأنهم حسب زعم
الشيخ (مبتدعون) وماذا يمنع من تعميمها على من يراهم الشيخ مشركون
أو من يصفهم صديقه (عبقري الإعجاز) بأصحاب (الكتاب المكدس)؟!.
هل وعى الشيخ وأتباعه حجم الخطأ الذي وقع فيه؟!.
الشيعة في مصر وإيران
(اللازمة) التي يرددها الشيخ دائما في تصريحاته وبياناته (أنا
قلت لعلماء الشيعة في إيران... وهم وافقوني على ذلك)!!.
فليوافقوه على ذلك وغير ذلك وكل ذلك ولكن ما علاقة المواطن
المصري بالاتفاقات التي تبرمها إيران أو غير إيران مع الشيخ؟!.
يقال أن الشيخ قد أبرم اتفاقا ما مع بعض القيادات الدينية في
إيران وهو ما ذكره موقع فيلكا إسرائيل يوم السبت 20-9-2008 يتعهد
من أبرموه بعدم العمل من أجل نشر التشيع في مصر وباكستان كثمن من
أجل إقامة ما يسمى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
مبروك للموقعين! ولكن هل نص الاتفاق أن على (فلان وفلان) أن
يكفوا عن الكتابة والبحث والتنقيب في كتب التراث وتناول قضايا
الفكر والتاريخ والإجابة على ما يوجه إليهم من أسئلة؟!.
هل الاتفاق المزعوم يشبه اتفاق حظر انتشار الأسلحة النووية حيث
يتعين على كل من يريد تناول قضية متعلقة بتراث أهل البيت أن يحصل
على موافقة (الشيخ محمد البرادعي) وإلا اعتبر ذلك انتهاكا لاتفاق
(حظر انتشار المذاهب) ومن ثم وجب تطبيق البند السابع من ميثاق
الأمم المتحدة؟!.
ما هذه المسخرة؟! ومن الذي قال أن ثمة في مصر من يستأذن إيران
أو غير إيران قبل أن يتكلم أو يمسك بالورقة والقلم؟!.
إن كان ثمة ورقة تحمل ذلك المضمون فنحن ننصح من وقع عليها أن
يستخدمها لتحضير شراب بديل لقمر الدين يمنع العطش ويعالج عسر الهضم
والتبلد الذهني وينشط أذهان المصابين بالعجز عن استيعاب تطورات
العصر وإدراك أنه ما زال في هذا العالم من لا يباع ولا يشترى. |