تعتبر الجرائم التي تقع على الأموال من الجرائم التي تستهدف
المصالح المالية للأشخاص الطبيعية والمعنوية. وتشمل جرائم السرقة
والاختلاس وخيانة الأمانة وإعطاء شيك دون رصيد وغيرها مما نص عليه
في قانون العقوبات والقوانين العقابية الاخرى، وهي تختلف عن
الجرائم الواقعة على الأشخاص كجرائم الإيذاء والقتل و الخطف
وسواها. وجرائم الأموال لم تكن معروفة سابقا ومحددة تحديداً دقيقاً
مثلما عليه ألان. فمنذ أن نشبت الثورة الفرنسية وظهور مبدأ
المشروعية أو مبدأ لا عقوبة ولا جريمة إلا بنص أو بناء على نص بدأت
الحركة التشريعية والفقهية تتجه نحو تحديد جرائم الأموال وظهرت
التعاريف لكل جريمة من هذه الجرائم[1].
وهذه الجرائم قد انتشرت بشكل واسع بغض النظر عن كون الاعتداء قد
وقع على المال العام او الخاص. ولم تقف هذه الظاهرة عند بلد معين
أو مجتمع بذاته بل طالت الجميع بدون استثناء ويرى البعض[2] إن اغلب
هذه الجرائم تحاك في أروقة النظام السياسي ودوائر صنع القرار
السياسي. ويعزون ذلك إلى التطابق بين تولي المناصب السياسية
والوظيفية والحصول على الثروة، الذي يؤدي إلى تراكم الأموال لدى
الموظف ذو المنصب السياسي العالي وفي أنظمة الحكم الفاسدة مثل
الأنظمة الغير ديمقراطية نجد المثال على ذلك واضح وجلي. وهو ما
يسمى بالفساد السياسي.
والعوامل التي تؤدي إلى انتشار هذا الفساد الملي والإداري وحتى
السياسي عديدة وكل شخص يستطيع أن يضع من الأسباب على وفق ما يراه،
إلا إن من بين أهم هذه الأسباب أرى ما يلي:-
1. ضعف النظام الاقتصادي.
2. البطالة.
3. سقوط القانون واقصد به عدم تطبيق القانون على الجميع.
4. فساد الحكم.
5. غياب العدالة.
6. انعدام الرقابة.
وفي هذه الورقة سوف أتناول جانب التحقيق الجنائي في هذه الجرائم
الذي يدخل ضمن باب تحقيق العدالة والرقابة على الأشخاص والأموال في
العراق.
بعد أحداث عام 2003 تم تشكيل مفوضية النزاهة العامة بموجب الأمر
55 لسنة 2004 الصادر من سلطة الائتلاف المؤقتة المنحلة[3]، ومن
الصلاحيات التي تتمتع بها المفوضية صلاحية التحقيق في جرائم
الأموال وكل ما يتعلق بجرائم الفساد الإداري والمالي، وهذه الجرائم
تكون أحيانا ذات طابع دولي ولها صلة بجرائم غسيل الأموال والمخدرات
والجريمة المنظمة عبر الوطنية[4] ويعلم الجميع إن المجتمع الدولي
قد عمل الكثير من اجل محاربة هذه الأفعال الجريمة وأصدر العديد من
الاتفاقيات سواء كانت على شكل اتفاقيات ثنائية أو متعددة الإطراف.
ومما تقدم سأتناول التحقيق الجنائي في هذه الجرائم ودور مفوضية
النزاهة بذلك وعلى وفق ما يلي: ـ.
التحقيق يعني في مفهومه العام التحري والتدقيق في البحث عن شيء
ما في سبيل التأكد من وجوده، أو السعي للكشف عن غموض واقعة معينة،
وينبغي لذلك استعمال طرق ووسائل محددة كفلها القانون لإجراء
التحقيق، وأصبح مفهوم التحقيق منذ زمن طويل واقعاً ملموساً لعلم
يسمى علم التحقيق الجنائي[5]، لذلك فان مراحل التحقيق وتحريك
الشكوى في دور التحقيق كما يلي:ـ
أولا: التحقيق
إن التحقيق في الجرائم يكون في بداية تحريك الشكوى الجزائية
على وفق الآلية المشار إليها في قانون أصول المحاكمات الجنائية
وكما يلي:-
أ- تحريك الشكوى
1.، تحرك الشكوى من قبل عدة إطراف عندما يشتبه بحصول جريمة ومن
هؤلاء الأطراف((الادعاء العام، المجني عليهم أو ذوبهم، الموظفين
العموميين، او أي شخص تحقق علمه بوقوع الجريمة والمخالف لذلك الأمر
يتعرض إلى المسائلة القانونية)) [6].
2. عرض الشكوى على قاضي التحقيق الذي يأمر بإجراء التحقيق
والإيعاز إلى دوائر الشرطة أو دائرة المحقق العدلي بفتح التحقيق،
الذي يدون أقوال المشتكي ويعرضها على القاضي الذي يقوم بدوره بعد
تدقيق الأقوال أما باستقدام المشكو منه، أي استدعائه بواسطة ورقة
تبليغ ترسل إلى محل تواجده أو إصدار أمر قبض بحقه إن كانت هناك
أدلة ثبوتية تعزز من قناعة القاضي.
ب- مرحلة التحقيق الابتدائي
بعد ذلك الإجراء المشار إليه في أعلاه، أما يحضر المشكو منه من
تلقاء نفسه او تنفيذ أمر القبض بواسطة الشرطة، ثم تدون أقواله
الابتدائية عن التهمة المنسوبة إليه فإما بالاعتراف او بالإنكار
وله أن يطلب حضور محاميه الخاص ولا يلزم ضابط الشرطة بانتداب محام
له على نفقة الدولة، ثم تعرض تلك الإفادة على القاضي المختص الذي
يقرر أما بالإفراج عنه وإخلاء سبيله أو إخلاء سبيله بكفالة شخص
ضامن له او بمبلغ من المال يقدره القاضي تبعا لجسامة التهمة الموجه
له وظروف التهمة، او يأمر بتوقيفه لمدة لا تتجاوز خمسة عشر يوما
ومن الممكن تمديدها عند الانتهاء، وإعطاء القرارات التي يراها
القاضي ضرورية لإكمال التحقيق. عند انتهاء الإجراءات المذكورة في
مرحلة التحقيق الابتدائي يحضر المتهم أمام القاضي وتدون أقواله مرة
أخرى وبحضور محام، فإذا لم يكن للمتهم محام خاص تلتزم المحكمة
بانتداب محام له وكذلك الاستماع إلى إفادة المشتكي وشهادات الشهود
والإطلاع على تقارير الخبراء وما شابه ذلك من إجراءات وبعد أن
يكتمل يقوم القاضي بعد تدقيق الأوراق بإعطاء احد القرارات التالية
أما بالإفراج عن المتهم إذا لم تتوفر أدلة تكفي لإحالته إ!
لى محكمة الموضوع أو يرى إن الأدلة كافية فيقرر إحالته إلى
محكمة الموضوع سواء كانت محكمة الجنح أو الجنايات أما مكفلا أو
موقوفا[7].
ثانياً:دور المحقق
يعرف المحقق في اللغة بأنه الشخص المكلف بالتثبت من حقيقة معين
بالبحث العلمي وتقصي ما يرتبط بها أما اصطلاحا فهو الشخص الذي
يباشر مجموعة من الإجراءات اللازمة قبل المحكمة بقصد إلى الحقيقة
عن طريق التثبت من الأدلة القائمة على ارتكاب الجريمة ونسبتها إلى
فاعل معين[8]، أو هو الشخص الذي خول صلاحية إجراء التحقيق على وفق
أحكام القانون والمشار إليه في قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم
(23) لسنة 1979 المعدل ويعين بموجب أمر قضائي يصدره رئيس مجلس
القضاء الأعلى[9] كما لمفوضية النزاهة صلاحية تعيين محققين من بين
من توظفهم[10]. إلا أن المحقق في جرائم الأموال والفساد المالي
والإداري يتميز عن أقرانه من المحققين في المحاكم الاعتيادية
الأخرى بعدد من الخصوصيات منها ما يلي:ـ
أ. انه محدد الاختصاص بالجرائم المالية أو التي تقع على المصالح
المالية للأشخاص الطبيعية والمعنوية. وعلى وفق ما أشارت إليه
الفقرة (1) من القسم (4) من الأمر (55) لسنة 2004.
ب. إن عمله يكون تحت إشراف محكمة التحقيق المركزية حصراً، حيث
ان جرائم الفساد الإداري من الجرائم التي تقع ضمن إعمال محكمة
الجنايات المركزية[11] الا اذا تم العمل بموجب الاستثناء المشار
إليه في الفقرة (4) من القسم (4) من الامر (55) الذي اجاز للمحقق
العمل في كل أنحاء العراق وفي بعض المناطق لا يوجد فيها محكمة
مركزية قريبة أو انه في منطقة نائية وكذلك الاستثناء الوارد في
المذكور عندما تتولى المفوضية مسؤلية التحقيق.
ج. للمحقق أن يمارس عمله دون إشراف قاضي تحقيق على وفق احكام
الفقرة (5) من القسم (4) من الأمر (55) عندما ترغب المفوضية في
تحمل مسؤولية التحقيق، اذ عند ذاك يحول القاضي ملف القضية الى
المفوضية ويتوقف هو عن التحقيق فيها.
ولغرض بيان هذه الخصوصية المضافة إلى عمله كمحقق فانه يتمتع
بصلاحيات المحقق الأخرى الممنوحة له بموجب قانون أصول المحاكمات
الجزائية وهي ما يلي:-
1. قبول الشكوى المادة (1) أصولية
2. المباشرة في التحقيق المادة (35/1) أصولية
3. تلقي تقارير ومطالعات ضباط الشرطة وأعضاء الضبط القضائي
المادة (49/1) أصولية
4. إصدار الأوامر بالتحقيق إلى ضباط الشرطة وأعضاء الضبط
القضائي والنظر في الأوراق التحقيقية المادة (50/1) أصولية
5. تولي التحقيق الابتدائي تحت إشراف قاضي التحقيق المادة
(51/1) أصولية
6. اجراء التحقيق و الكشف على محل الحادث في الجرائم المادة
(52/1، 2) أصولية
7. منع أطراف الدعوى من حضور التحقيق للاسباب التي حددها
القانون المادة (57/1) اصولية
8. تدوين إفادات الشهود من الأشخاص الذين يعلم المحقق ان
شهاداتهم منتجة في التحقيق المادة (58) أصولية
9. دعوة الشهود وتحرير أوراق التكليف بالحضور (59/1) أصولية
10. التوقيع على كافة محاضر التحقيق وتكون لها صفة الأوراق
الرسمية المادة (63/1) أصولية
11. الإذن بتوجيه السؤال إلى الشاهد المادة (64/1) أصولية
12. تدوين الملاحظات التي يراها على الشاهد المتعلقة بأهليته
لأداء الشهادة في المحضر المادة (65/1) أصولية
13. الانتقال إلى محل الشاهد لتدوين إفادته المادة (67) أصولية
14. انتداب خبير ليبان الرأي بأمر له صلة بالجريمة محل التحقيق
والحضور عند مباشرة الخبير لعمله (69/1) أصولية
15. إرغام المتهم في الكشف عن جسمه واخذ تصويره الشمسي او بصمة
اصابعه او قليل من دمه او شعره او اظافره او غير ذلك مما يفيد
التحقيق لاجراء الفحص اللازم عليها
وبعد العرض أعلاه نجد أن للمحقق دور مهم في التحقيق الجنائي وفي
توجيه التحقيق إلا أن المحقق في مفوضية النزاهة يتمتع ببعض
الخصوصيات التي تميزه عن سواه، لأنه يمارس التحقيق أحيانا خارج
سلطة وإشراف قاضي التحقيق عندما ترغب المفوضية في تحمل مسؤولية
التحقيق، اذ عند ذاك يحول القاضي ملف القضية الى المفوضية ويتوقف
هو عن التحقيق فيها على وفق يستطيع ان يسحب يد قاضي التحقيق ويوقفه
من عمله في متابعة التحقيق في الجرائم الواقعة في اختصاص عمل
المفوضية على وفق أحكام الفقرة (5) من القسم (4) من الأمر (55)،
إلا أن هذا الأمر خلق بعض الإشكالية في التطبيق وظهر أكثر من تفسير
تبلور اغلبها باتجاهين وعلى وفق ما يلي: ـ.
1. الاتجاه الأول يرى أن يبقى التحقيق تحت سلطة القاضي حتى وان
سحبت القضية من المحكمة لان العمل التحقيقي لا يكتسب المشروعية ما
لم يتم تعضيده بقرار من قاضي التحقيق المختص. وأساس هذا القول إن
من حقوق المواطن مصونة وحريته مكفولة بموجب الدستور الذي قضى بعدم
جواز القبض او التحري او التفتيش الا بموجب قرار قضائي[12] وان
المحقق في مفوضية النزاهة لا يملك السلطة التي تخوله ذلك مما
يوجبان يكون خاضع لرقابة القاضي حتى وان أودعت الدعوى أو القضية
لديه.
2. الاتجاه الثاني: يرى إن نص الفقرة (5) من القسم (4) من الأمر
55 صريحة وواضحة بان يد القضاء تسحب ولا مجال للاجتهاد لوضوح النص
ويبقى القاضي يقدم العون للمحقق بناء على طلب المحقق ولا يجوز
التدخل في عمله إلا أن يشاء المحقق ذلك. وهذا الاتجاه يعمل نحو
العزل التام والقطع بين العمل القضائي وعمل المحقق لان النص (5) من
القسم (4) من الأمر (55) ورد فيه (للمفوضية أن تختار في وقت تشاء
أن تتحمل هي مسؤولية التحقيق، فإذا اختارت المفوضية ان تتحمل هذه
المسؤولية، يحول قاضي التحقيق ملف القضية الكامل الى المفوضية فورا
ويتعاون معها ويعلمها عن القضية ويتوقف عن القيام بالتحقيق الذي
كان يجريه).
إلا أني أرى كلا الرأيين مجروح ومعرض للنقد وعلى وفق ما يلي: ـ
ومن أهم الانتقادات التي توجه إلى الرأي الأول ما يلي:-
1. إذا كان العمل يستمر تحت إشراف القاضي ولا يستطيع المحقق أن
يمارس دوره إلا بقرار من القاضي فما هي الحكمة من وجود نص الفقرة
(5) من القسم (4) من الأمر (55). فالنص صريح وواضح ولا يمكن
الاجتهاد تجاهه وان كان الاجتهاد فيه ممكن.
2. إن المشرع حينما قرر ذلك كان يهدف إلى سرعة المعالجة واكتشاف
والجريمة لتعلقها بالمال العام وأعطى هذا الامتياز للمفوضية لغرض
التخلص من البيروقراطية المكتبية للعمل القضائي مثل تدوين إفادة
المخبر مرتين وإفادة الشاهد مرتين والمتهم لمرتين وترفع المطالعة
ومن ثم يصدر القرار وبعدها يرفع الكتاب والتوصية الى القاضي وهكذا
مثلما نرى في العمل اليومي فان بقاء العمل تحت اشراف القاضي سوف
يفقد النص من خصوصيته التي تميز بها.
أما النقد الموجه إلى الاتجاه الثاني فانه يتمثل بما يلي:-
1. إن عمل التحقيق يهدف إلى جمع الأدلة والبحث عن الدليل وتلقي
الإخبار والشكوى وهذه الإجراءات جميعها تمس حرية المواطن التي
كفلها الدستور[13] مما يستوجب أن يصدر قرار قضائي حتى نتمكن من
إضفاء المشروعية على ذلك النشاط التحقيقي. وان الفصل التام بين
العمل التحقيقي للمحقق و بين القضاء، سوف يعدم هذه المشروعية ويعرض
المواطن إلى الاعتداء على حريته ويعرض المحقق إلى المسائلة
القانونية.
2. في حالة وجود متهم موقوف على ذمة أحدى القضايا وطلبت مفوضية
النزاهة تحويل القضية، فما هو مصير هذا المتهم ومن الذي يحدد
موقوفيته، وماذا لو طال أمد التوقيف لأكثر من ربع المدة أو مدة
الستة اشهر المشار إليها في المادة (109/ج) أصول جزائية. والدستور
يوجب أن لا يتم توقيف أي شخص[14] إلا بموجب قرار قضائي.
3. في حالة قيام المحقق بالتحقيق مع متهم يحضر لأول مرة، فمن
الذي سيقرر انتداب محام له ومن الذي يقرر أتعاب المحامي، علماً
المادة (123) أصول جزائية المعدلة قد حدد ت السلطة وخولتها إلى
قاضي التحقيق حصراً.
4. إذا لم يقم المحقق بإحضار محام منتدب للمتهم فان جميع
الإجراءات سوف تكون باطلة ولا ترتب أي اثر قانوني وسوف يؤدي إلى
فقدان الأدلة وضياع معالم الجريمة علماً ذلك الأمر اعتبرته الهيئة
العامة لمحكمة التمييز من الأخطاء الفاحشة بحق القضاة الذين لم
ينتدبوا محام للمتهم.
إذن ومن كل ما تقدم أرى إن عمل المحقق القضائي يبقى خاضع لإشراف
قاضي التحقيق ولا يمكن إجراء أي عمل تحقيقي يدخل ضمن إطار التحقيق
الجنائي إلا بأشراف قاضي التحقيق وعلى وفق الأحكام القانونية، التي
تنظم عمل المحقق، المشار إليها في قانون أصول المحاكمات الجزائية.
إما فيما يتعلق بصلاحية مفوضية النزاهة بتحمل مسؤولية التحقيق في
أي قضية فإنها تتعلق حصراً بالقضايا التي حصل فيها إخبار من جهة
غير مفوضية النزاهة لان الأمر (55) الزم قاضي تحقيق بإخبار المدير
القانوني للمفوضية عن أي جريمة تحرك فيها شكوى تتعلق بالمال العام
أو بجرائم الفساد الإداري[15]، وحتى هذه القضية إذا كان فيها متهم
موقوف أو صادر أمر قبض او استقدام بحق أي منهم اخر، فان مفوضية
النزاهة لا تستطيع سحب القضية، لان الأمر يتعلق بتقرير مصير متهم،
فان مفوضية النزاهة لا تستطيع طلب تحويل القضية، لان الأمر يتعلق
بتقرير مصير متهم وهو من الصلاحيات الحصرية للقضاء. والأمر مماثل
بالنسبة لقضايا التحري والتفتيش فإنها من الصلاحيات الحصرية للقضاء
أيضا.
وارى بأن دور مفوضية النزاهة عند سحبها للقضية لا يعني إنها
ستكون البديل عن القضاء، وإنما دورها ينحصر في جمع الأدلة من خلال
الاتصال بالدوائر ذات العلاقة وجمع الوثائق وتعقب مصادر الأموال
وإجراء الحسابات وتدقيق السجلات وما شابه ذلك من الأمور الإدارية،
التي لا تمس حياة وحرية المواطن، ففي الإخبار الذي تحصل عن غير
طريق المفوضية يكون لها سلطة طلب تحويل الأوراق، أما إذا كانت
المفوضية هي التي طلبت تحريك الشكوى بعد جمعها للأدلة وتوفر
القناعة على وجود شبهة ارتكاب إحدى جرائم الأموال، فان دورها سيكون
دور المخبر وعند ذاك ستصبح احد أطراف القضية على وفق أحكام الفقرة
(1) من القسم (4) من الأمر (55)، وأي طرف في القضية يكون صاحب
خصومة ولا يحق له أن يكون محققاً في القضية لان فرضية الحياد
ستنتهي ويصبح خصماً له حق التمييز والطعن بقرارات التي يصدرها قاضي
التحقيق.
ومع ذلك أرى بان هذا الأمر بحاجة إلى تعديل وتدخل تشريعي يقضي
إزالة هذا التقاطع والتشابك في الصلاحية خصوصاً إذا علمنا إن الأمر
(55) كان قد صدر في ظروف غير مستقرة وكان نقل لأفكار ولوائح أجنبية
تحقق لها النجاح في بلدان أخرى لأنها متوافقة مع منظومتها
القانونية أما في العراق فان الحال لا يزال فيه تقاطع والقوانين
السائدة لم يكن يمثل التناغم الذي عليه في بلدان أخرى في التعامل
مع مثل هذه المفوضية وسواها.
.........................................
[1] للمزيد انظر فاروق الكيلاني ـ جرائم الأموال
ـ الطبعة الأولى ـ بيروت 2004 ـ مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر
المحدودة
[2] فاروق كيلاني ـ مرجع سابق ـ ص 5
[3] منشور في الوقائع العراقية العدد 3981
[4] للمزيد انظر امجد سعود قطيفان الخريشة ـ
جريمة غسيل الأموال ـ دراسة مقارنة ـ ط بيروت ـ دار الثقافة للنشر
والتوزيع
[5] عاطف بشير الحاج ـ التحقيق الجنائي بين
المفهوم والإجراء ـ جريدة الحياة العدد الصادر بتاريخ 7/4/2005
[6] انظر المواد (1 ـ 9) من قانون أصول
المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1979 المعدل
[7] للمزيد انظر القاضي سالم روضان الموسوي ـ
آراء وأفكار في القانون وتطبيقاته العملية ـ ط 2007 ـ ص 77
[8] للمزيد انظر الدكتور علي بن عبدالله سابع
الطيار ـ التكامل المهني بين المحقق والقاضي في الدعوى الجزائية ـ
رسالة دكتوراه مقدمة إلى جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية ـ ص 18
[9] الفقرة(هـ) من المادة (51) من قانون أصول
المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1979 المعدل
[10] الفقرة (4) من القسم (4) من امر سلطة
الائتلاف المؤقتة المنحلة رقم (55) لسنة 2004
[11] انظر الفقرة (2) من القسم (18) من الأمر
1(لسنة (2003) المعدل المنشور في الوقائع العراقية العدد 3978
[12] انظر الفقرة (ب) من المادة (35) من الدستور
العراقي لعام 2005
[13] انظر المادة (17) من الدستور العراقي لعام
2005
[14] الفقرة (ثالث عشر) من المادة (19) من
الدستور العراقي لعام 2005
[15] انظر الفقرة (5) من القسم (4) من الأمر
(55) الصادرة من سلطة الائتلاف المؤقتة المنحلة |