ملايين الألغام في العراق: لُغم لكُل عِراقي تقريباً!!

اعداد: صباح جاسم

شبكة النبأ: تنتشر ملايين الألغام والمقذوفات غير المنفلقة في ارض العراق من شماله وحتى جنوبه ما جعل من المنظمة العراقية لإزالة الألغام تحذّر بأن هناك لغم واحد لكل عراقي تقريباً، فقد كشف مدير منظمة إزالة الألغام عن وجود 25 مليون لغم ارضي في العراق!!!، بضمنها عشرة ملايين في إقليم كردستان!!!، لافتا إلى ان انتشارها في مناطق مختلفة من البلاد يحول دون تنفيذ العديد من المشاريع العمرانية، لاسيما في مجال النفط والكهرباء والسكك الحديد.

وقال زاحم جهاد أن هناك " 25 مليون لغم ارضي  في العراق بضمنها عشرة ملايين في إقليم كردستان ،  وكذلك ثلاثة ملايين طن من الصواريخ والقنابل غير المنفلقة، ما يهدد حياة 9995 تجمع سكاني وقرية في عموم البلاد." 

وأضاف" كما يوجد4446 منطقة خطرة تحتوي على مقذوفات غير منفلقة و3385 منطقة خطرة تحتوي على ذخائر ومخلفات حربية متروكة...و1682 منطقة خطرة تحتوي على قنابل عنقودية".

وتابع جهاد عقب الاحتفالية التي نظمتها المنظمة العراقية لإزالة الألغام لمناسبة اليوم الوطني للتوعية من مخاطر الألغام والمقذوفات غير المنفلقة ان " هناك 1271 منطقة معركة أو مواضع عسكرية تحتوي على اعتدة مختلفة، فضلاً عن امتداد حقول الألغام على  الحدود العراقية مع  إيران البالغة 1200 كم".

ولم يحدد جهاد الفترة التي زرعت فيها الألغام ، إلا انه ذكر أنها من مخلفات الحرب العراقية الإيرانية وحرب عام 1990 والحرب الأخيرة بدخول القوات الأمريكية العراق في نيسان ابريل عام 2003.

وأكد ان الألغام امتدت حتى في حقل الرميلة النفطي من خلال وجود 94 منطقة خطرة تحتوي على القنابل العنقودية  واليورانيوم المنضب مع حقل ألغام بطول 17 كم. بحسب تقرير لـ اصوات العراق.

وحول عمل المنظمة العراقية لإزالة الألغام ، ذكر جهاد" عمل المنظمة يتمثل بإزالة الألغام للأغراض الإنسانية بما في ذلك المسح التقني وتثبيت المواقع والإزالة والتأشير والتحذير والوثائق الخاصة ما بعد عملية الإزالة، وتقديم المساعدة إلى الضحايا من خلال إعادة تأهيلهم واندماجهم في المجتمع، وكذلك تدمير المقذوفات والدعوة ضد استخدام الألغام".

وعن أهداف المنظمة قال جهاد" أهداف المنظمة العراقية لإزالة الألغام هي تنفيذ أعمال المسح الفني والاستطلاع والتأشير وتنفيذ أعمال إزالة الألغام والمقذوفات والذخائر والمشاركة في إجراء حملات توعية بمخاطر الألغام، فضلاً عن بناء وتدريب القدرات الفنية وتأهيل الأفراد وتنفيذ أعمال السيطرة النوعية والضمان النوعي".

وتابع" كما ان هدف المنظمة المساعدة في تأهيل الناجين من حوادث الألغام والمساهمة في إعادتهم إلى المجتمع والتنسيق من المنظمات المماثلة داخل وخارج العراق".

ولفت مدير منظمة إزالة الألغام العراقية التي تتخذ من المنطقة الخضراء مقراً لها إلى ان "هنالك الكثير من مشاريع التنمية وإعادة الاعمار متوقفة بسبب حقول الألغام والمخلفات الحربية مثل مشاريع تطوير المنشآت النفطية أو بناء مشاريع نفطية جديدة ومد خطوط الكهرباء."

وأضاف" وكذلك امتداد حقول الألغام تحول دون تنفيذ مشاريع خطوط سكك الحديد وتطوير الموانئ وبناء المنشآت الصناعية والاقتصادية والطرق وتطوير الزراعة والمشاريع الخاصة بالموارد المائية".

وبين جهاد ان" المخلفات الحربية منتشرة ومبعثرة في المناطق الزراعية والسكانية والصناعية وفي البساتين والحقول وحتى في بعض المؤسسات العلمية..ولقد تركت آثارا اجتماعية ونفسية بفقدان الأبرياء لحياتهم أو تحويلهم إلى أشخاص معاقين غير قادرين على ممارسة حياتهم الطبيعية".

من جهته، ذكر مايكل كوربن مسؤول قسم الشؤون العسكرية والسياسية في سفارة الولايات المتحدة ببغداد عن تقديم الدعم للمنظمة بالتجهيزات والمعدات والمستشارين.

وقال كوربن الذي حضر الاحتفالية، ان "عمل المنظمة العراقية لإزالة الألغام مهم لأنها تعمل في مناطق حرجة للتأمين على حياة المواطنين العراقيين، وإننا نقدم الدعم والإسناد للمنظمة من خلال تجهيزها بالمعدات والأجهزة والاستشاريين الفنيين، للتخلص من المخاطر التي تهدد حياتهم."

وبين ان التقارير العسكرية لديه "تؤكد ان الألغام في العراق موجودة منذ سنوات طويلة، والعمل جار بمساعدة المنظمة العراقية لإزالة الألغام  وجعل الأراضي العراقية آمنة."

بنجوين مدينة ترقد فوق حقول الألغام

تستقبل مدينة بنجوين الواقعة على الحدود العراقية – الايرانية بحقول الألغام المنتشرة على جانبي الطريق المؤدي اليها ولوحات التحذير من الألغام بدلا عن الورود والمساحات الخضراء كما هو مألوف في مدن العالم الأخرى.

ولا ينفك سكان المدينة يحذرون زوارها من التجول بمفردهم في ضواحي المدينة تحسبا من الوقوع في حقول الألغام وينصحون دوما بأن يرافق الزوار أحد أبناء المدينة خلال تجوالهم.

وأوضح قائممقام بنجوين عزيز مينه صوفي أن "أغلب مناطق القضاء مزروعة بالألغام بالأضافة الى معظم الجبال المحيطة بها، لأن بنجوين كانت ميدانا للمعارك أثناء الحرب العراقية-الايرانية 1980-1988".

ويقع قضاء بنجوين على بعد 105كم شرق السليمانية ويبعد 15كم عن الحدود الايرانية، ويبلغ عدد سكانه قرابة 20 الف نسمة، فيما يبلغ عدد المعاقين فيه حوالي 475 معاق حسب احصائيات اتحاد معاقي كردستان، ويعود سبب اعاقة معظمهم الى الألغام و المتفجرات.

وتشير نفس الاحصائيات الى ان اجمالي عدد سكان القضاء بنواحيه وقراه يبلغ حوالي 40 ألف نسمة، فيما يتضاعف عدد المعاقين فيها ليصل الى حوالي 1000 معاق.

وبسبب كثافة المعارك في المنطقة والقصف الايراني المستمر التي كانت تتعرض لها, أخليت المدينة في حزيران 1981 وبدأت القوات العراقية والايرانية بزرع الألغام في كل أنحاء المنطقة وأصبحت البلدة منطقة محرمة نزح عنها السكان.

واوضح قائممقام بنجوين أن "بعض المنظمات الدولية بدأت بحملة لازالة الألغام من القضاء بعيد الأنتفاضة الجماهيرية عام 1991 وقبيل البدء باعادة اعمار المدينة" لكن "لا تتوفر احصائيات متكاملة عن أعداد الألغام التي تم ازالتها من مناطق القضاء, لأن منظمات عديدة شاركت في عمليات نزع الألغام".

وحول حقول الألغام الموجودة في مدخل المدينة وعلى بعد بضعة أمتار عن الشارع الرئيسي، قال حاجي مصيفي وهو مدير دائرة شوؤن الألغام في السليمانية "لقد أكملنا نزع الألغام في بعض المناطق وخططنا لتطهير المناطق الواقعة في مدخل مدينة بنجوين ضمن برامجنا للعام القادم".

وبين أن "الضرورة اقتضت أن نقوم بتطهير مناطق اكثر أهمية في بنجوين مما أدى الى تأخير نزع الألغام عن المناطق القريبة من مدخل المدينة".

وبحسب اهالي المدينة فإن حوادث انفجار الألغام تزداد مع بدء تساقط الأمطار في الشتاء اذ يتحول التراب الذي يغطي الألغام الى طين ناعم ينفجر اللغم ما أن تطأ عليه قدم، علاوة على ذلك وكما يروي أهالي المدينة فإن الأمطار الغزيرة تفيض حاملة الألغام معها من قمم الجبال الى السهول والوديان ما يسبب انفجارها لدى مرور المارة عليها.

ويؤكد اتحاد معاقي كردستان - فرع بنجوين بأن عدد أعضائه داخل مدينة بنجوين وحدها وصل الى 475 عضوا, في حين يتراوح عدد سكان المدينة بين 18-20 الف نسمة.

من جهته، قال مسؤول فرع بنجوين لاتحاد المعاقين محمد محمود حمة شريف لـ(أصوات العراق) ان "اغلب أعضاء الاتحاد في بنجوين هم ضحايا المتفجرات وعلى الأخص الألغام".

وأضاف محمد "هناك في بنجوين والقرى التابعة لها 1042 معاق من مجموع السكان البالغ 40 الف نسمة".

وانخفض عدد حوادث الناشبة من جراء انفجار الألغام في السنوات الأخيرة حسبما تفيد احصائيات مستشفى بنجوين, مقارنة بالتسعينيات حيث كانت هذه الحوادث كثيرة. فلم يحدث طوال عام 2007  سوى اربع حوادث انفجار،  بينما شهدت الأشهر التسعة الماضية أربع حوادث مماثلة.

ويرى المراقبون أن تحسن الأوضاع الأقتصادية كان له تأثير كبير في انخفاض حدوث حالات انفجار الألغام, فبعد عام 1991 عقب انسحاب القوات العراقية من المنطقة وحصول اقليم كردستان على نوع من الحكم الذاتي وعندما عاد سكان بنجوين الأصليين الى المنطقة لاعادة اعمار منازلهم بدأوا يجوبون الجبال المحيطة بالمدينة لجمع الحطب وبحثا عن النحاس ما أدى الى وقوع الكثير من حوادث انفجار الألغام ومقتل أو اصابة العديد من السكان.

ويرى خليل ابراهيم، أحد سكان بنجوين، أن تحسن الأوضاع الاقتصادية للسكان وانشغالهم بأعمال أخرى قلل من حوادث الألغام.

واوضح ابراهيم "حين عدنا سنة 1991 كانت الألغام مكدسة على جانبي الطريق ولذلك كانت حوادث الانفجارات كثيرة".

واشار أنه "بالأضافة الى تحسن الوضع الاقتصادي فإن توعية السكان ووضع علامات التحذير يقلل من هذه الحوادث".

وتوجهت عدة منظمات دولية الى المنطقة منذ عام 1991 وعلى الأخص منظمة (م. أ. ج) وبدأت بحملة لازالة الألغام وحملات التوعية من مخاطر المتفجرات، اذ تشير الأحصائيات الرسمية الى ان الحكومة العراقية السابقة زرعت قرابة 20 مليون لغم في جميع الأراضي العراقية يقع نصفها في منطقة اقليم كردستان وبهذا يصبح عدد الألغام ضعف عدد سكان الاقليم.

واضاف حاجي مصيفي مدير دائرة شوؤن الألغام في السليمانية لـ(أصوات العراق) "لقد قامت مديريتنا التي تأسست في 1998 و قبلها بعض المنظمات الدولية، قامت بازالة مئات الآلاف من الألغام في مناطق مختلفة من اقليم كردستان".

وتتمثل إحدى مهام مديرية شؤون الألغام بتوعية القرويين من مخاطر الألغام و وضع علامات التحذير في المناطق المزروعة بالألغام.

وفي اطار جهود المديرية المذكورة لازالة الألغام، اشار مصيفي "حاولنا الحصول على خرائط لحقول الألغام في اقليم كردستان عن طريق الأمم المتحدة ووزارة الخارجية العراقية ولكن لم تثمر جهودهم في هذا المضمار حتى الان.

وأوضح مدير عام شؤون الألغام ان "الأراضي التي بنيت عليها المستشفى ودائرة الكهرباء والمدارس والحدائق كانت فيما مضى حقول الغام و تم تطهيرها"، مشيرا الى ان منطقة بنجوين هي ثاني مناطق كردستان بعد منطقة شاربازير (شمال شرق السليمانية) من حيث عدد الالغام المزروعة فيها.

وكشف ايضا عن ان مديريته "خصصت حصة الاسد من ميزانية منطقة بنجوين لتطهيرها من الالغام".

ولفت الى أن "المديرية تعمل الان بنظام المناقصة مع الشركات الأجنبية والمحلية لتطهير الاراضي المزروعة بالألغام، كما وتعمل بالتنسيق مع منظمات مثل (م. أ. ج ) و( ن ب أ – منظمة معونات الشعب النرويجي) على ازالة الالغام".

ويأتي اقليم كردستان في صدارة المناطق المزروعة بالالغام ويرد اسمه في المؤتمرات العالمية بعد افغانستان مباشرة، وفي الوقت الحاضر فإن العراق هو عضو في معاهدة (أوتاوا) التي تشترك فيها 100 دولة تعهدت فيها بعدم صنع اي لغم ضد الأفراد أو أستخدامه.

وتحولت بلدة بنجوين الى قضاء في عام 1950 وقد أنشئت فيها جميع المؤسسات المدنية مثل الدوائر الحكومية والفنادق والمرافق الأخرى، وتحوي الآن مستشفى كبير ومدارس وحدائق ويتم تزويدها بالطاقة الكهربائية من ايران على مدار الساعة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 7/تشرين الأول/2008 - 7/شوال/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م