إنتعاش تهريب المشتقات النفطية على الحدود الايرانية العراقية

 

شبكة النبأ:  بدأت ظاهرة تهريب الوقود من إيران الى العراق تظهر بعد الانتفاضة الجماهيرية عام 1991 حيث فرضت الحكومة العراقية السابقة الحصار الاقتصادي على محافظات إقليم كردستان ومنع وصول الوقود من محافظات العراق الوسطى والجنوبية إلى الإقليم.

إلا أن هذه الظاهرة قد زادت حدتها بعد سقوط النظام السابق في 2003 نتيجة لتوقف بعض مصافي النفط و المؤسسات النفطية العراقية بسبب المعارك وأعمال العنف, عن العمل مما أدى إلى نقص شديد للوقود في المحافظات الشمالية و بالتالي ازدياد هذه الظاهرة.

ويخطو الإيراني (سالار) عائدا بسرعة إلى داخل حدود بلاده وهو ينوء بحمل ثقيل من القناني التي افرغ حمولتها من النفط والوقود المهرب إلى داخل أراضي كردستان شمالي العراق، "طلبا للعيش" كما يقول، في عملية يكررها هو وآخرين لمرتين أو ثلاث يوميا رغم المخاطر التي تشوبها.    

والحمال (سالار) هو احد سكان مدينة مريوان الإيرانية الواقعة على الحدود بين العراق وإيران، يصحو كل يوم الساعة الثالثة صباحا ليحمل 60 لترا من الوقود على ظهره ليوصله إلى سوق النفط في منطقة (بناوةسووتة) الواقعة في الأرض العراقية قرب نقطة باشماخ الحدودية، لقاء مبلغ من المال، وعند الظهر يرجع إلى بلاده و هو يحمل وزنا يبلغ نحو 50 كغم من القناني الفارغة. 

وتقع نقطة باشماخ الحدودية على بعد (10كم) من شرق قضاء بنجوين (105 كم شرق السليمانية) يمتد منها طريق ملتو يوصل الحمالين إلى "سوق النفط" في بناوة سووتة الذي يبعد عن باشماخ ربع ساعة.

أكرم مجيد شريف، هو أحد المنشغلين ببيع و شراء الوقود في هذا السوق، ويتعامل يوميا مع بعض شركاءه الإيرانيين الذين يشترون الوقود من إيران و يبعثونها بالحمالين إلى الأراضي العراقية. ويعلل أكرم عمله "بسبب رخص الوقود في إيران، فإننا نشتريها من هناك لنبيعها هنا".

وأوضح أكرم لـ أصوات العراق "أن إيجار نقل الوقود غالي لذلك فأن كل 20 لترا من الوقود لا يربحنا أكثر من 200 دينار عراقي."

وأوضح أن "التجار الذين يعملون بالتهريب على الحدود يمارسون عملا صعبا وأحيانا محفوفا بالمخاطر أو يتعرضون لأضرار مادية حيث يأخذ منهم الجند الإيرانيون الوقود." وقال "لقد اخذوا منا قرابة ألف قنينة من التي تستوعب 20 لترا من الوقود في شهر رمضان فقط و لكن الحراس العراقيين يتساهلون معنا ويساعدوننا."

ويستأجر أكرم الأرض التي يعمل عليها مع ثلاثة من شركاءه من أحد سكان منطقة بناوة سووتة، و قال أنه يكسب من هذا العمل مع شركاءه من 100 إلى 150 دولار يوميا.

ويضم "سوق النفط" في بناوةسووتة أمثلة مشابهة كثيرة لأكرم حيث نقلوا أغلب مستلزمات الحياة إلى مكان عملهم و يقضون أغلب أوقات أيامهم هناك.

يذكر ان ظاهرة تهريب الوقود من إيران للعراق بدأت تظهر بعد الانتفاضة الجماهيرية عام 1991 حيث فرضت الحكومة العراقية السابقة الحصار الاقتصادي على محافظات إقليم كردستان ومنع وصول الوقود من محافظات العراق الوسطى والجنوبية إلى الإقليم.

إلا أن هذه الظاهرة قد زادت حدتها بعد سقوط النظام السابق في 2003 نتيجة لتوقف بعض مصافي النفط و المؤسسات النفطية العراقية بسبب المعارك وأعمال العنف, عن العمل مما أدى إلى نقص شديد للوقود في المحافظات الشمالية و بالتالي ازدياد هذه الظاهرة.

داود أحمدي هو أحد هؤلاء (الحمالين المهربين) و هو من سكان مدينة مريوان و يربح يوميا 35 الف دينار عراقي .

و يختلف داود عن الكثير من الحمالين الآخرين في أنه يعمل لحسابه الخاص حيث يشتري الوقود في الأراضي الإيرانية ويبيعا في السوق العراقية.

ويتحدث داود عن القبض عليه من قبل الحراس الإيرانيين "أغلب المرات حين يقبضون علينا يجبروننا على التخلص من الوقود و سكبه على الأرض."

و يشير إلى النقيض من تلك الحالة أيضا "أحيانا يتساهلون معنا و لا يقبضون علينا "يطلبون منا أن نمشي بعيدا عن أنظارهم  و عن نقطة السيطرة."

ولم يخف الحمال داود  أن "الحراس الإيرانيين أحيانا يغضون النظر عنهم أو يفرجون عنهم لقاء مبلغ من المال."

وتقع نقطة السيطرة للحراس الإيرانيين على الطريق الذي يسلكه الحمالون و يستغرقون عادة ثلاثة أرباع الساعة ليعبروا الحدود من العراق إلى الأراضي الإيرانية  أو العكس ويعترض طريقهم أيضا (جدول ماء).

يحمل الحمالون على الأغلب الكازاويل و النفط، ونادرا ما يكون حملهم من البنزين لسباب عديدة، فبالإضافة إلى أن فرق السعر بين العراق وإيران قليل جدا فأن مخاطر اشتعال النيران والنقل كثيرة جدا.

و بعد وصول الوقود توضع في "تناكر" كبيرة لتحضيرها للنقل إلى محافظات كردستان.

أما مصادر البنزين فأنها على الأغلب تأتي من بيجي بشكل رسمي و كذلك من تركيا حيث تدخل الأراضي العراقية بشكل رسمي أيضا، بحسب داود. 

وبالإضافة إلى الوقود فأنهم ينقلون أية بضاعة أخرى مقابل مبلغ معين لكي لا تتعرض البضاعة إلى نقطة كمرك أو أنها ربما ممنوعة من التجارة بين البلدين.

من جهتهم، رفض المسؤولون في نقطة باشماخ الحدودية أي تصريح رسمي حول التهريب بين البلدين ولكن مسؤولا أوضح أن لديهم مفارز يومية على الحدود لمنع التهريب. 

و بحسب المعلومات التي ذكرها مواطنون "ففي الكثير من الأحيان يقبض على مواد كالذهب والمخدرات."

وقال مسؤول في الكمرك، طلب عدم كشف هويته ان "الحدود بين العراق و إيران واسعة و كبيرة بحيث يصعب السيطرة عليها و هذا هو سبب وجود المهربين على الحدود."

و تحدث المواطنون في المنطقة عن أن" الحمالين يجلبون أنواع المشروبات الكحولية من العراق ليبيعوها في إيران." وأشاروا إلى "حوادث كثيرة من أطلاق النار من قبل الحراس الإيرانيين نجم عنه في الكثير من الأحيان مقتل أو جرح الحمالين , وبالرغم من كل ذلك يتعرض الحمالون يوميا إلى المخاطر لكسب العيش."

و مع اقتراب فصل الشتاء، يزيد البرد والمطر من صعوبة عمل الحمّالين لأن هذه المناطق جبلية وأحيانا تنزل فيها كميات كبيرة من الثلج تغطي هذه الدروب الملتوية الخطرة التي هي مصدر رزق خطر لأشخاص اتخذوها سبيلا للعيش.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 4/تشرين الأول/2008 - 4/شوال/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م