العراق والولوج في حلقة عنف جديدة

 

شبكة النبأ: عادت بغداد العاصمة الى مسلسلها العنفي خلال الاسبوعين الماضيين بعد ان استهدفها عدة انفجارت عنيفة آخرها كان استهداف الشيعة المصلين في العيد، مما ينذر وبشكل خطر بالعودة الى المربع الاول من الصراع الطائفي في العراق.

ويتزامن ذلك مع تزايد الصراعات الحزبية وقرب الانتخابات المحلية وتزايد الصراع بين الاكراد والحكومة المركزية على ملفات النفط وكركوك وخانقين، والتجاذب الامريكي العراقي الايراني الحاد على الاتفاقية الامنية، واستمرار التوتر الامريكي الايراني في الملف النووي. بالاضافة الى استمرار غموض ملف الصحوات السنية. كل هذا يهدد بعودة حلقة العنف الطائفي وبشكل اشد مع استمرار اللجوء الى العنف الدموي لحل الخلافات والنزاعات.

فقد أدان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق ستافان دي ميستورا سلسلة التفجيرات التي حدثت في بغداد وأماكن أخرى في الأيام الماضية، داعيا العراقيين الى الحفاظ على وحدتهم لإفشال مخطط قال انه يرمي الى دفعهم ثانيةً نحو حلقة عنف طائفي دامية.

وقال بيان لبعثة الامم المتحدة في العراق نقلته (اصوات العراق)، ان دي ميستورا" أدان بشدة سلسلة التفجيرات الإجرامية في بغداد وأماكن أخرى في الأيام القليلة الماضية مما أدى إلى مقتل العشرات من المدنيين الأبرياء وجرح المزيد منهم".  ووصف دي ميستورا هذه التفجيرات بأنها "بالغة البشاعة، خاصةً وأنها استهدفت الرجال والنساء والأطفال عشية عيد الفطر المبارك، أو في طريقهم لزيارة العتبات المقدسة" .

وأعرب ممثل الامين العام للامم المتحدة "عن قلق الأمم المتحدة إزاء ارتفاع وتيرة العنف " مناشدا " كافة العراقيين الحفاظ على وحدتهم لإفشال مخطط هؤلاء الذين يعملون على دفعهم ثانيةً نحو حلقة عنف طائفي دامية".

وقدم دي ميستورا تعازيه وتعازي الأمم المتحدة لأهالي الذين قضوا، متمنيا للجرحى الشفاء السريع والتعافي التام.

بدورهم قال مسؤولون ان مفجرين انتحاريين هاجما مصلين شيعة تجمعوا للصلاة في مسجدين شيعيين للاحتفال بعيد الفطر في بغداد يوم الخميس مما أدى الى مقتل 16 شخصا وإصابة نحو 60 شخصا آخرين.

وقال مصور تلفزيون رويترز في مكان الهجوم انه أمكن مشاهدة ساق وأشلاء بشرية على مسافة تزيد على 100 متر من الموقع الذي فجر فيه المهاجم سيارة أُجرة بعد ان صدم بها عربة شرطة تحرس إحدى الحسينيات في حي الزعفرانية.

وتدفقت الدماء من شاحنة خضروات استخدمت في نقل جثث القتلى بعيدا عن مكان الهجوم وتحطم الزجاج في المباني المحيطة.

وقال اللواء قاسم موسوي المتحدث باسم الامن في بغداد انه في هجوم الزعفرانية قتل عشرة اشخاص وأُصيب 31 شخصا آخرين.

وقال موسوي انه في الهجوم الثاني الذي وقع في حي بغداد الجديدة فجر المهاجم وهو فتى صغير السن نفسه على بعد 80 مترا من مسجد فقتل ستة وأصاب 26 شخصا آخرين.

وقال اللفتنانت كولونيل ستيفن ستوفر المتحدث باسم الجيش الامريكي في إشارة الى تنظيم القاعدة في العراق والمنتشددين السنة الذين يتعاطفون مع شبكة أُسامة بن لادن "الاستخدام المروع لفتى في هجوم انتحاري يبين الى أي مدى تنظيم القاعدة في العراق يتصف بالشيطانية."

وقال ان قوات الامن العراقية التي أوقفت المهاجم الانتحاري خارج المسجد منعت وقوع "خسائر أكبر في الأرواح".

وقالت الشرطة ان المنطقتين من المناطق الشيعية في شرق بغداد. وأضافت ان عدد القتلى يمكن ان يرتفع.

والتفجيرات الانتحارية التي ينفذها الآن على نحو متزايد نساء وأطفال تحمل بصمات القاعدة ومتشددين سنة يتفقون مع القاعدة في التفكير يستهدفون باستمرار المدنيين الشيعيين اثناء الاحتفالات الدينية.

وحذر مسؤولون في الحكومة العراقية من ان المتشددين قد يشنون هجمات خلال عطلة عيد الفطر.

وقال ستوفر انه في هجوم آخر في غرب بغداد ضربت سيارة ملغومة دورية تابعة للقوات الامريكية مما أدى الى إصابة أربعة جنود أمريكيين بجروح.

وخارج العاصمة فتح مسلحون النار على حافلة صغيرة تقل أُسرة الى احتفالات عيد الفطر في محافظة ديالى المضطربة. وقتلوا ستة افراد بينهم نساء واطفال.

ومساء يوم الاحد أسفرت موجة تفجيرات قنابل عن مقتل 32 شخصا على الاقل في بغداد معظمهم كانوا يشترون هدايا عيد الفطر في منطقة التسوق بحي الكرادة المزدحم.

معالِم الصراع في العراق لم تتغير

 وفي سياق متصل أقرت وزارة الدفاع الأمريكية بأن المعالم الأساسية للصراع في العراق لم تتغير رغم التحسن الكبير في الأوضاع الأمنية وتراجع أعداد القتلى خاصة من المدنيين.

وقال البنتاجون في تقريره ربع السنوي إلى الكونجرس عن الحرب إن التحسن الاخير للاوضاع الامنية في العراق يبقى "هشا وغير متماسك ويمكن أن يتراجع".

واعتبر التقرير أن هذا البلد ما يزال عالقا في "نزاع بين مختلف المكونات على السلطة والموارد".

وحذر البنتاجون من احتمال ان تدفع القضايا التي لم يتم حلها بعد باتجاه عرقلة التقدم الأمني ، ومن هذه القضايا انتخابات مجالس المحافظات وانضمام قوات الصحوة الى صفوف الجيش والشرطة والقطاع العام ووضع كركوك الغنية بالنفط والدعم الإيراني للمجموعات الشيعية .

الجيش الأمريكي أشاد بدور قوات مجالس الصحوة في تحسين الوضع الأمني

وأشار التقرير إلى تراجع كبير بنسبة 77% للعنف في العراق مقارنة مع الفترة ذاتها من 2007، واضاف ان هذا التقدم تحقق على الرغم من انخفاض عدد القوات الاميركية.

وأكد التقرير تراجع عدد القتلى في صفوف المدنيين العراقيين بمقدار النصف تقريبا الشهر الماضي بمقارنة بالفترة نفسها العام الماضي ، ففي سبتمبر / أيلول 2007 قتل 884 منديا فيما قتل الشهر الماضي 359.

كما قتل الشهر الماضي ثمانية جنود أمريكيين، بينما بلغ إجمالي الخسائر في صفوف الوحدات الأمريكية المقاتلة في سبتمبر/ أيلول 2007 43 قتيلا.

يشار إلى أن البنتاجون سيسحب نحو 8 آلاف جندي من العراق بحلول فبراير/ شباط المقبل ليصل عدد الجنود الأمريكيين في العراق إلى نحو 138 ألفا.

كما اعتبر التقرير أن النفوذ الإيراني في العراق يبقى التهديد الأمني الرئيسي المدى الطويل رغم الوعود الإيرانية المستمرة بعكس ذلك.

وأضاف البنتاجون أنه "يبدو بشكل واضح ان ايران تواصل تمويل وتدريب وتسليح وتوجيه مجموعات خاصة للعمل على زعزعة الوضع في العراق".

واعتبر "ان الدعم الايراني للمجموعات الشيعية المتطرفة يبقى سببا رئيسيا لاستمرار العنف"، و لكن أكد "فشل إيران في اذكاء الصراع الطائفي مجددا " مشيرا إلى أنه الفترة التي يغطيها التقرير, لقي 29 شخصا مصرعهم على خلفية نزاعات طائفية في بغداد وهو رقم ادنى مما كان يسجل سابقا.

واوضح التقرير أن هذه الحصيلة تشكل ادنى مستوى يتم تسجيله وتعكس تحسنا كبيرا جدا مقارنة مع اكثر من 1200 شخص قضوا في صراع عرقي وطائفي خلال الفترة ذاتها من العام 2007 وأكثر من 1600 لقوا مصرعهم في ديسمبر / كانون الأول 2006.

وأكد البنتاجون أيضا أن أنشطة جيش المهدي بزعامة رجل الدين مقتدى الصدر "تراجعت بشكل كبير". واوضح أن" مقاتلي جيش المهدي تخلوا الى حد كبير عن سلاحهم ليس فقط بدافع خيبة امل العراقيين من الميليشيات والعنف والاجرام انما ايضا بسبب الخسائر الجسيمة التي تكبدوها وتفوق قوات التحالف والجيش العراقي عليهم".

واشار التقرير الى ان القاعدة تواجه ضغوطا اثر تكبدها خسائر جسيمة نتيجة العمليات العراقية والأميركية إلا أنها ما تزال قادرة على شن هجمات كبيرة في المناطق السكنية كما انها تحتفظ بحرية محدودة للتحرك في مناطق ريفية.

كما اعتبر البنتاجون أن التحاق قوات مجالس الصحوة وهم المسلحون السنة بالقوات الأمنية والوظائف المدنية في الحكومة العراقية يشكل "تحديا كبيرا".

واعتبر ان "التقدم البطيء لنقل مسؤولية قوات الصحوة يشكل مصدر قلق"، وطالبت وزارة الدفاع الأمريكية باستمرار التزام الحكومة العراقية بتوفير وظائف دائمة وثابتة لـ "أبناء العراق" وهي التسيمة التي تطلق أحيانا على مجالس الصحوة.

يشار إلى أن الجيش الأمريكي نقل اعتبار من اليوم الأربعاء مسؤولية دفع المخصصات المالية لنحو 20 % من مجالس الصحوة إلى الحكومة العراقية.

ويقدر عدد هؤلاء بنحو مائة ألف مقاتل وقد أشادت تقارير الجيش الأمريكي بدورهم في مواجهة مقاتلي القاعدة خاصة في غربي بغداد.

وتقدر المخصصات التى كان الجيش الامريكى يدفعها لهم حتى الآن بثلاثمائة وستين مليون دولار سنويا. ويؤكد عباس البياتى عضو لجنة الامن والدفاع فى مجلس النواب العراقى على ضرورة الاسراع فى تصنيف عناصر الصحوة ليتم الحاقهم بقوات الأمن او بوظائف مدنيه.

ويدفع الجيش الأميركي حتى الآن رواتب عناصر الصحوة لكن حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي ستدفع اعتبارا من الشهر الجاري رواتب 54 ألفا منهم.

وسبق ان اكدت الحكومة العراقية عزمها على ضم عشرين في المائة من عناصر الصحوات ضمن صفوف قواتها الامنية . اما البقية فمن المقرر الحاقهم بوظائف مدنية . ويقول علي الدباغ الناطق باسم الحكومة العراقية ان الحكومة ملتزمة بتهيئة اندماج رجال الصحوة في الحياة العامة في العراق.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 4/تشرين الأول/2008 - 4/شوال/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م