إستيعاب الصحوات في العراق: مرحلة إختبار حاسمة للإنجازات المُتحققة

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: ينظر أغلب المسؤولين الحكوميين الى القوات غير الرسمية المسمّاة مجالس الصحوة والتي تضم الكثير من المتمردين السابقين من العرب السنّة بارتياب كبير خشية من الاختراق فيما بينهم. بينما يخشى بعض الحرّاس من أن يتم اعتقالهم بسبب ماضيهم.

ومن جهة اخرى يرى المحللون من أنه اذا لم يتم الاعتناء بأعضاء مجالس الصحوة فقد يحملون السلاح مجددا ضد الحكومة. حيث سيبدأ الجيش الامريكي تسليم السيطرة على وحداتهم للحكومة في الاول من اكتوبر تشرين الاول حين تتولى بغداد سداد رواتب عشرات الالاف من الحراس داخل وحول العاصمة. ومن المنتظر أن تتبعها مناطق أخرى.

وفي سامراء، عند نقطة تفتيش تتكون من كوخ خشبي مغطى بألواح من الصلب يتولى خمسة عراقيين مسلحين ببنادق كلاشنيكوف مهمة منع عناصر تنظيم القاعدة من شن هجمات على مدينتهم القديمة.

وحراس الاحياء العربية السنّية لا يرتدون زيا موحدا لكنهم يشتركون في ارتداء الصدريات الصفراء البراقة حتى تتسنى رؤيتهم ويقومون بايقاف السيارات وتفتيشها ويتنقلون بين العربات ويمسحون الاسواق المزدحمة بحثا عن علامات على تحركات مريبة.

ولعب هؤلاء الحراس دورا حيويا في المساعدة في خفض معدلات العنف في أنحاء العراق لكن كثيرين يقولون انهم يخشون الان من التخلي عنهم مع استعداد الحكومة التي يقودها الشيعة لتسلم السيطرة عليهم من الجيش الامريكي في الاشهر القادمة. بحسب رويترز.

ويقود هذه الوحدات التي تسمى مجالس الصحوة شيوخ العشائر المحليون الذين بدأوا ينقلبون ضد تنظيم القاعدة قبل عامين في محافظة الانبار بغرب العراق.

وحين حملوا السلاح في سامراء في أواخر عام 2007 ساعدوا في استعادة الامن للمدينة التي كان متشددو القاعدة يحكمون شوارعها ذات يوم حيث كانوا يقتلون الكل من رجال الشرطة الى جامعي القمامة. وأغلقت المدارس أبوابها وكانت شوارع المدينة مهجورة.

وكان متشددون قد دمروا في وقت سابق ضريحا شيعيا مقدسا في المدينة الواقعة بشمال البلاد في فبراير شباط 2006 مما أغرق العراق في فوضى طائفية.

اما الان فنفس هذه الشوارع صاخبة والاكشاك التي كانت قد أغلقت تبيع كل شيء من البطيخ الى ملابس النساء ويرجع الفضل في هذا جزئيا الى نحو 1200 عضو بمجالس الصحوة يتقاضون أجورا في سامراء. وهناك 1800 متطوع لا يتقاضون أجرا ويعملون في المنطقة الصحراوية المحيطة.

ويقول عمر عيدان الذي أعاد فتح متجر البقالة الصغير الذي يمتلكه ويقع في الجهة المقابلة لنقطة تفتيش قبل ثلاثة اشهر "لولا (مجالس) الصحوة لكان تنظيم القاعدة ما زال هنا ولكنا سجناء بمنازلنا."

ووعدت بغداد بضم 20 في المئة من الحراس الذين يقدر الجيش الامريكي عددهم بنحو 100 الف في أنحاء العراق الى قوات الامن العراقية ومنح الاخرين وظائف مدنية أخرى او تدريبا.

لكن الحراس الذين يتقاضى الواحد منهم نحو 300 دولار شهريا من الجيش الامريكي قلقون بشأن المستقبل على الرغم من اشادة الحكومة في بغداد علنا بمساهمتهم في تحسين الاوضاع الامنية واعلانها أنه ستتم العناية بهم.

وينظر بعض المسؤولين الحكوميين الى القوات غير الرسمية التي تضم الكثير من المقاتلين السابقين من العرب السنة بارتياب. ويخشى بعض الحراس من أن يتم اعتقالهم بسبب ماضيهم.

ويقول عامر حردان جادوه (23 عاما) فيما لوح مقاتل اخر لشاحنة لتمر عبر نقطة التفتيش المسؤولان عنها "نريد جميعا وظائف في الشرطة لكننا لا يمكن أن نضمن... الحكومة لا تتحدث الينا قط لهذا نحن لا نعلم شيئا بشأن كل القرارات. نشعر بالقلق."

ويخشى بعض المحللين من أنه اذا لم يتم الاعتناء بأعضاء مجالس الصحوة فقد يحملون السلاح مجددا ضد الحكومة.

ويبدأ الجيش الامريكي تسليم السيطرة على الوحدات للحكومة في الاول من اكتوبر تشرين الاول حين تتولى بغداد سداد رواتب عشرات الالاف من الحراس داخل وحول العاصمة. ومن المنتظر أن تتبعها مناطق أخرى.

ويحصل نحو 730 من حراس سامراء الذين يتقاضون رواتب على وظائف في الشرطة غير أن مصير الاخرين لا يزال غير معلوم.

وقال محمود خلف رئيس بلدية سامراء ان الحكومة تعترف أنهم قاموا بعمل جيد وأضاف أنه يبحث عن وزارة تضمهم اليها وتابع أنه يعمل على هذا وسيتوصل الى شيء.

ويعلق عبد الجليل المهدي (23 عاما) الذي يراقب ميدانا عند نقطة دخول الى وسط المدينة والذي تقدم لوظيفة بالشرطة الشهر الماضي لكنه لم يتلق ردا "كل ما نسمعه هو حديث الحكومة عن الغاء مجالس الصحوة." وأضاف "اذا سرحونا ستعود القاعدة وتعثر علينا وتقتلنا جميعا. لن نستمر طويلا لأنهم يعرفون وجوهنا."

وقال اللفتنانت كولونيل جي.بي مكجي قائد الكتيبة الامريكية بسامراء لرويترز ان الهدف هو تسليم المسؤولية في سامراء في ديسمبر كانون الاول. وأضاف "أبلغتهم أننا سنتولى الاشراف لضمان حصولهم على أجورهم وضمان سير هذه العملية بأكملها على ما يرام."وتابع قائلا "انا واثق في ما قاله لي الزعماء العراقيين عن أنهم لن يديروا ظهورهم (لمجالس الصحوة)."

بغداد ستتولى مسؤولية دفع مرتبات "ابناء العراق"

وصرح جنرال اميركي ان الحكومة العراقية ستتولى مسؤولية دفع مرتبات 54 الف من "ابناء العراق" اي عناصر مجالس الصحوة السنية في بغداد اعتبارا من الاسبوع المقبل في اختبار مهم لالتزامها المصالحة.

واكد اللفتنانت جنرال لويد اوستن الرجل الثاني في قيادة القوات الاميركية في العراق ان نقل هذه المسؤولية من الاميركيين في تشرين الاول/اكتوبر يشكل "فرصة مناسبة" لحكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لتبرهن على جديتها في المصالحة. بحسب فرانس برس.

وقال اوستن في مؤتمر صحافي بالدائرة التلفزيونية المغلقة ان المالكي "اكد لي ان الحكومة ستساعد الذين يساعدون شعب العراق". واضاف ان "الحكومة ستقبل الاسبوع المقبل تحمل مسؤولية حوالى 54 الفا من ابناء العراق وسنكون هناك لحضور مراسم نقل" هذه المسؤولية.

وتطلق الولايات المتحدة اسم "ابناء العراق" على افراد مجالس الصحوة التي انشئت لمقاتلة تنظيم القاعدة العام الماضي في خطوة ساهمت في تخفيف اعمال العنف في العراق.

واثار تشكيل هذه القوات شكوك حكومة المالكي. لكن اوستن قال انه واثق من ان عملية النقل ستجري بهدوء. واضاف "عليكم ان تعلموا اننا لن نتخلى عن ابناء العراق" مؤكدا "سنواصل متابعتهم في المستقبل لضمان حصولهم على مرتبات وان ما يفعلونه هو في الواقع انتقال الى وظائف مهمة".

وحتى الآن يدفع الجيش الاميركي رواتب 99 الفا من "ابناء العراق". وستشمل العملية الانتقالية 54 الفا منهم في بغداد اولا.

وتدعو الخطط الى الحاق حوالى عشرين بالمئة من "ابناء العراق" بالشرطة او الجيش واعادة تدريب الآخرين لمهام في القطاع الاقتصادي المدني.

وقال اوستن ان بعض "ابناء العراق" سيواصلون الاشراف على بعض نقاط المراقبة في المناطق المجاورة

قائد أمريكي: يجب على العراق توفير وظائف لأعضاء مجالس الصحوة

وقال قائد عسكري أمريكي انه يتعين على الحكومة العراقية توفير وظائف لعشرات الآلآف من أعضاء دوريات مجالس الصحوة وأغلبهم من العرب السنة بعد أن تتولى المسؤولية عنهم الأسبوع القادم وإلا فسيحاول تنظيم القاعدة تجنيدهم.

وقال الميجر جنرال جيفري هاموند قائد القوات الامريكية في بغداد في مؤتمر صحفي "يجب عدم السماح لهذا الأمر بالفشل. اذا قدر لهذا البرنامج أن يفشل .. فسيعود هؤلاء بوضوح الى الشوارع غاضبين.. ستقوم القاعدة بتجنيدهم ... لا نريد ذلك."

وأضاف "دفع أبناء العراق (أعضاء دوريات مجالس الصحوة) ثمنا باهظا لمحاربة القاعدة والجماعات المتمردة الاخرى ومن الضروري ان تحولهم الحكومة الى عمالة مفيدة .. وهم التزموا بهذه المسؤولية."

ويدفع الجيش الامريكي حاليا لاعضاء مجالس الصحوة حوالي 300 دولار شهريا. ويقول العراق ان لديه أماكن شاغرة في الجيش والشرطة تسمح بتوفير وظائف أمنية لحوالي 20 بالمئة فقط من أعضاء مجالس الصحوة لكنه تعهد بمساعدة الباقين على التدريب أو العثور على وظائف مدنية. بحسب رويترز.

وقال هاموند ان 96 بالمئة من أعضاء الدوريات داخل حدود مدينة بغداد والبالغ عددهم 27600 فرد سجلوا أنفسهم لدى البرنامج ليصبحوا تحت سلطة الحكومة بدءا من أول اكتوبر تشرين الاول. واعتبر هذا دليلا على ثقتهم في البرنامج.

وقال "كانت لديهم عدم ثقة. لم يكونوا مقتنعين بأنها ستكون عملية نزيهة.. ( كانوا يعتقدون) أنه سيتم استهدافهم. أعتقد أن حقيقة تسجيل 96 بالمئة انفسهم تظهر أنهم تغلبوا على ذلك."

وبعد سنوات من العنف الطائفي يقول بعض أعضاء الدوريات السنية العربية انهم يخشون انتقام السلطات التي يقودها الشيعة.

وقال خالد القيسي وهو أحد زعماء الدوريات في حي الفضل بوسط بغداد لرويترز "لا أثق في الحكومة لانني أعلم أنهم سيرغبون في مطاردتي غداً. "تسجيل 96 بالمئة أنفسهم لا يعني أنهم يثقون في الحكومة. هذا فقط من أجل الاحتفاظ بالحق في حراسة شوارع حينا."

الداخلية تعيّن 2000 عنصر صحوة في ديالى على ملاكها

وقالت وزارة الداخلية العراقية، انها عينت على ملاكها الدائم 2000 عنصر صحوة في ديالى منذ بدء عملية (بشائر الخير) العسكرية الجارية في المحافظة وحتى اليوم.

وأوضح اللواء الركن عبد الكريم خلف مدير مركز القيادة الوطني في الوزارة لوكالة أصوات العراق أن الوزارة خصصت (في وقت لم يحدده) أربعة الاف وظيفة بصفة شرطي لعناصر الصحوة في محافظة ديالى وتم حتى اليوم قبول الفين ممن تنطبق عليهم الشروط، فيما خصصت وزارة الدفاع نحو ثلاثة الاف وظيفة على ملاكها بصفة جندي.

وباشرت القوات العراقية عملية أمنية واسعة، في أرجاء محافظة منذ نهاية شهر تموز يوليو الماضي، أطلق عليها اسم (بشائر الخير)، لملاحقة مسلحي تنظيم القاعدة الذين نقلوا أغلب نشاطاتهم إليها، بعد أن خسروا ما كان يعتبر حاضنة لهم في محافظة الأنبار (غربي العراق)، إثر قيام العشائر هناك بمقاتلة عناصر التنظيم وإخراجهم من المحافظة.

وأضاف خلف أن الوزراة مستمرة بتعيين ما تبقى حتى يصل العدد الى اربعة الاف، فيما سيتم تعيين المتبقي منهم على الدوائر الحكومية الاخرى وكلا حسب مؤهلاته واختصاصه.

وكانت الحكومة العراقية خصصت تزامنا مع عملية (بشائر الخير) 20 الف وظيفة لاهالي ديالى.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 29/أيلول/2008 - 28/رمضان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م