
شبكة النبأ: بعد أن هدأت وتيرة
العنف يدخل العراق مرحلة جديدة ربما تكون الأخطر من حيث عمليات
تصفية السياسيين أما تهميشا أو اغتيالاً، من بين الشخصيات رئيس
الوزراء العراقي نوري المالكي الذي لعب دورا كبيرا على الصعيد
الامني والسياسي وهو يواجه اليوم أزمة ربما تحدد مساره السياسي.
وهذا مما يعرضه لمخاطر الموت أو الإقصاء، حيث قالت صحيفة (جولف
نيوز) الإماراتية أن المسئولين الأمريكيين صعدوا مؤخرا من
إجراءاتهم وجهودهم لإقالة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أو
اغتياله.
وأفادت الصحيفة أنها حصلت على هذه المعلومات من حزب سياسي
كردي.. مؤكدة أن رئيس الحكومة العراقية لا يرغب في رؤية أي جندي
أمريكي في العراق بعد 2011.
وقالت الصحيفة: " إن المالكي يفضل إقامة علاقات سياسية
واقتصادية وعسكرية قوية مع أمريكا.. إلا أنه لا يطيق تواجد وتغلغل
الجيش الأمريكي في العراق" .
وأوضحت الصحيفة عن المصدر المذكور: " إن الفتور الذي شهدته
العلاقات بين أمريكا والمالكي ناجم عن الموقف الصلب الذي يعتمده
الأخير في المحادثات الجارية للتوصل إلى عقد اتفاقية أمنية بين
واشنطن و بغداد ".
وجاء في هذا التقرير: " إن المالكي بدأ عملية إضعاف نفوذ
المسئولين الأمريكان في الجيش العراقي والقيادة الأمنية في العراق؛
مما أدى إلى زيادة القلق لدى القيادة العسكرية الأمريكية في العراق
".
وأكدت الصحيفة أن أمريكا تشك في تعاون رئيس الوزراء العراقي مع
الجمهورية الإسلامية الإيرانية للقيام بعمليات عسكرية مشتركة واسعة
النطاق في البصرة ومدينة الصدر في بغداد ومحافظة ميسان لطرد القوات
الأمريكية من العراق.
واعتبر التقرير السري الذي نشرته الصحيفة أن البيان الذي أصدره
مقتدى الصدر - زعيم التيار الصدري في العراق - وقراره بتغيير جيش
المهدي إلى مؤسسة ثقافية واجتماعية يطلق عليها اسم (المهديون) أنه
جزء من لعبة إيرانية.
هذا، وقد توقعت الصحيفة وجود ثلاثة سيناريوهات تريد أمريكا
تنفيذها في العراق، وهي:
- الخيار الأول: الإطاحة بالمالكي عبر البرلمان والمجيء بنائب
الرئيس العراقي / عادل عبد المهدي إلى السلطة؛ لأنها تعتبره أكثر
تنفيذا لرغباتها من المالكي ويحظي بدعم رئيس (المجلس الإسلامي
الأعلى العراقي) عبد العزيز الحكيم رغم أنهما يرتبطان بطهران.
- الخيار الثاني: ممارسة الضغوط على المالكي لتقديم استقالته..
إلا أن هذا الخيار يعتبر أمرا صعبا؛ وذلك لأنه يقود حكومة منتخبة.
- الخيار الثالث: تدبير عملية اغتيال للمالكي بمساعدة المجموعات
الإرهابية، والمجيء بحكومة عميلة ترغب فيها أمريكا.
قص أجنحة المالكي أم السماح له بالطيران؟
من جهة أخرى كتب "جيمس دينلو" موضوعا في صحيفة الغارديان تساءل
فيه قائلا هل أصبح في العراق رجل قوي؟ بكلمات أخرى، هل بات نوري
المالكي الرجل الذي يتسم سلوكه باللطف، مُغرما بالسلطة المتولدة عن
ارتفاع اسعار النفط وزيادة الاستقرار في مناطق مهمة من البلاد؟
وأجاب دينلو هذا ما يؤكده المسؤولون الامريكيون على ما يبدو،
لكن بعض المصادر تشير الى ان تشدد المالكي فيما يتعلق بتحديد موعد
زمني لسحب القوات الامريكية من العراق هو امر ساذج وخطير.
ويتساءل الكاتب عن كيفية حدوث هذا الأمر هذا، وكيف يمكن ان
تتطور الامور فيما بعد؟
هل يبتعد المالكي عن مؤيديه السياسيين في واشنطن، ويسمح له
البيت الابيض بقدر من الاستقلال في العمل؟ ام تنتهي به هذه السياسة
الاستقلالية الى نفس مصير سابقه الذي جرى استبداله عندما اصبح
ينتهج سياسات مستقلة على نحو غير مقبول؟
ويجيب "دينلو" وفقا لتصوراته وتحليله للواقع قائلا ان قصة
المالكي قبل وخلال توليه الآن رئاسة الحكومة قصة مثيرة على
المستويين الشخصي والسياسي.
ففي عام 2003 وبعد 23 سنة من الاقامة في ايران وسورية واشنطن
تعلم بهذا بالطبع« عاد المالكي الى العراق ثم استبدل في عام 2004
زعيم حزب الدعوة ابراهيم الجعفري الذي كان يبدو مستقلا على نحو غير
مقبول بنظر الامريكيين.
وبعد 26 سنة من حكم الاعدام الذي اصدره صدام على المالكي، وقع
هذا الاخير في وقت لاحق من عام 2006 على مذكرة الاعدام التي ارسلت
صدام الى المشنقة.
وأرجع كاتب المقال على أن مقاليد الأمور يمسك بها الأمريكيون و
هم من يمسك من بعيد بخيوط اللعبة على الرغم من تمتع الحكومة
العراقية بالسيادة التي كانت في حقيقة الامر اسمية. بل ان احدث
كتاب للصحافي بوب ودورد من واشنطن بوست يؤكد الآن ان الولايات
المتحدة وضعت حتى المالكي نفسه تحت المراقبة. يقول ودورد نقلا عن
مصدر استخباراتي قوله: نحن نعلم ليس فقط كل ما يقوله المالكي بل
وما يقوله ايضا اعضاء جهازه والعاملون الاخرون في الحكومة.
وفي نبذة تاريخية يستعرض فيها "جيمس دينلو" قائلا في البداية،
اتسمت رئاسة المالكي للحكومة بالضعف فقد ترأس حكومة وحدة وطنية
صغيرة لم تتجاوز سلطتها حدود المنطقة الخضراء التي تسيطر عليها
القوات الامريكية وسط بغداد.
وكان لدى الامريكيين افكار مختلفة ورؤى متنوعة للعراق كما هو
الحال مع اصدقاء المالكي في طهران ودمشق. وكانت الحرب الاهلية
العراقية في اوج عنفها عندما تولى السلطة.
وأستعرض كاتب المقال الأوضاع إبان أستلام المالكي رئاسة الوزراء
في البداية، مشيرا الى تصاعد وتيرة العنف الطائفي نحو الاسوأ، حيث
بدا المالكي بنظر الكثيرين شيعيا في المقام الاول ثم عراقيا. فقد
اتهمه النقاد بالتغاضي عن فرق الموت التي كانت تستهدف احياء السنة
فقط، لكن مع حلول عام 2007، وبداية زيادة عدد القوات الامريكية
وتحول واشنطن للعمل بواقعية في العراق، بدأ المالكي يؤكد نفسه على
مسرح السياسة العراقية، اذ ان تحول السياسة الأمريكية نحو التعامل
مع العناصر المسلحة التي تقود »المقاومة« ضد الاحتلال مهد الطريق
امام السنة للتعاون ودخول العملية السياسية ومنح المالكي شيئا من
المجال السياسي ليتحرك فيه. غير ان التقدم في العملية السياسية
فيما يتعلق بقانون النفط وكركوك والنظام الفيدرالي والمصالحة
الوطنية والانتخابات المحلية كان بطيئا بدرجة كبيرة.
بيد ان المالكي ما لبث ان بدأ بسلسلة من الهجمات العسكرية كان
اولا في الموصل في يناير ثم في البصرة في مارس واخيرا في مدينة
الصدر في مايو الماضي.
كما تحدث كاتب المقال عن القوات المسلحة العراقية وشرائها 36
طائرة من طراز اف – 16 من الولايات المتحدة بينما يكمل تحوله من
مجرد منفي في ايران وسورية ليصبح رجل العراق القوي فقد احرج
المالكي في الآونة الاخيرة مسؤولين امريكيين مثل ديفيد ساترفيلد
بإصراره على رفض التوقيع على اتفاقية »وضع القوات الامريكية« دون
وجود جدول واضح لانسحابها، وهو امر كان يرفضه الرئيس بوش منذ خمس
سنوات قبل القبول به اخيرا كما يقول المفاوضون العراقيون.
وتسائل الكاتب عن أمكانية الامريكيون في تقليم اجنحة المالكي
ام يسمحون له بالطيران؟ يجب عن هذا التساؤل قائلا من الواضح ان
تبدد استثمارها السياسيي الكبيرالذي ادى اخيرا لتحقيق نتائج طيبة
في العراق على عملية خرقاء تتمثل في استبدال رئيس الحكومة. الا ان
ما يثير قلق المالكي اكثر هو التأييد الكبير الذي كان قد اعرب عنه
شخصيا لسياسة مرشح الرئاسة الامريكية الديموقراطية باراك اوباما في
العراق. فمثل هذا التأييد يمكن ان يؤدي لمشاكل كثيرة مع المرشح
الجمهوري جون ماكين في حال فوزه بانتخابات الرئاسة، لاسيما ان
الجمهوريين يميلون للتشدد في سياستهم ازاء المسألة العراقية، ولا
يحبذون الانسحاب في وقت مبكر.
.....................................................................................
- المركز
الوثائقي والمعلوماتي في مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام يقدم
الخدمات الوثائقية والمعلوماتية للاشتراك والاتصال www.annabaa.org///arch_docu@yahoo.com |