المالكي ملك لا يحتاج لتاج

عباس النوري

لو أن الشـــعب العراقي أُســـتفتى اليوم حول نظام الدولة العراقية جمهورية أم ملكية…لرشح السيد نوري المالكي ملكاً للعراق…لكن دون أن يحمل تاج مرصع بالذهب والأحجار الكريمة.

لكن فشل من أراد أن يكون ملكاً للعراق مع أنه من سلالة مالكة، وقد كان حوار بيني وبين الشريف عام 1991 من خلال إذاعة سويدية ناطقة باللغة العربية…حيث قلت جواب على سؤال طرحه محاور البرنامج…أن الملكية لا تعود للعراق ثانيةً وأن على الشريف أن يبحث في طريقة ثانية إن كان يريد أن يكون جزءً من عملية التغيير القادمة. مع أنه كان مصرٌ على رأيه.

ومن أنا لكي أنصح أميراً أو وزيراً أو السيد نوري المالكي رئيس الوزراء…وهل يتقبل النصح!!!

قرأت كلمتهُ القيمة والشاملة والمملة بحضور مديري القنوات الفضائية حيث لم يترك موضوعاً مهماً لم يتطرق إليه. وقد خيل لي أن السيد رئيس الوزراء فلتت زمانه وأن الله تعالى أنعم على العراق وشعبه بعد كل هذا التاريخ من الصعاب والحرمان والحروب بشخصية مثالية لا يترك صغيرة ولا كبيرة إلا له العلم بها، وأنه ملم بكل التفاصيل العامة والجزئية.

استوقفني في حديثه حين تطرق للانترنيت قائلاً: ولكن مع الأسف الشديد يتحدثون عن الفساد أو نسمع بالإنترنت والانترنيت اصبح (مكبا) للنفايات ،لا نستطيع أن نتعامل بسمعة الناس على حديث وكتابة بالإنترنت قليلون مع الاسف الشديد من المواطنين يتعاونون في هذا الجانب، وانا اتمنى من خلال فضائياتكم من كل المواطنين ان يتقدموا ويقدموا ادلة واستعدادا للشهادة ونحن سنحميهم ونوفر الفرصة لهم ... ونحن نعلم ان هناك من يتلاعب بالمال العام ولكن الذين مسكناهم الان في السجون وسنستمر بهذه العملية ان شاء الله حتى نقضي على هذه الافة والتي اوقفت الخدمات .((أنتهى))

 من يحمي هذا المواطن الذي يبلغ عن الفساد…وأين الوزراء الذين سرق المليار والملايين…وكيف يمكن محاسبة من ترك العراق ولم يعود…وكيف بالذي يبرئه القضاء…هل كانت جميعها إشاعات مغرضة وكيدية.  إذن التقرير حول الفساد كان مخطئا وليس له دليل. لو كان الأمر كذلك لماذا لا تعمل الحكومة على مشروع الذي طرحته في فترة الانتخابات عن الرمز الإلكتروني للعقود…وصرف الرواتب من خلال البطاقة الذكية. وكيف بأشخاص أصبحوا أصحاب قصور ملكية وعمارات في دول الخليج وأوربا…وشقق مفروشة في الأردن ومصر.

هل لدى المواطن البسيط أجهزة رقابة وكاشفات الأسرار لكي يأتي بالدليل…فالسارق دائماً سابق القانون بخطوة…وعلى الدولة وأجهزتها مكافحة الفساد والوقاية خير من العلاج…ففي دول متطورة أساليب وأدوات في غاية الدقة لرصد المفسدين والحد من أكثر عمليات الفساد…هل سيستمر الوضع في العراق أن يقدم متهمين للقضاء ومن يجزم بأن القضاء مستقل ولا تؤثر عليه الأحزاب والمحاصصة ((وغطي لي وأعطي لك)). كيف للمواطن أن يضع نفسه وأهلهُ في موقف حرج وخطر لكي يشهد ولا تثبت أدلتهُ ويخرج المتهم برئ ليقتص من الشاهد…هل الحكومة قادرة على حماية أفرادها…أو الصحفيين أو المثقفين الذين يقتلون بالكاتم.

هل وصلت الحالة الأمنية لهذا المستوى أن تكون هناك حماية للشاهد…والمحكمة لا تبرأ المتهم لأن الحزب (الفلاني) يضغط بأدلة على أفراد من حزبٍ آخر…الله الله في عراقنا الحبيب…وحاله.

المصيبة أن العالم المتحضر والمتطور يعتمد اعتمادا كلي على الانترنيت بينما رئيس الوزراء يصورها ((مكبا)) ولا أعرف القصد من هذه الكلمة _ للنفايات.

من خلال الانترنيت يمكن لأي كاتب أو مواطن عادي ينتقد ويوصل شكواه، ومن خلال الانترنيت تصل ملايين الأفكار للمسؤولين يحوروها ويجعلوها ملكاً صرفاً لهم وبالتالي يتظاهرون أنهم أصحاب الفكرة والرأي. وفي موقع آخر يستفاد السيد رئيس الوزراء من الانترنيت حين يطالب مدراء القنوات الفضائية بالتواصل عبر موقع الحكومة…ولقد حاولت لمرات عديدة أن أوصل معلومة للحكومة دون جدوى من خلال الموقع الذي لا يناسب مقام الحكومة…جميع الرسائل ترجع للمرسل لخطأ أو لسبب تقني أو أن الرسائل التي تصل تهمل.

أن الكم الكبير من المقالات التي تؤثر سلباً على سمعة الحكومة لا يقبل بها ومن يقبل بأي كلمة أو حرف تنتقص من مكانه أو سمعته…لكنني أتحدث عن الكم الهائل من الرسائل الموجهة للسيد رئيس الوزراء وأطراف كثيرة في الحكومة ومجلس النواب عن الخروقات وعن الوضع المتردي للمواطن العراقي…هل من مجيب أو من يقرأ. أم هل وصلتك بعض من الرسائل والأفكار والمقترحات.

السيد نوري المالكي بهذا الطرح يبين مدى اهتمامه بالشعب العراقي، لكن نظرياً وليس هناك إنجاز واحد يمكنه أن يبينهُ كان له أثر فعال في حياة المواطنين الذين لا يملكون قوت يومهم. وعند الحديث عن الكهرباء تطرق لمشاريع كبيرة وضخمة ولكن اللوم على الوضع الأمني الذي مر به البلاد…وهذا جزء من الحقيقة، لكن ليس كل الحقيقة. والكهرباء لا يعود بشكل طبيعي إلا بعد عامين…وهذا على الأقل خبر سار لأن العراقي يجب أن يقطع الأمل حتى نهاية فترة حكم حكومة السيد نوري المالكي وهو يهنئ الحكومة القادمة على هذه الإنجازات والعقود والمشاريع الاستراتيجية…وهذا يراد به أنه غير باقي لفترة انتخابية قادمة…فالأمر محسوم.

ولكن كمنصف أود القول أن الحكومة والسيد نوري المالكي قد هيأ الكثير وأصبح الطريق أسهل للقادم…مع أن كل هذه الإنجازات المرتقب ثمارها لا تقطف من المواطن المسكين لأن الوقت مازال مبكراً لكي تلتفت الحكومة والمؤسسات للمساكين، لأن الذين هم الأولى المنتمين لهذا الحزب ولذاك.

السيد نوري المالكي…هل تنتظر منا المديح والثناء …وهل سيفيدك في تخطي الصعوبات والأزمات…أم تتمنى الانتقاد البناء إن وصلك بعضه لكي تصحح المسار. أين نتائج 1000لجنة تحقيقية في قتلت الشهداء الأبرياء…وبعض هذه اللجان تحت إشرافك.

لقد كثرت لقاءاتك مع شيوخ العشائر مجالس المحافظات والفضائيات وغيرها…هل المقصود أن تنقل الصورة الحقيقية أم المقصود تبين أنك على قدر من المسؤولية…ولماذا لا تتحمل كل وزارة من نقل الصورة الواقعية عن إنجازات وزارته…لقد حصل العراقي محصول وفير من أمراض مزمنة   فالكوليرا انتشرت في العراق ولم يصيب إلا أطفال (أولاد الخايبة) والماء تلوث والكهرباء أنت على علم بهما وذكرتهما مشكوراً وبررت الأسباب التي لا يقتنع بها المضطر والمحتاج…فلا يفهم الجوعان إلا لغة الخبز…ولا يفهم العطشان إلا لغة الماء ولا يفهم الذي يعيش ويقرأ في الظلام إلا لغة الكهرباء…وهكذا.

 إن كنت تتصور أن الإعلامي الصادق والوفي للشعب سوف ينقل هذه المبررات لكي تكون خبزٌ للجائع وماءٌ للعطشان وضوءٌ للطالب المنهك…والعائلة التي لا مورد لها ولا معيل…لأن عصابات الإرهاب قد قتلوا من كان يعيلهم…فأين يلتفتون…للمشاريع الاستراتيجية القريبة والبعيدة المدى…المثل العراقي يقول: ((وكلني اليوم وأقتلني باجر)).

وأخيراً وليس آخراً…(حسب ما كان يكتب ومازال)

أتمنى لكم التوفيق والصلاح والإصلاح…وللشعب العراقي المسكين مزيداً من الصبر لعامين أو أكثر فالأيام تزول وإن طالة السنين…فلكل ساعة للبعض سنيين، ولكن عند الله اليوم بألف عام مما تعدون.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 23/أيلول/2008 - 22/رمضان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م