
شبكة النبأ: الانتخابات الأمريكية
تطرق أبواب البيت الأبيض بجرس الإنذار الاقتصادي، فالمخاوف التي
ينظر إليها بعض المحللين الاقتصاديين على أنها الأخطر في التاريخ
على الولايات المتحدة بدت اليوم أقرب إلى الحقيقة، متمثلة بالعجز
والتضخم وارتفاع الأسعار عموما.
هذا مع الأخذ بعين الاعتبار المشاكل العالقة في سياسة الخارجية
لدى الإدارة الحالية، حيث تحيل الأمر الى كابوس مرعب، يؤرق مضاجع
الشعب الأمريكي أولاأأاولا ، وثانيا يرمي بظلاله على وجوه
المسئولين الجدد شبح من الحيرة المخيفة، من كيفية الاحتواء
والتعامل مع الأزمات الراهنة والعالقة على الصعيدين الخارجي
والداخلي للخروج بأقل الخسائر.
(شبكة النبأ) في سياق هذا التقرير تسلط الضوء على مجرى
الانتخابات الأمريكية ومحورية الاقتصاد في سياسة المرشحين للوصول
إلى البيت الأبيض:
الوسط السياسي الأمريكي وتنامي المشاكل
الاقتصادية
استحوذت المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها مؤسسات مالية
امريكية على اهتمام السياسيين لا سيما مرشحا الانتخابات الرئاسية
الجمهوري السيناتور جون ماكين والديمقراطي السيناتور باراك اوباما.
وقد حمل افلاس بنك "ليمان برازرذ" الذي يمتد تاريخه لنحو 158
عاما انباء سيئة الى الدوائر السياسية في واشنطن حيث اضيفت معاناة
البنك الى الحالة المتردية للاقتصاد الامريكي وسوق العقارات خصوصا
ان البنك يمتلك اصولا في سوق العقارات تصل الى ما يقارب 60 مليار
دولار. بحسب كونا.
من جانبه اعلن "بنك اوف امريكا" عزمه الاستحواذ على مؤسسة "ميريل
لينش" في صفقة اسهم بقيمة 50 مليار دولار فيما قالت المجموعة
الامريكية الدولية "ايه آي جي" التي تعد اكبر شركة تأمين في العالم
انها مضطرة لاعادة الهيكلة.
بدورها اعلنت 10 مصارف امريكية ضخمة عزمها الاشتراك في توفير
نحو 70 مليار دولار بشكل مجمع لاقراض الشركات المالية المتعثرة
وتوفير السيولة في الاسواق ومواجهة التحديات التي تجابه اسواق
الاقراض والسندات.
وتأتي تلك المستجدات بعد ازمة في سوق الائتمان والعقارات منذ
نحو 14 شهرا اثرت بشكل حاد على النظام المالي الامريكي الذي عانى
كثيرا من انهيار مؤسسات ضخمة مثل بنك "بير ستيرنز" قبل ستة اشهر.
واثرت هذه التطورات السلبية على بورصة نيويورك بشكل حاد حيث فقد
مؤشر داو جونز للاسهم الصناعية 277 نقطة فيما تراجع مؤشر "ستاندارد
اند بورز" للشركات ال500 بواقع 29 نقطة وكذلك فقد مؤشر ناسداك
للاسهم التكنولوجية 38 نقطة بعد تراجع حاد للاسهم الاسيوية
والاوروبية.
وتبذل ادارة الرئيس بوش جهودا كبيرة لاحتواء تلك الازمات حيث من
المقرر ان يعقد وزير الخزانة هنري بولسون مؤتمرا صحافيا في البيت
الابيض في وقت لاحق من اليوم لاستعراض الوضع وذلك بعد يوم من اعلان
مجلس الاحتياط الفيدرالي توسيع نطاق الوسائل التي يستخدمها كضمانات
لقروض فدرالية لتمكين المزيد من المؤسسات المالية من الحصول على
مثل هذه القروض.
الفرقعات الاقتصادية في وعود المرشحين
أوباما وماكين
تزامنت نهايتا مؤتمري الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الولايات
المتحدة مع ظهور مؤشرين جديدين على عمق الأزمة الاقتصادية هناك:
أعلى نسبة من البطالة في غضون خمس سنوات ورقم قياسي في المنازل
التي انتزعت من ملاكها.
وسجّلت البطالة رقما قياسيا في السنوات الأخيرة ببلوغها 6.1
نقطة مائوية وهي نسبة لم تكن متوقعة حتى من المتشائمين، ليصل عدد
الوظائف المفقودة في الولايات المتحدة هذا العام 605 آلاف، وفق ما
كشفت وزارة العمل.
ومن جهتها، أعلنت جمعية مصرفيي الإقراض، في وقت متزامن تقريبا،
انتزاع ملكية 1249 مليون عقار في الربع الثاني من العام. بحسب
(CNN).
وأصدر مرشحا الانتخابات الرئاسية السيناتوران جون ماكين وباراك
أوباما بيانين يتعلقان بأرقام البطالة التي أظهرت فقدان 84 ألف
وظيفة في أغسطس/آب.
وجدّد أوباما تعهده بخفض الضرائب عن 95 بالمائة من العائلات
العاملة وتوفير مبلغ 50 مليار دولار على الفور لمصلحة الولايات
التي تعيش تحت وطأة نقس البنية الأساسية يتم تخصيصها في المجالات
الصحية والتعليمية والطرقات.
ومن جهته، جدّد ماكين تعهده بتنفيذ خطة اقتصادية تحت اسم وظائف
لأمريكا من شأنها خلف مزيد من مواطن الشغل ومساعدة الشركات الصغيرة
وتوسيع الفرص وفتح الأسواق أمام البضائع الأمريكية.
وقبل ذلك بليلة واحدة، قال ماكين لدى إعلانه قبوله ترشيح حزبه
للانتخابات الرئاسية، إنه سيأذن ببرنامج خفض ضرائب من شأنه خلق
وظائف في الوقت الذي وعد فيه منافسه باستعادة الوظائف القديمة من
خلال العمل على إبعاد الاقتصاد عن مشاكل الاقتصاد الكوني.
ودافعت السيناتور كلير ماكاسكيل عن موقف أوباما قائلة إنّ: خفض
الضرائب عن الشركات الكبرى وصناعة النفط لا يوفّر فرص العمل مثلما
رأينا ذلك طيلة الأعوام الثمانية الأخيرة.
واعتبر المتحدث باسم حملة أوباما بيل بورتون أنّ السابق سيكون
على من سيكون الحارس الأفضل للاقتصاد.
وفي الوقت الذي يحشد فيه المرشحان الدعم لخططهما الاقتصادية،
يلقي الخبراء بظلال الشكّ على فعالية كليهما في هذا المجال.
وقال مدير معهد ستانفورد لبحوث السياسات الاقتصادية، جون شوفن
إنّ: كلا البرنامجين لا يتضمنان السبل الاقتصادية التي من شأنها أن
تحقق ما يعدان به.
وأضاف، لا أرى برنامج وظائف حقيقيا ويتمتع بمصداقية. فماكين
يتحدث عن خلق توازن في الموازنة في غضون أربع سنوات، ولكنني لم
أسمع شيئا يوضّح كيف سيقوم بذلك.
وأضاف، أما أوباما فيتحدث عن خفض في الضرائب الصحية يصل إلى
2500 دولار بالنسبة إلى كلّ عائلة. هذا هدف شجاع، ولكنه لم يشر إلى
أي شيء حول كيفية التوصل إلى ذلك.
وقال: هذا شيء من قبيل الشيء المعتاد..تعد أكثر مما يمكنك
القيام به وأعتقد أنّ كلا المرشحين مذنبان في هذا الصدد.
وقالت كبيرة الاقتصاديين في مؤسسة "ميسيرو" ومستشارة مجلس
الاحتياطي الفيدرالي، دايان سوونك، إنّ أيا من برنامجي المرشحين لم
يحظ بإعجابها لسبب آخر: فهي ليست مقتنعة بأنّ كليهما يملك القدرة
بكيفية أو بأخرى على حلّ مشاكل معقدة مثل أزمة الائتمان العقاري.
وقالت إنّ النبأ الجيد فيما يتعلق بهذه الأزمة هو أنّ الأسوأ
ربّما يكون قد مرّ، ولكن النبأ السيء هو أنّ هناك مزيدا من القروض
المهددة مع استمرار هبوط أسعا العقارات.
وقالت إنّ كلا المرشحين لا يملكان الكثير للتعامل مع هذا الملف
حيث أنّ برنامجيهما الاقتصاديين يحتاجان إلى مزيد من العمل.
وأعادت سوونك التأكيد على أنّ الملف الاقتصادي يعدّ أحد أكبر
المفاتيح المحددة لنتائج الانتخابات: ولكن ربّما ليس الأمر هو نفسه
عندما يتعلق بحصيلة الانتخابات لأنّ الناس يتجاوبون مع ما يستمعون
إليه من أجوبة.
تعهدات بإصلاح وول ستريت
بينما تعصف المخاوف من انهيار اقتصادي في وول ستريت تنافس
المرشحان لانتخابات الرئاسة الامريكية بشأن أفضل طريقة لاصلاح
الاقتصاد اذ تعهد الجمهوري جون مكين بالاصلاح بينما وصف الديمقراطي
باراك اوباما مكين بانه بعيد عن الازمة الاقتصادية.
وركز المرشحان لخوض انتخابات الرابع من نوفمبر تشرين الثاني على
الاقتصاد بعد اسبوع من تطورات مذهلة مع تحرك بنك الاستثمار ليمان
براذرز نحو الافلاس وموافقة بنك اوف امريكا على شراء بنك ميريل
لينش. بحسب رويترز.
وادت الازمة المالية التي يتسع نطاقها بسبب الضعف في سوق الرهون
العقارية الامريكية الى انخفاض في اسواق الاسهم العالمية رغم سعي
مسؤولين والمرشحين الامريكيين لمنصب الرئاسة الى بث الطمأنينة في
نفوس المستهلكين.
والاقتصاد هو القضية الاولى لدى الناخبين وسعى اوباما ومكين
لمعالجة المخاوف من ارتفاع اسعار البنزين وازمة الائتمان الناتجة
عن ازمة الرهون العقارية وزيادة عدد العاطلين.
ولم يتضح بعد اي من المرشحين قد يفضله الناخبون في ظل مناخ
الاضطراب الاقتصادي السائد. وتشير استطلاعات للرأي بصفة عامة الى
ان الناخبين يعتقدون ان اوباما سيكون افضل من اوباما في معالجة
القضايا الاقتصادية لكن تقدم المرشح الديمقراطي في القضايا
الاقتصادية انكمش.
وقال مكين امام حشد في جاكسونفيل في ولاية فلوريدا: اساس
اقتصادنا قوي لكن هذه اوقات عصيبة جدا جدا واتعهد لكم باننا لن نضع
امريكا في هذا الوضع ثانية.
واضاف امام حشد في مدينة اورلاندو: سنصلح الطريقة التي تعمل بها
وول ستريت وسننهي الجشع الذي قاد اسواقنا الى الفوضى. ومضى يقول:
سنضع نهاية لادارة وول ستريت مثل كازينو.
وألقى اوباما مسؤولية الازمة على معارضة الجمهوريين لوضع لوائح
معقولة لتنظيم السوق وهي فلسفة قال انه يشاركه فيها مكين وسخر من
قول منافسه ان اسس اقتصاد البلاد سليمة.
واضاف اوباما امام حشد في مدينة جراند جنكشن بولاية كولورادو:
انه لا يعرف ما يجري بين الجبل في سيدونا (اريزونا) الذي يعيش فيه
ودهاليز السلطة التي يعمل فيها.
ورد معسكر مكين متهما أوباما بتحريف التصريحات. وحاول مكين نفسه
توضيح تصريحاته في وقت لاحق قائلا انه عندما تحدث عن ان اساس
الاقتصاد قوي كان يقصد العامل الامريكي والابتكار وروح الاستثمار
والمشروعات الاقتصادية الصغيرة. وقال: هذه هي اسس امريكا واعتقد
انها قوية.... لكنها تتعرض للخطر اليوم.
ووصف اوباما الوضع الذي يواجه وول ستريت باعتباره اخطر ازمة
مالية منذ فترة الكساد الكبير.
المرشحان الأمريكيان يتبادلان اتهامات
تدهور الاقتصاد
تبادل مرشحا الرئاسة الأمريكية الديمقراطي السيناتور باراك
اوباما والجمهوري السيناتور جون ماكين الاتهامات حول ازمة الاقتصاد
الامريكي التي تحولت الى الهاجس الاول لدى الناخبين قبل 7 اسابيع
من الانتخابات الرئاسية المقرر عقدها في 4 نوفمبر المقبل.
فبينما قال اوباما في بيان له ان: الفلسفة الاقتصادية لماكين
شكلت جزءا من المشكلة. اكد ماكين ان: اساسيات الاقتصاد الامريكي
مازالت قوية. بحسب كونا.
واضاف اوباما ان الاضطرابات الاقتصادية الاخيرة تعد دليلا
اضافيا على ان هناك الكثير من الاشخاص في وول ستريت وواشنطن لا
يحسنون التصرف معتبرا ان 8 اعوام من سياسات الحزب الجمهوري تحت
قيادة الرئيس جورج بوش جلبت لنا اسوأ ازمة مالية منذ الركود
الكبير.
واشار الى انه لا يلقي باللوم على ماكين في هذه المشكلات
الاقتصادية بل انه يلوم "فلسفته الاقتصادية التي ترى ان وضع قواعد
منظمة تتفق مع المنطق يعد امرا غير ضروري او حكيم.
واتهم اوباما منافسه بتبني فلسفة تدعو الى دفن رؤوسنا في الرمال
وتجاهل المشكلات الاقتصادية حتى تتفاقم وتتحول الى ازمات مؤكدا
عزمه في حال فوزه بالرئاسة تحديث القواعد التنظيمية لتلائم اسواق
القرن ال21 وحماية المستثمرين والمستهلكين.
من جانب اخر اقر ماكين في كلمة له بولاية فلوريدا بأن ثمة
اضطرابا هائلا في وول ستريت والاسواق المالية الامريكية كما ان
الامريكيين خائفون من هذه الاحداث.
وتعهد بأن لا يضع امريكا في هذا الموقف مرة اخرى في حال فوزه
بالانتخابات الرئاسية معتبرا ان اساسيات الاقتصادي الامريكي قوية
الا انه يمر بوقت عصيب للغاية.
وقال: اننا سوف ننظف وول ستريت ونصلح الحكومة مؤكدا ان قمة
اولوياته في حال فوزه بالرئاسة ستكون استبدال القواعد التنظيمية
والرقابية البالية ونشر الشفافية والمحاسبة في وول ستريت.
من ناحيته سارع المتحدث باسم حملة اوباما بيل بارتون بالرد على
تصريحات ماكين مؤكدا في بيان اصدره ان: عناد جون ماكين واصراره على
ان اساسيات الاقتصاد قوية يظهر بشكل حاد عدم احساسه بما يحدث في
حياة الامريكيين العاديين.
وقال انه: على الرغم من ان اعلانات ماكين نفسها تحاول اقناعه
بأن الاقتصاد يمر بأزمة فان بقاءه في واشنطن طيلة 26 عاما جعله غير
قادر على ادراك ان السياسات التي يدعمها هي التي خلقت هذه الازمة
الاقتصادية التاريخية. |