وسط علامات إستفهام: البرلمان العراقي يرفع صوته نحو دور أكثر صرامة وقوة

 

شبكة النبأ: صوّتَ مجلس النواب العراقي برفع الحصانة البرلمانية عن أحد نوابه (رئيس حزب الأمة النائب مثال الآلوسي) بسبب زيارته لاسرائيل ومشاركته في مؤتمر خُصص لمناقشة الارهاب. وأجتمعت أغلبية الآراء بالنسبة لنواب من مختلف الكتل في البرلمان على إدانة تلك الزيارة وقد وصفها بعضهم بأنها ضربة للعراقيين لأن اسرائيل ما تزال دولة عدوة، ووافق آخرين على مبدأ العقوبة لكنهم اعترضوا على اسلوب تنفيذها، بينما حقق فيها خبير قانوني وقال ان الدستور العراقي لايمنع السفر لأية دولة وإن كانت اسرائيل خاصة ان الزيارة جاءت بصفة شخصية وليست رسمية..

من جهة اخرى استغرب محللون سرعة تنفيذ هذا الإجراء في رفع الحصانة بينما تقبع ملفّات إتهام عديدة، تدعو لرفع الحصانة عن وزراء ونواب من مختلف الكتل، في دهاليز ولايُسمح لها بالخروج من الأدراج لأسباب الضغوط والمساومات السياسية فيما بين تلك الكتل، ومن ضمنها دعوات رفع الحصانة عن نواب تلطخت أيديهم بدماء الشعب العراقي وآخرين لايزالون حتى اللحظة يسرقون المال العام تحت مسميات قانونية مختلفة..

وكان النائب مثال الالوسي وهو رئيس حزب الامة العراقي قد زار اسرائيل وشارك في مؤتمر أقامته أكاديمية هرتسليا للسياسة والاستراتيجية خصص لمناقشة الارهاب حيث ألقى الالوسي في المؤتمر كلمة دعا فيها الى إقامة تعاون وحلف استراتيجي بين دول المنطقة لمواجهة ايران التي وصفها بأنها "رأس المصائب في المنطقة."ويعتبر القانون العراقي اسرائيل دولة عدو ويحرم على أي عراقي السفر اليها.

وقال النائب حسين الفلوجي لرويترز ان المجلس صوت "بالاجماع باسقاط الحصانة البرلمانية عن النائب مثال الالوسي بسبب زيارته لاسرائيل."واضاف ان البرلمان "صوت ايضا بمنع الالوسي من السفر ومنعه من حضور جلسات المجلس القادمة."

وقال علي الاديب القيادي في الائتلاف العراقي الشيعي الموحد "اننا في الائتلاف في الوقت الذي نستنكر وندين هذه الزيارة لدولة يمنع القانون العراقي السفر اليها لوضعها الخاص وموقفها التآمري من قضايا الأمة.. نطالب مجلسنا بموقف واضح وصريح حيال هذه الزيارة."واضاف ان على المجلس ان يمارس دوره الرقابي "على حركة أعضائه ومساءلتهم واستيضاح ما يحدث عند حدوث أي مخالفة تتضارب وتوجهات السياسة الوطنية."

وطالب الاديب "بالمباشرة بالتحقيق في أي ارتباطات مع اجهزة ومؤسسات اسرائيلية.. وترتيب أثر واضح على مخالفاته (الالوسي) المتكررة رغم علمه باستنكار واستهجان الشعب العراقي للعمل الذي قام به."

وهذه هي الزيارة الثانية للالوسي حيث سبق له ان زار اسرائيل بصورة علنية قبل عدة سنوات وقبل انتخابه نائبا في مجلس النواب.

وكان الالوسي خلال زيارته الاولى عضوا في حزب المؤتمر العراقي الذي يرأسه أحمد الجلبي وهو السياسي الذي تربطه بأمريكا علاقات قوية. وبسبب الزيارة قام الحزب بطرده. قام الالوسي بعدها بتشكيل حزب اطلق عليه حزب الامة.وشارك حزب الامة في انتخابات العام 2005 البرلمانية ولم يتمكن من الحصول الا على مقعد واحد.

وقال اياد السامرائي رئيس قائمة التوافق السنية في جلسة البرلمان التي اذاعها التلفزيون العراقي ان هذه الزيارة "خيانة للقسم الذي أداه اعضاء مجلس النواب غداة انتخابهم اعضاء فيه."واضاف ان القانون العراقي "لا يزال يعتبر الدولة الصهيونية دولة عدوة وعلينا ان نعمل لمنع تكرار مثل هذه الممارسات لاحقا."

وقال رئيس البرلمان محمود المشهداني ان قرار رفع الحصانة يعني "فسح المجال أمام السلطة التنفيذية باقامة دعوى ضده واتخاذ الاجراءات القضائية بحقه."

وطالب النائب فؤاد معصوم رئيس القائمة الكردية "بتشكيل لجنة برلمانية للتحقيق مع النائب مثال الالوسي لمعرفة تفاصيل ماحدث."

ووصف سامي العسكري أحد أعضاء البرلمان من الائتلاف الشيعي هذه الزيارة بأنها عار وقال "عار على مجلس النواب ان يكون فيه شخص يذهب الى اسرائيل وعار على المجلس ان يقف مكتوف الأيدي."

ووصف الالوسي لرويترز قرار رفع الحصانة عن الالوسي عنه بانه "غير جائز قانونا والنظام الداخلي للبرلمان والدستور العراقي لا ينص على هذا."واضاف "المشكلة انني انتقدت ايران خلال هذه الزيارة ودعوت الى إقامة حلف استراتيجي ضد ايران... انهم (البرلمان العراقي) بهذا القرار ارادوا ان يخوفوا كل من يرفع صوته ضد ايران .. حيث وصلتني يوم امس رسائل تهديد بالقتل ضدى وضد عائلتي."

وقال صفاء الدين الصافي وزير الدولة لشؤون مجلس النواب في الجلسة "باسم الحكومة ورئيس الحكومة ندين هذه الزيارة المخالفة للقانون والمستفزة لمشاعر الشعب العراقي."واضاف "الحكومة مستعدة لاتخاذ كافة الإجراءات القانونية بحقه."

وعلى غرار أغلب الدول العربية فان العراق لا يعترف بدولة اسرائيل ولا يقيم معها أي علاقات ويحظر القانون العراقي الافراد والكيانات والمؤسسات العراقية بكافة أنواعها من التعامل معها.

وكانت حادثة المصافحة بالايدي التي جرت بين الرئيس العراقي جلال الطالباني ووزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك والتي جرت على هامش مؤتمر اقيم في اليونان في حزيران يونيو قد اثارت موجة كبيرة من الاعتراضات في الشارع العراقي وطالب فيها عدد من السياسيين والاحزاب السياسية العراقية الرئيس الطالباني انذاك بالاستقالة.واعترض عدد من اعضاء المجلس على قرار رفع الحصانة ووصفوه بانه مخالف للقانون.

وينص الدستور العراقي على رفع الحصانة عن عضو البرلمان "الا اذا كان متهما بجناية وبموافقة الاعضاء بالاغلبية المطلقة على رفع الحصانة عنه.. او اذا ضبط متلبسا بالجرم المشهود في جناية."

رفع الحصانة عن الألوسي لـ «خيانته» تمهيداً لمحاكمته بموجب قوانين صدام

ورفع البرلمان العراقي الحصانة عن الألوسي تمهيداً لمحاكمته بتهمة الخيانة، بعد زياراته المتكررة لإسرائيل ودعوته الى إقامة علاقات بين بغداد وتل أبيب. وستكون المحاكمة بناء على نصوص قانونية من العهد السابق، إذ ان الدستور العراقي الجديد لا يمنع إقامة مثل هذه العلاقة مع الدولة العبرية.

وقال الألوسي، خلال جلسة صاخبة تخللها اشتباك بالأيدي مع النائب عن حزب «الدعوة - تنظيم العراق»، عبدالكريم العنزي إن «عملاء إيران في مراكز القيادة في العراق أصدقاء مقربون لإسرائيل زاروها سراً مرات عدة». بحسب تقرير لـ الحياة.

وقال الألوسي بعد مغادرته البرلمان ان المشكلة لا تكمن في زيارتي لإسرائيل فقد ذهبت الى هناك في عام 2004 وشاركت (بعد ذلك) في الانتخابات وحققت نتائج طيبة لكن رفع حصانتي اليوم جاء بطلب إيراني مباشر. وكان يشير بذلك الى انتخابات نهاية عام 2005 حين طرد من حزب المؤتمر الوطني الذي يتزعمه احمد الجلبي بعد اعلان زيارته لإسرائيل وشكل حزبا جديداً باسم حزب الأمة العراقية. وفاز بمقعد في البرلمان عن محافظة النجف، فيما لم يفز حزب الجلبي بأي مقعد.

واشار الألوسي الى ان الحقيقة الخافية على المواطن العراقي ان عملاء ايران في قيادة العراق هم في الواقع أصدقاء مقربون لإسرائيل وقاموا بزيارات سرية منتظمة لتل ابيب. وقال ان زياراتي كانت معلنة، والغرض منها واضح وهو المشاركة في مؤتمرات ضد الارهاب، فيما زيارات سياسيين آخرين (لم يسمهم) لم تكشف حتى اليوم. وزاد انه يهنئ الحكومة الايرانية من صميم قلبه كونها وجدت لها عملاء مخلصين ينفذون مطالبها وأوامرها.

الدستور لايمنع زيارة العراقي لأي دولة حتى إسرائيل 

من جهة اخرى قال الخبير القانوني طارق حرب، إن المادة 44 من الدستور العراقي تعطي الحق للعراقي السفر والتنقل في داخل البلاد وخارجها، من دون أن يمنع من السفر إلى دولة بعينها، مشيرا إلى أن زيارة النائب مثال الألوسي لإسرائيل لا تعتبر زيارة رسمية من الناحية القانونية، ولم تخالف أحكام الدستور.

وأوضح حرب لوكالة اصوات العراق، أن المادة 44 من الدستور; تتيح للعراقي حرية التنقل والسفر داخل بلاده وخارجها، لذلك فإن جوازات السفر الحالية خلافا لما كانت عليه زمن النظام العراقي السابق، لا تحمل إشارة تقضي بمنع سفر أي مواطن عراقي إلى أي دولة كانت;. منوها إلى أن زيارة النائب مثال الآلوسي إلى إسرائيل لا تعتبر زيارة رسمية وقد أعلن الالوسي ذلك بنفسه ذكرا أنه لم يكن ممثلا رسميا عن الحكومة العراقية أو مجلس النواب، كما انها لم تخالف أحكام الدستور.

وردا على سؤال بشأن مدى قانونية زيارة النائب الآلوسي لإسرائيل، على الرغم من حالة الحرب التي ما تزال قائمة وعدم توقيع معاهدة سلام معها، قال الخبير القانوني طارق حرب، إن ;هناك مادتين واضحتين في قانون العقوبات وهما المادة 158 و159، والمتعلقتين بمسألة التخابر مع العدو;، لافتا إلى أنهما تتضمنان أن يكون التخابر بقصد القيام بأعمال عدائية ضد العراق أو بقصد معاونة العدو في عمليات حربية ضده.

وبشأن رفع الحصانة عن الآلوسي، بين حرب أن القوانين الخاصة بمجلس النواب بما فيها القانون رقم 50 لسنة 2007 وقانون استبدال اعضاء مجلس النواب واحلالهم رقم 6 لسنة 2006 والقانون رقم 49 لسنة 2007، لم تتطرق إلى مسألة إقالة عضو مجلس النواب;، مستدركا أن هناك نص عام في الدستور يمكن بموجبه اتخاذ القرارات في جلسة مجلس النواب بالأغلبية البسيطة بعد تحقيق النصاب، وهو نص عام ينطبق على جميع الحالات بما فيها حالة رفع الحصانة>

وشدد حرب أنه لا بد أن يتحقق النصاب بحضور 138 عضوا وبموافقة الأغلبية على رفع الحصانة، مشيرا إلى أن المادة 63 من الدستور اعطت النائب حق إبداء الأراء أثناء دورة القرارات وبحصانة شاملة كاملة>

وتابع حرب أن بإمكان الآلوسي الطعن في قرار رفع الحصانة عنه، إذا ما اتخذ، لدى المحكمة الاتحادية بشأن دستورية الإجراء، ملمحا أن هذا الطريق صعب، لأن اختصاص المحكمة الاتحادية محدد بالمادة 93 من الدستور وليس من بينه هذه القضايا.

نواب يؤيدون رفع الحصانة وآخر يصف الزيارة بضربة للعراقيين 

وأيد نواب من كتل مختلفة قرار رفع الحصانة عن الالوسي ومنعه من السفر خارج العراق لزيارته إسرائيل الأسبوع الماضي، فيما وصف نائب زيارته بضربة لإرادة الشعب العراقي.

ويقول النائب عبد علي لفته عن كتلة الائتلاف العراقي الموحد لوكالة أصوات العراق "انا أؤيد قرار مجلس النواب برفع الحصانة عن النائب مثال الالوسي؛ لان الزيارة التي قام بها للكيان الصهيوني ليست قانونية أو رسمية ولا تمثل الدولة فلا يحق لنائب زيارة الكيان".

وكان مجلس النواب العراقي صوت أمس الاحد بالاغلبية المطلقة ما عدا النائب الالوسي برفع الحصانة عن الالوسي ومنعه من السفر خارج العراق واحالته للقضاء، فضلا عن منعه حضور جلسات المجلس لحين ان يبت القضاء بالامر بسبب زيارته لاسرائيل الاسبوع الماضي لحضور مؤتمر دولي لمكافحة "الارهاب".

يذكر ان هذه هي المرة الثانية التي يقوم فيها الآلوسي بزيارة اسرائيل، حيث زارها للمرة الاولى في شهر سبتمبر ايلول 2004.

وأعتبر النائب لفتة زيارة الالوسي لاسرائيل بانها "ضربة لإرادة الشعب العراقي ومخالفة للدستور والتوجه العراقي".

ومن جهته اتفق النائب فلاح حسن زيدان عن الكتلة العربية للحوار الوطني مع النائب لفته في قرار مجلس النواب برفع الحصانة عن الالوسي، وقال "نحن صحيح لدينا مشاكل مع ايران ومع دول الجوار؛ لكن هذا لا يبرر الزيارة لدولة هي عدوة للشعب العراقي، ونحن لحد الان في حالة حرب مع هذه الدولة".

وأضاف زيدان أن "قرار رفع الحصانة كان قاسيا على النائب مثال الالوسي؛ لكي يتعض النواب من تجربته ويمتنعوا مستقبلا من زيارة الكيان الصهيوني او الاتصال مع مسؤولين اسرائيليين".

ومن جانبه، قال النائب عمر عبد الستار الكربولي عن جبهة التوافق السنية إن "رفع الحصانة عن النائب مثال الالوسي هي جزء من عملية سياسية ومشهد عراقي متموج".

أما النائبة الاء الطالباني عن كتلة التحالف الكردستاني أيدت قرار رفع الحصانة عن الالوسي، مستنكرة زيارته لاسرائيل؛ الا انها رفضت الآلية التي تمت بها رفع الحصانة.

وقالت "انا مع مبدأ رفع الحصانة عن النائب الالوسي؛ لكني لست مع الطريقة التي تم بها رفع الحصانة، وأنا اقول ان الالوسي اخطأ في زيارته لاسرائيل ؛ لكن يجب ان تكون الاجراءات قانونية".

وأضافت الطالباني "اي شخص أو أي نائب يخالف القانون يجب في بادئ الامر رفع دعوة قضائية ضده، واذا ثبتت عليه القضية وقتها يتم رفع الحصانة عنه من قبل مجلس النواب".

ومن جهته، قال رئيس حزب الفضيلة الإسلامي حسن الشمري ان "قرار رفع الحصانة عن الالوسي من قبل مجلس النواب يعد قانونيا ودستوريا، ونحن ندين زيارته لاسرائيل". وأضاف أن "زيارة الالوسي لاسرائيل غير قانونية وتعتبر خيانة بحق العراق؛ لان اسرائيل دولة عدوة".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 20/أيلول/2008 - 19/رمضان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م