لماذا لم تستفد شعوب المنطقة العربية، بالذات السعودية، من
الظروف التي صاحبت حادثة 11 سبتمبر في فرض التغيير الذي تحلم به،
وهل شعوب المنطقة هم الضحايا الأكثر خسارة من كارثة أحداث سبتمبر؟
حلت الذكرى السابعة من وقوع زلزال الحادثة الاجرامية 11 سبتمبر
الشهيرة على الولايات الأميركية، التي هزت العالم، وليس فقط
أميركا، وغيرت الكثير من السياسات والتعامل في العالم، وعرضت الدين
وأبناء الدين الإسلامي للكثير من الأخطار، وأدت لإسقاط حكومات
وتنازل البعض، وأرهبت عددا من الدول في العالم التي تخالف السياسية
الأميركية، وساهمت في تعزيز قوة القطب الواحد الأميركي في العالم.
زلزال استغله الغرب وبالذات حكومة جورج بوش في فرض سياستها
وهيمنها ـ التي لا تقل تشددا وإرهابا عن سياسية أسامة بن لادن
وجماعة القاعد ة ـ كقوة عظمى تسيطر على العالم، وان تجعل الدين
الإسلامي كبش فداء وعدوا وهدفا لها كبديل عن المعسكر الشرقي. حادثة
جعلت أميركا ان تبرز أنيابها ومخالبها لتحقيق أهدافها بمسمى القضاء
على الإرهاب، وملاحقة جماعة القاعدة وأصحاب التوجهات الدينية
الإسلامية المتشددة والتكفيرية.
ووجد عدد من أهل المنطقة وبالخصوص النشطاء في مجال الحقوقي
والإصلاحي والتغيير وبناء الدولة المؤسساتية في المنطقة، أن تكون
هذه الحادثة الكارثية على الإنسانية وعلى الدين الإسلامي بمنزلة
(رب ضارة نافعة) بان يحدث تغيير في المنطقة نحو تطبيق
الديمقراطية...، وان تتحرك الشعوب بمعاقبة المسؤولين عن من قام
بهذه الأعمال (..) وان تستغل الحادثة والغضب الغربي في الضغط على
الحكومات على تطبيق الديمقراطية الحقيقية.
ولكن للأسف الشديد استطاعت الحكومات والمؤسسات الدينية ومن يسير
في مسارهم أن يتغلبوا على الظروف والتحديات، عبر تغيير أسلوبها
وخطابها بارتداء لباس الحقوق والحريات،.. وان تستغل أخطاء المارد
الأميركي غير الحكيم، الذي انشغل بالمستنقع العراقي والأفغاني، وان
يتخلى عن الضغط على الحكومات بتطبيق الديمقراطية ودعم النشطاء.
سبعة أعوام مرت على زلزال سبتمبر وما زالت آثاره موجودة، ولا
زال أصحاب التوجهات المتشددة والتكفيرية التي قامت بالعمل ومن
يؤيدها موجودة وفي تنامي، وما زال النشطاء الإصلاحيين في المنطقة
يعملون بقلق وخوف وبمعنويات متدنية نتيجة تخلي أميركا عن دعم
الديمقراطية في المنطقة، واستغلال الحكومات ظاهرة ما يسمى بمحاربة
الإرهاب والتشدد بملاحقة كل من يعارضها، ولا يزال الشعب العربي
والسعودي يدفع ضريبة الكارثة داخليا وخارجيا.
أما بما يتعلق بأميركا فهي ليست أميركا قبل سبعة أعوام فترة 11
سبتمبر، فهناك الكثير من التغير، والتغيير الأكبر قادم.
واما شعوب المنطقة، وبالذات السعوديين، فلم يحدث في حياتهم
وفكرهم التغيير المناسب الذي يوازي الزلزال المدمر والكارثة
المفجعة، إذ لا تزال الشعوب تعيش في دوامة البحث عن مخرج.. رغبة
بالتغيير نحو الأفضل؟
متى شعوبنا تكون بمستوى الأحداث الكبيرة التي تقع عليها،
وتتعامل معها بشكل صحيح وتستغلها في التغيير، لكي تعيش في ظل أنظمة
ديمقراطية قائمة على الحرية والعدالة والمساواة والشراكة الحقيقية؟
ولكن وكما قال تعالى: "إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ
حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِم"(الرعد:11)؟
وفي الأخير، إن شعوب المنطقة هم الضحايا الحقيقيون الذين لا
زالوا يدفعون الثمن لغاية اليوم لأحداث 11 سبتمبر؛ فهم ضحايا الفكر
المتشدد التكفيري، وضحايا للممارسات الإرهابية الدموية في بلادهم،
وضحايا تعامل ومسؤولية حكومات المنطقة في دعم وتنامي الحركة
الدينية(..)، وضحايا العنف الأميركي الذي يتهمهم بالإرهاب، وضحايا
وعود الإدارة الأميركية بدعم الديمقراطية (الأكذوبة)، وضحايا إرهاب
الدولة! |