كوليرا في العراق: تكريس الإهمال وتجاهل الوباء

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: لايكاد العراقيون يتجاوزون أزمة حتى يقعون في أخرى أشد وأقوى، وهذه المرة ليست الأزمة نابعة من العنف والإرهاب وإنما من تكريس الإهمال لصحة العراقيين من قِبل الجهات المعنية، من ناحية عدم توفير مياه الشرب الصالحة وعدم نشر الوعي الصحي بين الناس وخاصة في الأرياف، يضاف الى ذلك ترفُّع الجهات المسؤولة عن إعلان حالة الطوارئ في بعض المحافظات المنكوبة، خوفا من الانتقادات او السمعة السيئة التي ستطال حكوماتها المحلية، في ظل إقتراب موسم الانتخابات.. بل ان تلك الجهات وبدلاً من أن تكثف الجهود فيما بينها لأجل احتواء الوباء وإنقاذ من يمكن انقاذهم، اخذت بتبادل الإتهامات فيما بينها وإبعاد شبح التقصير عن نفسها!!..

ففي بابل أعلن المسؤولون حالة الطواريء يوم الاثنين الماضي بعد عدة اسابيع من تفش لمرض الكوليرا في المنطقة.

وقال المسؤولون في مؤتمر صحفي إن الكوليرا قتلت ثمانية اشخاص واصيب 20 اخرون بالعدوى خلال الايام الثلاثة الماضية في بابل جنوبي بغداد. وقال احسان جعفر المدير العام لادارة الصحة العامة بوزارة الصحة في بغداد انه تم التأكد من حالتي وفاة فقط.

وقال المسؤولون المحليون ان نحو 500 اخرين في المحافظة يشتبه في أنهم مصابون بالمرض الذي يمكن ان يقتل ضحاياه من خلال اسهال حاد مفاجيء.

وقال ممثل لمنظمة الصحة العالمية في العراق ان المنظمة لا تزال تجمع المعلومات وستعلن النتائج التي تتوصل اليها قريبا.

وقال شاهد عيان لرويترز ان سيارات الاسعاف تقوم بجولات في اسواق بابل محذرة الناس من خلال مكبرات الصوت بان يكونوا حريصين بشأن الاماكن التي يشترون منها الطعام والشراب وكيفية اعداده. ولم تتضح بعد الاجراءات الاخرى التي يتضمنها اعلان حالة الطواريء.

وندرة المياه خلال صيف العراق شديد الحرارة تجبر الكثيرين على الشرب من مصادر غير امنة. وتم تشخيص أكثر من أربعة الاف حالة كوليرا في العراق في العام الماضي توفي منهم 24 على الاقل.وقالت منظمة الصحة العالمية في ذلك الوقت ان المرض انتقل الى دولة ايران المجاورة بعد ذلك.

ومحافظة بابل متاخمة لبغداد حيث صرح جعفر بأنه تم تشخيص ست حالات على أنها اصابة بالكوليرا. وقال ان الضحايا في بابل رفعوا عدد المصابين في العراق خلال الاسبوع المنصرم الى 27 بينهم ثلاث حالات وفاة.

ومن بين الضحايا صبي توفى بسبب المرض في محافظة ميسان في الجنوب حيث قالت الحكومة يوم الاثنين انها أرسلت وفدا من وزارة البيئة لمكافحة انتشارالمرض.

وتسبب الكوليرا في أعنف صورها اسهالا حادا يمكن أن يؤدي للوفاة في بعض الاحيان نتيجة الجفاف الشديد والفشل الكلوي خلال ساعات. وينتقل المرض أساسا من خلال تلوث المياه والطعام.

وتمثل المياه والصرف الصحي تحديا دائما في العراق حيث حال الاهمال والحرب دون اصلاح المرافق العامة.

ويحاول العراق السيطرة على الكوليرا من خلال التشخيص المبكر وتوزيع أقراص مطهرة وشن حملة توعية.

إجراءات احترازية في ثلاث محافظات جنوبية  

واتخذت مديريات صحة ثلاث محافظات جنوبية، اجراءات احترازية مختلفة للحيلولة دون انتشار مرض الكوليرا بعد أن سجلت العديد من الإصابات في محافظتي بابل وميسان.

ووضعت مديرية صحة محافظة ذي قار خطة موسعة لمنع انتشار مرض الكوليرا تضمنت متابعة الباعة الجوالين وإطلاق حملات توعوية ومحاضرات تثقيفية وتوزيع البوسترات في مختلف مناطق المحافظة.

وقال الدكتور هادي بدر الرياحي مدير صحة المحافظة  لوكالة (أصوات العراق) إن خطة مديرته "تضمنت متابعة مشاريع المياه و فحص ومراقبة نسب الكلور التي يتم ضخها من خلال شبكات المياه من قبل فرق صحية متخصصة بهذا الغرض".وتبعد مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار، مسافة 360 كم جنوب العاصمة بغداد.

وفي محافظة واسط ذكر مدير إعلام دائرة صحة المحافظة، الاثنين، أن الدائرة باشرت بتسيير ثمانية فرق جوالة للتثقيف ضد مرض الكوليرا في قرى وأرياف المحافظة بعد أن سجلت حالات إصابة في عدد من المحافظات المجاورة.

واوضح فلاح قاسم أن "شعبة التوعية الصحية التابعة لدائرة صحة واسط باشرت اليوم (الاثنين) بتسيير ثمانية فرق جوالة للتثقيف الصحي في قرى وأرياف المحافظة ضد مرض الكوليرا إذ توزعت خمسة منها في اقضية الصويرة والعزيزية والنعمانية والحي وبدرة وثلاثة أخرى في مركز قضاء الكوت".

وأشار قاسم إلى أن محافظة واسط خالية من أي إصابة بمرض الكوليرا ولم تسجل أي حالة اشتباه لحد الآن.

وتقع مدينة الكوت، مركز محافظة واسط، على مسافة 180 كم جنوب شرق العاصمة بغداد.

من جهته ذكر مدير صحة الديوانية إن غرفة عمليات قد تشكلت في المحافظة، الاثنين، لاتخاذ التدابير الوقاية ضد مرض الكوليرا في المحافظة.  

واوضح الدكتور عبد الأمير ليلو أن "غرفة عمليات قد تشكلت في المحافظة برئاسة معاون محافظ الديوانية ضياء شبر و عضوية مديري دوائر الصحة والماء والمجاري والكهرباء والبلديات والبيئة لاتخاذ التدابير اللازمة للوقاية من مرض الكولرا وتحديد المناطق التي لا تتوفر فيها مياه إسالة في عموم المحافظة"مشيرا إلى أن 50% من عموم مناطق الاقضية والنواحي التي لا تصلها مياه صالحة للشرب خلال الفترة السابقة.

وأضاف "تم خلال الاجتماع وضع خطة لتوزيع مادة الكلور في كافة المناطق الريفية والنائية والقيام بمحاضرات لتوعية الفلاحين وتثقيفهم ضد المرض وإرسال مركبات حوضية لتوفير الماء الصالح للشرب وبشكل دوري".

وتقع مدينة الديوانية ، مركز محافظة الديوانية ، على مسافة 180 كم جنوب العاصمة بغداد.

و اعتبر رئيس لجنة الخدمات في مجلس محافظة بابل أن المحافظة تعد محافظة منكوبة بعد وفاة ستة مصابين بالكوليرا والاشتباه بمئات. الإصابات

كما سجلت محافظات ميسان ست حالات وفاة بينها واحدة بالكوليرا وخمس بالإسهال الشديد فيما ارتفع عدد الإصابات بالإسهال الحاد إلى 65 حالة. 

وكانت وزارة الصحة أعلنت عن كشف أول إصابة بوباء الكوليرا في بغداد في 20 آب أغسطس الماضي، لتكون أولى حالات الإصابة بالوباء خلال العام الحالي، في حين أعلنت الوزارة عن أول إصابة بالوباء في محافظة ميسان (التي يقع مركزها مدينة العمارة، على مسافة 390 كم إلى الجنوب من العاصمة بغداد) في 28 من الشهر الماضي.

وأشارت المصادر الصحية في محافظة ميسان إلى أن هنالك 65  حالة يشتبه إصابتها بوباء الكوليرا، حيث يشكوا معظم المصابين من حالات الإسهال المائي الحاد، إلا أن الفحوصات المختبرية لم تؤكد حتى الآن إصابتهم بالوباء، بحسب ما ذكره مصدر في وزارة  الصحة العراقية.

البيئة ترسل وفدا إلى ميسان لمتابعة أسباب ظهور الإصابات   

وذكر بيان للمركز الوطني للإعلام، أن وزارة البيئة أرسلت وفدا إلى محافظة ميسان لمتابعة أسباب ظهور عدد من حالات الإصابة بمرض الكوليرا.

وقال البيان إن " وزارة البيئة أرسلت وفدا إلى محافظة ميسان للوقوف على الواقع البيئي في المحافظة بعد ظهور عدد من حالات الإصابة بمرض الكوليرا و ظهور إصابات بالإسهال الحاد".

وأوضح البيان أن "الوفد عقد اجتماعا موسعا في مقر دائرة صحة ميسان بحضور مديرها العام وممثلين عن الدوائر ذات العلاقة لمناقشة الموقف العام للإصابات ومواقع ظهورها وطبيعة الإجراءات المتخذة بصددها".

وأضاف البيان أن "المجتمعون كلفوا قسم المختبرات في دائرة بيئة بغداد بالتعاون مع مديرية بيئة ميسان باجراء بإجراء مسح شامل لجميع مناطق وقرى المحافظة خصوصاً الأماكن الغير مخدومة بشبكة مياه الشرب واخذ النماذج الخاصة بمرض الكوليرا لغرض فحصها في مختبر بيئة بغداد".

وأكد المجتمعون وفقا للبيان على "أهمية تولي مركز الإعلام والتوعية البيئية في وزارة البيئة بالتعاون مع مديرية بيئة ميسان بحملات توعية بيئية مكثفة للمواطنين تتناول طبيعة مرض الكوليرا وطرق انتشاره وأساليب الوقاية منه". بحسب تقرير لـ اصوات العراق.

إجراءات احترازية في النجف

وذكر مدير شعبة تعزيز الصحة في دائرة صحة النجف إن دائرته وبالتنسيق مع بقية الدوائر الخدمية في المحافظة قامت بعدة إجراءات احترازية للحد من ظهور إصابات بمرض الكوليرا.

وأوضح الدكتور شنان العارضي لوكالة أصوات العراق أن "دائرة صحة النجف وبالتنسيق مع الدوائر الخدمية الأخرى قامت بالعديد من الإجراءات الاحترازية للحيلولة دون ظهور إصابات بمرض الكوليرا بعد ظهور الوباء في محافظات مجاورة".

وأضاف أن "المديرية قامت بتشكيل فرق للرقابة الصحية تقوم بحملات تفتيش على المطاعم ومحلات بيع الأطعمة والاشربة بمساعدة الأجهزة الساندة من اجل تامين سلامة الغذاء المقدم للمواطنين وضمان عدم إصابته بطفيليات هذا المرض"/ مشيرا  إلى تكثيف التوعية الصحية في هذا الموسم من الشهر 9 إلى الشهر الـ11.

ورأى أن  "ما نسبته 70% من حالات الإصابة بهذا المرض تأتي نتيجة المياه الملوثة".

ودعا العارضي الجهات الحكومية إلى ضرورة العمل على توفير المياه الصالحة للشرب وعلى وجه الخصوص في المناطق الريفية عن طريق استخدام السيارات الحوضية في المناطق البعيدة واستخدام حبوب تعقيم المياه الموزعة من قبل دوائر الصحة في تلك المناطق.وتقع مدينة النجف، مركز محافظة النجف، على مسافة 180 كم إلى الجنوب الغربي من العاصمة بغداد.

تشكيل لجنة لوضع إستراتيجية وطنية للحد من تلوث المياه 

وذكر المركز الوطني للإعلام في بيان إن مجلس الوزراء قرر تشكيل لجنة تقوم بوضع إستراتيجية وطنية للحد من ظاهرة تلوث مياه الشرب والأمراض الناتجة عنها.

وقال البيان إن "مجلس الوزراء قرر تشكيل لجنة تتولى وضع إستراتيجية وطنية للحد من تلوث مياه الشرب و الأمراض المنقولة بواسطتها، ورفع توصياتها إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء لاتخاذ ما يقتضي بهذا الشأن".

وسيترأس اللجنة وفقا للبيان "وزير الصحة، وعضوية وزارات التربية و الصناعة والمعادن و البيئة و الموارد المائية و البلديات و الأشغال العامة وأمانة بغداد و ممثل عن وزارة الصحة في إقليم كردستان". بحسب اصوات العراق.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 13/أيلول/2008 - 12/رمضان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م