عسكرة العراق بين الحاجة الملحّة والخوف من الإنقلاب

 

شبكة النبأ: بعد خروجه منهكا ومنهارا، من الحروب التي جرّها عليه النظام السابق، هل ينجح الجيش العراقي في تجاوز أخطائه والعمل كمؤسسة بإدارة مدنية غير خاضعة لجهة معينة، ولا تنفّذ مطاليب السلطة حرفيا، بل تعمل وفق القانون والدستور العراقي.

لكن ما يخافه الساسة الآن هو احتمال تفشي ظاهرة العسكرة مرة ثانية، بعد إدخال ثكنة الجند لكل مفاصل الحياة المدنية بسبب من تدهور الأمن الجاري في العراق، يرافق ذلك مخاوف واضحة بدت على شكل تصريح لنائب رئيس الجمهورية الذي أعرب عن قلقه من مغبة حصول انقلاب عسكري في حال تولي الجيش صلاحيات أوسع.

(شبكة النبأ) في سياق هذا التقرير تسلط الضوء على الآليات المفترضة لعمل الجيش العراقي بعد زوال الطاغية، مع عرض لحالة سلاح الجو العراقي حاليا وما سيؤول إليه مستقبلا وسط مخاوف كردية من تكرار المآسي السابقة:

تحذير عبد المهدي من مغبة انقلاب عسكري

أعرب نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي في لقاء تلفزيوني، عن خشيته من إعطاء دور للجيش في حسم مسائل سياسية، محذراً من حدوث انقلاب عسكري في العراق.

واوضح عبد المهدي خلال لقاء أجرته معه قناة العربية الفضائية ان: إعطاء دور كبير للجيش في حسم مسائل سياسية يعد خطراً على أي بلد، لذلك يجب الحذر من حدوث انقلاب عسكري في العراق بسبب وجود تربية مركزية وعسكرية فيه مع احترامي لدور القوات المسلحة.

وعزا عبد المهدي أسباب مخاوفه من وقوع انقلاب عسكري إلى أن في العراق هناك نوع من العسكرة، وخاصة في ظل محاربته للإرهاب والميليشيات المسلحة التي غلب فيه الجانب العسكري والاستخباراتي. بحسب أصوات العراق. 

ودعا عبد المهدي خلال اللقاء إلى حصر دور القوات المسلحة العراقية والقوات الأمنية في المهام الملقاة على عاتقها في المكان المناسب، ووفق ضوابط معينة، كون العملية السياسية اشترطت أن تكون المؤسسة العسكرية تحت قيادة مدنية لكي لا يعود العراق إلى أجواء الانقلابات السابقة.

وينتمي الدكتور عادل عبد المهدي الى المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، احد تشكيلات الائتلاف العراقي الموحد الذي يتزعمه السيد عبد العزيز الحكيم، ويحوز على 83 مقعداً من مقاعد البرلمان البالغة 275 مقعداً، ويشغل عبد المهدي منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية جلال الطالباني إضافة الى النائب الثاني طارق الهاشمي.

المجلس الأعلى يدعو لشغل المدنيين مناصب في الجهاز العسكري

ودعا نائب رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي عمار الحكيم، إلى ضرورة شغل العناصر المدنية مناصب في المؤسسات العسكرية، مبينا أن ذلك يسهم في عدم عسكرة المجتمع، بحسب بيان للمجلس.

وذكر البيان أن نائب رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي السيد عمار الحكيم زار مركز العمليات الوطنية التابع لمستشارية الأمن القومي والتقى بمستشار الأمن القومي موفق الربيعي ومدراء أقسام المركز، منوها إلى أنه دعا إلى أهمية تصدي العناصر المدنية لشغل مناصبها في المؤسسات العسكرية، لأهمية ذلك في الابتعاد عن عسكرة المجتمع. بحسب أصوات العراق.

ويعد السيد عمار الحكيم من الشخصيات القيادية البارزة في المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، أحد المكونات الرئيسية في الائتلاف العراقي الموحد كبرى الكتل البرلمانية العراقية ، وتشغل 83 مقعدا من أصل 275 هي مجموع مقاعد البرلمان، وهو نجل السيد عبد العزيز الحكيم رئيس المجلس، ويرأس مؤسسة شهيد المحراب للتبليغ الإسلامي.

وأوضح الحكيم وفقا للبيان: أن عمل مركز العمليات الوطنية يجب أن يكون شفافا وبعيدا عن المؤثرات الحزبية والفئوية، مشيرا إلى أن من الضروري العمل على تفعيل القوانين النافذة بشأن القيادات العسكرية والأمنية والتأكد من ولاءات من يكلفون بالمسؤولية في العراق الجديد.

وتابع البيان أن السيد الحكيم شدد على ضرورة الاهتمام بالأمن الوطني والتركيز على الجانب الاستخباري لما يوفره من معلومات مهمة عن البؤر الإرهابية والعابثين بأمن المجتمع.

البرلمان الكردي قلق حيال امتلاك بغداد أسلحة المتطورة

من جهة ثانية قال عدنان المفتي رئيس برلمان كردستان إن على الحكومات الأجنبية أن تضع شروطا على مبيعات الأسلحة للعراق بحيث تحظر استخدامها في قمع الأقلية الكردية أو غيرها من العراقيين.

وأضاف المفتي في جلسة للبرلمان الكردي انه غير قلق بشأن حكومة رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي الحالية.

ولكنه أبدى قلقه من التوترات الأخيرة بين قوات البشمركة وقوات الجيش العراقي في بلدة خانقين التي يقطنها مزيج عرقي وتقع بالقرب من إقليم كردستان. بحسب رويترز.

ولكثير من أكراد العراق ذكريات مريرة من الهجمات العسكرية التي أمر بها النظام السابق ولاسيما في ثمانينات القرن الماضي حينما استخدمت أسلحة كيماوية في محو قرى كردية كاملة. وقتل عشرات الآلاف من الناس في تلك الهجمات.

واشار رئيس البرلمان في كردستان الى أن المخاوف ليست من حكومة المالكي في استخدام السلاح: لاننا جزء من هذه الحكومة ولا نتهمها بأية تهم ظالمة ونتمنى لها النجاح لكن الأحداث التي وقعت الفترة الماضية ولدت فينا مخاوف مشروعة..إذا كانت الأمور تسير بهذا الشكل وتكون هناك حكومة أو رئيس حكومة في المستقبل يفكر بحل عسكري لفرض إرادته وفرض حلوله. وإذا كان لديه طائرات اف 16 ربما يستخدمها.

وقالت وزارة الدفاع الأمريكية إن الحكومة العراقية طلبت معلومات عن شراء 36 طائرة من طراز (اف 16) التي تصنعها شركة لوكهيد مارتن.

كما أبدت حكومة بغداد التي لديها فائض أموال جراء العوائد الباهظة للنفط اهتماما بشراء أسلحة أخرى من شركات أمريكية أخرى تصنع السلاح مثل المركبات المدرعة وطائرات الهليكوبتر.

وقال المفتي: لذلك وفي الوقت الذي تعمل الحكومة العراقية على التزود بأسلحة متطورة مثل طائرات اف 16 ومروحيات هجومية فمن الضروري أن ندعو الولايات المتحدة الأمريكية والدول التي تزود العراق بالأسلحة أن تكون صفقات السلاح مشروطة بأن لا تتمكن الحكومة العراقية من استخدامها في استهداف شعب كردستان وعموم الشعب العراقي.

وتمكن ساسة عرب وأكراد من حل إشكال بشأن السيطرة على خانقين في محافظة ديالى في شمال شرق البلاد منهين بذلك أزمة محتدمة وحالة من التوتر هددت باثارة أعمال عنف.

وشن الاف الاكراد احتجاجات مع اقتراب الجيش العراقي من خانقين الشهر الماضي في محاولة منه لان يحل محل البشمركة.

وكان الجيش قد حاول دخول البلدة من أجل بسط سيطرة الحكومة على المنطقة. ولكن قوات البشمركة التي تقوم بدوريات في البلدة التي تضم خليطا من العرب والأكراد رفضوا الانسحاب. وبمقتضى الاتفاق الرامي لنزع فتيل التوتر تقرر انسحاب الجيش والبشمركة من البلدة.

وقال عبد الكريم السامرائي نائب رئيس لجنة الدفاع والأمن في البرلمان ان شروط استخدام السلاح لا يمكن أن تقرن بالتعاقدات. وأضاف السامرائي لرويترز: هذا الطلب غير ممكن تثبيته في العقود.

بناء سلاح الجو العراقي يتطلب الكلفة والوقت

وسلطت صحيفة لوس أنجلس تايمز Los Angeles Times الضوء على ما وصفته بإعادة إحياء القوة الجوية العراقية بمساعدة الأمريكيين، ونقلت عن مسؤولين أمريكيين ان ذلك يتطلب كلفة عالية وفترة طويلة، مشيرة في هذا الصدد إلى خطة لبناء قوة جوية مكتفية بذاتها بحلول العام 2020، وبإنفاق نحو بليوني دولار سنويا.  

مشيرة إلى إنها نفذت مؤخرا أول عملية إخلاء، فضلا عن اشتراكها في مهمات المراقبة والدعم اللوجستي، إلا ان القوة الحالية ما زالت بحاجة إلى سنوات لتعود إلى مكانتها السابقة.

وقالت الصحيفة ان القوة الجوية العراقية، التي كانت سلاحا قويا في ما مضى، عادت إلى العمل مرة أخرى من خلال تنفيذ عمليات مراقبة جوية، ونقل القوات ومعداتها، حتى نفذت مؤخرا أول عملية إخلاء طبي. بحسب أصوات العراق. 

وتشير الصحيفة إلى أن ضباطا أمريكيين وعراقيين يقولون إن أمام العراق سنوات كي تتوافر لديه القوة الجوية المطلوبة، والكادر والبنية التحتية، من اجل تسلم مسؤولية أجوائه من القوات الأمريكية. وحتى ذلك الوقت ستبقى مساعدة الولايات المتحدة ضرورية للحفاظ على امن العراق.

وتذكر الصحيفة أن القوة الجوية العراقية، التي كانت سلاحا قويا في الثمانينيات، قد دمرت في أثناء حرب الخليج في العام 1991، بالإضافة إلى إرسال رئيس النظام السابق ما يزيد عن 100 قاصفة إلى إيران بهدف حمايتها من الدمار، إلا أن إيران لم تعد تلك الطائرات إلى العراق.

وتواصل الصحيفة قولها إن الطيارين العراقيين لم يمارسوا الطيران لمدة ما يزيد عن عقد من الزمان، حيث فرضت الولايات المتحدة وبريطانيا منطقة حظر جوي في شمال العراق وجنوبه لحماية المسلمين الشيعة والأكراد من الاضطهاد، فضلا عن عطل العديد من الطائرات لان العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة في التسعينيات جعلت من الصعب الحصول على قطع غيار لها.

وأخيرا، كما تقول تواصل الصحيفة، عندما بدا الغزو بقيادة الولايات المتحدة في آذار مارس 2003، أصدر صدام أوامره بدفن المتبقي من القاصفات في الرمال، وتشتت كادر القوة الجوية بعد أن حلت سلطات التحالف الجيش العراقي، ولم يجر البحث عن الطائرات المدفونة واستعادتها.

وتقول الصحيفة ان ظروف التمرد التي واجهها العراق أكدت ان سلاح الجو أمر حاسم بالنسبة للبلاد. فطائرات النقل الأمريكية والمروحيات تتولى نقل القوات، وتجهيزاتها، والمصابين عبر أجواء البلاد الواسعة، وهذا ما يجعل تلك العمليات في مأمن من الرصد وزرع الطرقات بالقنابل.

وتنقل الصحيفة عن جنرال من القوة الجوية الأمريكية، بروكس باش، الذي يتولى  حاليا مسؤولية تقديم المشورة للقوة الجوية العراقية، قوله ان إعطاء العراق قدرات تكنولوجية عالية سيكون مكلفا للغاية، فضلا عن استغراق وقت طويل.

ويقول باش، بحسب الصحيفة: ففي حين يحتاج الجندي إلى أربعة أو خمسة شهور تقريبا، يتطلب الأمر ثلاث إلى خمس سنوات كي يكون المرء طيارا يتمتع بخبرة، و7 سنوات لتعليم صيانة الطائرات والإبقاء عليها في أعلى أدائها، كما أن على الكادر الجوي أن يجيد الإنكليزية، وهي اللغة المستخدمة في السيطرة الجوية في العالم كله.

وتذكر الصحيفة أن القوة الجوية الحالية تتكون من 1600 فردا، و70 طائرة. وتضيف ان ضباطا أمريكيين وعراقيين يخططون لبناء قوة جوية مكتفية بذاتها تضم 350 طائرة وكادر يصل إلى 20 الف بحلول العام 2020، إلا ان الوصول إلى هذا الهدف يتطلب ان تنفق الحكومة العراقية حوالي 2 بليون دولار في العام الواحد.

وبهذا الصدد، يقول باش ان الحكومة العراقية تنفق ربع هذا المبلغ حتى الآن. وتشير الصحيفة إلى ان مع ارتفاع أسعار النفط، لن يعدم العراق الوسائل المادية لشراء طائرات، أو بناء حظائر لها أو مخابئ تناسبها. إلا ان أولوية الحكومة حاليا هي قتال التمرد على الأرض.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 11/أيلول/2008 - 10/رمضان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م