ذكرى 11 أيلول أخرى.. والحرب على الإرهاب لاتزال مُستعرة

اعداد/صباح جاسم

 

شبكة النبأ: بعد مضي سبع سنوات على اعتداءات 11 سبتمبر، لا تزال الحرب مستمرة  في العراق، وكذلك افغانستان بين قوات واشنطن وحلفائها ومقاتلي طالبان المدعومين من القاعدة في افغانستان، فيما لا يزال العدو الاول للولايات المتحدة اسامة بن لادن فاراً ويتحدى الغرب. فبعد اطلاق حملة على الإرهابيين الذين نفذوا الاعتداءات الاكثر دموية في التاريخ الأمريكي موقِعِين حوالى ثلاثة الاف قتيل، فان الولايات المتحدة هي بصدد خسارة الحرب على طالبان وتواجه عودة القاعدة الى الظهور في المناطق القبلية الباكستانية اذا لم تسوّق الجهد الكافي للإحاطة بتلك المناطق الوعرة والسيطرة عليها..

وبالرغم من انتشار حوالى سبعين الف جندي اجنبي في اطار القوة الدولية للمساعدة على ارساء الامن التابعة للحلف الاطلسي والائتلاف الذي تقوده الولايات المتحدة، فان هجمات المتمردين تتضاعف منذ سنتين وتزداد ضخامة ونوعية، مثل الكمين الذي اودى بعشرة جنود فرنسيين في منتصف اغسطس.

ويترافق تصاعد العنف هذا مع خسائر فادحة اذ قتل 193 جنديا اجنبيا هذه السنة في افغانستان وفق حصيلة اعدتها وكالة فرانس برس. وكان العام 2007 الاكثر دموية في صفوف القوات الدولية منذ اطاحة نظام طالبان نهاية 2001 حيث سقط من عناصرها 232 قتيلا.

وتفوق حصيلة الضحايا المدنيين هذا الحد بكثير اذ قتل منهم 900 منذ يناير بحسب مصادر افغانية، سواء في اعتداءات او باخطاء ارتكبتها القوات المسلحة.

ويحظى عناصر طالبان في تمردهم بدعم من تنظيم القاعدة الذي اعاد تشكيل ملاذ له بحسب الخبراء في مناطق نائية على الحدود الباكستانية الافغانية حيث رسخ تحالفه مع الناشطين الباكستانيين.

وتستخدم القاعدة هذا الملاذ قاعدة عملية لتدريب عملاء على ارتكاب اعتداءات في العالم الغربي، وفق ما ورد في احد آخر تقارير اجهزة الاستخبارات الأمريكية التي حذرت من ان القاعدة تبقى اكبر خطر إرهابي على الولايات المتحدة. بحسب رويترز.

وقال براين جنكينز الخبير في مسائل الإرهاب في مركز راند للدراسات »تحقق تقدم لا يمكن انكاره منذ 11 سبتمبر ضد القيادة المركزية للقاعدة وشبكة المجموعات التابعة لها. لقد جعلنا بيئتها العملانية اكثر صعوبة بكثير« و»منعنا وقوع اعتداءات«. لكنه اضاف ان »قيادتها انتقلت الى باكستان حيث تبقى الشبكة مصممة على تنفيذ هجمات نوعية«.

ويتهم العديد من المحللين ادارة الرئيس الأمريكي جورج بوش بالاهمال. وقال بروس ريدل المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية (سي اي ايه) انه »في شتاء 2001 وعام 2002 حين كانت القاعدة واقعة في شباكنا، كان يجدر بنا ان نسدد اليها الضربة القاضية. لكن عوضا عن ذلك حولنا قواتنا ومواردنا ومجهودنا الاستخباراتي من افغانستان وباكستان الى العراق«.

كذلك تتهم الولايات المتحدة باكستان المعروفة بانها حليف واشنطن الاكبر في »حربها على الإرهاب« بالفشل في الاضطلاع بالمهام الملقاة على عاتقها، وتندد منذ اشهر بتساهل اسلام اباد. وقال ريدل »يبدو من المرجح ان تستمر الحرب في افغانستان وباكستان لاكثر من عقد وان تطرح مشكلة كبرى على الرئيسين المقبلين الأمريكي والباكستاني«.

ولا يزال زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن المتهم بتدبير اعتداءات 11 سبتمبر فارا بالرغم من الوعد الذي قطعه بوش بالقبض عليه »حيا او ميتا«، ولا تزال مكافأة قدرها 25 مليون دولار معروضة لقاء اي معلومات تؤدي الى القبض عليه.

وقال بروس ريدل »يسري اليوم في البنتاغون (وزارة الدفاع الأمريكية) ان مرتكب اكبر جريمة جماعية في تاريخ الولايات المتحدة سيبقى في نهاية المطاف الى ما بعد الرئيس الذي حصل كل شيء في ولايته«.

الرواية الرسمية الأمريكية عن هجمات 11 سبتمبر زائفة..

 في كتاب (الحادي عشر من سبتمبر والامبراطورية الأمريكية) يشدد مفكرون معظمهم من الأمريكيين على "زيف" الرواية الرسمية الأمريكية عن هجمات 11 سبتمبر أيلول 2001.

ويقول ديفيد راي جريفين وبيتر ديل سكوت محررا الكتاب إن باحثين لا ينتمون إلى التيار السائد توصلوا إلى أدلة تفند الرواية الرسمية "بشأن المسؤول النهائي عن تلك الهجمات (التي) أصبحت بمثابة الاساس المنطقي وراء ما يقال انها حرب عالمية على الإرهاب استهدفت حتى الآن كلا من أفغانستان والعراق وبمثابة المبرر وراء التدني المسرف في سقف الحريات الممنوحة للشعب الأمريكي.. اكتشاف أن الرواية الرسمية حول أحداث 11 سبتمبر كانت رواية زائفة يصبح أمرا غاية في الاهمية."

ويرى المحرران أن هناك تجاهلا لأدلة يقدمها باحثون مستقلون بحجة أنهم " أصحاب نظرية المؤامرة" ويبديان دهشة من كيفية اتفاق أكاديميين ودبلوماسيين في نظرية المؤامرة ولا يستبعدان أن تكون " الرواية الرسمية حول 11 سبتمبر هي في حد ذاتها نظرية للمؤامرة فهي تزعم أن الهجمات تم تنظيمها بالكامل على أيدي أعضاء عرب مسلمين في تنظيم القاعدة بايعاز من (زعيم تنظيم القاعدة) أسامة بن لادن القابع في أفغانستان" حيث كانت تؤويه جماعة طالبان التي كانت تحكم أفغانستان حتى نهاية 2001.

وتقع ترجمة الكتاب العربية في 256 صفحة كبيرة القطع وصدر عن (نهضة مصر) في القاهرة وشارك فيه 11 شخصا بارزا لا يمكن -حسب محرري الكتاب- أن يكونوا "بالمعنى السلبي للمصطلح" من أصحاب نظرية المؤامرة. بحسب رويترز.

فيقول مورجان رينولدز الاستاذ بجامعة تكساس والعضو السابق بادارة الرئيس الأمريكي جورج بوش "أحداث الحادي عشر من سبتمبر كانت عملية زائفة.. أكذوبة كبيرة لها علاقة بمشروع الحكومة (الأمريكية) للهيمنة على العالم."

وعن فكرة الهيمنة العالمية يقول أستاذ القانون ريشارد فوولك وهو رئيس (مؤسسة سلام العصر النووي) إن "ادارة بوش يحتمل أن تكون اما سمحت بحدوث هجمات الحادي عشر من سبتمبر واما تآمرت لتنفيذها لتسهيل ذلك المشروع" مضيفا أن هناك خوفا من مناقشة حقيقة ما حدث ذلك اليوم حتى لا تكتشف أسرار يصفها بالسوداء.

ويشدد أستاذ الفلسفة جون ماكمورتري على أن "زيف الرواية الرسمية.. جلي لا شك فيه" مستشهدا على استنتاجه بأن الحروب التي أعلنت عقب الهجمات انطلقت من أسباب استراتيجية فما وصف بحرب " تحرير العراق خير مثال على ما يسميه القانون الدولي.. الجريمة العظمى."

ويقول المحرران إن المساهمين في الكتاب يحظون بكثير من الاحترام فعشرة منهم يحملون درجة الدكتوراه وتسعة أساتذة في جامعات عريقة وكان أحدهم ضابطا في وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) اضافة إلى بيتر فيليبس مدير مشروع (مراقب) وهو محرر كتاب (الرقابة والتعتيم في الاعلام الأمريكي.. أهم 25 قصة اخبارية خضعت للرقابة).

ويعد مشروع مراقب جزءا من حركة الاصلاح الاعلامي ويدار منذ بدايته عام 1976 من خلال قسم علم الاجتماع بمدرسة العلوم الاجتماعية بجامعة سونوما الأمريكية ويركز على القصص الاخبارية المهمة التي يقول ان وسائل الاعلام التابعة للشركات الكبرى تتجاهلها.

وتقول كارين كوياتكوفسكي الاستاذة الجامعية التي عملت ضابطة بالجيش الأمريكي لمدة عشرين عاما حتى 2003 انها كانت حاضرة يوم 11 سبتمبر ايلول عام 2001 في وزارة الدفاع وان "لجنة 11 سبتمبر لم يكن بين أعضائها أي شخص قادر على تقييم الادلة من الناحية العملية" مضيفة أنها لم تر حطام الطائرة التي قيل انها ضربت مقر وزارة الدفاع ولا الدمار الذي يتوقع أن يحدثه هجوم جوي.

ويرى ستيفن جونز أستاذ الفيزياء بجامعة بريجهام أن طبيعة انهيار البرجين التوأمين والمبنى رقم 7 بمركز التجارة العالمي لا تفسرها الرواية الرسمية فالطائرات لم تسقط البنايات والتفسير " الاقرب أن تدمير تلك البنايات كان من خلال عملية هدم بالتفجير المتحكم به تمت باستخدام متفجرات مزروعة سلفا".

ويتفق المهندس كيفين رايان مع جونز في التشكيك في التقرير الرسمي حول انهيار البنايات ويراه غير علمي مضيفا أن التوصل إلى السبب الحقيقي "مسألة ذات أهمية قصوى لان ذلك الحادث هو الذي هيأ الشعب الأمريكي نفسيا لتقبل ما يسمى بالحرب على الإرهاب."

ويقول أولا توناندر الاستاذ في معهد بحوث السلام الدولي في أوسلو بالنرويج إن الاثر الاخطر للهجمات هو استغلال ما يسميه إرهاب الدولة وتطبيق " استراتيجية التوتر" على العالم بعد ترسيخ سلام أمريكي يفرض على الآخرين تحت قناع الحرب العالمية على ما تعتبره واشنطن إرهابا.

ويقول محررا الكتاب في المقدمة ان جهودا بدأت تتضافر للتوصل إلى تلك الحقيقة منها هذا الكتاب اضافة إلى تأسيس منظمة يرأسها جونز بمشاركة نحو 50 أكاديميا ومفكرا منهم خبراء عسكريون سابقون وأطلقوا على أنفسهم اسم (حركة الحقيقة بشأن الحادي عشر من سبتمبر).

بعد سبع سنوات..إعادة بناء غراوند زيرو تراوح مكانها

وبعد سبع سنوات على تدمير مركز التجارة العالمي (وورلد تريد سنتر) في اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر (2001) ما زالت التعقيدات الادارية واللوجستية والمالية تؤخر اعادة بناء موقع "غراوند زيرو" الذي لم ينته بعد وضع اساساته.

ومن هذا المشروع الهندسي الضخم الذي اعده الحاكم السابق لولاية نيويورك جورج باتاكي في ايلول/سبتمبر 2006 وحدها الهياكل المعدنية ل"برج الحرية" الذي سيبلغ ارتفاعه 541 م بدأت تخرج من الارض في الموقع حيث لقى الاف الاميركيين حتفهم في اعنف الاعتداءات واكثرها دموية في التاريخ الاميركي مع سقوط نحو ثلاثة الاف قتيل.

وفي موقع الابراج الثلاثة الاخرى التي رسمها المهندسون نورمن فوستر وريتشارد روجرز وفوميهيكو ماكي ما زالت عمليات الحفر جارية.

لكن الخطط الهندسية لمحطة وورلد تريد سنتر لن تكتمل قبل 30 ايلول/سبتمبر بعد ان تقرر مراجعتها بهدف التوفير. ولم توضع العارضة المعدنية الاولى للنصب التذكاري لاعتداءات 11 ايلول/سبتمبر سوى الثلاثاء لافتتاحه كما هو مرتقب في العام 2011.

وعبرت النائبة المحلية جولي منين لوكالة فرانس برس عن اسفها قائلة "بالتأكيد انه امر مخيب للامال (...) لان العديد من المتاجر الصغيرة اضطرت للاقفال. ونوعية حياة سكاننا تاثرت الى حد كبير".

وتمكن الحي مجددا من جذب الشركات والسكان لكن عدد الموظفين يبقى متدنيا عن مستواه قبل 2001 بحسب جمعية "داون تاون آلاينس".وذكرت كاثرين وايلد في حديث لوكالة فرانس برس ب"ان الاولوية هي البنى التحتية للنقل والشوارع المؤدية الى المنطقة".

لكن "ما يدعو للقلق انهم بصدد اعادة رسم خطط كل المشاريع لتوفير المال" معتبرة ان نهاية الاشغال ستؤجل الى العام 2013 بدلا من العام 2011.

وكان كريس وارد مدير سلطة مرافئ نيويورك ونيوجرزي ومالك الموقع اقر في حزيران/يونيو في تقرير بان "الجدول الزمني وميزانية كل من المشاريع يواجهان تأخيرا كبيرا وتكاليف اضافية".

وسيقترح حاكم نيويورك الجديد ديفيد بيترسون في 30 ايلول/سبتمبر اعادة تنظيم هيكلية القرار من اجل تنسيق افضل بين وكالات الدولة ال19 وعشرات الشركات والمهندسين المعنيين.

كما يتوقع بحسب وايلد اجراء مراجعة رسمية للميزانية الاصلية المقدرة ب15 مليار دولار لرفعها بنسبة 20% ما سيرفع الميزانية الاجمالية الى 18 مليار دولار.

وتضاف الآن ضرورات امنية الى المشكلات الادارية والمالية. فمدينة نيويورك المكلفة الاشراف على امن الموقع تعتزم في اخضاع جميع السيارات فيه في المستقبل لعمليات تفتيش عن قنابل.

وقالت منين "نحن قلقون جدا. صحيح اننا حريصون على الامن (...) لكن اقامة نقاط تفتيش في كل مكان في جنوب مانهاتن يهدد بمشكلة كبيرة جدا".

وطالما ان هذه الخطة لم يتم تبنيها نهائيا بعد فان تخطيط الشوارع ونقاط الوصول لم يكتمل بعد مما يؤخر ايضا عملية البناء.

ويختصر "برج الحرية" الاعلى وحده هذا التداخل في العقبات. فهندسته النهائية لم تقر الا في حزيران/يونيو 2005 بعد سنوات من المحادثات.

غير ان مالك عقد الايجار لاري سيلفرستاين ان عجز عن تأمين التمويل الضروري لبنائه وقدره 82 مليار دولار فتخلى في نهاية المطاف عن حقوقه لسلطة المرافئ عام 2006 ولم يبدأ البناء الا في نيسان/ابريل من تلك السنة.

الا ان سيلفرستاين يملك عقود ايجار الابراج الثلاثة الاخرى وكذلك البرج الجديد "7 وورلد تريد سنتر" ناطحة السحاب السابقة المؤلفة من 47 طابقا والملاصقة للبرجين التوأمين والتي دمرت في حريق نتج عن سقوط حطام مشتعل وقد اعيد بناؤها ودشنت في 2006 الى الجهة الشمالية ل"برج الحرية" المقبل.

ماكين وأوباما يتوحدان لإحياء ذكرى 11 سبتمبر 

وفي تقرير لافت اصدر المرشحان الرئاسيان الامريكيان جون ماكين وباراك اوباما بيانا مشتركا نادرا اعلنا فيه انهما سيقومان معا الخميس باحياء الذكرى السابعة لاعتداءات 11 سبتمبر.

وستفرض ذكرى الاعتداءات الاكثر دموية في تاريخ الولايات المتحدة حيث اسفرت عن مقتل اكثر من ثلاثة الاف شخص، نوعا من الهدنة في الحملة الشرسة التي يتواجه فيها الجمهوري ماكين والديموقراطي اوباما منذ اشهر.

وقال البيان المشترك، في 11 سبتمبر 2008 سنجتمع بمناسبة الذكرى السابعة لاعتداءات 11 سبتمبر في غراوند زيرو، اي موقع برجي مركز التجارة العالمي. بحسب رويترز.

واكد المرشحان، اجتمعنا كلنا في 11 سبتمبر، لا كديموقراطيين او جمهوريين، بل كامريكيين. في الاروقة العابقة بالدخان وعلى ادراج مبنى الكابيتول، في بنوك الدم، او في امسيات الصلاة على ضوء الشموع، كنا موحدين كعائلة امريكية واحدة. واضاف البيان، سنضع السياسة جانبا لاستعادة هذه الوحدة، لتكريم ذكرى كل امريكي قتل، وللتعبير عن حزننا مع العائلات والاصدقاء الذين فقدوا عزيزا.

وقال المرشحان، نشكر ايضا رجال الاطفاء والشرطة والطوارئ الذين قدموا مثالا بطوليا لخدمة الغير، وكذلك الرجال والنساء الذين يدافعون اليوم عن الحرية والامن اللذين استهدفا في نيويورك، في البنتاغون وفي شانكسفيل، بنسلفانيا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 11/أيلول/2008 - 10/رمضان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م