قوانين حكومة عباس والخيارات البديلة مع إسرائيل

 

شبكة النبأ: يتطلع الشعب الفلسطيني لإقامة دولته، والعيش بكرامة وحرية واستقرار وامان، واضعا ثقل آماله وأحلامه بعنق الفصائل التي كافحت لسنين طوال، حتى أستوت على السلطة.

غير ان الذي حدث هو ان هذه الفصائل تناحرت وتنازعت، وتركت خلف ظهرها المسألة الاهم، والحلم الفلسطيني، ليجد المواطن البسيط نفسه، خارج القوس الذي رسمه الساسة، ليكون إلعوبة بيد الساسة الفلسطينيين من جهة، والاحتلال الاسرائيلي من جهة أخرى.

(شبكة النبأ) في سياق هذا التقرير تسلط الضوء على الشأن الفلسطيني الداخلي، مع عرض لبعض الاصلاحات الواردة في حكومة عباس، يقابلها الفتور الشعبي وعدم التفاعل:

إعادة صياغة للقوانين الفلسطينية دون اهتمام شعبي

قال مسؤولون فسلطينيون وغربيون ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس وحكومته يُعيدان صياغة القوانين الإقتصادية والاجتماعية والأمنية للأراضي الفلسطينية دون متابعة شعبية تُذكر.

وحصلت رويترز على مئات من المراسيم التي أصدرها عباس وخُطة تشريعية مدتها خمسة أعوام يمكن أن تغير النظامين السياسي والاقتصادي تماما لكن لم يسمع عنها سوى قليل من سكان الأراضي الفلسطينية البالغ عددهم أربعة ملايين نسمة.

وكثير من التعديلات المقترحة كان يسعى اليها الاصلاحيون الليبراليون منذ وقت طويل ويمكن أن تساعد في تعزيز الاستثمارات الأجنبية لكن بعض فقهاء الدستور والمشرعين قالوا ان طريقة عباس في صياغة التشريعات عبر المراسيم تفتقر الى الشفافية وتأتي في إطار تراجع دور المؤسسات الديمقراطية. بحسب رويترز.

ويقول البعض ان الديمقراطية الفلسطينية التي كانت في وقت سابق نموذجا يُحتذى به أصبحت مُعلقة سواء في الضفة الغربية التي تحتلها اسرائيل أو قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الاسلامية (حماس) منذ عام.

ودافع متحدث حكومي عن هذه الاستراتيجية قائلا انها أصبحت ضرورية بعد الانشقاق الذي حدث في العام الماضي بين حركة فتح بزعامة عباس وحركة حماس مما أدى الى إصابة البرلمان بالشلل. وأضاف المسؤول أنه سيكون بامكان البرلمان في نهاية الأمر مراجعة كل القوانين الجديدة.

وأصدر عباس ورئيس وزرائه سلام فياض مئات المراسيم الرئاسية والقرارات الأُخرى منذ يونيو حزيران عام 2007. وعزل عباس في ذلك الشهر الحكومة التي كانت تقودها حركة المقاومة الإسلامية بعد أن ألحقت حماس الهزيمة بفتح في قطاع غزة. وعين عباس إدارته الخاصة في الضفة الغربية.

وتوضح الوثائق أن خطة فياض التي تستمر خمس سنوات تدعو لقوانين جديدة شاملة تغطي ستة مجالات هي الاقتصاد والادارة المدنية والبنية التحتية والثقافة ووسائل الاعلام والقضاء والقطاع الاجتماعي.

وتبين الاوامر التي أصدرها عباس وحكومته وعددها 406 خلال الفترة بين يونيو حزيران 2007 ويونيو حزيران 2008 والتي حصلت رويترز على نسخة منها أن هناك تعديلات صغيرة وكبيرة تغطي كل شيء من الميزانية الى قانون الضرائب الى تشكيل المحاكم العسكرية.

ويقول مساعدون للرئيس ان بامكان عباس ممارسة الحكم باصدار المراسيم بموجب القانون الأساسي عندما لا يكون بامكان المجلس التشريعي الانعقاد.

وفازت حماس بالانتخابات البرلمانية التي أُجريت في يناير كانون الثاني عام 2006 بعد عام من تولي عباس الرئاسة خلفا للزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.

لكن اسرائيل سجنت نحو 40 من أعضاء البرلمان من الحركة. وأدى ذلك بالاضافة الى اندلاع العنف الداخلي الى توقف اجتماعات المجلس المؤلف من 132 مقعدا.

وفي الوقت الذي تدير فيه حماس كل المؤسسات في غزة بشكل منفرد قال مسؤول بارز في الضفة الغربية على صلة بخطة فياض التشريعية انه سيتم سن قواعد جديدة باستخدام صلاحيات عباس التنفيذية لكن بامكان البرلمان تعديلها في وقت لاحق. وقال لرويترز: هذا ليس وضعا مريحا لنا. فأنا ديمقراطي. وأضاف لكن يتعين ان تحكم.

ووصف رياض المالكي وزير الاعلام في حكومة فياض الخطة بأنها "مؤقتة". وقال: عندما يأخذ المجلس التشريعي دوره يستطيع أن يُقر أو يلغي أو يعدل الخطة. لكنه أضاف، لا يمكننا أن نترك فراغا قانونيا بسبب غياب المجلس التشريعي.

وقال منتقدون ان المسؤولين التنفيذيين في الضفة الغربية وقطاع غزة يستأثرون بسلطات تشريعية وقانونية. وقال آخرون انه كانت هناك متابعة شعبية أكبر حتى أثناء رئاسة عرفات.

وقال مصطفي البرغوثي الذي سعى الى حشد زملائه البرلمانيين لتأكيد دورهم في العملية هذا المستوى من تركيز السلطات لم يكن موجودا قط في تاريخ السلطة الفلسطينية ولا حتى في عهد عرفات.

وقالت حنان عشراوي وهي عضوة في البرلمان من حزب فياض انه في عهد عرفات كان لدينا مجلس عامل. الآن المجلس غير عامل على الإطلاق و (السلطة) التنفيذية أكثر قوة. نحن نفقد الاشراف.

وقال عزمي الشعيبي من ائتلاف أمان وهو جهة رقابية فلسطينية ان عباس وفياض طلبا النصح من الخبراء لكنه حذر من أن غياب المعارضة في داخل النظام والعملية شيء خطير.

وقال البرغوثي وهو مستقل بارز ان الحكومة لم تبذل أي جهد للتنسيق مع أعضاء المجلس التشريعي ولا حتى مع الديمقراطيين أو أعضاء فتح.

وأضاف، كيف يمكن أن يمارس أشخاص قدموا على أنهم ديمقراطيون مثل هذا الاسلوب السلطوي.

وقال المالكي ان الحكومة تحصل على "معلومات" بشأن صياغة التشريعات وانه سيكون هناك المزيد من الاشراف في المستقبل.

وتظهر الوثائق أن خطة فياض التشريعية للفترة من 2008 الى 2012 تتضمن تصورات بشأن قوانين مالية تحكم أسواق رأس المال وحقوق الملكية الفكرية والسياسة النقدية بهدف الوفاء بالمتطلبات اللازمة للانضمام الى منظمة التجارة العالمية.

وقال عاصم خليل وهو أستاذ للقانون في جامعة بيرزيت ان الخطة التشريعية تتضمن إجراءات كثيرة بما في ذلك مسودات لقوانين جنائية وقوانين المنافسة سعى الاصلاحيون اليها لسنوات ولكن لا يزال من المتعين ان يقرها البرلمان.

وأضاف أن الكثير من هذه التعديلات ستكون خطوة للامام اتخذت متأخرة بعض الشيء لكنه أعرب عن مشاعر قلق من أن بعض هذه القوانين "تطرح الآن بأسرع ما يمكن للاستفادة من الوقت المتبقي قبل أي تغيير في هذه الحكومة.

جولة من التفاهمات السريعة بين اسرائيل وفلسطين

قال مسؤولون إن رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت التقى بالرئيس الفلسطيني محمود عباس على أمل تتويج قيادته لاسرائيل والتي لاحقته خلالها الفضائح بوثيقة تفاهم كاطار للسلام.

ويجري حزب كديما الذي يتزعمه أولمرت انتخابات يوم 17 سبتمبر أيلول لاختيار زعيم آخر خلفا له وتعهد أولمرت بالاستقالة بعد الانتخابات ولكن ربما يظل قائما بأعمال رئيس الوزراء لاسابيع أو شهور الى حين تشكيل حكومة جديدة. بحسب رويترز.

وذكر مسؤولون اسرائيليون أن أولمرت يهدف الى اقناع عباس بالموافقة على وثيقة تفاهم لتكون اطارا لاتفاق سلام يقدماه الى واشنطن قبل انتخابات حزب كديما.

وكان رد فعل عباس فاترا ازاء فكرة أي اتفاق جزئي على الرغم من الامال الامريكية بالتوصل الى اطار عام على الاقل لاتفاق سلام قبل انتهاء فترة ولاية الرئيس الامريكي جورج بوش في يناير كانون الثاني.

ولكن ياسر عبد ربه أحد مساعدي عباس قال: من المبكر الحديث عن وثيقة... الخلافات حول القضايا النهائية ما زالت واسعة.

وحذرت المرشحة الاوفر حظا في انتخابات كديما وهي وزيرة الخارجية تسيبي ليفني من اخفاء الخلافات مع عباس في المحادثات التي ترعاها الولايات المتحدة والاسراع نحو التوصل الى اتفاق.

وأقر مارك ريجيف المتحدث باسم أولمرت بأن اسرائيل ستواصل جهود: التوصل لاتفاق تاريخي ولكنه قال انه لا علم له بأي وقت زمني محدد.

وقال ايلي يشاي الوزير بالحكومة الاسرائيلية من حزب شاس المتشدد ان أولمرت الذي استجوبته الشرطة ثانية فيما يتعلق بمزاعم فساد والذي ينفي تورطه في أي أخطاء ليست لديه الشرعية القانونية للتفاوض وحتما للتوصل الى أي اتفاق.

وذكر مساعد رفيع لعباس أن رايس قدمت عدة اقتراحات لتضييق الخلافات خلال زيارتها التي استمرت 25 ساعة وأنه سيجري بحثها في اجتماع أولمرت وعباس في القدس.

ومن هذه الاقتراحات القيام بعملية تبادل للاراضي وترسيم الحدود للدولة الفلسطينية المستقبلية بناء على الخطوط التي كانت قائمة قبل احتلال اسرائيل للضفة الغربية عام 1967 مع أخذ في الاعتبار عدة كتل استيطانية يهودية كبرى.

وأضاف المساعد أن قضية القدس ستحل في اطار نقاش يجري بشأن الحدود ولكن المواقع الدينية والبلدة القديمة التي توجد بها تلك المواقع سيجري بحثها في مرحلة لاحقة.

وحول مصير اللاجئين الفلسطينيين قال المساعد ان الولايات المتحدة ستعمل على المستوى الدولي لمنحهم التعويضات وان المباحثات ستبدأ بشأن عدد اللاجئين الذين من الممكن أن يعودوا الى الاراضي التي أصبحت اسرائيل الان.ولم يتسن على الفور الحصول على تعقيب اسرائيلي أو أمريكي على تصريحات المساعد.

الخيارات البديلة في حالة فشل محادثات السلام

قالت مؤسسة بحثية فلسطينية إن التأييد بين الفلسطينيين لقيام دولة واحدة تضم القوميتين الفلسطينية والاسرائيلية سيتصاعد في حالة فشل المحادثات التي ترعاها الولايات المتحدة لقيام دولة فلسطينية مستقلة.

وترفض اسرائيل منذ فترة طويلة فكرة قيام دولة واحدة لقوميتين سيخسر فيها اليهود الاغلبية. وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس انه مازال ملتزما بحل الدولتين رغم بطء سير المفاوضات.

وأظهرت الوثيقة التي وقعت في 50 صفحة وأعدتها مجموعة الدراسات الاستراتيجية الفلسطينية بعنوان "الخيارات الاستراتيجية الفلسطينية لانهاء الاحتلال الاسرائيلي" خيبة امل الفلسطينيين من التوسع الاستيطاني اليهودي في الضفة الغربية المحتلة.

وجاء في التقرير انه في حالة فشل المفاوضات الراهنة سيضطر الفلسطينيون الى استبدال عرض حل الدولتين لعام 1988 من جانب منظمة التحرير الفلسطينية باستراتيجية جديدة لا قولا فقط بل على أرض الواقع. بحسب رويترز.

وتضم مجموعة الدراسات الاستراتيجية الفلسطينية 30 من المثقفين والمهنيين الفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة والمنفى. ومول الدراسة الاتحاد الاوروبي.

وفجرت هذه الوثيقة جدلا داخل المجتمع الفلسطيني بشأن الخطوات التي يجب اتخاذها في حالة فشل المتفاوضين في الالتزام بهدف واشنطن للتوصل الى اطار اتفاق سلام على الاقل بحلول نهاية العام.

ويقول المفاوضون الفلسطينيون ان المقترحات الاسرائيلية لا ترقى الى التطلعات الفلسطينية لاقامة دولة ذات مقومات للبقاء في الاراضي التي احتلتها اسرائيل في حرب عام 1967 .

وصرح رياض المالكي وزير الاعلام الفلسطيني يوم الاربعاء بأن عباس يعتزم الاجتماع مع الرئيس الامريكي جورج بوش يوم 26 سبتمبر ايلول على هامش دورة الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك.

وقال الكاتب الفلسطيني هاني المصري وهو عضو في مجموعة الدراسات الاستراتيجية الفلسطينية: يجب ان نكون مستعدين بخيارات وسيناريوهات.

وأضاف، الوثيقة تطرح عددا من الخيارات منها خيار دولة لقوميتين. انها لا تقول بضرورة استبعاد حل الدولتين لكنها تقول ان حل الدولتين تقضي عليه المستوطنات وافعال اسرائيل على الارض مشيرا الى المستوطنات اليهودية في الاراضي المحتلة.

وصرح ياسر عبد ربه وهو مساعد كبير لعباس بأن احدى الاحتمالات المطروحة للنقاش هي اعلان الاستقلال من جانب واحد.

وكانت هذه الفكرة قد أثارت هياجا دوليا عام 1999 حين هدد ياسر عرفات الرئيس الفلسطيني انذاك باعلان دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وقال محمد اشتية مسؤول فتح وعضو مجموعة الدراسات الاستراتيجية الفلسطينية لرويترز ان الخطاب الفلسطيني كله يجب ان يتغير فهدف الفلسطينيين هو انهاء الاحتلال لا عملية بلا سلام.

وقال سمير ابو عيشة وهو عضو في المجموعة ووزير سابق مقرب من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تسيطر على قطاع غزة ان الخيارات تتضمن وضع غزة والضفة الغربية تحت الوصاية الدولية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 9/أيلول/2008 - 8/رمضان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م