
شبكة النبأ: بعد فوز جون سيدني
ماكين الثالث John Sidney McCain III السيناتور عن ولاية أريزونا
ببطاقة حزبه الجمهوري لخوض الاستحقاق الرئاسي القادم المقرر في 4
نوفمبر المقبل، وقبوله مساء أمس الخميس 4 سبتمبر رسميا ترشيح حزبه
في نهاية جلسات المؤتمر العام للحزب الجمهوري، يقترب حلم جون ماكين
من التحقق، وهو الحلم الذي سعى إليه ماكين لفترة طويلة. وفي حال
فوزه بمنصب الرئاسة، سيناهز عمره في يناير 2009 سن الـ72. وبذلك
يُعتبر أكبر الرؤساء الأمريكيين سناً، وأكبر بعامين عن رونالد
ريجان عندما تولى الرئاسة عام 1981.
الكثير من التحليلات داخل الولايات المتحدة الأمريكية تقلل من
فرص فوز ماكين لتقدم سنّه ولجاذبية باراك أوباما، إلا أن ماكين
يستعين في أغلب الأحيان بوالدته ذات التسعين ربيعاً في الكثير من
خطاباته؛ ليدلل أن تقدم العمر ليس مبرراً لانتقاده، فتروي والدته
أنها تعتمد على نفسها في كل شيء ولا تحتاج لمساعدة أحد في إشارة
الى أن الحيوية والعمل والنشاط هما معيار التقييم وليس العمر.
فضلاً عن أن الكثير من الجمهوريين المحافظين لا يزالون يصفون ماكين
بأنه ليبرالي وأن له آراء مختلفة بشأن الهجرة وخفض الضرائب ولا
يُعبر عنهم.
النشأة في كنف عائلة عسكرية
ولد ماكين في 29 أغسطس عام 1936 لأسرة عسكرية، فجدّه قاد أسطول
الحاملات ضد اليابان في الحرب العالمية الثانية. ووالده كان قائداً
لغواصة من الطراز الأول في الحرب العالمية الثانية، وقائد قوات
الهادئ في حرب فيتنام.
كان لتلك الخلفية العسكرية جل التأثير عليه، فماكين طيار سابق
بالبحرية الأمريكية، وأستاذ بكلياتها. لكنه رفض الاستمرار في
التدريس وفضل المشاركة في حرب فيتنام، وتعرض خلال تلك الحرب لأكثر
من مخاطرة كادت تودي بحياته بعد أن تم أسره لمدة خمس سنوات ونصف،
قضي منهم عامين في الحبس الانفرادي. بحسب موقع تقرير واشنطن.
وابن ماكين جندي ضمن القوات الأمريكية في العراق. ولطالما دافع
سناتور أريزونا عن الحرب في العراق، رغم انتقاده طريقة إدارتها.
فقد عارض بشكل مباشر وزير الدفاع الأسبق دونالد رامسفيلد، وطالب
باستقالته ويقول ساخرا "على الجيش الأمريكي أن يبقى في العراق 100
عام إذا اقتضى الأمر".
خدمة عسكرية محفوفة بالمخاطر
كانت حياة ماكين العسكرية حافلة باللحظات الخطيرة، فقد تعرض
للموت عدة مرات، منها خلال تواجده في قاعدة فورستيل Forrestal
الأمريكية بخليج تونكين Tonkin فبينما كان طاقم البحرية يستعد لشن
عدداً من الهجمات أُطلق صاروخ من طراز زوني Zune من طائرة فانتوم
عن طريق الخطأ الذي اصطدم بطائرته بينما كانت تستعد للإنطاق، وقد
أدى ذلك إلي تدمير مخزن الوقود بالطائرة مما أدى إلى إسقاط الطائرة
لقنبلتين، غير أن ماكين تمكن من الهروب من الطائرة. وبعد 90 ثانية
انفجرت احدى القنبلتين تحت الطائرة مما أدى إلي إصابة ماكين في
قدمه وصدره واشتعال النيران لتقضي على 132 جنديا من المارينز
وإصابة 62 آخرين وتدمر مالا يقل عن 20 طائرة.
وبعد يومين من الحادث قال ماكين لصحيفة نيويورك تايمز "من الصعب
أن أروي ما حدث ولكني الآن وقد رأيت الدمار الذي أحدثته القنبلة
فإنني لست متأكدا من إنني أريد أن أسقط تلك القنابل على فيتنام
الشمالية".
ويقول في مذكراته التي تحمل عنوان " إيمان آبائي" Faith of My
Fathers عن أحد المواقف التي تعرض لها خلال مهمته الـ 23 في شمال
فيتنام في 26 أكتوبر 1967، عندما كان يحلق وسط نيران مدفعية كثيفة
فوق هانوي، وهو على وشك إلقاء قنبلة على أحد الأهداف، سمع إشارة
بأن صاروخاً أطلقته القوات الفيتنامية الشمالية سيصطدم بطائرته:
إنه كان يجدر به أن ينطلق مسرعا لتفادي الصاروخ، لكنه انطلق مباشرة،
مدفوعاً بعناده أو بنوع جنوني من الشجاعة، وضغط على زر القنبلة في
الوقت الذي نسف فيه الصاروخ الجناح الأيمن من الطائرة وبسبب قوة
القذف من طائرته المترنحة، كسرت ساقه اليمنى وذراعاه". وبعدما هبط
بالمظلة في بحيرة وسط هانوي، كسر أحد عناصر الحرس الفيتنامي
الشمالي كتفه بعقب بندقية وطعن كاحله وفخذه بحربة.
وعلى الرغم من أن إصابته كانت شديدة إلا أن الفيتناميين رفضوا
معالجته حتى يعطيهم معلومات عسكرية، وتعرض لتعذيب شديد من قبل
الحرس الفيتنامي، لعدم إعطائهم إلا اسمه ورقمه وتاريخ ميلاده
ورتبته. وبعدما علموا أنه ابن قائد العمليات العسكرية الأمريكية
ضدهم، تعرض للضرب المستمر من الحراس في محاولة منهم لجعله ينهار.
وجراء شدة التعذيب الذي أوصله إلي اليأس، حاول ماكين McCain
الانتحار، حيث صعد على سلة المهملات في زنزانته وحاول أن يشنق نفسه
بربط قميصه بمصراع النافذة ولفه حول عنقه. وقبل أن يركل السلة،
أوقفه الحراس. ولكنه عاد مرة أخرى وحاول الانتحار ولكن بطريقة أقل
حماسة.
وعلى الرغم من توقيع اتفاقيات باريس للسلام في 27 يناير 1973
لتنهي الحرب الأمريكية في فيتنام، أخذت عملية عودة الأسرى وقتاً
طويلاً وأطلق سراحه من الأسر في 15 مارس من نفس العام
حياة زوجية متذبذبة
اتسمت حياة ماكين الزوجية بالتذبذب، فقد تعددت حالات الارتباط
والطلاق، ففي عام 1964 كان ماكين على علاقة مع عارضة أزياء من
فلادليفيا تُدعى كارول شيب Shepp Carol وكان كلاهما قد عرف الأخر
في أنابوليس، لكنها تزوجت من أحد زملاءه ثم طلقت منه وتزوجها في 3
يوليو عام 1965 وتبنى أبناءها الاثنين دوج Doug وإندي Andy ثم رزق
ماكين McCain وكارول Carol بطفلة اسماها سيندي cindy في سبتمبر
1966.
لكن لم يصمد زواجه الأول أمام الشعور بالغربة والإجهاد الذين
ظهرا عليه عند عودته من الأسر فعاش ماكين مع زوجته وأولاده رغم
انفصاله عن زوجته.
وفي 1979 وخلال حفل استقبال له في هاواي قابل سيندي لوي Cindy
Lou Hensley وريثة شركة للجعة وتزوجها في 17 مايو عام 1980. وحاليا
هو أب لسبعة أولاد ثلاثة منهم بالتبني.
حرب الشائعات
في الانتخابات الرئاسية التمهيدية عام 2000 شن مجموعة من
الجمهوريين الذين أرادوا وقفه عن حملته للتفرغ لدعم الرئيس بوش
حملة شائعات ضده. فقد شاعوا أن الجنون أصابه لأنه أمضي فترة غير
قليلة في الأسر تعرض خلالها للتعذيب، وذلك بسبب غضبه السريع.
ورداً علي تلك الشائعات عرضت حملة ماكين الانتخابية وقتها على
الملأ سجلاته الطبية التي أظهرت أنه أصيب بتضخم البروستاتا، وأنه
كان يجد صعوبة في رفع ذراعيه اللذين تعرضا مرارا للكسر خلال الأسر،
لكن مجموعة من الأطباء النفسيين في البحرية الأمريكية الذين أخضعوه
للفحوص طوال سنوات بعد الإفراج عنه، اعتبروا أن عقله سليم جداً.
وسبق لماكين أن فاز عام 2000 بالانتخابات التمهيدية في
نيوهامشير قبل أن يخسر بعد ذلك أمام جورج بوش Georg W. Bush خلال
الانتخابات التمهيدية في كارولينا الجنوبية، وينسحب من السباق.
بوش يرد الجميل
ورداً للجميل أعلن بوش تأييده لماكين قبل نهاية السباق الجمهوري
على بطاقة الحزب لانتخابات الرئاسية ووصفه بأنه "محافظ حقيقي"،
وقال عنه "إنه صلب جداً في مواضيع الدفاع الوطني، ومتشدد في مجال
الضرائب، ومقتنع بأن خفض الضرائب يجب أن يتواصل، وهو معارض للإجهاض".
وفي انتخابات 2004 عرض جون كيري المنافس الديمقراطي لبوش في
انتخابات الرئاسة علي ماكين، الذي يُعد من أشهر الساسة الأمريكيين
وأكثرهم نفوذاً، أن يكون مرشحه لمنصب نائب الرئيس بسبب ما اكتسبه
من احترام الكثير من الديمقراطيين والمستقلين في مواجهة جورج بوش
وديك تشيني، ولكن ماكين رفض عرض كيري، وأعلن دعمه الكامل لبوش؛ مما
دفع كيري للتحول إلى جون إدواردز الذي انسحب من السباق الرئاسي
مؤخراً بسبب النتائج المتواضعة التي حققها.
ماكين يفقد تأييد المحافظين
بالرغم من تأييده الثابت لسياسة الرئيس الحالي جورج بوش بشأن
العراق ولاسيما إستراتيجية إرسال تعزيزات عسكرية إلى هذا البلد
التي بدأ تنفيذها في يناير 2007، ومواقفه المحافظة في المواضيع
الاجتماعية كالإجهاض وزواج الشواذ جنسياً، إلا أن ماكين لا يحظى
بتأييد الجناح الأكثر تطرفاً بين محافظي حزبه. فتأخذ عليه القاعدة
الجمهورية، ولاسيما الإنجيليين ومراقبين محافظين نافذين هذا "الابتعاد"
عن خط الحزب.
وماكين معارض قوي لحق الإجهاض لكن تقاعسه عن تأييد التعديل
الدستوري الذي يحظر زواج الشواذ جنسيا وتأييده لأبحاث الخلايا
الجذعية المأخوذة من أجنة، من بين الهرطقيات السياسية التي لا
يستطيع بعض المحافظين الإنجيليين أن يغفروها له.
ومع إعلان جيمس دوبسون مؤسس جماعة التركيز على العائلة المحافظة
Focus on the Family أنه لن ينتخب ماكين، يقول محللون أن إقبال
الإنجيليين على التصويت أو عدم إقبالهم سيكون حاسما في انتخابات
الرابع من نوفمبر المقبل. فينظر على نطاق واسع إلى أن تصويت
الطائفة الإنجيلية لجورج بوش كان العامل الحاسم في انتخابه مرتين
للبيت الأبيض.
وفي هذا الصدد، يقول توني بركينس رئيس مجلس بحوث الأسرة Family
Research Council وهي جماعة ضغط محافظة لها علاقات قوية
بالإنجيليين "أي شيء دون الارتباط بشكل كامل بالقاعدة الإنجيلية
وحشدها سيعني كارثة بالنسبة للمرشح الجمهوري." وتابع قائلا "الإنجيليون
لا يقدمون أصواتهم وحسب. أنهم يتطوعون ويعملون في حملات الدعاية.
فمنهم من يتطوع بإجراء الاتصالات الهاتفية وتوزيع المطبوعات
الانتخابية."
وفي النهاية يمكن القول أن الانقسامات السياسية الآخذة في
التزايد في صفوف الطائفة الإنجيلية الأمريكية التي كانت متحدة قد
تضر بفرص الحزب الجمهوري في السباق إلي البيت الأبيض. فالإنجيليون
يشكلون حوالي خمس السكان في الولايات المتحدة ويشكلون طبقا للمسوح
التي أجراها مركز بيو ثلث القاعدة الانتخابية للجمهوريين على الأقل
مما يعطيهم نفوذاً في الحياة السياسية.
تزايد نسبة قبول الأمريكيين لـ "ماكين"
كرئيس
واكتسبت الحملة الانتخابية للمرشحين الديمقراطي "باراك أوباما"
والجمهوري "جون ماكين" زخماً متصاعداً مع انعقاد المؤتمر العام
لحزبيهما، وقيام المندوبون في كلا الحزبين باختيار باراك أوباما
وجون ماكين ونائبيهما كمرشحين في الانتخابات الرئاسية القادمة (الرابع
من نوفمبر المقبل)، بما تواكب مع قيام الرأي العام الأمريكي ببلورة
مواقف أكثر تحديداً تجاه كلا المرشحين اعتماداً علي ما تبثه وسائل
الإعلام وما تتضمنه الدعاية الانتخابية للمرشحين.
ومن هذا المنطلق يسعي هذا التقرير لاستقصاء معالم رؤية
الأمريكيين للمرشح الجمهوري جون ماكين، لاسيما في بعد انتهاء
فعاليات المؤتمر العام للحزب الجمهوري، وإقدام ماكين علي اختيار
حاكمة ألاسكا سارة بالين كنائبة له، ومدي تأثير ذلك بالإيجاب أو
السلب علي مواقف الأمريكيين تجاههُ كمرشح للرئاسة عن الحزب
الجمهوري، فضلا عن مدى التأييد الذي يحظي به برنامجه الانتخابي
بأبعادهُ السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
هل يحظي ماكين بالقبول العام كمرشح
للرئاسة
أشارت كافة استطلاعات الرأي التي أجرتها الصحف ومؤسسات الرأي
العام الأمريكية إلي أن جون ماكين قد تحول إلي شخصية عامه تحظي
بقبول واسع النطاق علي الساحة الأمريكية من خلال ممارسة مهامهُ
كسيناتور لولاية أريزونا بمجلس الشيوخ، حيث تحول ماكين من سياسي
غير معروف علي الصعيد العام، فلم يسمع عنه حوالي 54% ممن شملهم
استطلاع الرأي الذي أجرته شبكة إن بي سي الإخبارية NBC News وصحيفة
وال ستريت جونال في أبريل 1999 إلي مرشح يحظي بقبول مبدئي من جانب
حوالي 59% من الأمريكيين وفق الاستطلاع الذي أجراه مركز جالوب
لاستطلاعات الرأي في 21 أغسطس 2008.
وفي المقابل أشارت نتائج استطلاع الرأي الذي أجرته شبكة سي بي
اس الإخبارية CBS News في 31 أغسطس 2008 إلي أن شريحة مؤيدي ماكين
في الرأي العام الأمريكي قد وصلت إلي حوالي 35% من الأمريكيين،
بالتوازي مع رفض حوالي 34% لماكين بما مثل تقلصاً طفيفاً في نسبة
مؤيدي ماكين عما كشفت عنه نتائج استطلاع الرأي الذي أجري في 18
مارس 2008 التي وصلت إلي حوالي 38% وهو ما يمكن تفسيرهُ بتصاعد حدة
الصراع الانتخابي واتجاه فئة المترددين في الرأي العام الأمريكي
لبلورة مواقفهم تجاه المرشحين كلما اقترب موعد الانتخابات الرئاسية.
وفي السياق ذاته كشف استطلاع الرأي الذي أجرته شبكة سي إن إن
الإخبارية CNNبالتعاون مع مؤسسة أبحاث الرأي العام Opinion
Research Corporation في 24 أغسطس 2008 عن قبول حوالي 61% من
الأمريكيين بشكل مبدئي لماكين كمرشح رئاسي، إلا أن ذلك لا يُعد
مؤشراً – بأي حال – علي اتجاهاتهم التصويتية في الانتخابات، وإنما
يُعد بمثابة مؤشر علي تقييم الأمريكيين لآداؤه كمرشح رئاسي
وسيناتور بمجلس الشيوخ بشكل ايجابي.
ماكين ما بين الخبرة السياسية والتوجهات
النمطية المحافظة
وبطبيعة الحال فإن المواقف المبدئية للرأي العام تجاه جون ماكين
قد ارتبطت برؤيتهم لسماتهُ الشخصية التي تأثرت إلي حد كبير بعوامل
من قبيل الخبرة السياسية لماكين وخلفيته العسكرية كأحد قدامي
المحاربين، وقدرته من ثم علي اتخاذ قرارات حاسمة، وفي هذا الإطار
أشار حوالي 60% ممن شملهم استطلاع الرأي الذي أجرته شبكة سي إن إن
الإخبارية CNN في 24 أغسطس 2008 إلي امتلاك ماكين للخبرة اللازمة
لكي يكون رئيسا، ورأي حوالي 51% ممن شملهم ذات الاستطلاع أن ماكين
سوف يكون قائد حاسم وقوي مقارنة بباراك أوباما، واكتملت معالم هذه
الرؤية بتأكيد حوالي 78% علي أن ماكين يستطيع الاضطلاع بمهام
القائد العام للقوات المسلحة بكفاءة.
وعلى الصعيد ذاته أكدت نتائج استطلاع الرأي الذي أجرتهُ صحيفة
لوس أنجلوس تايمز Los Angeles Times بالتعاون مع مؤسسة بلومبرج
لاستطلاعات الرأي Bloomberg Poll في 18 أغسطس 2008 علي أن حوالي
65% من الأمريكيين لا يرون أن بلوغ ماكين عامهُ الثاني والسبعين قد
يعوقه عن ممارسة مهامهُ كرئيس في حال فوزه في الانتخابات، واعتبر
حوالي 80% أن هذا يعد عاملا ايجابيا يضمن تمتع ماكين بالخبرة
اللازمة لإدارة مؤسسة الرئاسة، وهو ما توازي مع رؤية حوالي 84% ممن
شملهم ذات الاستطلاع لماكين كشخصية تتسم بالوطنية والإخلاص.
ولقد تأكدت هذه الرؤية الايجابية لماكين من خلال نتائج
الاستطلاع الذي أجرته شبكة سي إن إن CNN في 29 يوليو 2008 حيث أكد
حوالي 66% علي رؤيتهم لجون ماكين كمرشح يتسم بالتواضع، وإشارة
حوالي 81% أنه لم يتخطَ حدودهُ بأي حال كمرشح للرئاسة.
بيد أن ذلك لم يكن يعني أن ماكين قد استطاع اجتذاب تأييد غالبية
الأمريكيين نظرا لوجود عدة جوانب في شخصية ماكين تثير جدلاً علي
الصعيد العام، إذ عبر حوالي 52% أن أوباما يمتلك قدرة أكبر علي
توحيد البلاد في استطلاع مؤسسة أبحاث الرأي العام Opinion Research
Corporation Poll في 24 أغسطس 2008 مقارنةً بماكين الذي لم يحظ سوي
بتأييد 37% في هذا الصدد.
وأشار حوالي 54% أن أوباما يستطيع إحداث التغيير الذي يرغبهُ
الأمريكيون مقابل 36% لماكين وهو ما تواكب مع تعبير 48% ممن شملهم
الاستطلاع عن تشاركهم مع المرتكزات القيمية لأوباما فيما يتعلق
بقضايا الإجهاض وزواج المثليين مقارنةً بماكين الذي حصل علي تأييد
حوالي 44% في هذا الصدد.
وفي السياق ذاته أكد حوالي 61% ممن شملهم استطلاع الرأي الذي
أجرتهُ مجلة التايم الأمريكية في 4 أغسطس 2008 أن ماكين يُعد
سياسياً نمطياً من الطراز الأول في مقابل رؤية حوالي 52% لأوباما
كمرشح من نوع مختلف، وتأييد حوالي 61% لمقولةٍ مفادها أن أوباما
يعد مرشحاً رئاسياً سوف يحدث تغييرا في السياسة الأمريكية الحالية،
مقابل 17% قد أكدوا أن ماكين قد يُحدث تغييراً مماثلاً ما إذا ما
تولي رئاسة الولايات المتحدة.
ولقد أكدت نتائج استطلاع الرأي الذي أجرته شبكة سي بي اس
الإخبارية CBS News في 31 أغسطس 2008 أن ماكين لن يستطيع الخروج عن
الإطار العام لسياسات الرئيس جورج بوش وفق رؤية حوالي 48% ممن
شملهم الاستطلاع مقابل تأكيد حوالي 20% أنه سوف يتبني سياسات أقل
محافظةً من سابقه، بما مثل تغيراً حاداً في موقف الرأي العام عن
نتائج الاستطلاع الذي أجرته ذات الشبكة في 15 أغسطس 2008 الذي أكد
فيه حوالي 45% أن ماكين سوف يكون أقل اقتراباً من النهج المحافظ
للرئيس بوش مقابل تأكيد حوالي 33% أن سياساتهُ سوف تكون أكثر
محافظةً من جورج بوش ذاته.
هل كان اختيار سارة بالين قرارا صائبا؟
لقد كان اختيار جون ماكين لسارة بالين حاكمة ألاسكا، أحد أهم
قرارات ماكين إثارةً للجدل علي صعيد تقييم الرأي العام الأمريكي
لمدي نجاح ماكين في اختياره، وإن كانت المؤشرات العامة تتراوح بين
تأكيد أن هذا القرار كان موفق نسبياً من جانب، وأنه لن يؤثر إيجاباً
أو سلباً في مدي التأييد الذي يحظي به ماكين من جانب آخر، حيث أكد
حوالي 52% ممن شملهم استطلاع الرأي الذي أجرتهُ مؤسسة أبحاث الرأي
العام Opinion Research Corporation Poll في 31 أغسطس 2008 أن
اختيار بالين كنائبه للمرشح الجمهوري كان قراراً موفقاً، بينما أكد
حوالي 58% أن هذا الاختيار لن يؤثر بأي حال علي اتجاهاتهم
التصويتية تجاه ماكين وهو ما توافق مع تأكيد حوالي 67% ممن شملهم
استطلاع مؤسسة جالوب أن اختيار ماكين لنائبه لن يؤثر على موقفهم
تجاه ماكين بغض النظر عن شخصية هذا النائب.
وعلى الرغم من اعتقاد حوالي 50% في إطار ذات الاستطلاع حول
افتقاد بالين للخبرة اللازمة لشغل منصب نائب الرئيس، فإن حوالي 57%
قد أكدوا أن وجودها إلي جانب ماكين سوف ينعكس إيجاباً علي قدرة
ماكين علي صنع القرارات الرئاسية الهامة، إلا أن بالين لم تصل إلي
مستوى التأييد الذي يحظي به جوزيف بايدن نائب المرشح الديمقراطي
باراك أوباما، حيث أكد حوالي 54% أنهم يؤيدون بايدن كنائب للرئيس
في مقابل 41% أعلنوا عن تأييدهم لبالين في الاستطلاع الذي أجرته
مؤسسة أبحاث الرأي العام Opinion Research Corporation Poll في 31
أغسطس 2008.
وعلى صعيد أسباب إقدام ماكين على اختيار سارة بالين كنائبه له
فان حوالي 56% ممن شملهم الاستطلاع سالف الذكر قد رفضوا إرجاع ذلك
إلى شعور ماكين بأن الوقت قد حان لترشيح سيدة لمنصب نائب الرئيس في
مقابل اعتقاد حوالي 75% أن ماكين قد سعى لتعزيز احتمالات انتخابهُ
كرئيس من خلال اجتذاب تأييد القطاع المؤيد لهيلاري كلينتون في
الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي.
السياسة الخارجية لماكين واستمرار التأييد للنهج المحافظ
لم يكن البرنامج الانتخابي لماكين أقل إثارة للجدل من اختياره
لسارة بالين، وخاصة ما يتعلق برؤيتهُ للسياسة الخارجية الأمريكية
في حال وصوله إلى البيت الأبيض، وذلك على الرغم من اعتقاد
الأمريكيين حول تقارب قدرة كلا المرشحين علي اتخاذ قرارات صائبة
علي الصعيد الخارجي،إذ عبر حوالي 43% ممن شملهم استطلاع الرأي الذي
أجرته شبكة سي إن إن CNN في 27 أغسطس 2008 أن ماكين يستطيع اتخاذ
قرارات صائبة في مجال السياسة الخارجية مقابل تأكيد 42% على أن
أوباما يستطيع القيام بذات الأمر.
وعلى الرغم من الجدل الحاد حول موقف ماكين من التواجد العسكري
الأمريكي في العراق واعتراضهُ على وضع جدول زمني لانسحاب القوات
الأمريكية بما تناقض مع الاتجاه العام السائد في أوساط الرأي العام
الأمريكي، فقد أكد حوالي 49% ممن شملهم استطلاع للرأي في 24 أغسطس
2008 أجراهُ مركز هوت لاين لاستطلاعات الرأي Hotline Poll علي أن
ماكين قادر علي إدارة وضع القوات الأمريكية في العراق بكفاءة في
مقابل 40% لأوباما، وهو ما توافق مع نتائج استطلاع شبكة سي إن إن
CNN الإخبارية في 29 يوليو 2008 بتأكيد حوالي 53% أن ماكين سوف
يكون أداؤهُ متميزاً مقارنةً بأوباما علي صعيد ضبط الأوضاع الأمنية
في العراق.
كما يحظى برنامج ماكين بتأييد شريحة تقدر بحوالي 60% - وفق ما
أكده الاستطلاع سالف الذكر - فيما يتعلق برؤيته حول الحرب علي
الإرهاب وحوالي 48% ممن شملهم استطلاع أجرته شبكة سي إن إن في 23
أغسطس 2008 فيما يتعلق بالنهج الصارم الذي تبناه ماكين لمحاربة
الهجرة غير الشرعية.
وفي السياق ذاته أكد حوالي 53% ممن شملهم استطلاع للرأي أجرته
شبكة سي إن إن الإخبارية CNN في 29 أغسطس 2008 علي أن ماكين أكثر
قدرة علي التعامل مع الأوضاع في أفغانستان وهو ما اتسق مع تعبير
حوالي 52% عن تأييدهم لموقف ماكين تجاه قضايا منطقة الشرق الأوسط
والتعامل مع طموحات إيران النووية بحسم.
رؤية ماكين للاقتصاد الأمريكي.. نقطة ضعف
وعلى صعيد رؤية الأمريكيين للجانب الاقتصادي في برنامج جون
ماكين الانتخابي فيمكن القول أن إرث الفكر المحافظ الذي دفع جون
ماكين لتبني الركائز المحورية لسياسته الاقتصادية قد أضحى بمثابة
عبء لا يمكن لماكين تحملهُ انطلاقاً من تفضيل غالبية الأمريكيين
للرؤى البديلة التي يطرحها باراك أوباما بعد أن أكد حوالي 51% في
استطلاع الرأي الذي أجرته مؤسسة أبحاث الرأي العام Opinion
Research Corporation Poll في 24 أغسطس 2008 علي تأييدهم للسياسات
الاقتصادية التي طرحها أوباما في برنامجه الانتخابي مقابل تأييد
43% للجانب الاقتصادي في برنامج ماكين
ولقد توافق ذلك مع تعبير حوالي 48% ممن شملهم استطلاع للرأي
أجراه مركز ديناميات الرأي العام في 24 أغسطس 2008 عن تأييدهم
لبرنامج أوباما في جانبه الاقتصادي في مقابل تأييد 40% لبرنامج
ماكين.
وعلى الرغم من ذلك فقد تقاربت نسبة مؤيدي كلا المرشحين فيما
يتعلق برؤيتهم للنظام الضريبي للولايات المتحدة، وتراوحت شريحة
مؤيدي المرشحين بين 48% لأوباما و47% لماكين.
بينما تفوق أوباما بشكل واضح فيما يتعلق بالأبعاد الاجتماعية
لبرنامجه، ويستدل علي ذلك بتأييد حوالي 50% للسياسات المطروحة من
جانبه فيما يتعلق بالأمن الاجتماعي في مقابل 44% لماكين وفق نتائج
استطلاع الرأي الذي أجرتهُ شبكة سي إن إن CNN في 24 أغسطس 2008
إضافةً إلي دعم حوالي 57% لسياسات الرعاية الصحية التي أعلنها
أوباما مقابل تأييد 36% لنظيرتها التي تبناها ماكين في استطلاع
الرأي الذي أجرته ذات الشبكة في 27 يوليو 2008، كما أكد حوالي 50%
في استطلاع أجرته شبكة أيه بي سي الإخبارية ِABC NEWS في 13 يوليو
2008 أن أوباما سوف يتعامل بكفاءة أكبر مع عجز الموازنة الفيدرالية
مقارنةً بماكين الذي لم يحصل في هذا الصدد سوي علي تأييد 36%ممن
شملهم الاستطلاع.
وفيما يتعلق بالسياسات التي تبناها ماكين لضمان أمن الطاقة
الأمريكي التي تقوم على تشجيع التنقيب عن النفط في الولايات
المتحدة ومنح شركات النفط تسهيلات مالية وإجرائية لتحقيق ذلك وعدم
تخصيص موارد مالية لتطوير بدائل للنفط، فإن ماكين لم يستطع اجتذاب
تأييد غالبية الأمريكيين لرؤيته سالفة الذكر، حيث لم يتجاوز
التأييد الذي حازهُ برنامج ماكين في هذا الصدد حوالي 42% ممن شملهم
استطلاع مؤسسة أبحاث الرأي العام Opinion Research Corporation
Poll في 24 أغسطس 2008 مقابل 48% لأوباما الذي وصلت نسبة تأييد
أطروحتهُ حول تطوير قطاع الطاقة الأمريكي إلي أوجها في الاستطلاع
الذي أجرتهُ ذات المؤسسة في 29 يوليو 2008 بما قارب حينها حوالي
51%.
وفي السياق ذاته أكد حوالي 48% ممن شملهم استطلاع الرأي الذي
أجرتهُ صحيفة نيويورك تايمز في 19 أغسطس 2008 عن أن ماكين لن يتمكن
من خفض الارتفاع الحاد في أسعار النفط في حال وصولهُ لسدة الرئاسة
مقابل تأكيد حوالي 45% في استطلاع مؤسسة بلومبرج لاستطلاعات الرأي
في 19 أغسطس 2008 عن تأييدهم لخطة أوباما فيما يتعلق بالتعامل مع
القضايا المتعلقة بأمن الطاقة في الولايات المتحدة. |