قضايا عراقية: الصراع بين العنف وحق الحياة

اعداد/صباح جاسم

 

شبكة النبأ: رغم إنحسار موجة العنف والإرهاب  التي كادت تهوي بالعراق الى جحيم الحرب الاهلية إلا ان ملفات غاية في الأهمية لاتزال غير مطروحة على الساحة ومنها التأثيرات الإجتماعية والنفسية والإقتصادية على مختلف شرائح المجتمع وقضايا اكثر اهمية تتعلق بمستقبل الحياة للأطفال والنساء المتضررين من عاصفة الموت التي يشهدها البلد منذ اكثر من خمس سنوات، اعقبت عقودا من الحرمان والتسلط والدكتاتورية والحروب المتعددة..

(شبكة النبأ) تلقي الضوء من خلال تقريرها التالي على إرهاصات العراقيين بمختلف شرائحهم وأطيافهم وما آلت اليه أمورهم الحياتية..

الحياة والحب في فيلم (ثانوية بغداد)

اربعة مراهقون عراقيون عاديّون إلا ان مدرستهم الثانوية في منطقة قتال وقد امسكوا بكاميرات فيديو لتسجيل عامهم الاخير في المدرسة في فيلم وثائقي باسم (ثانوية بغداد). يعرض الفيلم على محطة (اتش.بي.او) الامريكية يوم الاثنين.

ويرصد الفيلم العام الدراسي 2006 -2007 حين كان الاربعة في السابعة عشرة من عمرهم وكانت البلاد على حافة حرب اهلية طائفية وادين الرئيس السابق صدام حسين بجرائم في حق الانسانية وأُعدِم.

وقال علي (18 عاما) في مقابلة مع رويترز"اردت ان يرى الجميع الحياة في العراق في ظل الحرب وكيف يذهب الناس للمدرسة ويسيرون حياتهم بشكل طبيعي في ظل كل ما يحدث."

ويقول علي الذي انتقل مع اسرته للولايات المتحدة منذ ستة اشهر "نحن مثل اي تلاميذ.. اي تلاميذ مدرسة ثانوية .. يقيمون في الولايات المتحدة .. نحب نفس الافلام ونفس الموسيقي ونفس الاشياء."

ويصور جانب كبير من الفيلم الاربعة وهم يتصرفون مثل معظم المراهقين اثناء ممارسة الرياضة والرقص في غرف النوم واللعب في المدرسة. ولكن الحرب الدائرة لا تبرح اذهانهم مع الدوي المتكرر لطلقات الرصاص والانفجارات.

ويصور علي نفسه وهو يتابع الاخبار ويقول قبل ان تنقطع الكهرباء مرة اخرى "هل من انباء سارة .. لا انباء سارة." ويضيف امام الكاميرا وهو يحاول تشغيل مولد كهرباء "هل وظيفتي ان اكون ميكانيكي محركات... يجب ان استذكر دروسي."

وتقول لورا وينتر التي شاركت في اخراج الفيلم ان الاربعة يمثلون "العراق الحقيقي" فعلي كردي شيعي ومحمد احد والديه سني والاخر شيعي وانمار مسيحي وحيدر شيعي.

ولا يحضر انمار حصص الدين لانه مسيحي وكثيرا ما ينضم اليه اصدقاؤه المسلمون متظاهرين بأنهم مسيحيون كي يلعبوا بكرة القدم.

وفي الفيلم يبدي الاصدقاء الاربعة قلقهم من الوضع في العراق ولكنهم يجدون السلوى في الضحك. ويظهر علي وهو يتظاهر بأنه يصور فيديو يصور محمدا محتجزا كرهينة ثم يسخر من صديقه بسبب رائحة قدمه.

ويقول مازحا "لو أراد علي الكيماوي حقا تدمير الشمال لكان ينبغي له ان يطلق صاروخا به جوارب محمد" في اشارة الى علي حسن المجيد الذي استخدم اسلحة كيماوية لمهاجمة اكراد العراق في الثمانينات.

وقالت وينتر ان طارق بن زياد ناظر المدرسة اختار علي ومحمد وانمار وحيدر الذين بدأو دراستهم الثانوية في عام 2003 حين قادت الولايات المتحدة غزوا للعراق للاطاحة بصدام لانه يعلم انهم سيكونون حذرين.

وتدرب الاربعة على استخدام الكاميرات وتلقوا تحذيرا بألا يبدوا "كمصورين صحفيين" وصور الاربعة اكثر من 300 ساعة تحولت لفيلم من ثمانين دقيقة عرض بالفعل على محطة تلفزيون (بي.بي. سي) ومهرجان تريبيكا السينمائي في نيويورك في مارس اذار.

وقالت وينتر "الفيلم عن الحياة. يبين كيفية معايشة الناس هذه الاوقات المجنونة. يتحدث الجميع عن المستقبل ولكننا لا نتحدث أبدا مع المستقبل. وهو ما يرمي اليه الفيلم حقا. انهم مستقبل العراق."

وقالت "اريد ان يستخلص الناس من هذا الفيلم ان الامل كبير."ويتفق معها في الرأي علي الذي يقول انه يأمل ان يعود للعراق يوما ما. ويضيف "الشعب العراقي شعب سلام حقا. يريد ان يعيش مثل الشعوب الاخري. يبذل قصارى جهده ليكون متحضرا."

عراقيون يعثرون على شريك حياتهم من خلال تصفح الانترنت

 يتصفح جيل من الشبان العراقيين شبكة الانترنت بغرض البحث عن شريك حياتهم بسبب اعمال العنف والتوتر الطائفي الذي ترك اثاره السلبية على وسائل التلاقي والتواصل الاجتماعي في حين تؤكد دراسات ان نصف المجتمع تقريبا بات عازبا او مطلقا.

وادى انعدام الامن في كثير من الاحيان الى صعوبة اقامة علاقات والتعارف في ظل سيطرة اجواء من الكآبة على بغداد الامر الذي دفع بالفتيات والشباب الى الالتقاء عن طريق غرف الدردشة.

ويقول مصطفى كاظم (20 عاما) الذي عثر على نصفه الاخر عن طريق احدى المنتديات الخاصة بالطلاب الجامعيين "اعتقد ان العراقيين يبحثون عن الحب من خلال الانترنت بسبب صعوبة الالتقاء بطريقة اخرى". واضاف الشاب الذي يدرس الهندسة في جامعة بغداد "بعد انتهاء الفتيات دراستهن يمكثن في المنزل بدل البحث عن عمل لان الاوضاع الامنية تحول دون خروجهن".

بدوره يقول عمر اثير (29 عاما) الموظف في احد مصارف بغداد وكان لجأ الى الانترنت للبحث عن شريكة حياته "لا توجد فتيات في المصرف ولا ارغب في قيام والدتي باختيار زوجتي كما تفعل بعض العائلات". ويضيف "اريد ان اقع في الحب (...) لا اريد ان اكون جزءا من زواج تقليدي منظم". بحسب فرانس برس.

يشار الى ان المجتمع العراقي محافظ في معظمه على غرار غالبية المجتمعات العربية بحيث يتزوج الشبان عن طريق الاهل او عن اللجوء الى "خاطبة" للمساعدة في العثور على الشريك المطلوب. ويتابع اثير وهو مسيحي عثر على زوجة المستقبل ايفان فادي (25 عاما) عن طريق غرف الدردشة على موقع عراق فور يو.. "كنت سعيدا جدا عندما عرفت انها مسيحية". والتقى الاثنان مرتين فقط قبل ان يقررا الزواج ويقول "لقد التقينا مرتين ولوقت قصير في احد مقاصف حي المنصور (غرب بغداد) بسبب الظروف الامنية". لكن عائلته رفضت فكرة الزواج عن طريق الانترنت "لكنني اقنعتهم بانها الطريقة الوحيدة للتعرف على فتاة".

وتشير الدراسات التي اجرتها منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة العراقية العام 2006 ان ما نسبته 49,3 بالمئة من العراقيين و47,% بالمئة من العراقيات هم اما مطلقين او عازبين.

ويسكن اثير في منطقة القادسية غرب نهر دجلة بينما تسكن ايفان منطقة زيونة على الطرف الاخر من النهر. ورغم مسافة العشرة كيلومترات التي تفصل بينهما الا ان التنقل من منطقة الى اخرى يعتبر كابوسا لان غالبية مناطق بغداد وعددها 89 تحدها الجدران الاسمنتية التي تغلق معظم الطرق مما يستدعي ساعات للعبور من حي الى اخر احيانا.

وتقول ايفان خريجة كلية اللغات لكنها عاطلة عن العمل "كنت ارغب في لقاء رجل احلامي لكن كيف يمكنني ذلك وانا حبيسة المنزل"؟

من جهتها تقول ام محمد الباحثة الاجتماعية في احدى الدوائر التابعة لوزارة التعليم ان "نساء كثيرات لا يعملن لان عائلاتهن يرفضن خروجهن من المنزل بسبب الخوف من الاوضاع الامنية". وتضيف ان "الكثير من الرجال كانوا ضحايا العنف في حين اضطر اخرون الى مغادرة البلاد".

وتشير تقديرات منظمات غير حكومية الى مقتل عشرات الالاف منذ الاجتياح الاميركي عام 2003 وكان ما يقارب المليون عراقي قتلوا ابان الحرب العراقية الايرانية التي دامت ثمانية اعوام (1980-1988). ولم يكشف عمر لعائلة ايفان كيف التقى ابنتهم لكنه طلب من صديق مشترك ان يكون الوسيط ليتم التعارف بينه وبين اهلها.وتضيف ام محمد "اخذ الانترنت بشكل او باخر دور الخاطبة التقليدية".

بدوره قال علي عدنان (30 عاما) وهو مهندس التقى بفتاته وديان عن طريق الانترنت ايضا "كنا نتحدث بواسطة غرف الدردشة لساعات لكننا انتظرنا ثمانية اشهر حتى نلتقي للمرة الاولى وبشكل سري".

وعدنان من السنة ووديان من الشيعة لكنهما تجاهلا التوترات الطائفية التي عصفت بالبلاد وقد تعرضت عائلتيهما الى التهجير من مناطق سكنها بالاكراه. ويقول عدنان "لقد حاولت ثلاث مرات تحديد موعد للقاء عائلتها لكنهم رفضوا لاعتقادهم ان الانترنت ليس الطريقة الفضلى للتعارف لكنني لم اياس بعد".

تزايد عمليات التجميل مع تحسن الوضع الامني

يقول الجراح العراقي حيدر ان غالبية مرضاه العام الماضي كانوا ضحايا التشوهات الناجمة عن التفجيرات لكن الزبائن تغيروا واصبح اهتمامهم منصبا الآن على عمليات تجميل تمنحهم ثقة اكبر بانفسهم.

وقد عمل حيدر ويفضل عدم اعطاء اسمه كاملا بسبب استهداف الاطباء في العراق منذ بداية الاحتلال الاميركي عام 2003 على اجراء عمليات لضحايا الحرب لمعالجتهم من اثار الحروق والتشوهات.

ويوضح لفرانس برس "ما يزال في ذاكرتي وجه الفتاة الصغيرة التي كانت تعاني من حروق في وجهها وعنقها بعد سقوط قذائف هاون على منزلها. كانت حروقها خطرة وجاءت تطلب جراحة تجميلية صيف العام 2005".

ويضيف ان "العمليات الترقيعية هدفها طبي" اكثر من عمليات التجميل الاخرى التي تلاقي اقبالا في العراق كتصغير الانف وتكبير الصدر وشد البطن وشفط الدهون.

ويؤكد حيدر "ينتابني شعور متناقض عندما اذهب صباح كل يوم للعمل واستقبل نوعين من المرضى مجموعة مرغمة على عمليات تجميل بسبب تشوهات حدثت جراء الحرب والتفجيرات والاخرى تاتي اشباعا لرغبتها في اجراء عملية تجميلية".

ويرى ان "الشخص الذي يريد ان يجري عملية تجميل ليس بحاجة الى جراح انما الى طبيب نفسي لكي يتمكن من كسب ثقته بنفسه ويتقبل هيئته".

وجهة نظر حيدر شائعة في مجتمع محافظ مثل العراق حيث لم يعترض معظم رجال الدين على الجراحات التجميلية لكنهم الزموها باحترام الشريعة الاسلامية.وبناء على ذلك يجب ان لا ينظر الاطباء الى اجزاء "محرمة" من جسد المرأة مثل الصدر والساقين والبطن. الا ان معظم الاطباء يتجاهلون ببساطة تعليمات رجال الدين اذ انه من المستحيل شفط الدهون او تغيير حجم الصدر والارداف من دون اللمس او النظر.

ويتزامن ازياد الطلب على الجراحة التجميلية في العراق في ظل تحسن الاوضاع الامنية في البلد مع صعود المد الديني المتشدد. فمنذ سقوط النظام السابق الذي كان من اصحاب التوجه العلماني اصبحت المراة اكثر فاكثر مرغمة على ارتداء الزي الاسلامي المحافظ بشكل عام واجبرت النساء على تغطية اجسادهن ووضع الحجاب.

لكن على غرار اطباء كثر في العراق يعتقد حيدر ان الجراحة التجميلية ينبغي ان تكون محكومة بقسم ابيقراط وليس بالتعليمات الدينية. ويقول في هذا الصدد "انه عملي يجب ان نحاول مساعدة الناس لمنحهم الثقة بأنفسهم. لكن اذا شعرت ان كلامي لا يساعدهم الجأ حينها الى الجراحة".

من جهته يقول الطبيب طارق آل حمداني ان "رغبة الشخص ينبغي ان تكون عاملا حاسما في جراحة التجميل انما ضمن حدود معينة". ويضيف "في بعض الاحيان لا اشجع على الجراحة التجميلية اذا لم تكن لازمة مثل حقن الشفاه او تغيير حجم الصدر" مشيرا الى ان 75% من الذين يطلبون عمليات تجميل هم من النساء.

وعملية النصح لم تردع نادية كاظم (45 عاما) وهي ام لطفلين من دفع 1900 دولار مقابل عملية شد البطن وتكبير الارداف آملة في التشابه مع الفنانة الاميركية الشهيرة بيونسيه.

وتقول في هذا السياق "اجريت عملية تجميل ارضاء لنفسي ولكي املك الثقة (...) اريد الحفاظ على شبابي حتى اشعر بالسعادة" مؤكدة انها تلقت "كامل الدعم" من زوجها لاجراء العملية.

لكن بسبب دعوة بعض رجال الدين الى التشدد في تطبيق التعاليم الاسلامية فان نادية وغيرها ليسوا قادرين على اظهار جمالهن في الاماكن العامة.

اما الخريجة الجامعية رولا حميد (23 عاما) التي اجرت عملية تجميل لانفها فتقول "كنت قادرة على ابراز جمالي في السابق لكن الامور تغيرت لان الميليشيات والاسلاميين اجبروا النساء على ارتداء الحجاب". وتضيف "كنا ننعم بالحرية اكثر زمن صدام (..) اعرف العديد من الفتيات من اللواتي لا يسمح لهن ابائهن بالخروج بسبب جمالهن".وتتابع رولا "اعرف ان بعض رجال الدين يعارضون الجراحة التجميلية لكنني لا اعتقد ان التخلص مما يزعجك حقا يعتبر حراما". والنساء في العراق لسن الوحيدات اللواتي يرغبن في اكتساب مزيد من الجاذبية.

ويقول مصطفى عباس (27 عاما) مهندس كمبيوتر "اجريت جراحة تجميلية لانفي الكبير. ليس فقط لحل مشاكل التنفس التي كنت اعاني منها" بل لتحسين فرص لقائه مع الفتيات. ويضيف "اردت اجراء العملية لانني اعرف تماما ان انفي يبعد عني الفتيات (...) الجراحة وسيلة لتغيير الصعوبات. اريد بدء حياة جديدة وان التقي بفتاة لاتزوجها (...) استطيع تحقيق ذلك الان".

ولادة ستة توائم بشكل طبيعي في العراق

انجبت امراة عراقية ستة توائم بشكل طبيعي بعد فترة حمل استمرت سبعة اشهر في الناصرية كبرى مدن محافظة ذي قار جنوب بغداد من والد "عاطل عن العمل".

وقالت الممرضة المشرفة على الانجاب في مستشفى "بنت الهدى" للولادة في الناصرية (380 كم جنوب بغداد) ان التوائم الستة (اربع بنات وولدين) "في حال جيدة باستثناء احدهم الذي يتنفس بشكل غير طبيعي وبطيء". لكنها استدركت مؤكدة انهم "بخير ويخضعون لعناية مركزة". بحسب فرانس برس.

ويتراوح وزن الاطفال بين 1,2 كيلوغرام وسبعمئة غرام. واوضحت ان "وزن اثنين منهم يبلغ 1,2 كيلوغرام في حين يزن اثنان اخران تسعمئة غرام اما الرضيعين الاخرين فيبلغ وزن كل منهما سبعمئة غرام".

بدورها اكدت ادارة المستشفى ان "حالهم مستقرة". وقال مهند شريجي حسين والد الاطفال "علمنا بذلك من خلال فحص الاشعة".

وطالب الحكومة بالاهتمام باطفاله لانه "عاطل عن العمل". وتفقد محافظ ذي قار عزيز كاظم علوان الاطفال في المستشفى قائلا "سنبذل كل ما في وسعنا لمساعدة الوالد".

تشكيليون عراقيون يلجأون للانترنت لتسويق أعمالهم

وجد عدد من الفنانين العراقيين التشكيليين في شبكة الانترنت فرصة للتغلب على ازمة تسويق اعمالهم في معارض خارجية ومهرجانات فنية بعد انحسار قاعات العرض وغيابها في بغداد نتيجة الاوضاع الامنية السائدة.

ويقول الفنان والناقد التشكيلي صلاح عباس ان »تسويق الاعمال هو احد ابرز الدوافع لانه يعكس القيمة التقنية والمالية التي يهتم بها الفنانون بيد ان الامر تحول الى ازمة خطرة تواجه الفنان العراقي في ظل غياب قاعات العرض والتسويق«.

ويضيف عباس »من الطبيعي ان يشكل غياب قاعات العرض وانحسارها احباطا لدى الفنان ما يحتم عليه التفكير جديا في قنوات اخرى لتسويق اعماله«، ويرى ان »ظاهرة التسويق عبر الانترنت واحدة من هذه القنوات ويبدو انها حيوية رغم قلة المردود«، موضحا ان »قاعات العرض الخارجية يتقاضى اصحابها نسبة كبيرة قد تصل الى اربعين بالمئة من قيمة العمل او اللوحة«.

وكان هناك ما يقارب اربعين قاعة في بغداد للاعمال التشكيلية تعرض انتاج فنانين من مختلف الاجيال. وقد اكتسبت هذه القاعات وخصوصا قبل تسعينات القرن الماضي شهرة واسعة نظرا لكثرة الزبائن. بحسب فرانس برس.

وبين تلك القاعات »دجلة« و»اناء« و»اكد« و»مدارات« و»حوار« و»فضاء وفن« وغيرها، وقد اقفلت ابوابها لاسباب عدة منها الحظر الدولي الذي فرض على العراق منذ عام 1990 والاوضاع الامنية التي شهدتها البلاد منذ عام 2003 .

ولم يتبق من هذه القاعات سوى اربع تستضيف خلال فترات متباعدة انشطة تعرض اعمالا فنية تشكيلية لكنها لا تحظى بفرص تسويق.

ويوضح عباس »بالامكان اعتبار ازمة تسويق الاعمال الفنية اخطر مواجهة يخوضها الفنانون الذين يعتمدون في تسيير امورهم الحياتية على انتاجهم بعد ان كانت قاعات العرض قبلة للمهتمين بالفن التشكيلي (...) كانوا يتهافتون على الاعمال العراقية«.

من جهته، يرى الفنان التشكيلي حيدر الموسوي ان »الفكرة ناجحة ولا بد منها للتخلص من قضية تسويق اللوحة رغم تعقيدات هذه الظاهرة الحديثة التي تعتمد في الدرجة الاساس على العلاقات الشخصية مع الخارج«.

ويضيف الموسوي مدير قاعة »اكد« انه تمكن خلال العامين الماضيين من »تسويق عدد من اعمالي في البحرين والامارات والدنمارك«.

ويتابع »رغم ان المردود المالي لم يرتق الى مستوى الطموح لكن العملية مهمة للفنان لكي يستمر فاصحاب القاعات في الخارج يستقطعون نسبة عالية من قيمة العمل«.

وتم افتتاح قاعة »اكد« مطلع 2001 واستضافت معارض عدة قبل 2003 واستمرت حتى عام 2004 عندما بدأت الاوضاع الامنية تتعقد، لكنها بقيت ناشطة بشكل محدود واقامت اكثر من معرض وذلك »ضمن الحفاظ على مناخات التشكيل العراقي وعدم استسلامه للظروف السائدة«.

عائلات عراقية تستقر في عمان لعلاج ابنائها من السرطان

كالعديد من العائلات العراقية التي فجعت باصابة احد اولادها بمرض السرطان ولم تستطع توفير العلاج له في بغداد باعت عائلة لارا الكيلاني التي أصيبت بهذا المرض منزلها وكل مما تملك من أجل العلاج في العاصمة الاردنية عمان.

وعلى الرغم من ان علاج لارا التي تبلغ من العمر 19 عاما بسرطان الدم (اللوكيميا) كان أسهل في البداية الا ان انقطاعها عن العلاج واهمال مرضها بسبب مصاعب مادية ومع ما استجد على حياة الاسرة بعد قيام القوات الامريكية بالقبض على اخوتها أدى الى تفاقم مرضها لتصاب بالنوع الحاد الذي يحتاج الى المزيد من الاموال والرعاية.

قالت والدة لارا وهي جالسة في مركز الحسين للسرطان حيث تعالج ابنتها "لم اعتن بها. قلت انها اصبحت أحسن بعد علاج استمر عاما وسبعة أشهر وبقيت في بيتي."وأضافت "لكننا عدنا الى الاردن وكانت تنزف عندما لجأنا الى المستشفى فعالجوها على حساب المؤسسة (مؤسسة الحسين للسرطان) والان هي بحاجة الى زراعة تكلف 50 الف دينار ونحن محتارون."وقالت بحسرة "الظروف تعبانة. انتهى منزلي وانتهت عائلتي."بحسب فرانس برس.

وأظهر تقرير للصليب الاحمر نشر في مارس اذار الماضي عن حالة العراقيين بعد خمس سنوات على الغزو الذي قادته الولايات المتحدة ان ملايين العراقيين محرومون من الرعاية الصحية اللازمة حيث تعاني المستشفيات من نقص الادوية والاسرة والكوادر الصحية المؤهلة. ولجأ الكثير من المرضى الى دول اخرى مثل الاردن للحصول على الرعاية الصحية.

ويقول محمود سرحان مدير مركز الحسين للسرطان المتخصص في علاج مختلف انواع السرطانات والذي يستقبل مرضى من كافة الدول العربية ان عدد العراقيين الذين يلجأون الى المستشفى قد ازداد وان بين سبعة وعشرة بالمئة من مرضى المركز عراقيون.

وقالت الاميرة دينا مرعد المدير العام لمؤسسة الحسين للسرطان وهي المظلة القانونية المسؤولة عن المركز ان احدى المشاكل الحقيقية التي تواجههم هي وصول المرضى العراقيين بعد ان يتفشى المرض في اجسامهم بسبب نقص الادوية وتأخير العلاج على الرغم من اصابتهم بانواع ممكن علاجها بسهولة.

وبدأت مؤسسة الحسين للسرطان وهي مؤسسة غير ربحية بصندوق الخير العراقي في عام 2006 الذي يوفر الدعم المالي للمرضى العراقيين الاقل حظا عن طريق التبرعات التي تقدم للمؤسسة.

وقالت دينا مرعد "لدينا قائمة انتظار مستمرة. هناك اشخاص لا نستطيع تغطية الا جزء من علاجهم حيث يدق حوالي 25 مريضا ابواب المركز شهريا بدون اي تغطية صحية."

ويتم اختيار الحالات التي سيجري علاجها حسب الاولوية حيث يعاني معظم المرضى من سرطانات الثدي والقولون واللوكيميا والليمفوما. وبلغ عدد المرضى العراقيين الذين لجأوا الى المستشفى 253 هذا العام حتى الان.

واضطرت العديد من العائلات العراقية التي لجأت الى عمان الى بيع معظم ممتلكاتها لتغطية التكاليف الباهضة للعلاج حتى أن البعض ترك عمله في العراق للبقاء بجانب المريض الذي قد يستغرق علاجه شهورا او حتى سنوات.

وقال جهاد السوداني الذي يعيش في الاردن منذ عامين لعلاج ابنه محمد البالغ من العمر ثلاثة اعوام من اللوكيميا الحادة انه لم يعد يعمل بسبب طيلة فترة علاج ابنه.واضاف "بدأنا بالتأقلم لكن الحياة صعبة. انا هنا منذ عامين بلا عمل وندخل المستشفى لاسابيع في بعض الاحيان لكننا محظوظون لاننا استطعنا الوصول."

الأمل في حياة أفضل يراود زوار بحيرة الجادرية ببغداد

كيف تكون رؤية العراقيين لبغداد بدون جدران خرسانية ضد التفجيرات وبدون أجولة رمل أو أسلاك شائكة بل مجرد حديقة على بحيرة يسبح فيها الأطفال ويتريض هواة المشي حتى غروب الشمس؟.

وأُعيد مؤخرا فتح حديقة بحيرة الجادرية الشهيرة التي أغلقت مرتين من قبل بسبب الحرب والفوضى. غمرت حالة من السرور عشرات العراقيين الذين توافدوا عليها وكان معظمهم من الشبان. ويأمل مسؤولون ان يؤذن افتتاح الحديقة ببداية عصر جديد من الترفية في مدينة عانت طويلا من إراقة الدم ومشاعر اليأس.

وقال المتحدث باسم وزارة السياحة العراقية لرويترز من على ضفاف البحيرة "نقول للعراقيين بغداد آمنة الآن.. أرجوكم تعالوا واستمتعوا بوقتكم. سيأتون.".. انه شعور يشاركه فيه كثيرون ولكن بحذر مع تراجع العنف ليعيد الحياة لبعض المناطق في بغداد.

وعند غروب شمس يوم الجمعة يعج حي الكرادة الواسع والراقي القريب من البحيرة بالناس. وتقبل الأُسر على المطاعم التي تبيع الكفتة المشوية. وعلى الأرصفة في الخارج يسير شبان بين أشجار النخيل يضحكون ويركلون زجاجة من البلاستيك وكأنها كرة قدم.

وعند الغسق يتوافد الآلآف على حديقة أبو نواس على الضفة الشرقية لنهر دجلة. ولا يذكرهم بالقتال الدائر في المدينة سوى تحليق طائرات هليكوبتر أمريكية في السماء ودوي صفارات عربات الشرطة من آن لآخر.

ويقول عباس فرهام (52 عاما) وهو يستمتع بالتنزه مع زوجته وطفليه في الحديقة بعد ظهر اليوم التالي "جئنا لنستعيد بعض السلام والهدوء الذي فقدناه.

"كل بغداد سجن من الجدران الخرسانية ولكن ليس هنا. لزمنا منازلنا العام الماضي كنا نتحدث الى الجيران من وراء الجدران. الآن يمكننا الخروج والترفية عن أولادنا."ويأمل المسؤولون ان تعزز بحيرة الجادرية هذه الثقة الجديدة.

وافتتحت حديقة الجادرية في أواخر عام 2002 باسم (بحيرة صدام) قبل أشهر من إطاحة الغزو الذي قادته الولايات المتحدة بحكم الرئيس السابق صدام حسين. ويشهد شلال صناعي ضخم يفتقر للذوق قرب مدخل الحديقة على ذلك العصر.

وقال المتحدث باسم وزارة السياحة انه عقب الغزو نهبت مضخات المياه التي تسحب المياه من نهر دجلة لتغذي البحيرة على مساحة نحو 91 فدانا وسريعا ما جفت البحيرة.

وفي عام 2005 افتتح مقاول من القطاع الخاص الحديقة وتوافدت عليها من جديد الأسر وعشاق صغار وباحثون عن الإثارة بركوب زوارق سريعة. وأغلقت مرة ثانية في أواخر العام التالي مع تصاعد العنف الطائفي في العراق.

ويقول المدير الحالي للحديقة أحمد فايق الذي شارك عن كثب في تجميلها انه يأمل ان تشهد إقبالا أكثر من أي وقت مضى ويعتقد ان مالا يقل عن عشرة آلاف زائر سيتوافدون عليها في المتوسط في يوم عطلة نهاية الاسبوع.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 9/أيلول/2008 - 8/رمضان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م