أبن يحيى ولميس وأب الهزائم العربية

 محمد الوادي

نحن العرب أذ ننهي شهر أب " اللهاب " فان سوط الصيف والحرارة يحيط بنا ويستنزف الكثير من طاقاتنا و ايضا الكثير من أمزجتنا , خاصة اذا امتزج بانقطاع وضعف التيار الكهربائي في الكثير من البلاد العربية. و في بلدي العراق العظيم بكل شيء حتى بمصائبه هذا الشهر يعني الكثير.

 وهذا الكثير هو من نوع العام الخاص بذات الوقت , أذ يمتد من أحشاء العراق ليصل الى كل امة العرب التي تتحمل جزء كبير من هذه المأسي العراقية. ففي هذا الشهر من عام 1988 أنتهت الحرب الدموية التخريبية بين العراق وايران , واراد العرب ان يكون العراق بوابتهم الشرقية ودفعوا لاجل ذلك الكثير من الدعم المادي والاعلامي والعسكري , وفي المقابل اصرت ايران الاسلامية الجديدة على تدمير هذه البوابة وتلقين العرب درسآ " تاريخيآ ". فخسرت ايران الحرب وخسرت معها الكثير من شعبية ثورتها الاسلامية الجديدة وايضا الكثير من اقتصادها , وفي المقابل خسر العرب خسارة لاتقل فداحة من خلال استنزاف العراق وهدر دماء وارواح وأمال وطموحات جيل كامل من أبنائه.

 فكانت هزيمة بكل معنى

وتعريف لمفردة الهزيمة الاقتصادية والاجتماعية وحتى النفسية فقد تحول المجتمع العراقي الى مجتمع يتكون من ملايين الارامل ومثلهم من الايتام وعشرات الالوف من المفقودين والمعوقين وخرج العراق من الحرب وهو مدين بعشرات المليارات الى العرب أنفسهم قبل غيرهم من الدول الاخرى بعد ان دخل الحرب عام 1980 وهو يملك فائض نقدي يصل الى 35 مليار دولار ناهيك عن احتياطات الذهب الكبيرة. فكانت هزيمة عراقية عربية بكل المقايس ( ولست معني مسبقا بوقع هذه الحرب وخسائرها على ايران ).

ولم يكد يمضي اكثر من عامين وبنفس الشهر قام نفس هذا النظام وليس غيره بخطوة وسابقة غاية في الخطورة من خلال غزو الكويت والذي أدى الى جروح عميقة وكبيرة وايضا الى انشقاق العرب بين مؤيد ومعارض لهذا الغزو في حالة أنقسام علني ونادر حتى ذلك التاريخ من شهر اب 1990 , ولااعرف كيف أدى ذلك الى شعور ذلك النظام التخريبي بالانتصار في ام المعارك تلك التي أطلق عليها الشيخ زايد حينها ام الخسائر , ولاايضا كيف شعر بعض العرب بالانتصار " التاريخي " من خلال تدمير العراق !! نتائج كارثية أحاطت بهذه الامة المغلوبة على أمرها أوصلتنا فيما بعد الى ام الحواسم تلك التي أدت ( بقائدها الضرورة القومجي ) ان يحتمي بحفرة حقيرة بعد ان سلم كل العراق الى القوات الاجنبية.

 لحد هذه اللحظة لااعرف لماذا العرب مازالوا يمسكون " بياخة " شهر حزيران وهزيمتهم الشنيعة امام قوات الصهاينة ويعيدون كل عام هذه الذكرى بكثير من الاغاني والوعيد والتهديد والتحريض على النصر والتحرير الرسمي الذي لم يحدث ولن يحدث حتى في احلامنا !! اعتقد ان شهر أب هو البديل الحقيقي والوريث الشرعي لسلسة عظيمة من التخبطات والهزائم العربية التي تمثلت بصورة العراق والنتائج الكارثيه لنظام الصنم الساقط هذا النظام الذي دعمه واحتضنه أغلب النظام العربي الرسمي والشعبي.

اليوم وفي عامنا هذا ونحن ندخل في أب عام 2008 , فان حرارة هذا الشهر تزيد من خلال اولا ان العراق بلد الستين مليون نخلة اصبح يستورد التمر من ايران ومن الامارات العربية وايضا الطماطة والخيار والبرتقال من سوريا وتركيا , فاي هزيمة اكبر من هذه الهزيمة حين يتحول بلد السواد وبلد الرافدين العظمين مستورد حتى الى البصل !! هل هذا مايريده بعض العرب ودول الاقليم وبعض القوى الدولية !؟

 لقد تحقق ذلك بالفعل وبالقول وهذا يؤكد هزيمة العرب قبل غيرهم من خلال ذبح العراق الذي تم سابقا من خلال دعم النظام الطائفي الصنمي الساقط واكتملت فصوله من خلال تصدير بهائم التفخيخ العربي الى شوارع ومدن واسواق العراق. وايضا من خلال محاربة تجربته الدستورية والديمقراطية الجديدة.

 ومن مفارقاتنا المزمنة والمضحكة ولاننا من الامم الحية التي تستفيد من تجاربها وتجارب الامم الاخرى , فاننا دخلنا " أب " 2008 ونحن نلحق الليل بالنهار والساعات بالثواني والايام بالاسابيع والاشهر بالسنوات

ونعض الشفاه ونربط احزمة العزم وندعوا الخالق جل جلاله ان يعرف يحيى بطل مسلسل سنوات الضياع ان الجنين في بطن لميس هو أبنه " الشرعي جدا " وحمدنا الله كثيرا ان دعائنا قد تحقق وان جهودنا لم تضيع هباء !! ولاننا امة حية فان النقاشات حول يحيى ولميس دخلت الى الديوانيات واحتلت ابرز الصحف والاذاعات وشاشات التلفاز بل وحشرنا ابن لميس " الشرعي جدا " حتى في فتاوانا الشرعية والدينية.!! ولاننا ايضا امة حية وكريمة ومتعاطفة ومتفهمة فان عيننا الاخرى كانت على مشاكل نور ومهند في المسلسل التركي الاخر , وقد وفقنا في ذلك ايضا بفضل التخطيط الجيد وحسن العمل. وكان نجاحا باهرا يضاف الى نجاحات العروبة في اولمبياد بكين التي اكتسحناه شر اكتساح !! وايضا في دورنا البارز في معارك روسيا وجورجيا ودورنا الابرز في استقالة مشرف من حكم باكستان وفي انقلاب عساكر مورتانيا وتفجيرات الجزائر ومشاكل دارفور وحرب طرابلس في لبنان وأزمات الدواء والتعليم والغذاء والحياة والديمقراطية وأزمة الانسان العربي الذي ذبحناه بايدينا شر ذبحه ميتآ كان او حيآ وبقينا أمة على الهامش وصل الامر ببعض الاوباش حتى التشكيك بوجودها من الأصل او حتى بوجود النخيل والتمر فيها !!. فالاهم من ذلك كله مستقبل ابن يحيى ولميس في ملحمة سنوات الضياع العربي.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت  6/أيلول/2008 - 5/رمضان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م