هشاشة الأمن الأفريقي وتهديد الكوكايين

 

شبكة النبأ: دائما ما يولد النزاع السياسي فسادا واسعا في مرفقات الحياة، وأسوأ من ذلك كله هو أن يدب في المجتمع عنصر التجارة بالمخدرات، وأن يتعاطى الناس هذه المخدرات. في أفريقيا نجد ذلك جليا، خصوصا في بيئة نشطة بالنزاع والاقتتال السياسي، وتدهور العلاقات الاجتماعية داخل هذه البيئة المرتبكة..

الاستقرار الهش في غرب افريقيا يزعزعه الكوكايين

يغذي تهريب الكوكايين الاضطراب السياسي ويقوض ثقة المستثمرين في غرب افريقيا حيث يقول خبراء في المخدرات إن عصابات من أمريكا اللاتينية تهدد بتحويل دول صغيرة إلى دول للمخدرات.

وتوضح عمليات مصادرة غير متوقعة في دول مثل غينيا بيساو وموريتانيا وسيراليون والسنغال عشوائية رد الفعل ازاء تنظيمات المخدرات التي تدير عصابات تعمل حول وكالات تطبيق القانون رغم ما تقدمه الولايات المتحدة والدول الاوروبية من مساعدات.

ويأتي الخطر في وقت حرج بالنسبة لغرب افريقيا حيث تعيد عدة دول بناء نفسها بعد حروب أهلية كما تستقطب المنطقة مزيدا من اهتمام المستثمرين الاجانب.

وتقول ايمانويل برنار المتخصصة في شؤون غرب افريقيا بالمجموعة الدولية لمعالجة الازمات وهي مؤسسة بحثية انه تهديد ضخم. وأضافت الاموال من تجارة المخدرات تنافس بناء المؤسسات وهو ما تحتاج هذه الدول أن تفعله الآن. بحسب رويترز.

وتابعت، حين يكون الاشخاص الموجودون في السلطة متورطين في تجارة المخدرات يصعب القيام بهذا.

وليس هناك مكان يبرز التوليفة الخطيرة من أموال المخدرات وضعف الدولة أفضل من غينيا بيساو. فقد أرسلت تهديدات بالقتل لوزيرة تكافح تجارة المخدرات أعقبتها محاولة انقلاب واعتقال قائد البحرية.

يقول انطونيو مازيتيللي ممثل مكتب الامم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة في غرب افريقيا: رجال الشرطة وعمليات التدريب على مستوى جيد لكننا بحاجة ايضا إلى توفير اشياء مثل الاسلحة والسيارات المصفحة والاموال من أجل المرشدين.

وتقول وزيرة العدل في غينيا بيساو انها ستواصل المعركة. وبقيت الوزيرة في منصبها بعد تعديل وزاري نتج عن أزمة دستورية أجبرت الرئيس خواو برناردو فييرا على حل البرلمان وتشكيل حكومة جديدة.

لكن الشرطة القضائية التابعة لها والتي لا تملك الا كما ضئيلا من الاسلحة والعربات والذخيرة والوقود لا تضارع الشبكات الاجرامية الدولية. وعلى الرغم مما تتلقاه من دعم من ضباط مكتب التحقيقات الاتحادي وادارة مكافحة المخدرات الأمريكيين فقد منعتهم القوات المسلحة من تفتيش طائرة مشتبه بها هبطت في بيساو الشهر الماضي.

وحين تلقوا الضوء الاخضر في نهاية المطاف أكدت الكلاب المدربة أنه كان هناك كوكايين على متن الطائرة رغم أنها كانت خاوية وقت التفتيش.

ويقول مازيتيللي إن هذا يضيف ثقلا لتقارير انتشرت على نطاق واسع بتورط مسؤولين حكوميين.

وترى برنار أن الولاءات في القوات المسلحة يمكن تقويتها باستخدام أموال المخدرات. قد يخشى البعض أن يخسروا بينما يرى البعض الاخر في هذه فرصة.

ويستغل مهربون الحراسة الهزيلة للحدود وضعف السلطة لنقل كوكايين بمئات الملايين من الدولارات من أمريكا اللاتينية إلى اوروبا التي هي على بعد رحلة قصيرة إلى الشمال.

وقفز حجم الكميات المصادرة في المنطقة من 273 كيلوجراما فحسب عام 2001 الى 14.6 طن عام 2006 وفقا لمنظمة الامم المتحدة وان كان هذا لا يمثل سوى جزء صغير من كميات الكوكايين الذي يمر بالفعل.

وتزيد عمليات المصادرة في غرب افريقيا بينما تنخفض على مستوى العالم. لكن محللين يقولون ان ما يثير قدرا اكبر من القلق هو التاثير النسبي الذي يمكن أن تتركه أموال المخدرات على تلك الدول الضعيفة.

وفي العام الماضي عثر في صندوق سيارة في غينيا بيساو على 600 كيلوجرام من الكوكايين قيمتها تعادل نحو عشرة في المئة من اجمالي الناتج المحلي للبلاد البالغ 340 مليون دولار. وضعف الدول التي تتعافى من الحروب يحمل ميزة خاصة بالنسبة لمهربي المخدرات.

وقالت برنار: من مصلحة الشبكات الاجرامية الابقاء على حالة من السكون التي لا يحدث فيها شيء فعلا لكن دون السقوط في فوضى كاملة.

ولقيت سيراليون اشادة لتعافيها بعد الحرب لكن الشرطة تحقق مع وزير النقل بعد اعتقال شقيقه عقب مصادرة 700 كيلوجرام من الكوكايين الشهر الماضي في المطار الرئيسي بالبلاد.

وفي يناير كانون الثاني ألقي القبض على سفينة ترفع علم ليبيريا التي تتعافى هي الاخرى من سنوات الحرب قبالة الساحل وهي تحمل على متنها 2.5 طن من الكوكايين مما زاد من مخاوف الامم المتحدة بأنها مستهدفة ايضا من قبل المهربين لكن الدول التي تتعافى ليست وحدها الفريسة في تجارة المخدرات.

فغانا مثلا ينظر اليها على أنها واحدة من اكثر دول افريقيا استقرارا وهي محل جذب للمستثمرين الذين يتهافتون على الحصول على أصول في القارة السمراء لكنها ايضا أصبحت نقطة انطلاق كبيرة للمخدرات وهو ما برز حين اعتقلت فتاتان بريطانيتان لتهريبهما المخدرات العام الماضي.

وأدى اختفاء طنين من الكوكايين كانت الشرطة قد صادرتهما من على متن سفينة عام 2006 إلى اجراء تحقيقات رسمية وما زالت أصداء الاتهامات والاتهامات المضادة بين المسؤولين وقادة الأمن تدوي في غانا.

وتستقطب أسعار السلع المرتفعة استثمارات بمليارات الدولارات لغرب افريقيا من شركات تسعى إلى استغلال المناجم الغنية بكل شيء من الذهب والبوكسيت إلى خام الحديد والالماس.

وقال مازيتيللي ان تجارة المخدرات تمثل تهديدا كبيرا لاي نوع من الاستثمار. وتساءل: من ذا الذي يستثمر في دولة تنعدم فيها سيادة القانون.

عمليات كبرى لمصادرة الكوكايين في الغرب الأفريقي

لطالما جرى تهريب الكوكايين من غرب افريقيا لكن التجارة انتقلت من نقل كميات صغيرة على أيدي مهربين أفراد الى نطاق نقل شحنات تزن مئات الكيلوجرامات وتقدر قيمتها بملايين الدولارات. بحسب رويترز.

كما يرجع التغير في الطرق التي يسلكها المهربون من امريكا اللاتينية في جانب منه الى تحسن تطبيق القانون في منطقة الكاريبي وعلى الطرق الامريكية وزيادة الطلب في اوروبا.

ويتراوح سعر الكيلوجرام من الكوكايين بين 12 و17 ألف دولار في غرب افريقيا لكن سعره يزيد ليصل الى 65 الف دولار في مدريد ومن الممكن أن يباع بسعر 110 الاف دولار متى يصل الى ستوكهولم وفقا لبيانات مكتب الامم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة.

يعتبر المهربون غرب افريقيا نقطة عبور رئيسية حيث توجد مجموعة من الدول الضعيفة التي تخضع حدودها لسيطرة هزيلة وتعاني من فساد المسؤولين.

وظهرت غينيا بيساو باعتبارها واحدة من أضعف الدول على جبهة تجارة المخدرات حيث ضبطت شحنتان احداهما في سبتمبر ايلول 2006 والاخرى في ابريل نيسان 2007 وصودر اكثر من 600 كيلوجرام من الكوكايين. وفر العديد من المهربين القادمين من امريكا اللاتينية وشركاؤهم المحليون الذين اعتقلوا خلال عمليتي الضبط أو أطلق سراحهم مما أثار غضب خبراء الجريمة الدوليين.

واستغل المهربون موريتانيا بساحلها الطويل الذي يتجه شمالا نحو اوروبا. وصودرت شحنة وزنها 629 كيلوجراما في مايو ايار 2007 أعقبها مصادرة شحنة أخرى وزنها 864 كيلوجراما في 14 اغسطس اب من نفس العام.

من جانبها صادرت السنغال أيضا شحنتين كبيرتين حيث عثر على 1.2 طن في زورق خال بمنتجع نيانينج الساحلي في 29 يونيو حزيران 2007 وبعد يومين فقط تم ضبط 1.25 طن.

وفي نفس اليوم الذي صودرت الشحنة الثانية في السنغال ألقي القبض على مراهقتين بريطانيتين في غانا لمحاولتهما استقلال طائرة الى بريطانيا ومعهما ستة كيلوجرامات من الكوكايين مخبأة في حقائب أجهزة كمبيوتر محمول. وأدينتا فيما بعد وقضتا عاما قيد الاحتجاز.

الى جانب الطرق البحرية والساحلية يستخدم المهربون طرق التجارة القديمة الى الشمال عبر الصحراء حيث جعل المهربون والمتمردون والارهابيون سلطة الدولة شبه منعدمة. وصادرت السلطات في مالي 750 كيلوجراما في شمال البلاد النائي بعد تبادل لاطلاق النار في الثالث من يناير كانون الثاني عام 2008 .

وفي 31 يناير 2008 اعترضت سفينة حربية تابعة للبحرية الفرنسية سفينة ترفع علم ليبيريا وكانت تحمل 2.5 طن من الكوكايين قبالة عاصمتها الساحلية مونروفيا.

ووقعت أحدث عملية مصادرة كبيرة الشهر الماضي حين تم ضبط نحو 700 كيلوجرام من الكوكايين في 31 يوليو تموز في مطار لونجي الدولي في سيراليون. وتم ايقاف وزير النقل بالبلاد عن العمل بعد أن اعتقل شقيقه في ما يتصل بتجارة المخدرات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء  3/أيلول/2008 - 2/رمضان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م