شمس الصيف اللاهبة سبباً في إنارة بغداد!

شبكة النبأ: خلال السنوات الخمس الماضية لم يتوقع احد من سكان العاصمة بغداد أن تكون شمس الصيف اللاهبة سبباً في إضاءة الشوارع الرئيسية وبعض من مناطق المدينة. فشارع السعدون، وشارع حيفا، وشارع النضال، ومنطقة الكرادة، والبياع والسيدية سطعت فوقها المصابيح التي تعمل بالطاقة الشمسية مؤخرا لتنهي الظلام الذي كان مسيطرا عليها والذي جعلها المكان المفضل للمسلحين لزرع عبواتهم الناسفة. المحال التجارية والمطاعم الشعبية التي كانت تغلق أبوابها قبل السابعة مساء في قلب المدينة تستمر هذه الأيام بفتح أبوابها حتى الساعة التاسعة أو العاشرة ليلا.

يقول جمال محمد، 32 سنة، وهو منتسب في إحدى نقاط التفتيش التابعة للشرطة الوطنية بشارع السعدون في حديث لـ "نيوزماتيك" إن "قيام وزارة الكهرباء بتجهيز المصابيح التي تعمل بالطاقة الشمسية لأبرز شوارع بغداد ساعد على الحد من زرع العبوات الناسفة في بشكل كبير لأن المسلح أصبح مكشوفا بعد الإضاءة".

ويضيف محمد أن "نصب هذه المصابيح أعاد الحياة إلى الشوارع ليلا، فالمحال التجارية والمطاعم تظل الآن مفتوحة الى الساعة العاشرة مساء، كما مكن نقاط التفتيش من متابعة مهماتها من دون أية مشاكل".

ويتابع محمد "كان الأجدر بالجهات المسؤولة عن قطاع الكهرباء جلب هذه المصابيح منذ العام 2003، إذ أنهم لو عملوا بها لتفادينا وقوع العديد من أعمال العنف في الظلام".

ويستنتج محمد "بما أن الشمس موجودة في العراق طوال السنة في فصلي الشتاء والصيف فان استخدام هذه الطاقة في الإضاءة هو الأسلوب الصحيح لاستمرار الحياة خصوصا مع الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي".

ويجلس جعفر فالح، 55 سنة، على كرسي أمام محله في منطقة الجادرية دون تردد أو خوف من الآخرين إذ أضيئت المنطقة بالكامل بأنوار الطاقة الشمسية. ويقول جعفر لـ"نيوزماتيك" إن "إضاءة منطقة الجادرية من جديد جعل المحال والمطاعم في المنطقة  تبقي أبوابها مفتوحة حتى الحادية عشرة ليلا بعد أن كانت تغلق بحلول الثامنة أو التاسعة".

ويضيف فالح، الذي بدت عليه ملامح الفرح، "الشمس رغم حرارتها في النهار إلا أنها أنارت ظلام شوارعنا من جديد بعد أن تأكدنا من استحالة عودة التيار الكهربائي".

ويقول فالح إن "على الحكومة العراقية العمل على إضاءة جميع مناطق بغداد وشوارعها وأزقتها بالطاقة الشمسية لأنها سهلة الاستعمال ولا تكلف مبالغ كبيرة".

ودعا فالح رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الى "إصدار عقوبات قوية ضد أي شخص يعمل على تخريب منظومة الإنارة التي تعمل بالطاقة الشمسية، والى الاستمرار في صيانتها".

ويرى سكان بغداد أن انتشار منظومة الإنارة بالطاقة الشمسية في عدد غير محدود من شوارع بغداد قد ساعد على التحسن الكبير في الوضع الأمني كما يدل على وجود تحرك  من قبل الحكومة العراقية لإعادة الحياة إلى مناطق العاصمة كما كانت قبل أعمال العنف التي شهدتها خلال السنوات الماضية.

ويقول الصحفي العراقي غسان مطر، 33 سنة، في حديث لـ"نيوزماتيك" إن "نصب المنظومة التي تعمل بالشمس في عدد من الشوارع الرئيسية في بغداد يدل على نجاح الحكومة العراقية في إعادة الأمن بشكل كبير ويعبر عن حرصها لاستعادة وجه بغداد الحقيقي".

ويضيف غسان مطر، الذي كان يجلس أمام احد محال المرطبات في منطقة الصالحية القريبة من المنطقة الخضراء وسط بغداد أن "المصابيح التي تعمل بالطاقة الشمسية أحيت منطقة الصالحية من جديد في الليل حيث يستمر تواجد الشباب في المقاهي والمنتزهات حتى ساعات متأخرة من الليل".

يقول مطر إن "العمل بالطاقة الشمسية خفف من عبء المحطات الكهربائية لإنارة شوارع بغداد، فضلا عن استمرار إلانارة في حال توقف المحطات الكهربائية بعمل تخريبي، ثم أن  هذا الأمر أدى إلى فقدان المبادرة التي كانت تعتمد عليها الجماعات المسلحة التي تستهدف تخريب المنظومة الكهربائية لإبقاء الحياة في بغداد ليلا شبه معدومة".

ودعا مطر الحكومة العراقية إلى "التحرك بشكل سريع لإنارة جميع شوارع العاصمة بغداد ومناطقها وأزقتها لأن ذلك سيساعد على عودة الأمن إليها بشكل شبه نهائي كما أنه سيؤدي إلى زيادة ساعات العمل في مختلف المجالات خصوصا في مجال الأعمار والبناء" حسب قوله.

واللافت أن منظومة الإنارة بالطاقة الشمسية بدأت تعمل في شوارع لا يوجد فيها أية أعمدة إنارة منذ ما قبل العام 2003. فشارع المعارض بمنطقة البياع والذي يربط بين مناطق البياع والسيدية وحي العامل جنوب العاصمة كان يخلو من أي عمود للإنارة منذ سنوات طويلة، إلا أن الطاقة الشمسية إضاءته وجعلت المرور فيه ليلا أمرا عاديا خصوصا انه شهد في أيام العنف الطائفي رمي الجثث في الليل، فضلا عن خطورته بسبب القناصين في منطقة السيدية القريبة منه الذين كانوا يستهدفون أي شخص يمر فيه.

ويقول مهدي عامر، 60 سنة صاحب محل في شارع المعارض بمنطقة البياع إن "هذا الشارع لم يعرف الضوء منذ الحكم السابق مع انه شارع رئيسي، كما أن حكومتي علاوي والجعفري لم تعملا على إنارته وتطويره".

ويضيف عامر "إنارة الشارع بالأعمدة التي تعمل بالطاقة الشمسية خلال الأسابيع الماضية شكلت مفاجأة لنا، لكن مادام أبو إسراء (رئيس الوزراء) في السلطة فان جميع شوارع بغداد ستضاء بعد تخلصها من المسلحين".

يذكر أن مدير إعلام وزارة الكهرباء عزيز سلطان كان كشف في حديث لـ" نيوزماتيك"، أواخر شهر حزيران الماضي عن وجود خطة لإنارة شوارع بغداد الرئيسة والفرعية والأزقة، بأكثر من 20 ألف مصباح يعمل على الطاقة الشمسية، فضلا عن الإيعاز إلى مديريات كهرباء المحافظات بشراء 1000 مصباح شمسي، لإنارة الشوارع الرئيسة فيها" مشيرا إلى أن "مديريات توزيع الكهرباء في جانبي الكرخ والرصافة، قامت في بداية المرحلة الأولى من الخطة، بنصب 2000 مصباح في الشوارع الرئيسية"، مشيرا إلى وجود "مراحل أخرى ستعقبها لإنارة الشوارع الفرعية والأزقة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين  25/تموز/2008 - 22/شعبان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م