لبنان على طاولة الحوار في محاولات لحقن الدماء الطائفية

اعداد: ميثم العتابي

شبكة النبأ: في خطوة جديدة لحقن الدم المسلم العربي، تسعى الفصائل والتيارات الدينية والسياسية اللبنانية إلى ردم الهوة بينها عن طريق الحوار، والمضي إلى طاولات اللغة والكلام، بدلا من خنادق القتال، وحرب الشوارع التي فتكت قبل حين بالشعب اللبناني، وهو خاض غمار تجربتها القاسية.

(شبكة النبأ) في سياق هذا التقرير تسلط الضوء على وثيقة التفاهم اللبنانية بين حزب الله والتيارات السلفية، والتي أثارت حفيظة بعض مروجي الصراع والقتال الطائفي في لبنان وخارجها:

وثيقة تفاهم لبنانية تحرم الدم اللبناني

وقع حزب الله الشيعي وممثلون لبعض التيارات السلفية السنية وثيقة تفاهم هدفها المعلن نقل الخلاف من الشارع الى الحوار بين العلماء لتجنب فتنة مذهبية في لبنان ما اثار انتقادات عنيفة من قبل تيارات سلفية اخرى.

ووقع الوثيقة عن حزب الله رئيس مكتبه السياسي ابراهيم امين السيد وعن التيارات السلفية رئيس: جمعية الايمان والعدل والاحسان" الشيخ حسن الشهال خلال مؤتمر صحافي اكدا فيه ان الوثيقة. ليست موجهة ضد احد ومفتوحة لقوى سلفية اخرى.

ولم تشارك في الوثيقة شخصيات سلفية رئيسية منها الداعية داعي الاسلام الشهال مؤسس التيار السلفي ورئيس جمعية الهداية والاحسان الذي اعتبرها خرقا من حزب الله للساحة السنية. بحسب فرانس برس.

وتضمنت الوثيقة مقدمة اوضحت بانها جاءت بعد سلسلة تداعيات سلبية على الساحة اللبنانية سعيا لوأد الفتنة وحصر الخلاف ضمن اطار علمائي.

كما تضمنت الوثيقة ثمانية بنود شددت خصوصا على حرمة دم المسلم على المسلم وعلى الامتناع عن التحريض الذي يذكي نار الفتنة وعلى السعي للقضاء على الفكر التكفيري عند الطرفين.

واكدت الوثيقة حق اي مجموعة باللجوء الى الوسائل المشروعة للدفاع عن النفس عند تعرضها الى اعتداء كما اكدت على وقوف كل طرف مع الاخر بقوة وحزم اذا تعرض حزب الله او السلفيون لاي ظلم ظاهر وجلي من اطراف داخلية او خارجية.

كما شملت البنود تشكيل لجنة من كبار مشايخ الطرفين للبحث في النقاط الخلافية عند الشيعة والسنة ما يساهم في حصر الخلافات ضمن اللجنة ويمنع انتقالها الى الشارع.

وقال الداعية الشهال لوكالة فرانس برس انه استغلال غير لائق من قبل حزب الله لفريق صغير على الساحة السلفية السنية معتبرا ان الوثيقة محاولة مكشوفة لزعزعة الساحة السلفية وهي ستبوء بالفشل وانها عمليا طبخة بحص.

واكد داعي الاسلام الشهال انه مع مبدأ الحوار انما وفق ضوابط شروط تسهم في تخفيف حدة الاحتقان وتحقق التوازن في البلد" واصفا المحادثات التي انتجت الوثيقة بانها جرت "بسرعة غير مدروسة ولم تدرس الامور بشكل جيد.

وردا على سؤال عما اذا كان يوافق على حوار مع حزب الله اكتفى الداعية بالقول نتركه الى حينه وهناك امور يتم تدارسها مع القيادات والدعاة في الساحة الاسلامية.

وقلل داعي الاسلام الشهال من اهمية الموقعين السلفيين وقال ليس لهذا الفريق وزن على الساحة.

من ناحيته دعا احمد الايوبي المتخصص في الحركات الاسلامية وخصوصا السلفية التي تعتبر بعض مناطق شمال لبنان احد معاقلها الرئيسية الى الابتعاد عن ردات الفعل الانفعالية وعدم التعامل مع التفاهم بشكل سلبي بانتظار النتائج لتقييمها.

وقال الايوبي الذي يرئس جمعية الحرية والتنمية" ومقرها في طرابلس لوكالة فرانس برس انها ليست كارثة على الساحة الاسلامية ولا هي خرق لحزب الله لان الطرف السلفي الموقع اكد ان مرجعيته السياسية هي تيار المستقبل (الذي يتمتع بثقل كبير في الطائفة السنية) وان دور السلفيين هو درء الفتنة على المستوى الديني فقط لا غير.

واضاف، السؤال الاساسي هل يتحول الشيخ حسن الشهال وبقية الموقعين الى ابواق لحزب الله؟ مضيفا اذا جرى ذلك فالوثيقة تعني استلحاق طرف سني لحزب الله.

ولفت الايوبي الى ثغرات واضحة في وثيقة التفاهم تتجلى في عدم ورود بند خاص لادانة اعتداء حزب الله على بيروت وتعهد عدم تكرار هذا الامر في بيروت او سواها.

يذكر بان توترا مذهبيا تجسد بين السنة والشيعة خصوصا بعد سيطرة حزب الله عسكريا في ايار/مايو الماضي على بيروت وما تلاها من اشتباكات ذات طابع مذهبي جرت في البقاع وفي شمال لبنان.

واوضح الايوبي الذي تابع مجريات المفاوضات مع حزب الله عبر اطراف سلفية مشاركة ان الطرف السلفي طرح ورود هذا البند وبند اخر يقضي بعدم التهجم على المرجعيات السياسية السنية وخصوصا زعيم تيار المستقبل سعد الحريري لكن التسوية النهائية للوثيقة اكتفت باشارات عامة.

وكان الشيخ حسن الشهال قد اوضح في كلمة القاها قبل التوقيع ان الشخصيات السلفية المشاركة اخذت مبادرة الاتصال بحزب الله لان الاحداث التي وقعت في بيروت وما حصل في مناطق اخرى تطور بشكل سلبي خطير ووجدنا انه لو استمر على هذه الحال لاحترق لبنان بنار الفتنة الطائفية.

بالمقابل اكد الشهال ان الخطوة ليست محاولة لاختراق الساحة السنية يقوم بها حزب الله او انها تخل من هذه المجموعة السلفية عن عقيدتها ومنهجها ودفاعها عن اهل السنة.

وشدد على ولائه لتيار المستقبل وقال: لم نقدم على الخطوة الا بالتنسيق معهم بل اكثر نقول انهم لو عارضوا لم نكن لنقدم عليها لان مصيرها سيكون الفشل.

ووصف ممثل حزب الله في كلمته الوثيقة بانها خطوة صحيحة للانطلاق لمعالجة الخلافات من موقع التفاهم ولو المحدود.

حزب الله والتيار السلفي يشعلان السجال بشأن الوثيقة

وأثارت وثيقة التفاهم التي وقّعت بين أطراف سلفية لبنانية وحزب الله ردود فعل متباينة، ففيما قلل البعض من أهميتها اعتبرها آخرون خطوة جبارة يجب ان تحتذى.

وقع الوثيقة عن حزب الله رئيس المجلس السياسي فيه، السيد إبراهيم أمين السيد وعن السلفيين الداعية حسن الشهال رئيس جمعية دعوة العدل والاحسان، علماً ان السلفيين المشاركين في هذه الوثيقة بقوا يميلون الى تأجيل الموعد، ريثما يتم شرح حيثيات هذه الخطوة للقاعدة السنية في طرابلس التي تعتبر معقلاً للإسلاميين. بحسب الشرق الاوسط.

وقد شرح الشهال لـ الشرق الاوسط سبب ابقاء موعد التوقيع دون تغيير فقال: لم نرد ان يشعر الطرف الآخر اننا نتلاعب أو ان ثمة سوء نوايا. في النهاية تلاقى السياسيون في الدوحة فلماذا لا تكون اتفاقات شعبية. الوضع خطر، الحالة في باب التبانة متفجرة. ونحن نسمع ان أحداث 7 ايار قد تتجدد في بيروت. نحن دعاة مسلمون، فإن لم نتحرك لدرء الفتنة ونقوم بواجبنا، فماذا نفعل، هل نبقى مكتوفي الأيدي؟.

ورداً على اتهام الموقعين بأنهم مجرد جمعيات خدماتية لا تيارات سياسية لها تمثيل قال الشهال: من الذي يستطيع ان يدّعي بأنه يمثل الساحة السلفية والسنية؟ لا أحد من الموقعين على الوثيقة او المعترضين عليها عنده أي اعتراض على مبدأ الحوار، وإنما الاختلاف على التوقيت وبعض الحيثيات.

وكشف الشيخ بلال شعبان رئيس «حركة التوحيد الإسلامي المحسوبة على 8 آذار ان اللقاءات والنقاشات بين الحركات الإسلامية السنية وحزب الله لم تتوقف، إنما هي تدور بعيداً عن الإعلام. وهناك ما يسمى اللجنة السباعية التي تعقد اجتماعات شهرية، وتضم الجماعة الإسلامية، وحزب التحرير وجبهة العمل الإسلامي وكذلك حركة التوحيد وآخرين. وهذه الاجتماعات يحضرها ممثلون عن حزب الله. ويشرح ان الجماعة الإسلامية القريبة من قوى 14 آذار عندها لجنة تنسيق مستمرة مع حزب الله وكان السلفيون خارج هذه اللجنة السباعية والتفاهم الذي تم توقيعه سيدخل هؤلاء في مجال الحوار. اما المعترضون ـ بحسب رأيه ـ فهم ليسوا ببعيدين بالقدر الذي يتم الحديث عنه.

وفي رد على سؤال عن سبب هذه التحولات في الساحة الإسلامية يجيب شعبان: لأن أميركا دخلت في حالة (كوما) انتخابية. وهذا ما انعكس في جورجيا وسينعكس في فلسطين والعراق ولبنان.

ويضيف: ستضعف بالتأكيد تبعاً لذلك بضائع (سوبر ماركت الفتنة المتنقلة) التي توزع أميركا أدواتها، فهنا الأدوات سنية ـ شيعية وهناك قبطية ـ إسلامية، وفي مكان آخر سنية ـ سنية. وتأكيداً على ذلك ان لقاء عقد في عكار شمال لبنان منذ ثلاثة اسابيع، تكريماً لمفتي المنطقة الشيخ أسامة الرفاعي، بدعوة من تيار المستقبل وضم صوفيين وسلفيين وشيخين شيعيين أحدهما سيد. وقد سررنا باللقاء وكانت الأجواء طيبة للغاية، فلماذا افتعال الفرقة؟ وكذلك نعتبر ان زيارة الشيخ سعد الحريري للنجف هي في إطار هذا التحول الجاري حالياً.

وكانت الأطراف الموقعة على وثيقة التفاهم بين حزب الله والسلفيين التي تعتبر قريبة وحليفة لتيار المستقبل، قد زارت النائب عن التيار سمير الجسر أول من أمس. وقالت انها نسقت معه كما صرحت انها تحدثت في شأن التحضيرات للوثيقة مع النائب سعد الحريري. لكن وفي اتصال مع النائب الجسر نفى ذلك. وقال: لقد زاروني بالفعل واخبروني عن الوثيقة وانهم حددوا موعداً لتوقيعها، ووضعوني في الأجواء. وهذا كل ما في الأمر. ولا أملك شخصياً حق الموافقة أو الرفض، لأن لا سلطة لي على الجهات الموقعة على الاتفاق. صحيح انهم مقربون من تيار المستقبل، لكنهم اجتهدوا وهذا شأنهم. وكنت قد لفت نظرهم اثناء الحديث الى ان هكذا وثيقة قد تستغل لتعطي انطباعاً بأن الساحة الطرابلسية والوطنية منقسمة على ذاتها. بالمبدأ لست ضد نبذ العنف، لكنني لا أميل إلى الاتفاقات الثنائية، لأن أثرها لغاية الآن كان سلبياً. ويضيف: هم يقولون انهم زاروا النائب سعد الحريري، لكنهم زاروه كما يفعل كل الناس، وليس لاستشارته في موضوع الوثيقة او التباحث معه. وبدوره قال رئيس الحكومة اللبنانية السابق، نجيب ميقاتي، أنه لم يطلع على بنود الوثيقة ولكنه من حيث المبدأ يرحب بكل تفاهم بين اللبنانيين.

واعتبر داعي الإسلام الشهال مؤسس التيار السلفي في لبنان ان هذه الوثيقة فقاعة إعلامية ومضامينها عادية ومعروفة ومتفق عليها سلفاً ولن تحمل أي أثر ايجابي. وأي تفاهم من هذا النوع كي يعطي ثماره يجب أن يسبقه حوار معمق وترتيبات وبحث النقاط الحساسة. فما معنى أن تتحاور جمعية وقف التراث (الجهة التي أجرت الحوار مع حزب الله) التي هي مجرد جمعية خدماتية مع حزب كبير مثل حزب الله يملي شروطه الإقليمية على الدولة. وقبل اي شيء فليتفضل حزب الله ويطلب من حلفائه ان يوقفوا المآسي التي تحدث في باب التبانة، فأهل السنة في الأساس مسالمون.

وقال: عديد من الذين ذهبوا للتوقيع ليسوا مقتنعين تماماً، وكانوا مترددين ونصفهم لا يمثلون شيئاً على الأرض. ثم ان التيار السلفي لم يكن ممثلاً وهو العمود الفقري للعمل السلفي. نحن مع مبدأ الحوار. وقد تمت دعوتنا مع الصف الأول للمشاركة في الوثيقة. ولم نرفض من حيث المبدأ، لكننا نريد للطائفة السنية أن تخرج بورقة مقبولة، لا أن نشارك في اتفاق كل هدفه تحقيق صفقة إعلامية.

وعن تأثير هذه الوثيقة عملياً، يعتبر داعي الإسلام الشهال ان لا تأثير لها على الإطلاق. وهي كالدخان في السماء. ولا ينكر الشيخ بلال شعبان الذي اعتبر الوثيقة خطوة جبارة وشجاعة انها انتخابياً لا تزن كثيراً، فليس للسلفيين وزن انتخابي مهم، خاصة انهم لا يرون للانتخابات وجهاً شرعياً.

لكنه يتوقع أن تسهم هذه الوثيقة في تهدئة النفوس، خاصة ان الحوارات التي تدور بين من هم موافقون أو غير موافقين على الوثيقة هو كلام طيب للغاية. ويقول: لقد حضرت جانباً من جلسات بين الطرفين تظهر بوضوح ان الجميع ذاهب نحو حوار ومصالحات، وان لمسنا اليوم حملة شعواء ضد الوثيقة والموقعين عليها، لكن ذلك سينتهي سريعاً.

وكان حزب الله قد رحب بالوثيقة. واعتبر النائب عن الحزب حسن حب الله في تعليق انه عمل مهم وفيه مصلحة إسلامية. وكل تفاهم بين حزبين أو تيارين أو طرفين يشكل مصلحة وطنية عليا. وقال تعليقاً على الذين يقللون من شأن الجهات التي تم الاتفاق معها: ما المشكلة ان كانت جمعيات؟ نحن ندعو الجميع لأن يشاركوا معنا، ان كانت بنود الاتفاق موضع اتفاق. ما يهمنا هو تحصين الساحة الوطنية لمنع الفتنة واستئصال اي بؤرة توتر يدخل من خلالها الأجنبي إلى بلادنا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين  25/تموز/2008 - 22/شعبان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م