كورنيش الكوفة.. اللجوء للماء والخضراء هرباً من الحر وإنقطاع الكهرباء

شبكة النبأ: يمثل نهر الفرات أو شط الكوفة، كما يسمى محليا، منتجعا لسكان المدينة التي عرفت بالضيق والازدحام الشديد والطقس الحار. فمحافظة النجف، نحو 160 كم جنوب بغداد، تقع على حافة الصحراء الغربية، ما يجعل الحرارة تبلغ مستوى لا يطاق، فيهرب الأهالي إلى النهر لاستنشاق الهواء الرطب والتمتع بالمناظر الطبيعية.

ويطلق الأهالي على الجانب الأيمن من النهر مصطلح كورنيش الكوفة الذي يمتدمن أسفل جسر الكوفة القديم حتى تقاطع السهلة، أي إلى مسافة تزيد عن 1500متر.

وعلى كورنيش الكوفة تقوم المقاهي والمطاعم والكافتريات. فما أن تصل الكورنيش حتى تواجهك روائح الأكلات الشعبية كالكباب والتكة والمعلاك التي تعد في الهواء الطلق، وعلى مرأى و"مشم" زبائن المكان.

الشتاء للرجال والصيف للعائلات

حميد سعد، 45 سنة، صاحب مطعم يقول في حديثه لـ"نيوزماتيك" "نستقبل الزبائن طوال أيام السنة لكن الإقبال في الصيف اكبر بكثير من الشتاء. ففي الشتاء يأتي الرجال غالبا أما في الصيف فتأتي العائلات بكثافة". بحسب تقرير لـ نيوزماتيك.

تبدأ الحركة في كورنيش الكوفة آخر النهار حين تهبط قليلا درجات الحرارة اللاهبة، وتزداد الحركة كثافة بعد أذان المغرب. لكن في ليالي الخميس والجمعة والعطلات الرسمية تصبح الحركة موارة، إذ يغص كورنيش الكوفة بالمتنزهين من الشباب والعائلات خاصة في ظل وضع أمني مستقر نسبيا إذ تمتد السهرات حتى ما بعد منتصف الليل.

هربا من الحر.. وعش الزوجية

جبوري، 40 سنة، صاحب مقهى على الكورنيش يقول لـ"نيوزماتيك" إن "المقهى مخصص للرجال فقط حيث يلعبون الدومينو والبليارد ويدخنون الاركيلة".

ويضيف "هذه المقاهي والمطاعم تعرض اغلبها للتخريب والدمار أيام المواجهات المسلحة مع جيش المهدي لكن الدولة أعادت بناءها بمساعدة الأمريكيين".

محمد سعد 55 عاما جاء مع اصدقاءه إلى احد المقاهي، يقول وهو يقلب الجمر في اركيلته" الجو حار جدا هذه الأيام والكهرباء على وضعها السيئ، ولا مفر لنا إلا إلى هنا"، ويضيف "الناس في عمرنا تحتاج إلى الابتعاد ولو مؤقتا عن ضوضاء الأطفال في البيت، وقد اعتدنا المجيء إلى هذا المكان منذ أكثر من 20 سنة".

للنساء فقط

ولتشجيع العائلات على ارتياد المطاعم والمقاهي وإبعادها عن الشباب الذين يتواجدون بكثرة، فقد خصصت أجنحة ومطاعم ومقاه محددة للعائلات التي ترتاد المكان من المغرب حتى ساعات متأخرة من الليل، في ظل حراسة دوريات ومفارز الشرطة. ورغم عدم وجود ملاعب خاصة بالأطفال إلا أن سعة المكان والخضرة التي تملأه جعلته ملعبا بديلا لهم.

يقول جميل كرم، 43 سنة، "اعتدنا على المجئ إلى هنا بين فترة وأخرى، فالمكان جميل والهواء نقي ومنعش".

القفز من جسر الكوفة ومواكب ألأعراس

وللسباحة في شط الكوفة طعم خاص فهو المنفذ المائي الوحيد لمدينة صحراوية. فالذي يريد أن ينعش جسمه بالماء، هربا من حرارة الطقس أو لممارسة هوايته، يلجأ إلى شط الكوفة الذي يكتظ بالسباحين وقت الظهيرة، أولئك الذين يتجنبون السباحة قرب المدينة أو المناطق السكنية، تراهم يتجهون صوب الإطراف، حيث الأشجار الكثيفة والظل المناسب لاستراحة ما بعد السباحة.

أما القفز من جسر الكوفة أو من مصابيح إنارته العالية إلى النهر فهو مناسبة لإظهار الشجاعة والجرأة رغم أن النهر ابتلع الكثير من أبناء المدينة.

وقد ارتبط كورنيش الكوفة بمظاهر صارت جزءا من السلوك العام، منها مرور العرسان فيه، إذ لا يحسن بحفل زفاف يجتاز شوارع المدينة ولا يمر بكورنيشها. هنا يهبط المحتفلون من السيارات وهم يحملون دفوفهم وطبولهم والرقص على أنغامها. وغالبا ما يتم ذلك وسط الطريق، لإجبار اكبر عدد من السيارات على التوقف ومشاهدة العرض الذي لا يستمر طويلا، لكنه قد يتكرر بعد بضعة أمتار في موضع آخر من الشارع.

اركيلة وثلاثة زوارق فقط

جديد الكورنيش في الكوفة مقاهي الاركيلة التي انتشرت بشكل واسع. فعلى أرصفة الطريق تجد أعدادا من الاركيلات المرصوفة على مناضد إلى جانب الفحم و"المعسل" بأنواعه المصرية والبحرينية واللبنانية وغيرها.

كريم حسن، 28 سنة، صاحب مقهى للاركيلة يقول لـ"نيوزماتيك" "العمل جيد والحمد لله، هناك إقبال على تدخين الاركيلة ولاسيما من قبل الشباب الذين يأتون هنا للمتعة والراحة، خاصة وان سعر الاركيلة 1500 دينار، وهو مبلغ ليس بالكثير لمن يبحث عن الراحة والهدوء".

علي فاضل، 16 سنة طالب في الإعدادية يقول لـ"نيوزماتيك" "لا أدخن الاركيلة بانتظام، أدخنها فقط حين آتي إلى هنا، فليس هناك أجمل من تدخين الاركيلة على شاطئ الفرات".

أسفل المطاعم والمحال والمقاهي المرتفعة عن النهر توجد ثلاثة زوارق نهرية كانت تقوم في السابق بنقل الناس بين مركز مدينة الكوفة والضفة الأخرى. لكن الحاجة لها انحسرت بعد بناء الجسر الحديد فتحولت إلى العمل "السياحي"، فهي تقف قرب المقاهي، لحمل الشباب والعائلات في رحلة نهرية، ويتم تحديد السعر حسب عدد "الفّرات" كما يسميها سائقو الزوارق، أي الدورات.

يقول جاسم، سائق زورق، إن "سعر الفرة خمسة آلاف دينار للعائلة، أو المجموعة، أما الأفراد فالسعر ألف دينار لكل نفر".

ويقوم سائقو الزوارق ببعض الحركات البهلوانية في النهر لجذب نظر الناس، وتشجيعهم على الركوب في زوارقهم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد   24/تموز/2008 - 21/شعبان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م