
شبكة النبأ: لم يكن اللواء راشد
قرشي، الناطق باسم الرئيس الباكستاني المستقيل برويز مشرف، يكذب
حينما شن هجوما على وسائل الإعلام واتهمها بالكذب لتكهناتها بأن
مشرف سيعلن في خطابه للأمة استقالته. وحتى الدقائق الأخيرة كانت
لهجة مشرف تشير الى انه سيخوض المعركة مع البرلمان والحكومة حتى
نهايتها. فقد كرس الجزء الأكبر من خطابه ليتحدث بثقة عن انجازاته
الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وعن قوته في دحض التهم الموجهة
اليه. وكانت لغته تشير الى انه يسعى لنيل ثقة البرلمان وانه سيواصل
التحدي. لكن، وعلى طريقة الكوماندوس، فاجأ مشرف خصومه وأصدقاءه
وأعلن استقالته. والسؤال الآن هو ماذا تغير؟
مراقبون يرون أن الشعب الباكستاني كان في باطنه يتحدث عما لم
يتحدث عنه مشرف في خطابه. كانت الأسئلة المتداولة تدور حول من هو
المسؤول عن مقتل آلاف الجنود والمدنيين في الحرب على الارهاب؟ وعن
اختفاء مئات الباكستانيين وظهورهم لاحقا في السجون الأميركية؟ وعن
الوضع الاقتصادي المتدهور؟ وعزل الحكومة المنتخبة وعزل 62 قاضيا
واعلان الطوارئ مرتين وتكديس الصلاحيات في يد الرئيس..
أدرك مشرف، حسب هؤلاء، أن مسألة استمراره في الحكم "محفوفة
بالمخاطر"، وان بقاءه لم يعد محتملا، وانه اذا لم يرحل اليوم
فسيفعل غدا. كما أن خصومه ضيقوا الخناق عليه، وان بعض التهم
الموجهة اليه قد يكلفه رأسه. كما أن ظهوره في البرلمان للرد على
لائحة الاتهام كان سيضطره إلى الكشف عن الكثير من الأوراق التي لم
يكن يرغب في كشفها، اضافة الى أن لغة الأرقام في البرلمان
والانشقاقات السرية والعلنية وسط مؤيديه، كانت تشير الى خسارته
المعركة. بحسب تقرير لصحيفة القبس الكويتية.
من هنا أدرك مشرف أن استقالته اليوم بضمانات، أفضل من "ركوب
الرأس" وربما خسارة كل شيء، ففجر قنبلة الاستقالة. اذاً فالبعض يرى
أن قوة وارادة الشعب أسقطتا مشرف قبل الضغوط السياسية، لاسيما وان
استطلاعات الرأي- التي سبقت الاستقالة- أظهرت أن 83% من
الباكستانيين يفضلون العزل على الاستقالة.
كما لعب الاعلام دورا كبيرا في الاطاحة بمشرف، عبر ممارسة مزيد
من الضغوط عليه. فحتى اللحظة الأخيرة كان التلفزيون الرسمي، الذي
تسيطر علية وزارة الاعلام، يرفض منح الرئيس فرصة مخاطبة الشعب
مباشرة عبر شاشته مما دفع مشرف إلى استدعاء المحطات المحلية
والفضائيات الأجنبية، الأمر الذي اجبر التلفزيون الرسمي على
التراجع والخضوع للأمر الواقع وبث خطاب مشرف مباشرة.
وحينما اتخذ مشرف قرار الاستقالة كانت لدية ضمانات من السعودية
وأميركا وبريطانيا ورئيس الأركان بأن لا يمسه سوء وان يخرج من
السلطة بشكل مشرف ويحظى بعد ذلك بالحماية والمعاملة اللائقتين وان
يسمح له بمغادرة باكستان والعودة إليها كمواطن حكم باكستان كرئيس
لتسع سنوات.
ومما يعزز هذا الرأي الوداع الرسمي الذي قدمه حرس الشرف
والاستقبال البروتوكولي الذي حظي به في منزل الرئاسة في رأولبندي-
مكان اقامته الحالي - وتزويده بحراسة اضافية، والسماح له باستقبال
بعض الوفود حتى بعد استقالته.
بحكم المفاجأة، لم تعقد الحكومة صفقة نهائية مع مشرف، لكنها
بضغوط خارجية وداخلية قدمت ضمانات بعدم محاكمته لأن في ذلك محاكمة
للنظام والجيش الذي يرفض قائده الآن مثل هذا الأمر.
وقبل أن تطرق أنباء استقالة مشرف آذان الائتلاف الحاكم كان عدد
من قادته يعلنون فشلهم في الاتفاق على اعادة القضاة المعزولين الى
مناصبهم واختيار خلف لمشرف وعلى التعديلات الدستورية وكل القضايا
الرئيسية، ما يعني عمليا أن التحالف بات في خطر وان تفتته بات
مسألة وقت، ما لم تحدث مفاجأة تجبر الأطراف على تليين مواقفهم
والاتفاق على حل وسط.
فنواز شريف، زعيم حزب الرابطة الإسلامية، يريد إعادة القضاة
المعزولين - بينهم افتخار تشودري - الى مناصبهم «بأمر تنفيذي وفورا».
وألا يكون الرئيس المقبل من حزب الشعب، وهو ما يرفضه عاصف زرداري،
الذي يصر على إعادة القضاة من خلال حزمة تعديلات دستورية، وان يكون
الرئيس من حزبه.
وهدد شريف بالانسحاب من الائتلاف إذا لم تلب شروطه. ويتفق
الكثير من المحللين، الذين يرون خطورة عودة القضاة المعزولين على
زرداري، لأن الأخيرين قد يعيدون فتح ملف التهم التي أسقطها عنهم
مشرف بموجب قانون المصالحة الوطنية، والتي تتضمن شطب مليارات
الدولارات.
وعلى مدى الأيام التي تبعت استقالة مشرف، لم يغير أي من الأطراف
مواقفه. وكانت التصريحات المتصلبة سيدة الموقف. وكمخرج مؤقت، شكل
الائتلاف الحاكم لجنة ضمت زعيم جمعية علماء الإسلام مولانا فضل
الرحمن وزعيم حزب عوامي البشتوني القومياسفنديار ولي خان،
المشاركين في الائتلاف الحاكم، لاستشارة قانونيين وخبراء لصياغة
تصور للخروج من الأزمات القائمة.
الرئاسة وعقدة المنشار
في ظل تشبث كل طرف بمطالبه بأن يكون الرئيس من حزبه، فان
الاعتماد يبقى على ما يقرأ بين السطور من خلال تصريحات قادة
التحالف. فرئيس حزب الشعب بالأوصال زرداري، قال لحظة وصوله من لندن:
إن الرئاسة يجب أن تكون في حزب الشعب. وأشار والده عاصف زرداري الى
أن الرئاسة يجب أن تسند لامرأة، ويجب أن يكون الرئيس من أحد
الإقليمين الصغيرين السند أو بلوشستان. ويقرأ البعض في تصريح
زرداري رغبة في إسناد منصب الرئاسة الى شقيقته النائبة فريال تلبر
أو رئيسة البرلمان فهميدا ميرزا أو له شخصيا، كونه من إقليم السند.
في غضون ذلك استدعى نواز شريف، على وجه السرعة، القيادي في حزبه
غوث علي شاه، الذي كان يقيم في الخارج، في إشارة الى سعيه لتوليه
الرئاسة. ومن الأسماء المطروحة أيضا مخدوم أمين فهيم وميان محمد
سومرو الرئيس الحالي بالوكالة. ويرى مراقبون أن مسألتي الرئاسة
وإعادة القضاة المعزولين تشكلان عقدة المنشار في مستقبل التحالف
الهش.
قراءة تشاؤمية
مشرف نفى عزمه الاستقرار في الخارج، لكن مصادر مطلعة أكدت انه
سيغادر وأسرته باكستان في غضون أيام الى السعودية لأداء العمرة،
ومنها الى الولايات المتحدة لزيارة ابنه بلال. وبعد ذلك سيقرر بشأن
بقائه في الخارج أو العودة الى باكستان والاستقرار فيها.
دبشأن الحرب على الإرهاب، يرى البعض أن الغرب أدرك الحقيقة منذ
تراجع شعبية مشرف والابتعاد عنه مقابل الاقتراب من مراكز القوة -
زرداري وشريف وإشفاق كياني ورئيس الوزراء جيلاني وغيرهم - لذا
فرحيل مشرف لا يعني بالضرورة رحيل التحالف ضد الإرهاب. وزيارة
الجنرال إشفاق كياني المفاجئة الى أفغانستان واستمرار القتال في
مناطق القبائل هي رسالة لأفغانستان والنيتو وأميركا «إن الحرب ضد
القاعدة وطالبان والأصولية ستسمر.. ولا داعي للقلق». قد تكون
الاستقالة طوت أزمة، لكنها بالتأكيد تقود الى أزمات أخرى. فالوضع
الاقتصادي، الذي شهد تحسنا لحظيا بعد استقالة مشرف، عاد لينتكس على
وقع أنباء الاختلافات بين الائتلاف الحاكم التي تساهم في تفاقم
الأزمات السياسية والاقتصادية. كذلك أعمال العنفالطائفي مستمرة في
كورام ايجينسي وبين طالبان والجيش في سوات وباجور، وطالبان لا
تتوقف عن التهديد بتصعيد العمليات.
حزب الشعب يرشح زرداري لرئاسة باكستان
واختار نواب حزب الشعب الباكستاني الذي كانت تتزعمه رئيسة
الوزراء الراحلة بينظير بوتو الجمعة بالإجماع أرملها آصف علي
زرداري -رئيس الحزب بالإنابة- مرشحا لمنصب رئاسة الجمهورية.
وأعلنت وزيرة الإعلام شيري رحمان أن زرداري "شكر" حزب الشعب
الذي يشترك في رئاسته مع نجله بيلاوال، وأشار إلى أنه سيتخذ قراره
بهذا الخصوص في غضون الساعات الأربع والعشرين المقبلة.
ويأتي هذا الترشيح بعد أربعة أيام من استقالة الرئيس برويز مشرف،
كما جاء عقب تحديد اللجنة الانتخابية الباكستانية في وقت سابق
الجمعة موعد الانتخابات الرئاسية في السادس من سبتمبر/ أيلول
المقبل.
وصرح الأمين العام للجنة كنوار ديلشاد للصحفيين بأن البرلمان
ومجالس الولايات سينتخبون رئيسا جديدا للبلاد في السادس من سبتمبر/
أيلول المقبل ويمكن تقديم الترشيحات اعتبارا من 26 أغسطس/ آب
الحالي.
ويمكن لحزب الشعب الذي يشغل غالبية نسبية في الجمعية الوطنية
(البرلمان) أن يعتمد على غالبيته في البرلمان ومجالس الولايات بفضل
تأييد أحزاب صغيرة أخرى في الائتلاف. بحسب فرانس برس.
أما الشريك الأكبر في الائتلاف الحكومي زعيم حزب الرابطة
الإسلامية نواز شريف فقال إنه يأمل أن لا يكون رئيس الدولة المقبل
ينتمي إلى حزب الشعب.
ويوشك هذا التحالف أن يفقد دعم حزب شريف، إذ إن الحزبين
مختلفان حول كافة المسائل الشائكة منذ تشكيل الحكومة في مارس/ آذار
الماضي.
وفيما يتعلق بقضية عودة القضاة الذين عزلهم مشرف في نوفمبر/
تشرين الثاني الماضي والتي تشكل أبرز القضايا الخلافية بين
الجانبين، عقد الحزبان اليوم لقاء الفرصة الأخيرة في محاولة
للتفاهم.
وأعلن نواز شريف الجمعة تمديد المهلة المحددة لإعادة تعيين
القضاة الذين عزلهم الرئيس السابق برويز مشرف إلى الأربعاء
المقبل.وجاء هذا الإعلان بعد ثلاثة أيام من جهود المصالحة التي
يبذلها الشركاء الصغار في التحالف.
وعمل إعلان شريف تمديد المهلة على إنقاذ الائتلاف خصوصا أنه
أعلن في وقت سابق أن جناح حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية الذي
يتزعمه سينسحب من الائتلاف إذا لم تتم إعادة القضاة إلى مناصبهم
وبينهم رئيس المحكمة العليا المعزول افتخار شودري بحلول اليوم
الجمعة.
ويقول مفاوضون إن شريف يطالب بعودة جميع القضاة لكن زرداري يخشى
أن تكون أرفع هيئة قضائية في البلاد معادية إذا أعيد تشكيلها بحسب
تركيبتها الأصلية.
باكستان تحدد يوم 6 سبتمبر موعداً
لانتخاب رئيس جديد
وفي تطور لاحق أعلنت اللجنة الانتخابية الباكستانية بعد أربعة
أيام من استقالة الرئيس برويز مشرف، أن البرلمان ومجالس الولايات
ستنتخب رئيساً جديداً للبلاد في السادس من سبتمبر/أيلول المقبل.
وصرح أمين عام اللجنة كنوار ديلشاد للصحافيين بأن “الانتخابات
الرئاسية ستجرى في السادس من سبتمبر/أيلول ويمكن تقديم الترشيحات
اعتباراً من 26 أغسطس/آب الجاري”. بحسب رويترز.
ودفع التحالف الحكومي الحاكم حالياً مشرف إلى الاستقالة الاثنين
بتهديده بمساءلته وإقالته بتهمة انتهاك الدستور.
ومني الحزب الذي يدعم مشرف بهزيمة في الانتخابات التشريعية في
فبراير/شباط، وفاز تحالف المعارضة الذي يضم خصوصاً حزب الشعب
الباكستاني التي كانت تتزعمه رئيسة الوزراء السابقة الراحلة بينظير
بوتو، وحزب الرابطة الإسلامية جناح نواز شريف.
لكن هذا التحالف يوشك ان يفقد دعم حزب شريف إذ إن الحزبين
مختلفان حول كافة المسائل الشائكة منذ تشكيل الحكومة في مارس/آذار.
وقد وافق شريف أمس على اجراء مناقشة في البرلمان خلال هذا
الاسبوع حول اعادة القضاة الباكستانيين الذين عزلهم مشرف.
وبذلك مدد شريف مهلة حددها لإعادة القضاة وإلا فسوف يسحب حزبه
من الائتلاف الحاكم. وفي وقت لاحق، أعلنت متحدثة باسم حزب الشعب
الباكستاني ان زعماء الحزب اقترحوا ترشيح رئيس الحزب آصف علي
زرداري (أرمل بينظير بوتو) لمنصب الرئاسة.
وقالت المتحدثة ان زعماء الحزب أيدوا بالاجماع ترشيح زرداري.
كما أعلن نواب حزب الشعب في البرلمان وبالاجماع أيضاً تأييدهم
لترشيح زرداري للرئاسة. |