الخرس العاطفي وبيوت من ورق

عدسة وتحقيق: زينب شبيل

شبكة النبأ: التناغم والإنسجام اهم العوامل الدافعة الى ارتباط الجنسين، فضلا عن المحبة والمودة والاعجاب التي يتبادلها الطرفان، فيكون عقد الزواج تتويجاً لتلك المشاعر المتناظرة لأسمى انواع العلاقات بين الذكر والانثى، أقرّته مختلف الملل والنحل، يضعها الزوجان كاللبنة الاولى في شرعية تأسيس الأُسر والتناسل.

فقد أشار عز وجل في محكم كتابه: ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجاً لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة.

لذا بديمومة تبادل مشاعر الحب والاحترام تنجح تلك العلاقات وتدوم الاسر، فتغلب لغة السماح والمغفرة في حال حدوث الاخطاء على التعنت والتصلف والعناد، لتنئى تلك الاحاسيس المرهفة والمشاعر المتبادلة بسلامة هذا الوثاق المقدس عن تفاقم الخلافات والمشاكل التي تنجم بسبب الظروف والمناخات الحرجة التي تمر بها الاسرة في لعض الاحيان.

ولكن مؤخرا بدأت تتنامى ظاهرة فتور العلاقات بين الازواج، ويشوب العلاقات الزوجية جوا من الاضطرابات، مستبدلةً الاشواق والمودة بالملل والتنافر، ويحل الشجار بديلا عن الحوار، كلٌ يلقي التهم والتقصير واللوم على الطرف الاخر، مهددة بتمزيق وشائج الارتباط ومستقبل الأُسر.

ولتسليط الضوء على هذه الظاهرة كان لـ (شبكة النبأ المعلوماتية) هذه اللقاءات:

ام احمد متزوجة منذ سبع سنين ولها ثلاث اطفال تقول: بعد ولادتي اول اطفالي بدأت تتفاقم المشاكل واصبح زوجي حاد الطباع لا يأهبئ لكلامي ويلقي بمسؤولية اي خلاف يحدث علي، واصبحت حياتنا لا تطاق.

وتضيف واللوعة بين ثنايا حديثها: المشكلة انني لا استطيع الانفصال رغم رغبتي الشديدة بذلك، ولكن اخشى على مصير الاطفال من الضياع بين زوجة الاب او زوج الام.

اما الزوج ابو احمد فأجاب: أن زوجتي لا تهتم بنفسها ولا مظهرها وهمها الوحيد أعداد الطعام ولا تهتم بي وأنا رجل وكما تلاحظين كثرة البرامج والفضائيات المتنوعة ومنا نشاهده على التلفاز قد غيرت الكثير من حياتنا وجعلتنا نتظر الى اشياء كنا بغفلة عنها وأنا اشعر هذا الشيء من حقي.

فاعترضت حديثة أم احمد بكلمتين: لا يوجد لي وقت كافي...!.

اما ميسون باسم وهي مطلّقة تقول : تطلقت لان زوجي بدء يهملني في جميع الامور واصبحت حياتنا مجرد روتين خاي من الحياة، حتى انها بدء لا يعير لمشاعر اي وزن حتى بدأت المشاكل والشجار تتكرر يوميا، وقد توسط العديد من اقاربنا للمصالحة وقد قبلت عدة مرات، ولكن كنت اصطدم يوميا بنفس التصرفات التي يمارسها اتجاهي.  

وأما أبو عباس وهو رجل في عقده الرابع يقول: أني اعاني من زوجتي.. لديها برود جنسي وانا لا استطيع اكمل معها وعندما اقول لها اريد ان اتزوج تقول اتركني وأذهب وتزوج...؟!

بعدها توجهنا الى دائرة الشؤون الاجتماعية وكان لنا هذا اللقاء مع الباحثة الاجتماعية الاولى في محكمة كربلاء السيدة فوزية رشيد حمد حيث قالت: لقد ازدادت كثرة الخلافات التي تأدي في اكثر الاحيان الى الطلاق وخاصة في الاونة الاخيرة بسبب اختلاف الثقافات والزواج التقليدي والتأثير بمشاهدة التلفاز، ان من اسباب هذه الخلافات كثيرة ومختلفة قد يكون من تقصير احدهم للأخر أو الملل أو تباين الثقافات والاهتمامات أو قد يكون احدهما يمر بحالة اكتئاب مؤقتة أو الجمود العاطفي أو بسبب الانماط الروتينية المعاشاة أو تكون لأسباب مادية وهي من المظاهر المؤلوفة حالياً في مجتمعنا فأن الكثير من الشباب يرغبون بالتزوج من الموظفات ومن الاسباب الشائعة هي ظاهرة الموبايل والبطالة والشك والغيرة.

أما الباحثة الاجتماعية تحت التطبيّق شيماء عيسى عبادي عندما سألتها كيف وجدتِ الخلافات في العلاقات الزوجية في خلال فترة التطبيق هذه، فأجابت قائلة: لقد اصبحت ظاهرة اجتماعية تنبع من المجتمع ولعل اهم اسبابها الاهمال والتقصير وعدم قيامهم الطرفين بواجباتهم وعدم الانسجام العاطفي والنفسي والجسدي، فالعلاقة الزوجية السليمة هي التي تتقدم على أسس التفاهم والمودة والمحبة والقدرة على التواصل بحيث تعطي هذه العلاقة كل الطرفين الرضا والاكتفاء.

منوهة في حديثها الى الضرر الناجم على الاطفال حيث اضافت:  كل تلك السلبيات تنعكس على سلوك الاطفال ومستقبلهم فتولد لديهم روح النقمة بسبب ابتعادهم عن ابويهم، كذلك تشكل عليهم ضغوطا نفسية وبالتالي تسبب لهم العناد والتأخر في الذكاء ويصبحون اطفال غير صالحين مما يؤثرون على المجتمع وتطوره.

من جانبه ادلى عامر فاضل الحيدري أختصاص طب الامراض النفسية والعصبية معقبا عن تلك الظاهرة: ان الزيجات التي تحدث حالياً وخاصة في المجتمع العراقي هي زيجات هوائية لا توجد لها قاعدة اساسية ولا تتمتع بإرتباط روحي أو تكون فقط اعجاب وايضاً بسبب من الزواج الكلاسيكي، حيث لا توجد لديهم قناعة بأن الزواج شراكة كبيرة وعلى أساسه تبنى العلاقات الأسرية. فهم لا يبحثون عن الجوهر الداخلي بعمق للشاب أو الفتاة على حد سواء، ولا يقصد الحسب والنسب بل يقصد انهم من عائلة متزنة وكذلك الولد. أيضا بسبب الموبايل فأن الكثير من الشباب يتعرفون على بعضهم عن طريق الإتصال، وبعد كم اسبوع يطلب الشاب من الفتاة ان يراها ثم وبعدها يتقدم لخطبتها، فكيف يكمل معها مشوار الحياة، أذن هل هذا صحيح؟

وبما اننا من مجتمع شرقي فأننا نتمتع بميزة وهي ارتباطنا الوثيق بأهلنا فلماذا لا نستغله بالاتجاه الصحيح، وهي عندما نطلب منهم في اختيار الفتاة لا ان نختارها نحن على حساب المادة أو الجمال، أي البحث عن اشياء خارجية ولذا المهم هو البحث عن اشياء جوهرية وداخلية وتبدأ بجوهر الاصل.

ويضيف بقوله: أوصي بضرورة تأخر فترة الخطوبة حتى يتعرف احدهم على الاخر بشكل جيد ويدب الفهم بينهما.

العلاقة الزوجية علاقة عاطفية حميمية جنسية روحية وابوية، يوجد بعض الاشخاص يبحثون عن الجنس خارج البيت ولا يمارسونه مع زوجاتهم فما ذنب هذه المرأة وهي محتاجة اليه. وهذا أيضا حجر في المشكلة الزوجية.

أيضاً قد تحدث المشاكل بسبب البطالة، إذ يؤثر النقص الحاصل في ميزانية الأسرة أو العجز المالي على مزاج وطباع أفراد الأسرة، ولاسيما الرجل القائم بإعمالة البيت، وربما يبدأ بتفريغ شحنته سلبا على بيته وزوجته، بشتى الطرق كالضرب والشتم، في الوقت الذي تكون المرأة فيه بأمس الحاجة لمن يغدق عليها الحنان.

 

 

 

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء   20/تموز/2008 - 18/شعبان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م