الصنم الثاني بانتظار ساعة الصفر

  سليم السراي – العراق

 للإعلام الصوتي والمرئي الدور الكبير في نشر الثقافة التي يعتنقها ويروج لها، ويبقى المستمع أو المشاهد يروي عما سمعه أو شاهده " عن قناة الفلانيه عن مراسلها.. أو عن راديو فلان قال المذيع الفلاني... " وبهذا يكتسب الخبر أو المعلومة المصداقية لأنها اعتمدت على سلسلة ثابتة من الرواة، لا سبيل إلى رفع كارت احمر بوجهها، لأنها اعتمدت أسلوبا تغيير الحقائق وتزيفها.

 هذه مقدمة صغيرة أبقتني أسير لذكريات أمست اليوم تاريخ قد غادر الحياة، وأمسى عليه من أكوام الركام والحطام نصيبا من حق،  لما ألقى ممن يحملون نقاوة القلوب تحت أحجار المطامع والأهواء، ومن هذه الذكريات كيف كان يجتمع الناس أمام مقرات الحزب المنحل، حاملين معهم صور القائد، معلنين ولائهم ومبايعتهم له بالدم أمام عدسات المصورين، فيما تقف كاميرات المصورين في بغداد قريبة من رجل الدولة، محاطين بأسوار من رجال الأمن والبعث، ولا اعلم هنا إن رجال الإعلام يفقهون سبب ذلك, وهل دخل إلى بال احدهم أن يسأل أي مواطن من هذه الجموع الغفيرة بعيدا عن عيون حراس السلطة ؟ عن سبب وجوده في هذه التجمعات سواء كان سلبا أو إيجابا !.

  وتنازلا.. ولو حدث هذا اللقاء بين الصحفي والمواطن، فهل للمواطن يعطي رأيه بكل وضوح بدون خوف أن يسمع كلامه احد أو ينقل إلى مسامع رجالات السلطة، وبأي سبيل كان !.

   لكن الصورة تكررت في خارج العراق، حيث يتجمع الشعب ليعلن أمام الكاميرات ما تمليه عليه السلطة، وهذا ضمن دور وفاء العبيد إلى سيدها كما يقول بعض الكتاب، ويفتي بها شيوخ السياسة، الذين يقتاتون على فضلات أسيادهم المسروقة أصلا من قوت الشعب، هذا الفلم الإبداعي يقوم الآن البشير في تصويره، ضمن مختلف الولايات والمناطق السودانية، ومن الصور المنسوخة عن أفلام أخرى، زيارته إلى بعض البلدات الصغيرة، لعله بعمله هذا يبين للرأي العام الدولي، عدالته وحبه لأبناء السودان، فيما يطارده البعض ويدعو إلى إلقاء القبض عليه، بدعوى انتهاك حقوق الإنسان إلى درجة اتهامه انه مجرم حرب.

 إنها عملية تشبه بعملية " صحوة الموت " ليس إلا، وان أيام الصيف قد غلبت أيام الصقيع، مهما تمردت وتطيبت، فالأمر قد صبغ لون الأفق، وأخبار الدافوريين أمست واضحة المعالم، كأنها تخلصت من أجواء ضبابية، حيث أخذت تحبوا إلى أفق واسع، ويوم مشهود أخر، وساعة عسيرة على كل الطغاة، فلا بد أن تدق ساعة الصفر إبتداءاً من سقوط الصنم الثاني إعلانا منها، بالخلاص من حكم دكتاتوري آخر، قد جثم على صدور أبناء السودان، وحكم فيهم بالنار والحديد وتغييب الحريات وانتهاك لحرمات الناس.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد   17/تموز/2008 - 15/شعبان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م