مواقع بيع السلع المزيفة على الإنترنت تواجه قبضة العدالة

شبكة النبأ: كلنا نحب الحصول على سلعة بسعر أقل من السعر المعتاد، وتشكل مواقع بيع السلع على الإنترنت أحياناً أفضل وسيلة للحصول على سلعة تحمل علامة تجارية مشهورة بسعر مخفض.

ولكن بعض السلع التي يتم بيعها على الإنترنت هي سلع مزيفة. ويخوض منتجو السلع الفاخرة ذات العلامات التجارية الشهيرة صراعاً متواصلاً في سبيل وقف بيع النسخ المزيفة التي تقلد منتجاتهم على الإنترنت، وخاصة على موقع البيع بالمزاد الذي يحظى بشعبية كبيرة eBay إنك.

وقد لفتت قضيتان رفعتا أخيراً، إحداهما في الولايات المتحدة والأخرى في أوروبا، الانتباه مجدداً إلى هذه المسألة خالقة تحديات لموقع eBay وطارحة إمكانية ظهور تغير في كيفية ضبط التجارة غير المشروعة بالسلع المزيفة الفاخرة مرتفعة الثمن.

ففي فرنسا، حكمت محكمة في حزيران/يونيو على eBay بدفع غرامة مقدارها 61 مليون دولار، لأنها وافقت مع شركة LVMH Moet Hennessy Louis Vuitton على أن الموقع لم يقم بما فيه الكفاية لمنع عرض حقائب لوي فيتون مزيفة وعطور ديور مزيفة على الموقع. وقال الموقع إنه سوف يستأنف الحكم.

وفي نيويورك، حكمت محكمة محلية في نيويورك في 14 تموز/يوليو لصالح شركة eBay في الدعوى التي رفعتها شركة بيع الحلي بالتجزئة تيفاني آند كومباني ضدها وحاولت فيها تحميلها المسؤولية لعدم حيلولتها دون بيع حلي فضية مزيفة على موقعها للبيع على الشبكة العنكبوتية. ويرجح الخبراء في القانون استئناف تيفاني للحكم. بحسب موقع أمريكا دوت غوف.

وفي حين أن المحكمتين توصلتا إلى نتيجتين مختلفتين، إلا أن القضيتين دارتا حول الأسئلة التالية: من المسؤول عن ضبط مواقع البيع بالتجزئة على الإنترنت لكبح البيع غير المشروع للسلع المزيفة التي تحاكي سلعاً فاخرة مشهورة؟ هل تقع هذه المهمة على عاتق منتجي البضائع التي تحمل علامات تجارية أم على صاحب موقع البيع بالتجزئة أو موقع المزاد الذي يسمح بتسرب السلع المزيفة إلى معروضاته؟ وهل يمكن لأي كان ضبط الفضاء الرقمي العالمي بدون أي حدود قومية أو تقليدية؟

لقد سجل صانعو السلع الفاخرة علاماتهم التجارية كحق ينحصر فيهم، ويعتبر تقليد سلعهم غير مشروع في كل من فرنسا والولايات المتحدة.

وقال بيتر فوغل، المحامي المختص بشؤون العلامات التجارية المسجلة في شركة محاماة جونز داي: "سوف تواجه هذه الأسواق العاملة على الإنترنت صعوبات كثيرة."وأضاف أن الحكمين المتباينين في القارتين يشكلان معضلة لـ eBay والأطراف الأخرى التي تقوم بنفس النشاطات.

وأشار فوغل إلى أن النتيجة قد تستدعي قيام العاملين في مجال البيع بالتجزئة بالمزاد على الإنترنت بتوفير موقعين مختلفين، الأول لسلع متوفرة في الولايات المتحدة، والثاني تحكمه قواعد وأنظمة مختلفة، لبيع السلع على الإنترنت في أوروبا.

وفي حين أن eBay كان الخصم في القضيتين، إلا أن الحكمين اللذين صدرا فيهما قد يؤثران على مواقع أخرى على الشبكة العنكبوتية، مثل غوغل وياهو وأمازون دوت كوم، يمكن أن تعرَض فيها هي أيضاً سلع مزيفة. وفي حين أن هذه الأسواق المشروعة على الإنترنت تملك طرقاً مختلفة لوقف قيام مستخدميها بالبيع غير المشروع للسلع المزيفة عليها، إلا أنه تكاد لا توجد لدى أي منها وسائل مضمونة مئة بالمئة لتحقيق ذلك.

وقالت لي آن ليندكويست، وهي محامية مختصة بشؤون العلامات التجارية المسجلة في واشنطن، إن "المزيفين سيواصلون القيام بمثل هذا الأمر. وسيستمرون في العثور على طرق للالتفاف حول أي قوانين جديدة يتم وضعها."وأضافت أنه يتعين على الشركات أن تكون يقظة جدا، وهذا هو ما كانت شركة تيفاني تحاول القيام به.

أما أستاذ القانون في جامعة فرجينيا، كرستوفر سبرنغمان، فقال إنه ربما كان على مواقع البيع بالمزاد أن تتوصل بسرعة إلى بضعة خيارات لمواجهة العواقب التي ستنجم عن الحكم الذي صدر في فرنسا.

وأوضح أن "هناك عدداً من الطرق التي يمكن (للبائعين بالتجزئة على الإنترنت) التعامل من خلالها مع الأمر: عدم السماح للمستهلكين الفرنسيين باستخدام هذه المزادات، أو عدم السماح لعناوين فرنسية (نطاقات) بدخولها. وهذا الحل ليس مثالياً ولكن الأرجح أنه سيؤدي المرجو منه بشكل جيد."

وتجادل شركة موقع eBay بأنها لم ترتكب أي خطأ. وقد أصدرت الشركة بياناً في 30 حزيران/يونيو بعد صدور حكم المحكمة الفرنسية، قالت فيه "إذا ظهر المزيفون على موقعنا، فإننا نخرجهم منه بسرعة."

وقالت نيكولا شارب، وهي ناطقة باسم eBay في مكاتب الشركة في سان هوزيه، بكاليفورنيا، إن الشركة تواصل مراقبة وضبط مواقعها من خلال برنامج حقوق المالك المثبتة (Verified Rights Owner) المعروف باسم (VeRO) كي يتمكن أصحاب الملكية الفكرية من التبليغ عن المواد المدرجة التي تنتهك حقوقهم. ويعمل أكثر من ألفي موظف على اكتشاف السلع المزيفة المعروضة على الموقع، كما تراقب المواقع 18 ألف شركة إنتاج بشكل متواصل لاكتشاف السلع المزيفة.

وقال روب تشيستنات، كبير نائبي مدير eBay ومستشار الشركة القانوني، "سنواصل حماية سوقنا وما تولده من ابتكار ومنافسة بنشاط وجسارة."

ويرى الخبراء في القانون أن القضية لم تنته بعد، وأنه سيتعين على منتجي السلع تقرير حجم الضبط الضروري لحماية علاماتهم التجارية واكتشاف المزيفين.

فقد قال مارك ليملي، الأستاذ في كلية الحقوق في جامعة ستانفورد، "أعتقد أن eBay شركة إنترنت نموذجية من حيث الضبط. وكأي انتهاك للحقوق المسجلة، يصعب اكتشاف الجميع. إلا أنه يمكن وضع أنظمة لاكتشاف أسوأ المنتهكين."

ولكن، مهما فعلت مواقع البيع بالتجزئة على الإنترنت، ستواصل شركات إنتاج المواد الفاخرة مراقبتها للمواقع وإنفاقها المال في سبيل الحيلولة دون بيع السلع المزيفة.

وقال تيم تراينر، رئيس المركز العالمي لاستراتيجية الملكية الفكرية، وهو شركة استشارات حول القضايا القانونية في واشنطن، "عند النظر إلى الأمر من زاوية الكلفة، فإن المستهلك هو الذي سيدفع ثمن هذا."

وفي حين أن الحكم ضد تيفاني يمنح eBay فسحة للتنفس في الولايات المتحدة، إلا أنه من غير الواضح بعد ما إذا كان الحكم الذي صدر ضده في فرنسا سيحفز على رفع دعاوى أخرى ضده في أنحاء أخرى من العالم.

وقد أعرب تارفيس جونسون، نائب الرئيس للشؤون السياسية والتشريعية في الائتلاف الدولي لمكافحة التزييف في واشنطن، عن توقعه بأن يستمر تعرض مواقع مثل eBay لرفع دعاوى ضدها.

وقال حول ذلك" إن هذه ليست أول دعوى ترفعها جهة صاحبة علامة تجارية ضد eBay، ولا أتصور أنها ستكون الأخيرة."

وفي هذه الأثناء، أعرب جيمس سواير، مستشار تيفاني القانوني، عن اعتقاده بأن الكونغرس الأميركي سيتدخل في نهاية الأمر في وضع الحدود القانونية المتعلقة بالسلع المزيفة المعروضة للبيع على الإنترنت.

وقال سواير: "إن هذه المشكلة ليست مشكلة مقتصرة على تيفاني وحدها. إنها مشكلة بالنسبة للكثير من أصحاب العلامات (الماركات) التجارية الرئيسية، وإذا كانت المحاكم العاملة بناء على القوانين الراهنة لا تستطيع معالجة المشكلة، فسوف يكون من المنطقي توقع التوجه إلى الكونغرس طلباً للتغيير الضروري."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد   17/تموز/2008 - 15/شعبان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م