ملف السياسة في العراق: المعاهدة مع أمريكا وعودة العرب وقنبلة كركوك الموقوتة

شبكة النبأ: ما بين زخم القوة الذي أضافته الإنجازات الأمنية الاخيرة في العراق لرصيد الحكومة وإعلاء معنوياتها في صراع المفاوضات حول الاتفاقية الأمنية مع امريكا، وما بين التخوفات من ان انتهاء الصراع الطائفي في البلد قد يخلفه صراع قومي او مناطقي على خلفية تصاعد التوتر بين العرب والاكراد في كركوك والمناطق الاخرى المتنازع عليها، يبقى العرب، كعادتهم، يشترطون ويتشرطون على العراق والعراقيين من اجل عودة حضورهم الدبلوماسي على الأقل، متناسين ان العراق خرج من دوامة اليأس والعنف والإرهاب وأنهم هم الذين بحاجة لعراق المستقبل القوي والغني وليس العكس...

ففيما يخص السجال الدائر بين الحكومتين العراقية والامريكية حول المعاهدة الأمنية قال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري ان العراق يصر على أن تقدم الولايات المتحدة أفقا زمنيا واضحا للغاية لسحب قواتها ضمن اتفاق يسمح للقوات بالبقاء في البلاد بعد نهاية العام الحالي.

وفي مقابلة مع "رويترز" قال زيباري انه جرى الاقتراب من التوصل لاتفاق يتضمن أفقا زمنيا ومن المرجح أن يعرض على البرلمان العراقي في بداية أيلول (سبتمبر).

وعندما سئل عما اذا كان العراق سيقبل بوثيقة لا تتضمن مواعيد للانسحاب اجاب زيباري بالنفي قائلا انه يتعين ان يكون هناك أفق زمني واضح للغاية. وهذا اقوى تأكيد علني حتى الآن على ان العراق يطالب بأفق زمني.

وقاوم الرئيس الاميركي جورج بوش تحديد موعد ثابت لسحب القوات من العراق رغم ان البيت الابيض بدأ يتحدث الشهر الماضي عن "أفق زمني" عام و"أهداف طموحة" للانسحاب.

وفيما يتعلق بالاتفاق قال زيباري ان المحادثات ماتزال مستمرة وان هناك تقدما كبيرا. واضاف ان الاتفاق اصبح قريبا جدا وعلى وشك الانتهاء.

وسيحل الاتفاق محل قرار لمجلس الامن الدولي يجيز للقوات الاميركية البقاء في العراق والذي ينتهي العمل به في نهاية هذا العام.

والنقطة الشائكة في المفاوضات هي رغبة واشنطن في ان يتمتع جنودها بالحصانة من القانون العراقي. وفي تموز (يوليو) قال نائب رئيس البرلمان العراقي لـ"رويترز" ان من المرجح ان يعترض اعضاء البرلمان على الاتفاق اذا حصلت القوات الاميركية على الحصانة.

وقال زيباري ان العقبات الاخرى تشمل مدى صلاحيات الجيش الاميركي في احتجاز مدنيين عراقيين وسلطتهم على القيام بعمليات عسكرية.وقال ان المفاوضين العراقيين توصلوا بالفعل الى حلول وسط بشأن هذه القضايا.

ورفض زيباري التعليق عن المواعيد المحددة التي يسعى اليها المفاوضون العراقيون للانسحاب وقال انه لم يتم الانتهاء بعد من وثيقة الاتفاق. ويقول مسؤولون عراقيون انهم يرغبون في انسحاب جميع القوات الاميركية المقاتلة بحلول تشرين الاول (اكتوبر) عام 2010.

وسيتطلب أي اتفاق يتضمن ذلك الموعد موافقة فعلية من ادارة بوش على أفق زمني يماثل تقريبا ما اقترحه المرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الاميركية باراك اوباما الذي عارض غزو عام 2003.

وقال زيباري انه ربما يسمع الناس هنا وهناك مواعيد عديدة لكنه حذر من الأخذ بأي من هذه المواعيد لحين صدور الوثيقة النهائية.

الحائري يعتبر المعاهدة تنازلاً عن سيادة العراق وثرواته

وفي اطار ردود الأفعال حول الإتفاق المزمع إبرامه مع امريكا جدد المرجع الديني آية الله الحائري موقفه الرافض للاتفاق الأمني الطويل الأمد. وشدد الحائري في بيان صدر عن مكتبه وتلقت الحياة نسخة منه، على ضرورة عدم تأييد المسؤولين العراقيين هذا الاتفاق، لافتاً الى أن الأميركيين يريدون إجبار الحكومة العراقية على الموافقة باسم احتمال إخراج العراق من البند السابع لميثاق الأمم المتّحدة في مقابل تنازلهم الكامل عن استقلال العراق وثرواته.

ومن جهته، أكد النائب الأول لرئيس مجلس النواب الشيخ خالد العطية خلال زيارته مدينة كربلاء مؤخراً على  إن البرلمان العراقي ينتظر من الحكومة أن توافيه بما اتفق عليه خلال الفصل التشريعي الثاني.

عودة العرب الخجولة

من جهة ثانية قدم السفير هاني خلّاف رئيس بعثة الجامعة العربية في العراق تقريرا الى الامين العام للجامعة عمرو موسى حول مهمته الاستطلاعية في بغداد، التي امتدت خمسة ايام، وحمل انطباعاته الاولية وملامح المشهد السياسي والأمني للداخل العراقي. بحسب رويترز.

وقال خلّاف عقب لقائه موسى ان التقرير تضمن تصورات لدور الجامعة وان الانطباع المبدئي ايجابي بوجود فرص وامكانيات لتحرك عربي، رغم كل الصعوبات والتحديات، مشيرا الى انه في هذه المرحلة لا نستطيع الحديث عن خطة محددة للتحرك، لكن اعتبار المصالحة الوطنية العراقية احدى اولويات العمل للجامعة العربية في العراق هو مطلب اساسي، استنادا الى ما هو قائم وما سبق للجامعة اتخاذه في مؤتمرات ولقاءات سابقة.

وقال ان المشهد السياسي في العراق تغير بعض الشيء في بعض ملامحه، من حيث التحالفات السياسية والانشقاقات والكتل السياسية وإعادة رسم خرائط جديدة واصطفافات جديدة.

وينبغي ايضا رصد التغييرات في مواقف بعض القوى السياسية، وتأثيرها المحتمل على المصالحة الوطنية. وأوضح خلّاف انه ليس في وضع رسمي بعد، وإنما الخط العام للمشهد العراقي يبين ان الجامعة العربية منفتحة على التواصل مع جميع الاطراف الاقليمية والدولية ذات الدور المؤثر في العراق وأولها الولايات المتحدة

الأمم المتحدة والمقترحات بشأن المناطق المتنازع

من جهة ثانية وحول مشكلة كركوك المتشعبة الجوانب توقع النائب عن كتلة التحالف الكردستاني سعدي البرزنجي  أن يقدم ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق ستيفان ديمستورا تقريره بشأن مقترحاته للمناطق المتنازع عليها خلال شهر أيلول سبتمبر المقبل كرزمة واحدة.

وقال البرزنجي وهو رئيس لجنة مراقبة تنفيذ المادة 140 لوكالة أصوات العراق "من المتوقع أن يقدم ممثل الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان ديمستورا اقتراحاته بصدد المناطق المتنازع عليها جملة واحدة في شهر أيلول سبتمبر المقبل، كونه يعمل بخط آخر من اجل التوصل لحل مسالة المناطق المتنازع عليها".

وكان آخر مقترح للأمين العام للأمم المتحدة في العراق ستيفان ديمستورا بشأن المناطق المتنازع عليها والذي تضمن تأجيل الانتخابات في مدينة كركوك إلى أجل غير مسمى مع تشكيل لجنة نيابية لمتابعة وتقييم الوضع في المدينة، وهو ما لاقى ترحيبا عربيا وتركمانيا، فيما رفضه الأكراد.

وأوضح أن "لجنة تطبيق المادة 140 التي يرأسها الدكتور رائد فهمي وزير العلوم والتكنلوجيا مستمرة في عملها وماضية قدما في إجراءات التطبيع وتعويض المرحلين العائدين للمناطق المتنازع عليها وكذلك تعويض الوافدين الذين جلبهم النظام السابق ضمن حملة التغير الديمغرافي ضمن حملة كركوك والمناطق المتنازع عليها".

وبحسب المادة 140 من الدستور العراقي، فإن مشكلة المناطق المتنازع عليها، وأبرزها محافظة كركوك، تعالج على ثلاث مراحل هي: التطبيع، ثم إجراء إحصاء سكاني، يعقبه استفتاء بين السكان على مصير المناطق لتقرير ما إذا كانت كركوك ستبقى كمحافظة، أو تنضم إلى إقليم كردستان كما يطالب الأكراد في كتلة التحالف الكردستاني في البرلمان، وهو الأمر الذي يرفضه العرب والتركمان من سكان المدينة.

وكان من المقرر أن تنجز مراحل المادة 140 خلال مدة أقصاها نهاية العام الماضي2007، إلا أن البرلمان العراقي قرر تمديد المهلة اللازمة ستة أشهر لتنفيذ المادة انتهت في الأول من تموز يوليو الماضي.

وعن عدد الذين تم تعويضهم، قال البرزنجي إن "هناك أعدادا كبيرة من المرحلين العائدين لكركوك والمناطق الأخرى ممن تم تعويضهم، وكذلك العرب الوافدين والذين اختاروا برغبتهم العودة لمناطقهم الأصلية التي جلبوا منها في الوسط والجنوب  تقدر بالآلاف، إلا أني لا أملك إحصائية دقيقة لهم".

وعن طعن بعض النواب بشرعية عمل اللجنة 140 من الدستور لاعتقادهم بأنها ألغيت بانتهاء الفترة الزمنية المحددة لها، قال البرزنجي "نحن بينّا في عدة مناسبات بأن المادة 140 هي نافذة وسارية المفعول كونها أوجدت لحل إشكالية مزمنة تؤرق العراق وطالما بقيت هذه المشكلة عالقة ولم تحل، فالمادة 140 يجب أن تبقى".

وكان عدد من النواب قالوا مطلع العام الجاري إن شرعية عمل اللجنة النيابية التي تراقب عمل لجنة المادة 140 انتهت بسبب انتهاء السقف الزمني المحدد لها والذي كان في الـ31 من كانون الأول ديسمبر من العام الماضي.

وأضاف النائب الكردي أن "المادة 140 فيها جوهر لحل الإشكالية، وتابع هو الزمن، أي أن عنصر الزمن تابع للجوهر بمعنى إذا انتهى مثلا تطبيق المادة قبل الموعد المقرر، فإن الزمن لا يبقى له قيمة، إلا أنه في حال بقاء جوهر المشكلة  بدون حل لذا فإن التاريخ لا يشكل عقبة لأن التابع لا يؤثر على الأصل".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء   13/تموز/2008 - 11/شعبان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م