الوساطة والخروج من الطريق المسدود

الباحث /عبد الكريم العامري

شبكة النبأ: غالبا يرى الوسطاء المبتدئون في الوصول الى طريق مسدود او حتى التهديد بالانتهاء الى طريق مغلق موقفا منذراً, ومحفوفاً باحتمالات فشل عملية الوساطة. وبالعكس, اذا تحدثت مع الوسطاء المتمرسين الذين خاضوا الكثير من معارك الوساطة في سبيل التوصل لحل, يتولد لديك ذلك الانطباع المتميز بأن عملية الوساطة كلها تدور لتصل في النهاية لهذا الطريق المسدود. هنا يظهر كل طرف من اطراف النزاع على حقيقته. وقد يلجأ الاطراف ومحاموهم الى التشبث بالمواقف الثابتة او التراجع عما كان يبدو كأرضية مشتركة بينهم. ذلك حين يحتاج اطراف النزاع حقيقة الى وسيط جيد.

وقد يكون من الافضل لك ان تستخدم كلمة مثل (عائق)logiam بدلاً من

(الطريق المسدود)  impasses عندما تصف المرحلة التي يتشبث فيها الاطراف بمواقفهم المتشددة,وعدم مقدرتهم على التحرك. فالتعبير المجازي كلمة logiam يشير الى توقف طوفان كتل الخشب في النهر نتيجة اشتباكها بشئ يمنعها من التحرك, يعطي الاحساس بالامل, في التاثير على الموقف وتطويعه, سواء بإبعاد كتل الخشب من المكان الذي توقفت فيه, او بتحريك كتلة او عدة كتل, او اضافة احد الاضلاع الخشبية او المزيد من الماء.

قبل الدخول يجب ان تعرف:

- الطريق المسدود هو (نهاية مغلقة) dead lock او (ورطة) او (مازق) لايبدو له مخرجا. فقد يكون للكلمة معان مختلفة. فعبارة (وصلنا الى طريق مسدود) ربما تعني لأحد الاطراف  فقدان الامل في التوصل لأي حل, بينما قد تعني لطرف آخر انها (خدعة) في المفاوضات لتهديد الجانب الاخر كأن يقول في داخله ( أعطني ما أريد وإلا).

- يتحقق الطريق المسدود عندما يتشبث الاطراف بمواقفهم التي وصلوا اليها، فلا يمكن التوفيق بينها هنا تكون الاستراتيجية التي يتبعها الوسيط هي توجيه الاطراف الى بديل آخر.

- ان كل انواع السلوك بما في ذلك سلوك الطريق المسدود تؤدي وظيفة معينة للافراد ولأعضاء الجماعة, فعليك ان تطرح السؤال الآتي: ما الوظيفة التي يؤديها هذا الطريق للاطراف? ولماذا يرفض البعض العرض المطروح على المائدة? ولماذا يحدث? هل هي مناورة للتفاوض او للحصول على مزايا?

- كيف يرى الاطراف العرض المطروح على المائدة?

الخروج من الطريق المسدود

هناك انواع من الافعال التي يمكن ان تقوم بها:

1- العودة للأسباب:

اول ما يجب ان يخطر بذهنك عندما تواجه موقف الطريق المسدود هو،

هل فاتني شيئ في تحليلي السابق للنزاع?

هل هناك اطراف اخرى تعمل على فشل الوساطة?

هل هناك مصالح أغفلناها وعوامل اخرى لم نحددها?

2-تغيير توليفة المفاوضات:

اول سبيل هو ان نتذكر ان جوهر الطريق المسدود هو نفسه لب النزاع, وعليك ان تجد العامل المفقود وتحرك الاطراف نحو ارضية مشتركة تساعد على ايجاد حلول وبالشكل التالي:

أ- يحدد الوسيط مع الاطراف المواقف كلها وبسرعة على ان يتمسك كل طرف بموقف واحد يطلب من الطرف الاخر ان يقبل هذا الموقف.

ب- يحول الوسيط الدفة من الحديث عن المواقف الى الحديث عن المصالح.

ج- يشجع الوسيط الحديث عن الحلول الجديدة.

3- دور المحامي الشيطان

لاتخف من لعب دور محامي الشيطان الذي يدافع عن قضية خاسرة مع كل طرف من الاطراف.

أ‌- استخدم الاجتماعات المغلقة للفصل بين الاطراف.. لترى اذا كان بامكانك التوصل الى نتائج مختلف.

ب-اكسب الوقت بتاجيل العملية لبعض الوقت وهو شكل من اشكال اللجوء الى الاستراحة لعدة ايام.

ج-   الرجوع الى سلطة أعلى, وذلك للحفاظ على اتفاق الاطراف حول القضايا.

   د- ضم اطراف خارجية مثل المحامين المؤيدين وذلك للحصول على افكار من هذه  الاطراف الجديدة تساعد على تحويل المواقف.

ه-   اعزل طريقة او اكثر لبعض الوقت خاصة المتشددة المتصلبة.

4- اطرح المعايير الموضوعية الخارجية والحلول التي توصلت اليها على مائدة المفاوضات لحل الخلافات وللتقريب بين وجهات النظر بالأساليب التالية:

أ- الإعتماد على نتيجة قذف عملة معدنية في الهواء. فهذا يعتمد على الطريقة المعروفة في السباق الرياضي يتم قذف عملة في الهواء (صورة-كتابة) حيث يقتضي القرار على النتيجة حيث يتقبل الطرف الذي يخسر الرهان حقيقة فوز الطرف الاخر على حركة العملة.

وأخيرا فإن لجوء اطراف النزاع الى رأي محكم خارجي او قاض متقاعد عن طريق محاكمة مصغرة حيث يشاهد الأطراف المناقشات تدور بين المحامين او إستشارة شخص ثالث مثل استخدام شخص يعرف كيفية تقييم سيارة او دار او بستان.. كلها أمورا تكون ساندة بشكل حيوي في دعم عملية الوساطة والوصول الى الحل...

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين   11/تموز/2008 - 9/شعبان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م