العراق: إحتدام نزاع الإنتخابات المحلية وعائدية كركوك

اعداد: ميثم العتابي

شبكة النبأ: انتخابات المحافظات تطرق الأبواب العراقية، في خضم عدد من المشاكل التي لم يصل بها البرلمان العراقي إلى ساحل الحل الأخير، ومنها الإتفاقية الأمنية مع امريكا، ومصير محافظة كركوك المتنازع عليها، وسوى ذلك الوضع الأمني الغير مستقر، وهشاشة الخدمات العامة المقدمة للمواطن العراقي.

(شبكة النبأ) في سياق هذا التقرير تسلط الضوء على أهم الأحداث وآخر الأخبار في قضية الإنتخابات العراقية لمجالس المحافظات، والحلول الممكنة في الإتفاقية العراقية الامريكية:

دعوة لضبط النفس في كركوك والإحتكام إلى القانون والدستور

تفاقمت تداعيات الطلب الذي تقدم به عدد من أعضاء مجلس محافظة كركوك إلى الحكومة العراقية لضم المحافظة إلى إقليم كردستان، حيث ردت الحكومة بدعوة جميع الأطراف إلى التزام الهدوء والاحتكام للقانون والدستور، في حين قالت هيئة علماء المسلمين إن الخطوة تكشف نوايا الساسة الأكراد.

وترافق ذلك مع تطور أمني جديد في المنطقة، حيث أودى انفجار عبوة ناسفة كانت مزروعة على طريق في بلدة رشاد جنوبي كركوك بحياة جنديين كانا في عداد دورية تجوب البلدة، ليزداد بذلك التوتر في المحافظة التي يتنازع على مصيرها العرب والأكراد والتركمان، والتي شهدت مقتل 38 شخصاً بهجمات على متظاهرين أكراد.

وبالعودة إلى بيان الحكومة العراقية، فقد أعلن الناطق الرسمي باسمها، علي الدباغ: ندعو جميع الأطراف والمكونات والأحزاب في محافظة كركوك إلى الهدوء والحكمة والاحتكام إلى القانون والدستور وتفويت الفرصة على أعداء العراق الذين يتصيدون في الماء العكر وعدم القيام بأي إجراءاتٍ تصعيدية من شأنها الإضرار بالوحدة الوطنية. بحسب (CNN).

وأضاف الدباغ أن الحكومة العراقية تؤكد رفضها لأي خطوةٍ انفرادية لتغيير وضع مدينة كركوك وتَعتبرُها غير قانونية وغير دستورية حيث أن الوضع النهائي للمدينة تحكمهُ آليات دستورية شَرَعت الحكومة بإتباعها من خلال لجنة المادة 140 من الدستور.

وأكد الدباغ أن الحكومة العراقية تحذر من أي انتهاك أو إخلال بالأمن من قبل أي مجموعات مسلحة حيث سيتم التعامل معها بكل حزم وقوة ووفق القانون.

من جهتها أصدرت الأمانة العامة لهيئة العلماء المسلمين بياناً شديد اللهجة حول الموضوع، قالت فيه: انكشفت النوايا التي يضمرها الساسة الأكراد، تجاه شركائهم في الوطن. منتقدة طلب ضم المحافظة إلى إقليم كردستان الذي اعتبرت أنه يفتقر هو نفسه إلى الشرعية؛ التي تستمد من موافقة الشعب العراقي في استفتاء حر، وإرادة مستقلة، في بلد محرر.. وهذا كله لم يحدث بعد.

وتابع البيان إن هذه الخطوة مردودة على أصحابها، ولا وزن لها، وعلى من قام بها أن يعلم بأن الثمار والمكاسب التي يحصل عليها في ظل الاحتلال لا قيمة لها؛ لأنها فاقدة للشرعية تماما، ولأن الشعب العراقي بما فيهم أبناؤه الكرد الأوفياء لن يسامحوا من تعاون مع المحتل ضد مصالح البلاد وأبنائها.

وتابعت الهيئة، التي تمثل شرائح واسعة بين السنّة العرب في العراق: عمر الاحتلال قصير، وأقصر منه عمر المتعاونين مع الاحتلال والمستفيدين من وجوده.

وكان 24 عضوا من اعضاء مجلس محافظة كركوك قدموا اليوم طلبا إلى رئاسة مجلس النواب الخميس، طالبوا من خلاله بانضمام محافظة كركوك إلى إقليم كردستان في حال فشل الكتل السياسية في بغداد في التوصل إلى صيغة توافقية بخصوص قانون انتخاب مجالس المحافظات.

وجاء ذلك خلال جلسة استثنائية عقدها مجلس محافظة كركوك بغياب أعضاء قائمتي جبهة تركمان العراق، والتجمع الجمهوري العراقي الممثل لعرب المحافظة.

يذكر أن كركوك كانت قد شهدت يوماً دامياً الاثنين، عندما فجّرت انتحارية نفسها وسط حشد من المتظاهرين الأكراد الذين كانوا يتجمعون للاحتجاج على قانون الانتخابات الجديد، كما قام مسلحون بإطلاق النار عليهم، مما أسفر عن مقتل 38 شخصاً على الأقل، وإصابة نحو 178 آخرين.

أستخدام حق النقض الفيتو الرئاسي وتعطيل قانون الإنتخابات

وفي سابقة استخدم الرئيس العراقي جلال طالباني، حق النقض الفيتو الرئاسي، لمعارضة قانون انتخابات المجالس المحلية الجديد، بعد يوم واحد من إقراره من قبل مجلس النواب، مما يعيد القانون مرة أخرى إلى البرلمان لمناقشته من جديد.

وكان هذا الرفض متوقعاً من قبل الرئيس العراقي، خاصة بعدما أعلن نواب كتلة التحالف الكردستاني رفضهم للقانون الجديد، وهو ما عبروا عنه بانسحابهم من جلسة التصويت عليه داخل مجلس النواب.

وأصدر مكتب الرئيس العراقي بياناً أدان فيه تمرير مجلس النواب للقانون المثير للجدل، والذي من شأنه أن يضع المعايير الخاصة بالترشيح للانتخابات المحلية، وموعد إجرائها.

وجاء في البيان: الرئيس، الذي أبدى اعتراضه على القانون الذي وافق عليه 127 عضواً، لا يمثلون نصف عدد أعضاء البرلمان، على ثقة بأن المجلس الرئاسي الحاكم لن يوافق على المصادقة عليه. بحسب (CNN).

ونقلت CNN عن أحد أعضاء مجلس النواب العراقي، قوله إن 141 عضواً، من بين 275 عضواً، صوتوا لصالح القانون الجديد، إلا أن نائباً آخر بالمجلس ذاته قال إن 141 عضواً حضروا جلسة الثلاثاء، صوت 127 منهم بالموافقة على القانون.

وتنظر الحكومة العراقية، وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية، إلى قانون الانتخابات المحلية بوصفه خطوة إيجابية أساسية نحو تعزيز الديمقراطية والمصالحة الوطنية، بما يساعد على حماية الاستقرار في العراق.

وبعد جلسة عاصفة، أقر البرلمان العراقي قانون الانتخابات المحلية، فيما سادت خلافات بين الأعضاء حول موعد إجراؤها، خاصة في مدينة كركوك، نظراً لانسحاب النواب الأكراد، البالغ عددهم 58 نائباً.

وتم إحالة القانون الجديد إلى المجلس الرئاسي الحاكم، الذي يضم الرئيس طالباني، وهو زعيم (كردي)، ونائبيه طارق الهاشمي (سُني)، وعادل عبد المهدي (شيعي)، للمصادقة عليه.

وكان من المقرر أن يتم إجراء انتخابات المجالس المحلية في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، إلا أن خلافات قد تؤدي إلى تأجيل هذا الموعد، خاصة بعد ما أبدت اللجنة العليا للانتخابات اعتراضها عليه، قائلة إنها تحتاج إلى مزيد من الوقت، لكي تجري الانتخابات في أجواء شفافة وديمقراطية ونزيهة.

خلافة بتريوس لقيادة القوات الأميركية في العراق

من جهة اخرى كشفت مصادر مطلعة أن قائد القوات الأميركية في العراق، الجنرال ديفيد بتريوس، سيوصي بخفض حجم قواته هناك في أواخر أغسطس/آب المقبل قبيل مغادرته.

ومن المقرر أن ينقل بتريوس قيادة القوات الأميركية في العراق إلى الجنرال ريموند أوديرنو، في منتصف سبتمبر/أيلول، قبيل تسلم مهامه الجديد كقائد للقيادة الأميركية الوسطى، التي تشرف على العراق، وأفغانستان، وإيران ومنطقة الشرق الأوسط.

وستأتي توصيات بتريوس قبل 45 يوماً من موعد إنتهاء نشر القوات الأميركية الإضافية، إلا أن المصادر المقربة منه نفت ارتباط التوقيت بأي تقويم، بل برغبته في التشاور مع القيادات العسكرية الأخرى. بحسب رويترز.

وكان بتريوس قد رهن في مايو/أيار، خلال جلسة استماع حول ترشيحه لتولي منصب قائد القيادة المركزية، سحب المزيد من القوات الأميركية في العراق بالأوضاع على واقع الأرض.

وأعرب بتريوس عن اعتقاده بإمكانية سحب مزيد من القوات الأميركية بحلول الخريف، إلا أنه أبدى، في الوقت نفسه، تخوفه من عدم جاهزية القوات العراقية لتولي مسؤولياتها بكافة أنحاء العراق. في الوقت ذاته، جدد الرئيس الأميركي، جورج بوش رفضه تحديد جدول محدد للانسحاب من العراق.

ورفض بوش في مايو/أيار الماضي تحديد موعد زمني لسحب الجيش الأمريكي من العراق، قائلاً: إن ذلك يعود إلى تقديرات قادة الجيش.

ويقول خبراء إنه ورغم المواجهات والهجمات الإرهابية المتقطعة، ويتوقع استمرارها لسنوات مقبلة، إلا أن في مقدور واشنطن وبغداد تحويل التركيز من العمليات القتالية إلى عمليات الإعمار.

ورغم اندلاع أعمال عنف بين حين إلى آخر، إلا أن العراق بلغ مرحلة، لا تملك فيها المليشيات المسلحة، التي هيمنت يوماً على مدن بأكملها، القوة لتهديد الحكومة المركزية، كما يرى الخبراء.

ويقول المحللون إن في بلوغ تلك المرحلة نهاية لمرحلة العمليات القتالية، وليس للحرب ككل أو دور القوات الأميركية، الذي سينتقل إلى تدريب قوات الأمن العراقية، ومنع تهريب الأسلحة من إيران، ودعم الروابط بين بغداد والحكومات المحلية.

وقال قائد القوات الأميركية في العراق، الجنرال ديفيد بتريوس، في وقت سابق إن المؤشرات الأولية تدل على أن قيادات القاعدة تنظر في تحويل اهتمامات التنظيم من حرب العراق إلى الأخرى التي تخوضها القوات الأميركية في أفغانستان.

ومن جانبه قال السفير الأميركي لدى العراق، رايان كروكر، إن التمرد المسلح وهن إلى درجة لن يقوى بعدها على تهديد مستقبل العراق.

وأضاف قائلاً: من الواضح للغاية، إن المسلحين ليسوا في وضع يتيح لهم الإطاحة بالحكومة، أو حتى تحديها.. في الحقيقة أو حتى مواجهتها.. ما تبقى من التمرد يحاول التشبث.

وعقب ستيفن بيدل، المحلل في مجلس العلاقات الخارجية الذي قدم استشارات لبتريوس حول إستراتيجية الحرب، على الوضع "شارفنا من نقطة تبدو فيها نهاية للعنف الجماعي في العراق.

ولم يشر تعليق بيدل صراحة إلى انتهاء الحرب في العراق، إلا أنه تحدث عن انتقال المهام الأميركية من مقاتلة المسلحين إلى الحفاظ على السلام.

الاتفاق الأمني ومذكرة التفاهم وتواصل عمليات البشائر

أنهى البرلمان العراقي فصله التشريعي مع استمرار تعليق عدد من القضايا الخلافية، أبرزها قانون انتخابات مجالس المحافظات وقانون النفط، في حين انتهى الموعد المقرر لعقد الاتفاق الأمني مع الولايات المتحدة من دون التوصل الى نتائج حاسمة وبقي معلقاً حتى اشعار آخر.

في الوقت نفسه أعلن رئيس البرلمان محمود المشهداني عقد جلسة استثنائية للبت بقانون انتخاب مجالس المحافظات وحل عقدة كركوك. وفي غضون ذلك، تتواصل عملية بشائر الخير في محافظة ديالى حيث اعتقل 35 ارهابيا خلال استهداف انصار تنظيم القاعدة والخارجين عن القانون. بحسب صحيفة الحياة.

وكان المشهداني احال القانون المثير للجدل الى المجلس السياسي للأمن الوطني لإيجاد تسوية بعدما نقضه رئيس الجمهورية جلال طالباني ونائبه عادل عبدالمهدي، الأمر الذي اثار مختلف الكتل السياسية وفجر الاحداث الدامية في كركوك، فيما لفت النائب الكردي محمود عثمان الى عدم استعجال القوى العراقية اقرار القانون.

وكان البرلمان أقر في 22 تموز (يوليو)، وبموافقة 127 نائباً من أصل 140 حضروا الجلسة، قانون انتخابات مجالس المحافظات متضمناً فقرة بتأجيل انتخابات كركوك وتقاسم المناصب الادارية في المدينة بين العرب والأكراد والتركمان، الأمر الذي يعارضه الاكراد بشدة.

ومع نجاح البرلمان، في فصله التشريعي المنتهي، بإقرار الموازنة العامة وقانون مجالس المحافظات غير المنتظمة في اقليم، فشل في إقرار قانون النفط الذي تدعمه الادارة الاميركية، في حين لا يزال قانون انتخابات مجالس المحافظات معلقاً بين خلافات الاطراف السياسية.

ومع نهاية تموز وانتهاء الموعد المقرر للتوصل الى الاتفاق الامني مع الولايات المتحدة، يصبح الطرفان امام خيار تأجيل البت في القضية الى موعد آخر يفضله الاميركيون قبل نهاية تشرين الاول (اكتوبر) المقبل، فيما تواصل اللجان المشتركة درس تفاصيل مذكرة التفاهم البديلة مع رفض العراق تحديد سقف زمني للتوقيع عليها.

وكان الاتفاق الاستراتيجي الذي مهد له الرئيس جورج بوش ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بتوقيع اتفاق المبادئ نهاية العام الماضي، مر بسلسلة تطورات تخللتها مطالبة العراقيين بوضع جدول زمني للانسحاب الاميركي من العراق، الأمر الذي رفضه الاميركيون مفضلين الاكتفاء بـ أفق زمني يرتبط بتطور القدرات العراقية.

أمنياً، واصلت قوات الأمن العراقية، بدعم من الجيش الاميركي، تنفيذ بشائر الخير في محافظة ديالى حيث اعتقل 35 ارهابيا بينهم 4 أمراء في القاعدة وأقارب لنائب رئيس النظام السابق عزة الدوري في اليوم الثاني من هذه العملية المخصصة لملاحقة تنظيم القاعدة والخارجين عن القانون، فيما اتهم مسؤول في الحكومة المحلية في المحافظة ايران بدعم الجماعات المسلحة فيها.

مناشدة الصدر الحكومة العراقية بعدم التوقيع على الاتفاقية الأمنية

ناشد رجل الدين الشيعي العراقي مقتدى الصدر الحكومة العراقية الامتناع عن التوقيع على اتفاق امني جديد مع الولايات المتحدة لتنظيم الوجود العسكري الامريكي في البلاد بعد انقضاء التفويض الدولي الذي حصلت عليه من الامم المتحدة اوائل العام المقبل.

وكان مقررا ان يتم التوقيع على اتفاق جديد قبل التاريخ هذا، الا ان واشنطن نوهت الى ان ذلك لن يكون ممكنا.

وقال الصدر في بيان اصدره بهذا المعنى: اناشد الحكومة العراقية عدم التوقيع على الاتفاق الامني الجديد مع الولايات المتحدة، وانا اؤكد استعدادي لدعم الحكومة سياسيا وعلنيا اذا امتنعت عن التوقيع. بحسب بي بي سي.

ودعا الصدر المؤمنين ورجال الدين للتعبير قانونيا عن رفضهم التوقيع على اي اتفاق بين الحكومة والمحتل حتى لو كان الاتفاق اتفاق صداقة او اي شئ آخر.

ودعا مقتدى الصدر، الذي يناهض بقوة الوجود العسكري الامريكي في العراق الذي يعتبره احتلالا، العراقيين الى التوحد ومقاومة هذا الاتفاق بكل السبل السياسية والسلمية والعلنية.

ويذكر ان جيش المهدي، وهو الجناح العسكري لتيار مقتدى الصدر، كان قد خاض معارك ضارية ضد القوات الامريكية والعراقية في مدينة الصدر شرقي بغداد في شهري ابريل/نيسان ومايو/ايار المنصرمين.

وللولايات المتحدة زهاء 142 الف جندي في العراق. وكان رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي قد اثار زوبعة في البيت الابيض في وقت سابق من الشهر الجاري بقوله إنه يفضل وضع جدول زمني لانسحاب القوات الامريكية من البلاد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد  3/تموز/2008 - 1/شعبان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م