
شبكة النبأ: رغم ظِلال القمع والعنف والإرهاب التي تلقيها
الحكومات التسلّطية على مختلف شعوب الأرض فإن العدالة برزت في
الحقبة البسيطة الماضية كشمعة تنير ليل التسلط الذي تعاني منه
الإنسانية في أغلب أصقاع الدنيا، فمن ذوبان كتلة الشيوعية العظمى
في عهد الإتحاد السوفيتي السابق مرورا بتحطيم جنون العظمة الذي
أصاب رئيس بلغاريا السابق تشاوشيسكو ونهاية بمحاكمة الدكتاتور صدام
حسين ومن ثم إعدامه يأتي الدور لزعيم صرب البوسنة السابق المُتهم
بجرائم حرب وإبادة جماعية للبوسنيين ذو الأغلبية المسلمة بالتزامن
مع إصدار محكمة العدل الدولية أمر إلقاء قبض على الرئيس السوداني
بذات التُهم...
واتُهِم كاراديتش بالإبادة الجماعية مرتين لقتل 8000 مسلم بوسني
في بلدة سربرينيتشا عام 1995 وأيضا لحصار سراييفو الذي دام 43 شهراً.
وقتل نحو 11 ألفا في المدينة بنيران القناصة وقذائف المورتر وبسبب
الجوع والمرض أيضا.
المحاكمة معركة من أجل التاريخ والكرامة
يُعد انصار رادوفان كارادزيتش دفاعا مطولاً عن الزعيم الصربي،
يقولون أنه سيغير نظرة العالم للحروب في يوغوسلافيا.
والقي القبض على زعيم صرب البوسنة الذي وُجه اليه اتهامان
بالإبادة الجماعية إبان حرب البوسنة في الفترة من عام 1992 الى
1995 في صربيا يوم الاثنين الماضي بعد أن ظل هاربا لمدة 11 عاما.
وهو حاليا في سجن في بلجراد.
ويقول أقاربه وأصدقاؤه الذين تحدثوا اليه أنه في حالة ممتازة
ومستعد لمواجهة محكمة جرائم الحرب التابعة للامم المتحدة ومقرها
لاهاي لتبرئة ساحته واستعادة كرامة الصرب. بحسب رويترز.
وقال شقيقه لوكا "يشع رادوفان تفاؤلا هائلا. ضحك حتى حين كنت
أهم بالبكاء. سيقود الدفاع عن نفسه. أعددنا استراتيجية الدفاع
بالفعل ولدينا الكثير من الاوراق والادلة الجاهزة."وفي السجن حلق
كارادزيتش لحيته وقص شعره الطويل وهما جزء من تنكره كممارس للطب
البديل.
وقال شهود أنه يبدو على هيئته القديمة حين قاد صرب البوسنة في
مسعاهم لضم المناطق الصربية في البوسنة الى صربيا بالتعاون مع
الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش.
وقال سفيتوزار فوياسيتش محامي كارادزيتش في صربيا "انه في حالة
ذهنية وبدنية جيدة. أبلعني انه متفائل جدا بان الحق والعدل
سينتصران. وأنه يؤمن بالله."
والاتهامات الموجة لكارادزيتش في لاهاي قائمة منذ أبريل نيسان
2000 واعدتها المدعية السابقة كارلا ديل بونتي التي جعلت من القبض
على كارادزيتش وقائده العسكري راتكو ملاديتش هدفها في الحياة.
وتسرد وثيقة الاتهام التي تقع في 14 صفحة جرائم قتل واغتصاب
وتعذيب وطرد تقشعر لها الابدان بهدف تطهير مناطق يطالب الصرب بضمها
من المسلمين والكروات.
وتتعلق اخطر تهمتين بقتل نحو 8000 مسلم بوسني في بلدة
سربرينيتشا عام 1995 وأيضا لحصار سراييفو الذي دام 43 شهرا. وقتل
نحو 11 ألفا في المدينة بنيران القناصة وقذائف المورتر وبسبب الجوع
والمرض.
ويقول كثيرون في صربيا والنصف الصربي من البوسنة انها رؤية
متحيزة للحرب فرضها الغرب والدعاية المناهضة للصرب ويتهمون المحكمة
بتجاهل جرائم ارتكبها اعداؤهم ابان الحرب ضد المواطنين الصرب. واصر
كارادزيتس على براءته منذ توجيه الاتهام اليه في عام 1995.
وقال كوستا كافوسكي استاذ القانون بجامعة بلجراد ورئيس الفريق
الذي يعد الدفاع عن كارادزيتش منذ سنوات "درس الاتهام وعلى دراية
بمضمونه. سيتولى الدفاع عن نفسه."
واعدت جماعة "اللجنة الدولية للحقيقة بشأن رادوفان كارادزيتش"
ملفا يضم الاف الصفحات يستند في جزء منه لسلسلة من الكتب تضم
خطابات ولقاءات وخطبا لكارادزيتش اثناء الحرب.
وربما لن تسمح المحكمة لكارادزيتش بالدفاع عن نفسه لان التجربة
اثبتت ان الاجراءات تطول دون محامي دفاع بسبب طلبات التأجيل
للتحضير. واهتمام وسائل الاعلام في البلقان بالمحاكمة هائل وهي
تستعد لتغطيتها على الهواء مباشرة.
وقال يوسيب ساريتش من تلفزيون اتش.ار.تي الكرواتي "انه رمز
للحرب.. لم تكن الحرب في البوسنة او كرواتيا منفصلتين. كانتا حربا
واحدة في الواقع."
ويقول معلقون ان المحاكمة الى جانب موقف الحكومة الجديدة
الموالي للغرب قد يكون نقطة تحول في مساعي المنطقة للمصالحة.
وفي مقاله الاسبوع الماضي ذكر الكاتب الكرواتي سلافينكا
دراكوليتش " يعيش الصرب في حالة انكار. يزعمون انهم ضحايا." وتابع
"اكثر ما يحتاجه الناس في بلجراد وزغرب.. هو الحقيقة. نعلم انه دون
الحقيقة فليس هناك عدل ولكن في حالة هذه الحروب دون عدل فلن تكون
هناك حقيقة."
واحد من أكثر المطلوب القبض عليهم في
العالم
وكانت السنوات الاحدى عشرة التي قضاها طليقا حجر عثرة في طريق
طموحات صربيا بالانضمام لعضوية الاتحاد الاوروبي.
أصبح الطبيب النفسي المحترف والشاعر الهاوي الذي ينحدر من أصول
متواضعة رئيسا لجمهورية صرب البوسنة المعلنة من جانب واحد قبل أن
تبدأ القوات التابعة لحلف شمال الاطلسي في القاء القبض على المشتبه
بهم المطلوبين من قبل المحكمة الدولية لجرائم الحرب في لاهاي عام
1997.
ومن بين الجمهوريات الست التي تألفت منها يوغوسلافيا الاتحادية
دفعت البوسنة الثمن الاغلى من أرواح ابنائها من أجل الاستقلال
واعتبر الصرب في عهده مسؤولين عن معظم وقائع القتل التي بلغت 100
الف.
ووجهت المحكمة في لاهاي اتهامات لكارادزيتش في يوليو تموز عام
1995 لتفويضه باطلاق النيران على مدنيين عزل من سراييفو وجعله من
أفراد قوات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة رهائن.
ووجهت له اتهامات مجددا بعد ذلك بأربعة اشهر لاشرافه على مذبحة
قتل فيها نحو ثمانية الاف مسلم بعد أن سيطرت القوات الصربية على
سربرينيتشا التي كانت في ذلك الوقت "منطقة آمنة" خاضعة لسيطرة
الامم المتحدة في شرق البوسنة. واحتج كارادزيتش ودفع ببراءته ورفض
المحكمة باعتبارها "محكمة سياسية". لكن في عام 1997 بعد أن فقد
السلطة اختفى عن الانظار وحتى يومنا هذا يعتبره الموالون له مخلصا
للصرب وبطلا تلاحقه قوى أجنبية. بحسب رويترز.
ولد كارادزيتش في 19 يونيو حزيران عام 1945 في قرية جبلية صغيرة
في الجبل الاسود ونشأ في فقر على أيدي ابوين كانا يمقتان الحكم
الشيوعي للرئيس اليوغوسلافي جوزيب بروز تيتو. وكان والده مقاتلا
صربيا قوميا أصابه أنصار تيتو بجروح في نهايات الحرب العالمية
الثانية وسجن.
انتقل كارادزيتش في شبابه الى العاصمة البوسنية سراييفو وتأهل
كطبيب نفسي متخصص في العصاب والاكتئاب. وفي احدى المراحل كان
الطبيب النفسي الخاص بنادي سراييفو لكرة القدم.
نشر أشعارا وعاش حياة كريمة في المدينة لكن النخبة من المفكرين
والكتاب البارزين فيها لم تتقبله تقبلا تاما قط. ومع بدء تفكك
يوغوسلافيا المتعددة الاعراق في أواخر الثمانينيات عقب وفاة تيتو
كان سلوبودان ميلوسيفيتش يثير الحماسة القومية بين الصرب وكان
كارادزيتش يصادق الاكاديميين والكتاب الذين تحدثوا عن اقامة صربيا
أعظم.
اختاره أتباع ميلوسيفيتش لقيادة حزب جديد باسم الحزب الديمقراطي
الصربي في البوسنة. وكان من المستهدف أن يكون بديلا مؤقتا لكنه
أثبت ذكاءه وظل في السلطة. ومع انهيار يوغوسلافيا ساعد حزب
كارادزيتش في تسليح الصرب في أنحاء البوسنة وانشاء مناطق ذات حكم
ذاتي بمساعدة من الشرطة والجيش اليوغوسلافيين.
وعشية الحرب عام 1992 حذر كارادزيتش من خطط اعلان البوسنة دولة
ذات سيادة. وقال حينذاك ان من شأن هذا أن يقود البلاد الى الجحيم
وربما " اختفاء السكان المسلمين لان المسلمين لا يستطيعون الدفاع
عن أنفسهم اذا نشبت حرب." وجاءت الحرب وسيطرت قوات صرب البوسنة
مدعومة من يوغوسلافيا على 70 في المئة من البوسنة وطردت أو قتلت
المسلمين في بلدات كثيرة. وأثارت أساليبها الاشمئزاز وبحلول عام
1994 بدأ كارادزيتش يفقد الدعم الذي كان مطلوبا.
وكان ميلوسيفيتش الذي توفي في لاهاي في مارس اذار عام 2006
اثناء محاكمته بتهمة الابادة الجماعية العقل المدبر للحرب في
البوسنة مستغلا كارادزيتش كواجهة. ومع تزايد الغضب العالمي للمذابح
اليومية تحول الى صانع للسلام وجعل من كارادزيتش كبش الفداء.
ووقع ميلوسيفيتش معاهدة دايتون للسلام التي تم وضعها بوساطة
الولايات المتحدة في ديسمبر كانون الاول عام 1995 ليهمش كارادزيتش
الذي ندد بها وتحدى المطالب بترك منصبه الى أن أجبرته الضغوط
الدولية على الاستقالة في يوليو تموز عام 1996.
وعمل على تخريب المعاهدة من وراء الكواليس. لكن حين بدأت قوات
حلف شمال الاطلسي في القاء القبض على المشتبه في ارتكابهم جرائم
حرب عام 1997 لم يستطع كارادزيتش اعتبار أنه آمن في الاماكن
المفتوحة حتى في وجود حراس مدججين بالسلاح. وظل يتمتع بشعبية لكن
النفوذ الذي كان يتمتع به وقت الحرب قد زال.
ويقال انه أمضى السنوات الماضية في شرق البوسنة حيث يتمتع الصرب
المتشددون بنفوذ. وتحدثت تقارير لم يتسن تأكيدها قط عن تخفيه في
هيئة قس اورثوذوكسي واختبائه في دير بمنطقة نائية.
وفي صيف عام 2000 شوهد في بلجراد. في مايو ايار من عام 2005
تجمعت زوجته وأشقاؤه الثلاثة وشقيقتاه في الجبل الاسود لدفن والدته
لكن جرى التقليل من شأن تقارير أوردتها صحف شعبية وأفادت بأنه حضر
متنكرا بوصفها خيالية.
واستهدفت عدة غارات شنتها القوة التابعة لحلف شمال الاطلسي
المعروفة باسم (سفور) ثم فيما بعد قوة حفظ السلام التابعة للاتحاد
الاوروبي (يوفور) شبكة الدعم الخاصة بكارادزيتش لكنها لم تعثر على
شيء يذكر. وعقب الغارات كانت تظهر ملصقات تحمل صورة كارادزيتش وكتب
عليها التعليق التالي " معكم دائما".
وفي 11 يونيو 2004 تخلت حكومة صرب البوسنة متأخرا عن نفيها
المتكرر تحت ضغوط دولية واعترفت بأن الصرب ارتكبوا مذابح بحق الاف
المسلمين في سربرينيتشا بناء على أوامر من كارادزيتش.
عندما أصاب جنون العظمة كاراجيتش
قبل أن يتخفى في 1996، ويمسي أحد أكثر المطلوبين الأوروبيين
الذين تلح العدالة الدولية في طلبهم، كان رودوفان كاراجيتش يرى
نفسه مثقفاً عالي الكعب، وطبيب أمراض عقلية ونفسية، وشاعراً يتمتع
بفهم حدسي عميق لشعبه صرب البوسنة، ولتحدي البقاء الذي يعصف به في
دوامة انحلال يوغوسلافيا السابقة، في اوائل التسعينات. وكان يقدم
نفسه الى زواره، وقت سطوته وعزه، يوم كان رئيس جمهورية الصرب في
البوسنة، على هذا الوجه. وماشى أسلوبه الشخصي والجسماني الصورة هذه.
فكان يلبس السترات الفاخرة والمقلمة، ويعتني بتصفيف شعره على نحو
يبرزه. وعندما قاد قوات عسكرية مال الى الألبسة المموهة، وأحب
الصور التي يرى فيها الى جنب قطع المدفعية التي تقصف سراييفو
ومشغليها. بحسب تقرير لـ الحياة.
وكان كاراجيتش يسارياً قبل أن يميل الى اليمين، غداة وفاة تيتو
في 1980، وسريان التوتر في أوصال يوغوسلافيا. وفي 1990، أسهم في
انشاء الحزب الديموقراطي الصربي، مطية القومية الصربية المتطرفة في
البوسنة. وفي نيسان (ابريل) 1992، أعلن علي عزت بيغوفيتش، زعيم
مسلمي البوسنة، استقلال الجمهورية، فثارت ثائرة كاراجيتش على خطة
انشاء «جمهورية اسلامية»، على زعمه. وترك ساراييفو الى حصنه ومعقله
في بالي. وأعلن دولة صربية مستقلة. وأصابه جنون العظمة، واستحوذ
عليه في الاثناء. ويرد مقربون منه لوثته هذه الى ارادة الأمم
المتحدة والدول الغربية، وأولها الولايات المتحدة وبريطانيا،
مفاوضته، إن في بالي أو في المحافل الديبلوماسية الأوروبية. وفاوضه
فعلاً موفدون ومبعوثون بينما كانت الميليشيا الصربية تجتاح معظم
أراضي البوسنة.
وفي أثناء 43 شهراً من الحرب الصربية - البوسنية لقى 150 ألفاً
الى 200 ألف مصرعهم. وشفع 20 ألف اغتصاب بأعمال القتل هذه. وخشي
كاراجيتش وملاديتش، قائد أركانه، الاعتقال في 1995، غداة توقيع
اتفاق دايتون، فتواريا عن الانظار وتخفيا. ولم تفلح غارات قوات
الاطلسي، في قيادة أميركية معظم الاوقات، في العثور عليهما، قبل
توقيف كاراجيتش في 21 تموز (يوليو) الجاري. ودان المدعون العامون
الذين تعاقبوا على محكمة لاهاي قادة حلف الأطلسي على تقصيرهم،
واتهموهم بالتراخي. ورفع كاراجيتش في الجبل الأسود (مونتينغرو) وفي
بلاد الصرب بالبوسنة، الى مرتبة البطل. وطبعت صوره على القمصان
اللصيقة بالاجسام. وكتب اسمه على الجدران، وفي 2004، نشر رواية في
بلغراد. وذهبت صحف المدينة اليومية الى انه رؤي في بعض مقاهي
العاصمة الصربية.
كاراديتش سيتولى الدفاع عن نفسه ويحلق
لحيته وشعره
وقال أقارب ومعارف كارادزيتش انه قرر تولي الدفاع عن نفسه وانه
واثق من حصوله على البراءة من تهم الابادة الجماعية الموجهة ضده.
وهو احد ثلاثة من مجرمي الحرب الذين لا يزالون هاربين من حروب
يوغوسلافيا واعتقالهم شرط اساسي لتحرك صربيا صوب عضوية الاتحاد
الاوروبي. بحسب رويترز.
وقال سفيتوزار فوياسيتش محامي كارادزيتش في صربيا ان موكله في
حالة ذهنية وبدنية جيدة وانه لا يخاطب المحققين "ويدافع عن نفسه
بالصمت."
وقال فوياسيتش لرويترز "سيكون له فريق قانوني في صربيا لكنه
سيدافع عن نفسه (دون محام) اثناء محاكمته في لاهاي."انه مقتنع بأنه
بعون الله سيفوز."
واتهم كارادزيتش بالابادة الجماعية مرتين لقتل 8000 مسلم بوسني
في بلدة سربرينيتشا عام 1995 وأيضا لحصار سراييفو الذي دام 43 شهرا.
وقتل نحو 11 ألفا في المدينة بنيران القناصة وقذائف المورتر وبسبب
الجوع والمرض.
وكان كارادزيتش يريد ان تنضم المناطق الصربية في البوسنة الى
صربيا والمناطق الاخرى التي يهيمن عليها الصرب في وقت كان فيه
الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش يروج للقومية في
صربيا.
وعاش زعيم صرب البوسنة السابق طوال سنوات تحت اسم مستعار ومارس
الطب البديل بل أنشأ موقعا دعائيا له على الانترنت. ونشرت السلطات
صورة له يصعب التعرف فيها على الزعيم الصربي السابق الذي بدا نحيلا
وقد أطال شعره الابيض ولحيته وارتدى نظارة ليخفي وجهه. وطلب ان
يحلق شعره ولحيته. وقال فوياسيتش "يبدو كما كان يبدو في السابق
لكنه مسن قليلا."
وقال فوياسيتش بأنه سيطعن رسميا في قرار ترحيل كارادزيتش
وتسليمه لمحكمة لاهاي للسماح لافراد اسرته بزيارته اذا سمح لهم
بمغادرة البوسنة. وستنقضي يوم الجمعة المدة القانونية للطعن في
قرار الترحيل.
ومنعت زوجة كارادزيتش وأولاده من مغادرة البوسنة في مسعى لخنق
الشبكة التي تدعمه. وهم الان ينتظرون السماح لهم بالسفر من البوسنة
الى صربيا.
وقال شقيقه لوكا لرويترز ان كارادزيتش كان ينوي تسليم نفسه في
يناير كانون الثاني المقبل عندما توقف محكمة لاهاي اجراء محاكمات
جديدة. وقال انه يعتقد انها متحيزة وانه يريد محاكمة في صربيا.
والاعتقال الذي جاء بعد اسبوعين من تشكيل الحكومة الجديدة في
صربيا هو اكبر نجاح لائتلاف الديمقراطيين والحزب الاشتراكي المؤيد
للغرب الذي اسسه ميلوسيفيتش والذي كان في وقت من الاوقات داعما
لكارادزيتش.
وقال دبلوماسيون ان بروكسل وصفت الاعتقال بأنه "علامة فارقة"
على طريق انضمام صربيا الى عضوية الاتحاد لكنها ستنتظر التقرير
المقبل لرئيس الادعاء في لاهاي سيرج براميريتز قبل ان تقرر ما اذا
كانت ستفك القيود عن مزايا تجارية لصربيا.
وقال دبلوماسي "نحن بحاجة لسماع رأي براميريتز بشأن ما اذا كان
هناك تعاون كامل. وسنتخذ قرارا حيئنذ" مضيفا انه ليس من الواضح
الموعد الذي سيقدم فيه براميريتز تقريره.
واوضح بعض قادة الاتحاد الاوروبي انه يتعين على بلجراد ان تذهب
الى ما هو ابعد من ذلك لجني المزايا كاملة باعتقال راتكو ملاديتش
القائد العسكري لكارادزيتش المطلوب في نفس الجرائم.
وقال جيمس ليون مستشار البلقان البارز في مجموعة الازمة الدولية
ان ملاديتش وكارادزيتش مختلفان جدا. واوضح انه كان ينظر الى
كارادزيتش كشخصية هزلية في صربيا فيما يعتبر ملاديتش بطلا حقيقيا.
مشاعر متباينة
وعبّر كثيرون من سكان سراييفو عن مشاعر متباينة من الدهشة
والفرحة في اعقاب القاء القبض على رادوفان كارادزيتش الزعيم السابق
لصرب البوسنة واشادوا بهذه الخطوة باعتبارها فرصة للتعرف على حقائق
الحرب التي دارت رحاها بين عامي 1992 و1995.
وقال كثيرون ممن اجريت معهم مقابلات يوم الثلاثاء انهم يرون ان
الزعيم السابق لصرب البوسنة تقع على كاهله الكثير من احداث
المعاناة والقتل خلال الحصار الذي استمر 43 شهرا للعاصمة البوسنية
وانه مطلوب في اتهامات بالتخطيط واصدار الاوامر بارتكاب أسوأ فظائع
في اوروبا منذ الحرب العالمية الثانية بعد هربه لمدة 11 عاما. بحسب
رويترز.
وتساءلت مينكا وهي من ارباب المعاشات وهي تهرول الى السوق في
هذا يوم الثلاثاء الممطر "هل هذا ممكن..."
وقالت مينكا وهي مسلمة كانت قد حوصرت في حي جربافيتشا الذي كان
يحتله الصرب خلال الحصار "لا يمكن ان اصدق هذا ببساطة."
ووجهت محكمة جرائم الحرب التابعة للامم المحدة الاتهام الى
كارادزيتش مع قائد جيشه الجنرال راتكو ملاديتش بالابادة الجماعية
في مذبحة سربرنيتشا التي قتل فيها حوالي ثمانية الاف رجل مسلم
بوسني تم اعتقالهم وقتلهم ودفنهم في مقابر جماعية في يوليو تموز من
عام 1995 كما ادين بشان حصار سراييفو الذي افضى الى مقتل 11 الف
شخص.
وتدفق مئات على شوارع سراييفو اثر سريان انباء اعتقال كارادزيتش
الا ان كثيرين قالوا انهم يستغربون عدم قدرة الغرب على اعتقاله كل
هذه السنوات.
وقال رجل اكتفى بذكر اسمه الاول وهو مولى الدين "كان بوسعهم ان
يقبضوا عليه في اي وقت يريدون."
وقالت مونيا ماتروفيتش وعمرها 24 عاما "الاعتقال نفسه مهم لنا
جميعا نحن الذين كابدنا الحرب والمعاناة ايا كان ما وراء الاعتقال."
واختفى كارادزيتش بعد أكثر من عام من التوصل الى اتفاقات دايتون
عام 1995 وقيام حلف شمال الاطلسي بنشر قوات حفظ سلام في اوائل عام
1996.
وظل مكان اختباء كارادزيتش موضعا لتكهنات دولية منذ اختفائه في
عام 1997. وتردد انه كان يختبأ في الاديرة متخفيا يتنقل بين مخابيء
بعيدة بمساعدة شبكة من الاشخاص الموالين له.
وبعد اعتقاله مازال يوجد اثنان يشتبه في قيامهما بارتكاب جرائم
حرب تطالب محكمة لاهاي بالقاء القبض عليهما. لكن اعتقال كارادزيتش
كاف لتأمين قيام علاقات أوثق بين صربيا والاتحاد الاوروبي وربما
الحصول على وضع دولة عضو في الاتحاد هذا العام.
وسترى الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي التي تصر على ضرورة ان
تسلم صربيا جميع المشتبه في ارتكابهم جرائم حرب في اعتقال
كارادزيتش دليلا على ان زميله ملاديتش القائد العسكري اثناء الحرب
والهارب حاليا يمكن القاء القبض عليه اذا توفرت لدى بلجراد الارادة
السياسية لمواجهة القوميين المتشددين.
وترى عائلات الاف من ضحايا مذبحة سربرنيتشا التي كان كاردزيتش
وملاديتش هما العقل المدبر لها ان اعتقال كارادزيتش يمثل ضوءا في
نهاية النفق.
وقالت سباهيتا فيزيتش التي نجت من هذه المجزرة بعد ان فقدت 16
من اقاربها "اتعشم ان تعجل المحكمة بمقاضاته.. يستحق ان يودع في
المعتقل مدى الحياة للفظائع التي اقترفها بمساعدة صربيا والجبل
الاسود." |