البعث يريد العودة بقطار الإنتخابات

عبدالامير علي الهماشي

لااقصد بالبعث الاعضاء الذين انتموا الى حزب البعث طيلة فترة حكمهم بل اُريد من هذه التسمية كل منظومة حزب البعث الامنية والسياسية وكلنا يعلم ان ((صدام حسين)) جعل من هذا الحزب جهازا أمنيا يرتبط مع بقية أجهزته الامنية الاخرى وبعد التغيير في التاسع من نيسان اتحدت جميع هذه المنظومات الارهابية تحت قيادة واحدة ومن ثم انفصلت فيما بعد الى جناحين عرفا بجناح يونس الاحمد وجناح عزت الدوري .

وربما يقول بعضكم اليس من حق الناس التي تؤمن بفكر هذا الحزب ومبادئه ان تعبر عن نفسها هي التي ستقر في الانتخابات رفضها أو قبولها لهذا الحزب أو رفضها له.

وسيقول الاخرون انه لامكان للبعث بعد الان اولا من الناحية القانونية لايمكن ان يُشارك البعث بصورة علنية في الحياة السياسية فهو حزب محضور بموجب الدستور ويتم معاقبة كل من يروج او ينتمي لافكار هذا الحزب ،كما أن الجماهير العراقية عاشت مرارة تجربتين وصل فيها حزب البعث الى السلطة منفردا الاولى في سنة 1963 من القرن المنصرم وسرعان ما أطلق العنان لمسلحيه الذين أطلقوا على أنفسم ((الحرس القومي )) ففعلوا ما فعلوا من جرائم قتل واغتصاب لكلا الجنسين وثقها الكثيرون ممن عاصروا تلك الفترة.

ثم جاءت التجربة الاشد مرارة وقسوة في انقلاب 1968 الاسود حيث استوعب تجربته الاولى ويعزز من اجهزته الامنية ويصفي جميع معارضيه وان كانت نسبة شك في ولائه للحزب او لشخص ((صدام حسين )) بعد تسلمه الرئاسة والامانة العامة للقيادتين القطرية والقومية في سنة 1979 بتصفية لنخبة من قيادة الحزب بحجة المؤامرة على قلب نظام الحكم لصالح جناح الحزب في سوريا.

وان حاول البعث او حزب العودة او أي تسمية اخرى دخول الانتخابات فليس ايمانا منه بمبدأ التعددية والاختيار وانما هو قطار سيحاول من خلال الوصول الى محطة السلطة مرة اخرى.

بعد أن أيقن أن هذا الاختيار هو السبيل الوحيد بعد فشل كل التجارب السابقة بالعودة الى ما قبل أحداث التاسع من نيسان عام 2003وسابين السبب الرئيسي لذلك.

وقبل عام او أكثر كتبت مقالا بعنوان ((هل نخشى سلوك البعث أم فكره)) وبينت فيه أن الكثيرين ممن ينتمي لحزب البعث قد عادوا الى الواجهة اسياسية بعناوين مختلفة وفي جميع الكتل وبعضهم أطلق على نفسه لقب محلل سياسي لتروج له القنوات المتكاثرة في العراق ومن لم تحن له الفرصة أطلق لحيته وقصر ثوبه ليتخذ من تنظيم القاعدة الارهابي مطية يقتل بها العراقيين من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه مركزا جرائمه في وسط العراق في العاصمة بغداد موزعا قتله بين إغتيال وتفخيخ وقطع للرؤوس والاشلاء منفذا برنامجه الذي وعد به العراقيين في حال سقوطه ومنسقا مع من عاد الى الواجهة السياسية التي كانت تحاول ارباك الوضع السياسي وافشال اي تقدم فيه ومن ثم تروج القنوات الفضائية لهذه الاعمال بأنها مقاومة ضد المحتل.

وبعد النجاحات الامنية ووعود من المؤسسات الامريكية بالعودة او السماح بالعودة لهذا الحزب ولكن عن طريق صناديق الاقتراع مقابل عدم ضرب القوات الامريكية لان ذلك يُعد إرهابا ومن الممكن الاستمرار ببقية الاعمال ضد القوات العراقية والعراقيين فيعتبر ذلك تمردا يُحل من خلال مفاوضات بين الجانبين ((من الممكن مراجعة الاعلام الامريكي في تسلل هذه التسميات ارهابي عمليات انتحارية متمردين ،مقاوميين الخ)).

ويبدو أن جناح ((عزت الدوري ))الذي انفصل مؤخرا بعد اتحد مع جناح ((يونس الأحمد)) قد أعد العدة للدخول في الانتخابات الحلية لمجالس الحافظات كتمهيد للعودة الى السلطة بعد أن اختار ((السعدون)) أن يبقى معارضا للوجود الامريكي بحكم بقائه وتمويله السوريين وربما هناك اتفاق ضمني بين الجناحيين للعب الدوريين معا اذا ماصحت المعلومات التي افادت باجتماع القيادات البعثية في سوريا في 17 تموز الحالي والعمل على الية الاغتيال وتصفية الرموز السياسية والشخصيات المعارضة لعودة البعث الى الواجهة مرة اخرى.

اما على المستوى الامريكي فان المراقبين يرون غزلا مخفيا بين جناح عزت الدوري مقابل مطاردة واعتقالات لاتباع السعدون وتشديد على تحركاتهم في الحرب المخابراتية المعروفة.

وقام اتباع الدوري بترويج بطولات مزعومة لقائدهم ((الضرورة الجديد)) ولكن هذه المرة باسلوب تخفيه وتجاوزه للسيطرات والدوريات الامريكية في مناطق العراق الغربية ولبعض العمليات بقيادته .

وبدات تحضيرات اتباع البعث للانتخابات بصورة مبكرة لانها الاختبارالحقيقي لهم قبل الانتخابات العامة بعد أن اعادة توزيعهم على مجالس الصحوة والانقاذ والجيش والشرطة والاجهزة الامنية الاخرى او من خلال الشركات التجارية لتتوزع بين الامني والتجاري في خطة محكمة للانقضاض على الواقع الجديد.

ولازلت أشعر أن خلايا البعث وتنظيماته الارهابية والمتعاونة معه هي الخطر الرئيسي على العملية السياسية بالرغم من لبسهم لقناع الصحوة تارة وقناع التوبة من القاعدة تارة اخرى ولكن هذا التنظيم مازال يحلم بالعودة الى السلطة وهمه الانتقام من العراقيين كما مضى من تجربتيه السابقتين.

وقد رسخ تنظيم البعث في عقول الكثيرين أن ثقافة من يملك القوة له الحق في الحكم ومن لايملكها او لايمارسها بتعبير أدق فلاحق له في الحكم.

هذه الثقافة لايمكن لنا أن نتخلص منها في غضون خمس سنوات كانت مليئة بالعنف والقتل بشتى أنواعه لتزيد من ترسيخ هذا المفهوم ،مع غياب او تغييب لتربية سياسية صحيحة يستطيع المواطن التمييز بين ثقافة واخرى مع ظروف انتجها واقع الاحتلال كذلك.

ومع تسريبات وشائعات ((تفنن بها جهاز البعث ومازال))بأن العودة قاب قوسين او أدنى سارع بعض المرضى والخائفين والخانعين الى رسم صورة مستقبل العراق بهيأته البعثية الجديدة ودور جديد له .

وبغض النظر عن ايمان البعث بالانتخابات او عدمها فان هذا القطار سيركبه البعثيون لتحقيق ما خُطط له بتوزيع أتباعه على الاحزاب المتنافسة في الانتخابات المحلية او بصورة مستقلة ولا اريد ان اضع حلولا سريعة ولكن القوائم المفتوحة ستتيح للجماهير تشخيص هؤلاء وتارخهم السلبي في المجتمع العراقي ،ولابد من تفعيل قانون المساءلة البديل عن قانون الاجتثاث وتفعيل الدستور في قضية حضر تنظيم حزب البعث والاجراءات القانونية لمن ينتمي لهذا الحزب الارهابي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس  31/تموز/2008 - 27/رجب/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م