إرث العجز الأمريكي والمفاوضات الأوربية الفاشلة

اعداد: ميثم العتابي

شبكة النبأ: أعوام من التخوف والترقب بإنتظار المجاعة والهلاك، هكذا يعبر أكثر المراقبون عن الحالة العامة لأغلب البلدان الفقيرة، بعد التغيرات المناخية وأرتفاع أسعار المحاصيل الزراعية والمواد الغذائية، وقد رافق ذلك كله الارتفاع الحاصل في أسعار الوقود.

حتى ان الدول الغنية والمستقرة اقتصاديا، باتت اليوم تشكك من امكانية صمودها امام موجة هائلة تشمل الاقطاب الثلاث المحورية، بين وقود وغذاء وزراعة. ليلقي الرعب مكانا له في قلوب الأغنياء قبل الفقراء.

(شبكة النبأ) في سياق هذا التقرير تسلط الضوء المشاكل العالمية المرتبطة بالغذاء، وارتفاع أسعارها، والعجز المخيف في الميزانية الامريكية:

مفاوضات معقدة وجدل في منظمة التجارة

تقف مفاوضات تحرير التجارة العالمية على مفترق طرق، فلا يكاد السبعة الكبار يتوصلون إلى حلول يعتبرونها وسطاً وترضي جميع الأطراف، حتى يظهر خلاف جديد في وجهات النظر أو ردود فعل من الساسة تقلب الطاولة رأساً على عقب وتعيد المفاوضات إلى نقطة الصفر.

وهدّد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بعدم اعتماد الحلول الوسط المعروضة، بحسب تصريح الناطق باسم الحكومة الفرنسية لوك شاتيل، لأن المقترحات: لم تقدم تطوراً ملموساً في النقاط المتنازع عليها.

وأعرب رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني عن قلق بلاده من عدم إحراز تقدم، حول قضيتي تحديد مصدر المنتجات ودخول الدول الصناعية الكبرى إلى أسواق الدول النامية.

وأعلنت مصادر مطلعة، أن المفاوض الأوروبي بيتر مندلسون رفض التوجه إلى باريس لتقديم تقرير عاجل حول الموقف الراهن للرئيس الفرنسي، الذي ترأس بلاده الاتحاد الأوروبي، لأنه اعتبر المقترحات الحالية: أساساً لسير المفاوضات على رغم رفض تسع دول أوروبية المقترحات. بحسب صحيفة الحياة.

أما الهند مدعومة من 100 دولة، فتقدمت بتحفظات تتعلق بالملف الزراعي وتمس ما يوصف بالمنتجات الحساسة، وتطالب بالحصول على استثناءات أكثر لمصلحة الدول النامية والأكثر فقراً لتأمين أمنها الغذائي، في حال ارتفاع أسعار المواد الغذائية. ورأى الوفد الهندي المشارك في المفاوضات أن «لتحفظات الدول النامية المتعددة أسبابها ومبرراتها.

وتتهم الولايات المتحدة الهند والصين بحشد الدول النامية خلفهما في معارضة الأفكار المطروحة، واعتبر عضو الوفد الأميركي المفاوض ديفيد شارك، أن موقف البلدين وضع ملفات التجارة العالمية كلها على المحك، ويعرض عناء مفاوضات متواصلة منذ 7 سنوات للضياع،

في حين أبدت المفوضة التجارية الأميركية سوزان شواب قلقاً من سير المفاوضات، إذ يمكن أن تخرج عن المسار المتوازن بين دول الشمال والجنوب، على رغم أن المقترحات ليــست مثالية لكنها أفضل المعروض الآن.

وتقضي الحلول الأخيرة المعروضة الآن، بأن يقوم  الاتحاد الأوروبي بخفض مستوى الدعم المالي للمزارعين 80 في المئة، ليصل إلى نحو 22 بليـون يورو بدلاً من 110 بلايين سنوياً. وأن تخفض الولايات المتحدة مستوى دعمها إلى 14.5 بليون دولار سنوياً، على أن تلتزم بقية الدول الصناعية بخفوضات تتراوح بين 50 و 60 في المئة، على أن ينفذ ذلك خلال خمس سنوات. 

وفي الرسوم الجمركية المفروضة على الواردات الزراعية، اقترحت هذه الحلول أن تلتزم الدول الغنية خفضاً يصل إلى 54 في المئة على الرسوم الجمركية المفروضة على الواردات الزراعية بدلاً من 75 في المئة، في حين تخفّض الدول النامية إلى 36 في المئة الرسوم على وارداتها الزراعية، وستُعفى الدول الأكثر فقراً من تقديم هذا التنازل.

ويمنح هذا الاقتراح دول العالم الحق في وضع قائمة بالمنتجات التي ترى فيها أهمية قصوى لأمنها القومي، على ألا تزيد المواد المدرجة في تلك القائمة على 4 في المئة من واردات الدول المتقدمة و5 في المئة من واردات الدول النامية، على أن تلتزم الدول كلها باستيراد ما لا يقل عن  4 في المئة من استهلاكها المحلي لتلك المواد.

ويمكن الدول الناشئة حماية منتجاتها الصناعية المحلية بفرض نسب من الجمارك، تتراوح بين 10 و15 في المئة، في حين لا يجب أن ترفع الدول الغنية من نسبة الجمارك المفروضة على وارداتها الصناعية أكثر من 3 في المئة لضمان فتح أسواقها أمام منتجات الدول النامية.
واعتبر غلام خان من منظمة أكشن الباكستانية غير الحكومية، أن إجراءات الحماية التي تطالب بها الدول النامية مسألة حياة أو موت، لضمان أمنها في حالات الأزمات بدلاً من الرضوخ لرغبات الشركات الكبرى التي لا تفهم سوى لغة الربح والخسارة، بعيداً من أية مسؤولية قومية أو انسانية.

التعاون بين الإمارات وفرنسا لإمتلاك الطاقة النووية

توقع تقرير إماراتي رسمي توسعاً لا سابق له في التعاون الاقتصادي بين الإمارات وفرنسا، لتلبية حاجات الدولة الخليجية من الكهرباء باستخدام التكنولوجيا النووية. وكانت الحكومة الاتحادية أقرّت الاتجاه إلى الاستخدامات السلمية للطاقة النووية كخيار لا بديل منه في ظل استحكام أزمة الطاقة في المنطقة، والارتفاعات المتتالية في أسعار النفط وتكلفة توليد الكهرباء من المصادر التقليدية مثل النفط والغاز، فضلاً عن الحاجة الملحة للحفاظ على معدلات النمو الاقتصادي في دول المنطقة.

ورجّح حصول تغيير كبير في قائمة واردات الإمارات من فرنسا، لتهيمن الطاقة النووية وتقنيات تحلية المياه، بدلاً من العطور ومستحضرات التجميل التي كانت ولا تزال تشكل معظم المستوردات. بحسب صحيفة الحياة.

ورصد نمواً كبيراً في التبادل التجاري بين البلدين منذ بداية العام الجاري، وتحدياً منذ وقّع البلدان اتفاقات، تهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية، كان أكثرها أهمية اتفاق التعاون النووي الذي يشكل إطاراً للتعاون في التقويم والاستخدام المحتمل للطاقة النووية لأغراض سلمية.

ويشمل التعاون أيضاً تحلية المياه، إذ تعاني منطقة الخليج عموماً من شح فيها، وتعتمد بالكامل على مياه البحر المحلاة، وتُعتبر اكثر مناطق العالم استخداماً لهذا النوع من المياه. وينسحب كذلك على مجال الأبحاث الأساسية والتطبيقية في مجالات الزراعة وعلوم الأرض والأدوية والصناعة، بهدف ابتكار حلول جديدة لأزمة  الغذاء، التي تهدد الأغنياء والفقراء، وتُعد دول الخليج الأكثر تضرراً منها باعتبارها منطقة مستوردة وليست منتجة للغذاء.

وتعوّل الإمارات على الرئاسة الفرنسية المتوقعة للاتحاد الأوروبي التي تبدأ قبل نهاية تموز (يوليو) الجاري، لتشكل بوابة الإمارات إلى الاتحاد الأوروبي وتؤهل المستثمرين الإماراتيين للاستفادة من هذه الفرصة، للدخول في تحالفات إستراتيجية مع شركات في فرنسا للاستثمار في المجالات المختلفة، مثل الطاقة والتعليم والفضاء، بحسب ما أورد تقرير لغرفة تجارة وصناعة دبي. وتوقع أن يتيح هذا التعاون الاقتصادي فرصاً ضخمة للشركات في الإمارات للاستفادة من الاتفاقات ومذكرات التفاهم الموقعة بين البلدين.

وأشار صندوق النقد الدولي، إلى أن اقتصاد فرنسا هو السادس في العالم بناتج إجمالي تجاوز تريليوني دولار في 2007، ونما 1.8 في المئة في العام ذاته. وتشير توقعات مبدئية إلى احتمال تباطؤ نموه متراجعاً إلى 1.5 في المئة، مع ترجيح بأن يستعيد قوته مجدداً في 2012 ليبلغ 2 في المئة.

وتتمتع فرنسا بقطاع خدمات ناشط، ويمثل في شكل متزايد حصة كبيرة من النشاط الاقتصادي، وهو مسؤول عن إيجاد الوظائف كلها تقريباً في السنوات الأخيرة (72 في المئة من التوظيف الإجمالي). كما تتمتع بموارد زراعية كبيرة وقاعدة صناعية متطورة، إضافة إلى يد عاملة ماهرة.

وتشكل فرنسا خامس أكبر مصدر للسلع، ورابع أكبر مصدر للخدمات في العالم. وقدرت قيمة الصادرات بـ 559 بليون دولار، في حين بلغت الواردات 601 بليون دولار العام الماضي، ما أنتج عجزاً تجارياً بلغ 52.1 بليون دولار. فيما تحتل الإمارات المركز الرقم 24 في مجال التصدير، وبلغت صادراتها الإجمالية بما فيها الصادرات النفطية 152 بليون دولار، والواردات 94.7 بليون دولار.

ولاحظ التقرير بعض أوجه التشابه بين الاقتصادين الفرنسي والإماراتي، باعتمادهما على قطاعي الخدمات والصناعة. بينما يُعتبر نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في الإمارات أعلى من نصيب الفرد في فرنسا، يلي ذلك النسبة المتدنية للبطالة في الإمارات (3.17 في المئة) في 2007. وقُدر معدل التضخم فيها بـ 10.9 في المئة، وهو أعلى بكثير من المعدل في فرنسا (1.5 في المئة). وأشارت إحصاءات نشرتها قاعدة بيانات التجارة والسلع الفرنسية (COMTRADE)، إلى أن تجارة الإمارات مع فرنسا بلغت 6.3 بليون دولار، منها 79 في المئة واردات، و21 في المئة صادرات وإعادة تصدير. وبين 2003 و2007، ازدادت واردات الإمارات من فرنسا 11 في المئة وصادراتها والسلع المعاد تصديرها 31 في المئة.

انهيار محادثات تحرير التجارة العالمية

وعبّر المفاوضون الذين شاركوا في محادثات الجولة الماراثونية الأخيرة لتحرير التجارة العالمية عن خيبة أملهم وخشيتهم بسبب انهيار المفاوضات وانعكاسات ذلك على التبادل التجاري بين دول العالم.

فقد قالت الصين إن انهيار المفاوضات، التي استضافتها مدينة جنيف السويسرية خلال الفترة الماضية، شكل نكسة خطيرة للاقتصاد العالمي، بينما وصف الاتحاد الأوروبي فشل المفاوضات بأنه أمر مفجع ينفطر له الفؤاد.

فقد وصف مفوض الشؤون التجارية في الاتحاد الأوروبي، بيتر ماندلسون، فشل المفاوضات بالقول إن النتيجة التي تمخصت عنها تمثل دفنا للآمال التي كانت معقودة عليها.

وكان ماندلسون قد حذر في وقت سابق من أن الوصول إلى طريق مسدود في المفاوضات هو احتمال مروِّع يجب تفاديه. بحسب بي بي سي.

وقال محللون إن انهيار مباحثات تحرير التجارة العالمية يمكن أن يكون بمثابة المؤشر على نهاية الاتفاقات التجارية المتعددة الأطراف. فقد تلجأ الحكومات في المستقبل إلى عقد اتفاقات ثنائية مع شركائها، مفضلة بذلك التركيز على متطلباتها التجارية الخاصة بها بدل السعي إلى تحقيق هدف تجاري مشترك.

يُشار إلى أن جلسة المفاوضات الأخيرة كانت قد انهارت بسبب إخفاق الولايات المتحدة بالاتفاق مع كل من الصين والهند على القواعد والقوانين التي تنظم الاستيراد.

وكانت العقبة الكأداء التي واجهها المفاوضون هي قوانين الاستيراد الزراعي التي تخول البلدان باتخاذ إجراءات لحماية الفقراء من مزارعيها، وذلك من خلال فرض تعرفة جمركية على بضائع محددة في حال انخفاض أسعار المحاصيل أو زيادة الواردات.

وقد أخفقت كل من الصين والهند والولايات المتحدة بالتوصل إلى اتفاق بشأن هذه القوانين والإجراءات المقترحة.

فواشنطن تقول إن فقرة الحماية، التي تنص على توفير الحماية للدول النامية في مواجهة أي عمليات استيراد غير محدودة أو مقيدة، لم يجر إعدادها بطريقة مرضية لجميع الأطراف.

وكان الوزراء والمسؤولون المعنيون قد عملوا جاهدين لمدة استمرت تسعة أيام خلال مفاوضات جنيف بغرض التوصل إلى إجماع على صيغة اتفاقية جديدة وشاملة للتبادل التجاري العالمي، إلا أن المحادثات وصلت إلى طريق مسدود في يومها التاسع وانهارت.

وكان باسكال لامي، رئيس منظمة التجارة العالمية، قد أكد فشل المفاوضات قائلا: لم تتمكن الأطراف المشاركة في المفاوضات من ردم هوة الخلافات فيما بينها.

إلا أن لامي قال إنه لن يتوقف عن بذل الجهود في سبيل التوصل إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف في نهاية المطالف.

وكانت مفاوضات تحرير التجارة العالمية قد انطلقت عام 2001 في العاصمة القطرية الدوحة وعرفت منذئذ بـ جولة الدوحة، وأصبح يُنظر إليها على أنها حجر الزاوية في مسيرة تحرير التجارة العالمية وأعلنت أن هدفها هو انتشال الملايين من البشر من براثن الفاقة والفقر.

كما هدفت جولة الدوحة أيضا إلى تصحيح الاختلالات القائمة في مسار التجارة العالمية وذلك حتى يتسنى للبلدان النامية الاستفادة أكثر فأكثر من الفرص التي تتيحها التجارة الحرة.

وسبق أن واجهت المحادثات فشلا بسبب إخفاق البلدان النامية في الاتفاق على الشروط المنظمة للتبادل التجاري في ما بينها.

وترغب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالسماح لهما بتقديم خدمات إلى أسواق البلدان السريعة النمو بما في ذلك الصين والهند.

وفي المقابل، ترغب البلدان النامية بالسماح لمنتوجاتها الزراعية بالدخول إلى الأسواق الأوروبية والأمريكية بدون قيود.

ويرى محللون أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود في العالم ألقى بظلاله على مسار المفاوضات التجارية الأخيرة، فهم يعتقدون أن ارتفاع الأسعار أدى إلى اندلاع مظاهرات احتجاجية سواء في البلدان النامية أو البلدان المتقدمة، مما عقد مهمة المفاوضين في التوصل إلى تسوية بشأن فتح الأسواق أمام منافسة أوسع مدى.

إرث العجز القياسي في الموزانة الإمريكية

من المتوقع ان يرث رئيس الولايات المتحدة المقبل موازنة تعاني من عجز قياسي، تناهز قيمته نصف تريليون دولار.

وافادت تقارير بان البيت الابيض سيرفع قريبا من توقعاته بشأن عجز الموازنة لعام 2009 من 407 مليار دولار الى 490 مليار دولار.

ويبين عجز الموازنة الفرق بين ما تنفقه الحكومة وما تجنيه من عائدات الضرائب. وتسبب تباطؤ لااقتصاد الامريكي في انخفاض العائدات الضريبية. بحسب بي بي سي.

ويخص هذا العجز الفترة ما بين بداية اكتوبر تشرين الاول ونهاية سبتمبر ايلول. وهناك احتمال ان يحطم عجز الموازنة لهذه السنة الرقم القياسي الذي بلغه في 2004، وهو 413 مليار دولار.

يذكر ان عجزا بقيمة 490 مليار دولار سيمثل 3 بالمئة من الناتج الاجمالي الامريكي.

وأيا كان الرئيس الامريكي المقبل، سواء المرشح الديموقراطي براك اوباما او منافسه الجمهوري جون مكاين، فمن غير المحتمل ان يخفض الضرائب او يزيد النفقات لان من شأن ذلك زيادة عجز الموازنة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس  31/تموز/2008 - 27/رجب/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م